مظاهرة رافضة لإجراء استفتاء على مشروع الدستور الجديد في تونس
مظاهرة رافضة لإجراء استفتاء على مشروع الدستور الجديد في تونس

انطلق الاستفتاء حول مشروع الدستور الجديد في تونس، الاثنين، الذي يمنح صلاحيات واسعة للرئيس قيس سعيّد، وقد يعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بذلك الذي كان قائما قبل عام 2011.

وفتح أكثر من 11 ألف مركز اقتراع أبوابه أمام المواطنين اعتبارا من الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش على أن تغلق عند الساعة 21:00.

وأدلى الرئيس التونسي مصحوبا بزوجته اشراف شبيل بصوته في مركز اقتراع في حي النصر بالعاصمة تونس وقال في تصريحات للإعلاميين إثر ذلك، "اليوم الشعب التونسي مطالب بأن يحسم هذا الأمر وهو حر في التصويت".

وأضاف "على الشعب التونسي أن يكون في الموعد والتاريخ... نحن اليوم أمام خيار تاريخي في بناء جمهورية جديدة".

وبلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء حتى الساعة الثامنة والنصف صباحا بتوقيت غرينيتش 6,32%، على ما أفادت هيئة الانتخابات.

وقال رئيس الهيئة فاروق بوعسكر إن 564,753 ناخبا أدلوا بأصواتهم داخل تونس وهذا "رقم هام ومشجع".

وذكر بوعسكر أن نسبة المشاركة في انتخابات 2019، كانت في مستوى 1,6% في حدود الساعة الثامنة صباحا بتوقيت غرينيتش دون أن يحدد إن كانت تتعلق بالانتخابات الرئاسية أم التشريعية.

وأعدت رويترز تقريرا عن الاستفتاء، قالت فيه إن المطلوب من الناخبين الموافقة على دستور جديد يضفي الطابع الرسمي على معظم السلطات الشاملة التي استولى عليها سعيّد منذ تحركه ضد البرلمان قبل عام ومحاصرة مبناه بالدبابات، ثم منحه لنفسه الحق في الحكم بالمراسيم.

ووصف سعيّد، وهو أستاذ قانون سابق، أفعاله بأنها تصحيح للخلل السياسي والفساد الناتج عن دستور 2014، والذي قسم السلطات بين الرئيس والبرلمان.

لكن خصومه يقولون إنه "دكتاتور جديد" تصل الخطوات التي اتخذها للاستحواذ على السلطة إلى حد الانقلاب وإن تقدمه صوب حكم الرجل الواحد سحق المكاسب الديمقراطية التي تحققت من الثورة التونسية عام 2011.

ويرسخ الدستور المقترح، الذي أعلنه سعيد الشهر الماضي، لدور كاسح للرئيس، ويحيل البرلمان والقضاء إلى مجرد وظائف في الدولة التي سيقودها، بدلا من كونهما فرعين للسلطة.

وبعد أن صور يوم 25 يوليو 2021 الذي استولى فيه على السلطات والصلاحيات على أنه بداية لجمهورية جديدة، حدد سعيّد الذكرى الأولى لهذا التاريخ موعدا لإجراء الاستفتاء على الدستور المقترح.

وكان سعيّد جديدا على الساحة السياسية عندما انتُخب رئيسا في 2019. وبعد أقل من عامين تجاوز خصومه السياسيين الأكثر خبرة، ومنهم حزب النهضة الإسلامي، بخطواته المفاجئة ضد البرلمان والحكومة السابقة. وكانت هذه الخطوات البداية نحو سعيه لجمع السلطات في يديه.

وبدا أن هذه الخطوات تحظى بشعبية كبيرة بين التونسيين الذين سئموا المشاحنات السياسية والصعوبات الاقتصادية. وخرج الآلاف إلى الشوارع يحتفلون وخرج الرئيس ليعلن عن قناعة أنه يمثل إرادة الشعب.

مشكلة اقتصادية

ويشيد أنصار سعيّد به باعتباره رجلا مستقلا نزيها يقف في وجه قوى النخبة التي فرض فسادها على تونس حالة من الشلل السياسي والركود الاقتصادي على مدى عشر سنوات، بحسب وكالة رويترز.

لكن منتقديه يشككون بشدة في وعوده بأنه سيحافظ على الحقوق والحريات التي اكتسبت في 2011، وهو ما كتبه في مسودة الدستور، ويقولون إنه يسحق الديمقراطية الوليدة في تونس. 

وصوّر سعيّد خصومه على أنهم أعداء الشعب وطالب باعتقال من يتحداه.

وليس من الواضح حجم التأييد الذي ما زال يتمتع به سعيّد، لكن استطلاعات الرأي أشارت إلى تراجع شعبيته. ويواجه الاقتصاد أزمة كبيرة كما يزداد التونسيون فقرا، بحسب الوكالة.

وينظم الاتحاد العام التونسي للشغل، ذا النفوذ الكبير في البلاد، إضرابات عامة احتجاجا على إصلاحات اقتصادية يطلبها صندوق النقد الدولي مقابل تقديم حزمة إنقاذ مالي كما يشير إلى معارضته للاستفتاء.

وعلى الرغم من تفتت المعارضين لسعيّد، في ظل رفض أغلب الأحزاب السياسية الأكثر نفوذا تنحية خلافاتها القديمة جانبا لرفض خططه، فإن الآلاف يحتشدون في مظاهرات للاحتجاج عليه.

ويراقب العالم السياسة التونسية عن كثب بسبب دور البلاد في إطلاق شرارة انتفاضات الربيع العربي في 2011 ونجاحها باعتبارها الديمقراطية الوحيدة التي نجمت عن هذه الانتفاضات.

ثورة جديدة

غيّر الرئيس موعد الاحتفال الرسمي بذكرى الثورة للتهوين من شأن الإطاحة بحكم زين العابدين بن علي، ورفض نتائج مفاوضات صعبة أعقبت ذلك وقادت إلى دستور ديمقراطي.

وكان دستور 2014 من نتاج عمل أحزاب سياسية متناحرة ومنظمات مجتمع مدني أجروا جميعا حوارا وطنيا لتخطي خلافات مريرة والتوصل إلى حل وسط بدا أنه يوحد تونس.

ولدى انتخابه في 2019 كمرشح مستقل، محققا فوزا ساحقا في الجولة الثانية على قطب إعلامي متهم بالفساد، أعلن سعيّد ثورة جديدة.

وإلى جانب حل البرلمان الذي لم يكن يحظى بشعبية لكنه كان منتخبا، أطاح سعيّد بالسلطة القضائية المستقلة سابقا ولجنة الانتخابات مما أثار مخاوف بخصوص سيادة القانون ونزاهة الانتخابات.

وقام كذلك بتغيير مسؤولين عموميين ومنهم بعض مسؤولي أجهزة الأمن، مطيحا بأشخاص على صلة بالأحزاب الرئيسية في البلاد.

وقال بعد ذلك إنه يريد إجراء انتخابات برلمانية جديدة في ديسمبر المقبل.

وتقول رويترز إن مشروع الدستور الجديد يضعف البرلمان الذي زاد دستور عام 2014 من نفوذه، ويعيد إنتاج نظام يقول منتقدوه إنه أدى إلى الفشل السياسي والتناحر وأضعف كفاءة الحكومة على مدى سنوات.

وعددت الوكالة، في تقرير، أبرز بنود وسمات مشروع الدستور الجديد.

الرئيس يشكل الحكومة

تنص المادة 101 على أن الرئيس هو الذي يعين رئيس الوزراء، وكذلك أعضاء الحكومة، بناء على اقتراح من رئيس الوزراء، في خروج عن النظام الحالي الذي يعطي للبرلمان دورا رئيسيا في اختيار الحكومات.

تنص المادة 112 على أن الحكومة مسؤولة أمام الرئيس، بينما تنص المادة 87 على أن الرئيس يمارس المهام التنفيذية بمساعدة الحكومة.

تنص المادة 102 على أن بإمكان الرئيس إقالة الحكومة أو أي من أعضائها.

ولكي يتمكن البرلمان من إقالة الحكومة، يتعين تأييد ثلثي النواب لحجب الثقة عنها في تصويت، حسبما تنص المادة 115، وهو هامش أكبر من الأغلبية البسيطة المطلوبة حاليا.

وتنص المادة 116 على أنه في حالة إجراء تصويت ثان بحجب الثقة في نفس الدورة البرلمانية، فيمكن للرئيس إما قبول استقالة الحكومة أو حل البرلمان مما يعني إجراء انتخابات جديدة.

برلمان ضعيف

تمنح المادة 68 رئيس الجمهورية الحق في طرح مشروعات القوانين على مجلس النواب، وتقول إن لها الأولوية على المقترحات التشريعية الأخرى.

تنص المادة 61 على أن التفويض الممنوح للنائب يمكن سحبه وفق الشروط التي يحددها قانون الانتخابات. ولم يتم توضيحها.

تنص المادة 69 على أن مشروعات القوانين والاقتراحات، التي يقدمها المشرعون، الخاصة بتعديل قوانين موجودة لا تقبل إذا كان من شأنها الإخلال بالموازنات المالية للدولة، دون تحديد ما يعنيه ذلك.

ينص مشروع الدستور على إنشاء "مجلس ولايات" جديد ليكون غرفة ثانية في البرلمان، لكنه لا يعطي سوى تفاصيل قليلة عن طريقة انتخابه أو الصلاحيات التي سيتمتع بها.

امتيازات رئاسية

يستخدم مشروع الدستور الجديد تعبير "الوظائف" وليس السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، وهي لغة يقول النقاد إنها تدل على تضاؤل ​​مكانتها في النظام الرئاسي المقترح.

تنص المادة 90 على أن الرئيس يمكنه الاستمرار في الحكم لفترتين متتاليتين مدة كل منها خمس سنوات. وتضيف أن المدة الواحدة يمكن مدها بموجب القانون إذا لم يتسن إجراء الانتخابات في موعدها المقرر.

نصت المادة 109 على تمتع الرئيس بالحصانة طيلة فترة ولايته، ولا يجوز استجوابه عن تصرفاته أثناء تأدية مهامه.

تسمح المادة 96 للرئيس باتخاذ "تدابير استثنائية" إذا ما رأى أن هناك "حالة خطر داهم مهدد لكيان الجمهورية وأمن البلاد واستقلالها" بعد استشارة رئيس الوزراء والبرلمان.

تمنح المادة 106 الرئيس سلطة تعيين من يشغلون الوظائف العسكرية والمدنية العليا بناء على اقتراحات من رئيس الوزراء.

كما في الدستور الحالي، الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة. لكن قوات الأمن الداخلي، التي تتلقى أوامرها من الحكومة بموجب الدستور القائم، ستكون بموجب مشروع الدستور الجديد مسؤولة أمام الرئيس.

المادة 136 تنص على أن الرئيس، أو على الأقل ثلث أعضاء البرلمان، لديه الحق في المطالبة بتعديل الدستور لكن لا يمكن لتلك التعديلات أن تشمل تغييرات لمدد الولاية الرئاسية المحددة بولايتين.

وتمدد المادة 140 صلاحية المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد في سبتمبر 2021 وسمح له بالحكم من خلال إصدار المراسيم لحين انتخاب برلمان جديد واضطلاعه بمهامه.

السلطة القضائية

مثلما وصفت مسودة الدستور البرلمان والجهات التنفيذية بأنها "وظيفة"، تصف أيضا القضاء بأنه "وظيفة" بدلا من "سلطة" وهو ما قال عنه منتقدون إنه يشير إلى تراجع دوره.

المادة 120 تفيد بأن تعيين القضاة يتم بأمر من الرئيس بعد ترشيحات من المجلس الأعلى للقضاء المعني بالأمر. وهم ممنوعون من الإضراب.

"تاريخ جديد"

واعتبر سعيّد أن الاستفتاء سيكون مرحلة مهمة و"سنبدأ تاريخا جديدا".

وهاجم الرئيس التونسي معارضيه وقال إنهم "يوزعون الأموال" لكي "لا يصوت التونسيون ويعبروا عن إرادتهم"، مؤكدا "لن نترك تونس فريسة لمن يتربص بها في الداخل والخارج".

وتؤمن قوات من الجيش والشرطة مراكز الاقتراع.

وقال طارق الجميعي (24 عاما) لوكالة فرانس برس وقد خرج من مركز تصويت في العاصمة تونس "بالنسبة لي الاستفاء هو حماية لمستقبل بلادي".

وبحسب هيئة الانتخابات، تسجّل 9,296,064 ناخبا بشكل طوعي أو تلقائي للمشاركة في الاستفتاء الذي ترفضه معظم الأحزاب السياسية وينتقده الحقوقيون. وبدأ المغتربون البالغ عددهم 356,291 الإدلاء بأصواتهم السبت ولديهم حتى الاثنين للاقتراع.

أعضاء من الحزب الدستوري الحر يقدمون خارطة طريق سياسية خلال مؤتمر صحفي
أعضاء من الحزب الدستوري الحر يقدمون خارطة طريق سياسية خلال مؤتمر صحفي

في خطوة تهدف إلى مجابهة "الدكتاتورية والاستبداد" في تونس، أعلن الحزب الدستوري الحر (معارض) عن خارطة طريق سياسية لتوحيد المعارضة لنظام الرئيس قيس سعيد.

يأتي ذلك في ظرف تعيش فيه أحزاب المعارضة في تونس حالة من التشتت، عمقتها المواقف المناهضة للإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس سعيد في 25 يوليو 2021، وأحكم بمقتضاها قبضته على السلطة مع استمرار الملاحقات القضائية والاعتقالات في صفوف قيادات سياسية معارضة.

وتعود مبادرة الحزب الدستوري الحر إلى أواخر فبراير الماضي، إذ أعلن عن اعتزامه الدخول في تواصل مع مختلف مكونات المشهد السياسي والمدني في البلاد.

وقال إن هذه الخطوة تهدف إلى "توحيد الصفوف واتخاذ مواقف وخطوات مشتركة للقطع نهائيا مع الدكتاتورية والاستبداد والفشل في تحقيق مطالب وطموحات الشعب الاقتصادية والاجتماعية"، بحسب بلاغ صادر عن الحزب.

في السياق ذاته خلال مؤتمر صحفي عُقِدَ الخميس بمقره بتونس العاصمة، أعلن الحزب الدستوري الحر الذي تقبع رئيسته عبير موسي منذ أكتوبر 2023 في السجن وتواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام، أنه انطلق في "صياغة ميثاق وطني إطاري مشترك لتأسيس منظومة سياسية يعمل فيها الجميع بكلّ أريحية".

مشروع سياسي جديد

وعن تفاصيل خارطة الطريق السياسية، أكد عضو الديوان السياسي للحزب الدستوري الحرّ، ثامر سعد، أن هذه المبادرة تعد مشروعا سياسيا جديدا يضم مختلف الأطياف السياسية ومنظمات المجتمع المدني، التي تؤمن بالجمهورية المدنية، والغرض من ذلك تجاوز الصراعات وتوحيد صفوف المعارضة في تونس.

وقال سعد، لموقع "الحرة" إنه رغم الاختلافات الفكرية لأحزاب المعارضة، فإنه تم التواصل مع عدد من الأحزاب من ضمنها حركة حقّ وحزب الائتلاف الوطني وحزب آفاق تونس والتيار الديمقراطي فضلا عن بعض مكونات المجتمع المدني، بهدف إصدار نصّ دستوري غير قابل للتعديل ولا يدفع إلى حالة عدم الاستقرار السياسي.

وأضاف في هذا السياق، أنه "سيتم قريبا عقد اجتماع مع ممثلي الأحزاب لتلقي مقترحاتهم لتأسيس لجمهورية مدنية ديمقراطية".

وبخصوص ما إذا كانت خارطة الطريق السياسية الجديدة ستقتصر فقط على الأحزاب ذات المرجعية الدستورية، أوضح عضو الديوان السياسي للحزب الدستوري الحرّ، ثامر سعد أنها ستكون مفتوحة أمام كل من يؤمن بمدنية الدولة وجمهوريتها.

في المقابل، ورغم رغم تقاطع المطالب السياسية لأحزاب المعارضة في تونس بشأن رفضها لمسار 25 يوليو 2021 وما أعقبه من إجراءات فإن مسألة توحيد تحركاتها بقيت رهانا يشق صفوفها ويعمق الخلافات بين مكوناتها خاصة بين الإسلاميين والدستوريين واليسار.

لا للإقصاء

من جانبه، يرى الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري، وسام الصغير، أن أبرز تحد يواجه خارطة الطريق السياسية التي يطرحها الحزب الدستوري الحر هو توحيد مختلف القوى السياسية المعارضة مهما كانت خلفياتها الفكرية والأيديولوجية وعدم إقصاء أي طرف بناء على الصراعات القديمة.

وأوضح الصغير، في حديثه لموقع "الحرة"، أن نجاح هذه المبادرة هو رهين مدى جديتها لطرح موضوع تشكيل جبهة سياسية ضد الاستبداد وقمع الحريات وإخضاع الدولة لسلطة مطلقة لسعيد فضلا عن التصدي للنظام الحالي وطرح بديل جدّي لا يقوم على الإقصاء أو الاعتماد على التفرقة السياسية. 

وقال إن "الحزب الجمهوري يعتبر أن وحدة أحزاب المعارضة لا يجب أن تقصي إلا من أقصى نفسه، ويؤيد كل مبادرة تهدف إلى التصدي للاستبداد والنظام الشمولي الذي يكرسه الرئيس التونسي قيس سعيد".

كما يؤمن هذا الحزب الذي يقبع أمينه العام عصام الشابي في السجن منذ ما يزيد عن عامين، بحسب الصغير بـ "الحد الأدنى المشترك بين مختلف الأطياف السياسية بما فيها من تناقضات وذلك لوضع حد لسياسة التنكيل والقمع التي تمارسها السلطة ضد كل الأحزاب والمنظمات والجمعيات".

في مقابل ذلك، انتقد سعيد، مساء الخميس، خلال اشرافه على اجتماع مجلس الأمن القومي الوطني، التقارب بين أحزاب المعارضة قائلا: "إن خصماء الدهر بالأمس القريب، صاروا حلفاء وإخوانا، وإن العدو الذي كان في الظاهر لدودا صار لعدوه اليوم خليلا ودودا". 

المعارضة معارضات

زعيم حزب العمال بتونس حمة الهمامي، أفاد، في حديثه لموقع "الحرة"، بأن حزبه لم يطّلع بعد على المبادرة السياسية الجديدة لتوحيد المعارضة، مؤكدا أن الحزب سيردّ عليها في "الوقت المناسب".

وعن أسباب تشتت المعارضة وعدم توحدها في جبهة سياسية، قال الهمامي: إن المعارضة في تونس معارضات لكل منها تاريخها ومنطلقاتها ومواقفها وهو أمر طبيعي طالما أنها تعبر عن مصالح مختلفة. ثمة جبهة الخلاص ومحورها حركة النهضة التي حكمت مع قوى أخرى لمدة عشر سنوات وكانت السبب في انقلاب 25 يوليو 2021. وثمة الحزب الدستوري الحر المرتبط بالنظام القديم وهو يعتبر ثورة 2010-2011 الشعبية مؤامرة. وثمة معارضة ديمقراطية تقدمية مشتتة لم تنجح إلى حد الآن في توحيد صفوفها.

وشدد زعيم حزب العمال المعارض على أن وحدة أحزاب المعارضة لا يمكن أن تبنى على مجرد المصلحة في معارضة قيس سعيد وسلطة الاستبداد التي يديرها، بل تبنى على برامج وأهداف مشتركة تنهض بالبلاد وتحقق مطامح الشعب التونسي.

وعلى امتداد الأشهر الماضية، تعددت الدعوات إلى جمع الفرقاء السياسيين في تونس، والالتقاء على أساس وحدة تنظيمية فكرية وسياسية مشتركة، والقطع مع التشتت الذي ميز المشهد السياسي على امتداد ا بعد 14 يناير 2011

ليست الأولى ولا أخيرة

" إن الدعوة لتوحيد المعارضة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، بيد أن ما يمنع اتفاق هذه الأحزاب على مهام تقدر أنها راهنة، ليس فقط ما يشقها من خلافات أيديولوجية، بل بغياب برامج بديلة وجدية تجد صداها عند التونسيين" هذا ما يراه المحلل السياسي خالد كرونة بخصوص مساعي تشكيل جبهة سياسية تعارض السلطة في تونس.

وأضاف كرونة، لموقع "الحرة"، "ربما أنه من عبث الأقدار أن سبب اختلاف أحزاب المعارضة هو نقطة تشابه بينها وهي أنها بكل أطيافها تمثل طبقة سياسية قديمة ولى زمنها، لا برامج جدية لها ولا تصور حقيقي لبديل اقتصادي اجتماعي ولا ابتكار في أشكال التنظيم والدعاية السياسية وغيرها".

ويرى أنه وفق موازين القوى القائمة، لا أحد يجبر الرئيس على الالتفات إلى هذه الدعوات التي كرر السخرية منها خلال كلمته أمام مجلس الأمن القومي الخميس معلنا المضي قدما في سياسة التطهير.

وتبعا لذلك ختم المتحدث بالقول "ستظل البلاد بلا معارضة جدية لأن الأجسام التي تلبس هذا الثوب الآن لا تملك ما ترقى به إلى مصاف المعارضة الجدية".

ويناهز عدد التنظيمات السياسية في تونس نحو 240 حزبا، بعضها أعلن مساندته وانخراطه الكامل في مسار 25 يوليو 2021 الذي أعلن الرئيس سعيد بموجبه قرارات زكت سلطته الرئاسية وتضمنت حل الحكومة والبرلمان وعدد من الهيئات الدستورية. أما البعض الآخر فقد اختار طريق المعارضة التي تحولت في ما بعد إلى ائتلافات حزبية تناهض توجهات السلطة وقراراتها.