الجولة الثانية من الانتخابات التونسية شهدت إقبالا ضعيفا
الجولة الثانية من الانتخابات التونسية شهدت إقبالا ضعيفا

في الوقت الذي غابت فيه الطوابير عن مراكز الاقتراع في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية، الأحد، كان تونسيون منشغلون بالوقوف أمام المتاجر القليلة التي تعرض مخزونا ضئيلا من السكر والأرز والدقيق والحليب للحصول بالكاد على ما يكفي عائلاتهم. 

وساد الهدوء مراكز الاقتراع التونسية في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية التي لم تتعد نسبة الإقبال في جولتها الأولى التي أجريت الشهر الماضي 11 بالمئة، مما أثار سخرية واسعة النطاق بين معارضي الرئيس قيس سعيد، وارتفعت مطالب جديدة لاتحاد الشغل القوي، بإلغاء الجولة الثانية وتغيير توجهات الرئيس الذي تقول إنه حاد عن الطريق.

"مهزلة"

حتى الساعة الثالثة عصرا، بلغت نسبة الإقبال على الانتخابات 7.73 في المئة، بحسب المتحدث باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد التليلي المنصري، الذي وصفها بأنها "متواضعة مثل الدورة الأولى"، متمنيا أن تزيد خلال الساعات المتبقية، وداعيا إلى "دراسة أسباب المشاركة الضعيفة وعزوف الناخبين". 

رئيس شبكة التونسيين الموحدة، منجي الذوادي، الذي تتابع منظمته الانتخابات من واشنطن بقلق على مستقبل بلاده، وصف، في حديثه مع موقع "الحرة"، ما تشهده مراكز الاقتراع "الخاوية على عروشها" بـ"المهزلة"، معتبرا أن "المشاركة الضعيفة دليل على أن الشعب غير معني بهذه العملية السياسية، ولا يرى في تغيير الدستور والانتخابات الجديدة أملا في إصلاح حالة البلاد المتأزمة بعد عام ونصف امتلك فيها الرئيس كل السلطات في يده دون رقيب ولا حسيب، وراهن على هذه العملية السياسية، التي اتضح أنها فاشلة". 

"العملية مستمرة"

ورفض رئيس منتدى تونس الحرة، حازم القصوري، في حديثه مع موقع "الحرة" الحديث عن نسبة المشاركة في الانتخابات، معتبرا أنها من قبيل "توجيه الناخبين"، مضيفا أنه "ليس المهم نسبة المشاركة، ولكن المهم أن العملية حدثت". 

وقال: "إذا لم ترد أن تشارك في الانتخابات خسرت دورك للإفصاح عن رأيك، من أراد أن يقاطع الانتخابات فليقاطع، لكن الانتخابات ماضية، وسيكون هناك برلمان جديد مهما كانت نسبة المشاركة". 

لكن الذوادي يقول: "بعد أن كنا دائما فخورين بطوابير يوم الانتخابات من ناخبين يختارون مرشحيهم بكل حرية، بتنا نشعر بالخيبة والمرارة ونحن نشاهد مراكز الاقتراع الخالية". 

الهدوء يسود مراكز الاقتراع التونسية في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية

وعندما زار قيس سعيد مقهى بأحد أحياء الطبقة العاملة بالعاصمة منذ أسبوعين، عبر أحد الشباب الذين تواجدوا في المكان بأنه "لم يتبق أمل".

واعتبرت وكالة "بلومبيرغ" أن هذه العبارة، ربما تلخص مشاعر التونسيين، حيث يشعر كثيرون بالإحباط بسبب الانحدار في مستوى المعيشة منذ ثورة عام 2011 ونقص في المواد الغذائية الأساسية، وهو ما أدى إلى سعي الحكومة للحصول على دعم مالي دولي.

وخفضت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية تصنيف الدين التونسي يوم الجمعة قائلة إن البلاد ستتخلف على الأرجح عن سداد قروض سيادية.

ويرى المنصوري، أن "الفشل الذي أدارت به حركة النهضة السنوات الماضية البلاد هو السبب الوحيد لفشل السياسات لمعالجة الأزمة الحالية". 

وقال: "تميزت العشرية بالإرهاب والاغتيالات والمناكفات وهو ما كان السبب في تعمق الأزمة ووضع الشباب (الحالي) وتفاقم مستوى البطالة".

"عذر أقبح من ذنب"

لكن الذوادي يعتبر أن تبرير الفشل الحالي، بفشل المنظومة السابقة التي أدارت البلاد نحو عشر سنوات "عذر أقبح من ذنب". 

وقال "كل الجهات الفاعلة الآن سواء المجتمع المدني أو الأحزاب السياسية تعترف أنه كانت هناك مشكلات حقيقية عجزت المنظومة السابقة أن تعطي حلولا فعلية وتخرج البلاد من المأزق السياسي أو الاقتصادي ولكن نرى منذ إمساك سعيد بزمام الأمور قبل عام ونصف أنه قاد البلاد من سيئ إلى أسوا، من مشكلات اقتصادية إلى كوارث اقتصادية، ومن ضعف في النمو إلى تقهقر أو انهيار في النمو". 

وحل سعيد، الذي انتُخب بأغلبية ساحقة عام 2019، البرلمان العام الماضي، بعد تجميد عمله في صيف 2021. وبعد ذلك سيطر على معظم السلطات وأعاد كتابة الدستور ومرر نسخة جديدة صاغها بنفسه العام الماضي من خلال استفتاء.

ورغم الانتقادات الواسعة لخطواته الفردية، قال سعيد إنه سيمضي قدما ولن يتراجع خطوة للوراء.

وأضاف أن أفعاله كانت قانونية وضرورية لإنقاذ تونس من ركود اقتصادي ومشاحنات سياسية مستمرة لسنوات، ووصف خصومه بالخونة ودعا إلى اتخاذ إجراءات ضدهم.

وارتفعت بطالة الشباب إلى 37.8 في المئة في الربع الثالث من عام 2022، بعد أن كانت 35.4 في المئة في 2019 عندما وصل سعيد إلى الحكم. 

ويقر المنصوري بأن تونس "تمر فعلا بأزمة، ولكن الشعوب والدول الكبرى عندما تمر بأزمة تتوحد الأطراف للخروج منها". 

وعزا تفاقم الأزمة الاقتصادية إلى "الحرب الروسية على أوكرانيا"، معتبرا أن "سعيد يحاول إخراج البلاد من الواقع المتردي الذي تسبب به الإخوان الذين تحالفوا مع أحزاب فاسدة". 

"ندفع ثمن حريتنا"

وقال المنصوري إن "الأوضاع الاقتصادية كانت سيئة أيضا قبل حل البرلمان، لكنها الآن مدفوعة بالنزاعات، وارتفاع أسعار النفط، وهي أسباب لم تكن موجودة في عهد حركة النهضة". 

وأضاف أن الوضع في تونس مرحلة تصحيحية تهدف بالإساس إلى مواصلة الحرب على الإرهاب والفساد، معتبرا أن "الشعب التونسي يدفع اليوم ثمن حريته". 

لكن الذوادي لا يرى أن الانتخابات التشريعية الجارية ستغير شيئا من الواقع التونسي سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية. 

وقال: "هذه الانتخابات لن تفضي إلى شيء عملي لأن هذا البرلمان لن يقع تنصيبه إلا في شهر مارس ولن يصبح فاعلا حتى ينتخب المجلس الجهوي والوضع الاقتصادي لا يحتمل"، مضيفا: "نحن الآن في عجز على سداد مبالغ مالية لشراء القمح والزيت والسكر وهي مواد أساسية يحتاجها الشعب، الدولة غير قادرة على توفيرها بالكميات الكافية هذا واقع مرير يعيشه الشعب". 

"برلمان صوري"

ويقول الذوادي: "هذا البرلمان لو تم تشكيله لن تكون له سلطة رقابية لا على الرئيس ولا على الحكومة، نتكلم هنا عن برلمان صوري، ومشتت، لأن الرئيس رفض دخول الأحزاب كأحزاب في هذه الانتخابات". 

وكان النظام السابق يقضي بأن يكون للبرلمان سلطة اختيار الحكومات التي تضع سياسة الدولة وتدير شؤون البلاد اليومية. ولم يكن الرئيس مسؤولا بشكل مباشر إلا عن الشؤون الخارجية والدفاع.

لكن قواعد سعيد الجديدة تجعل البرلمان خاضعا للرئيس الذي يضطلع الآن بمسؤولية تشكيل الحكومة وإقالتها. وتحد القواعد أيضا من دور الأحزاب السياسية، إذ يجري إدراج أسماء المرشحين للبرلمان بأسمائهم فحسب دون الإشارة إلى انتمائهم الحزبي.

واعتبر الذوادي أن "البرلمان المقبل، لا يمثل الشعب التونسي ومشتت وليس به قوى حزبية، لن تكون فيه للرئيس كتلة صلبة تسانده، كما أن الأحزاب المعارضة غير ممثلة، وإنما هو عبارة عن أفراد مشتتين مستواهم ضعيف". 

لكن القصوري، في المقابل" يرى أن البرلمان الذي يعاد تشكيله "نوعي" و"تجربة فريدة من نوعها وطنيا وعربيا ودوليا باعتبارها أنها تستند إلى سلطة الشعب الفعلي ونظام لا يستند إلى لوبيات حزبية، بل إن الأفراد الذين سيصلون إلى البرلمان سيحاولون ترجمة آراء الشعب وإفراز سياسات تنحاز لمصالح الناس". 

وقال: "كما دعانا الأصدقاء والشركاء إلى أن نعود للمؤسسات، الآن تونس تصغي إلى آراء الحكماء من أجل العودة إلى المسار الديمقراطي من خلال إشراك الناس وإرساء برلمان جديد". 

واعتبر أن "الجيد في هذا البرلمان أنه لا يرتكز إلى قوة المال للوصول إلى السلطة التشريعيةن بل إلى مطالب الشعب". 

"بديل لسعيد"

لكن الذوادي قال إنه لم يكن يصح حل البرلمان من البداية، "إذا كان هناك اختلال في القانون، فلم يكن يجب حل البرلمان وإلقاؤه في القمامة، وإنما نضع حلولا مع بعضنا من خلال المشاورات، لكن سعيد أصدر بمفرده قانون انتخابات أسوأ مما كان، ونرى نتائجه الآن من عزوف تام عن المشاركة". 

وأضاف: "الآن كل الشعب التونسي، سواء، كانت قوى حزبية أو نقابية، وأهمها الاتحاد العام للشغل، باتت تبحث فيما بينها عن حل لتونس، بمعية بعض المنظمات الأخرى اجتمعت مع بعضها البعض وكونت لجانا مستقلة وأصبحت تدرس تقديم ورقات حلول في المجالات المختلفة"، مضيفا أن "الأحزاب السياسية تحاول طرح بديل لقيس سعيد، والمجتمع الدولي ينتظر ما ستسفر عنه السيناريوهات المقبلة". 

أعضاء من الحزب الدستوري الحر يقدمون خارطة طريق سياسية خلال مؤتمر صحفي
أعضاء من الحزب الدستوري الحر يقدمون خارطة طريق سياسية خلال مؤتمر صحفي

في خطوة تهدف إلى مجابهة "الدكتاتورية والاستبداد" في تونس، أعلن الحزب الدستوري الحر (معارض) عن خارطة طريق سياسية لتوحيد المعارضة لنظام الرئيس قيس سعيد.

يأتي ذلك في ظرف تعيش فيه أحزاب المعارضة في تونس حالة من التشتت، عمقتها المواقف المناهضة للإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس سعيد في 25 يوليو 2021، وأحكم بمقتضاها قبضته على السلطة مع استمرار الملاحقات القضائية والاعتقالات في صفوف قيادات سياسية معارضة.

وتعود مبادرة الحزب الدستوري الحر إلى أواخر فبراير الماضي، إذ أعلن عن اعتزامه الدخول في تواصل مع مختلف مكونات المشهد السياسي والمدني في البلاد.

وقال إن هذه الخطوة تهدف إلى "توحيد الصفوف واتخاذ مواقف وخطوات مشتركة للقطع نهائيا مع الدكتاتورية والاستبداد والفشل في تحقيق مطالب وطموحات الشعب الاقتصادية والاجتماعية"، بحسب بلاغ صادر عن الحزب.

في السياق ذاته خلال مؤتمر صحفي عُقِدَ الخميس بمقره بتونس العاصمة، أعلن الحزب الدستوري الحر الذي تقبع رئيسته عبير موسي منذ أكتوبر 2023 في السجن وتواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام، أنه انطلق في "صياغة ميثاق وطني إطاري مشترك لتأسيس منظومة سياسية يعمل فيها الجميع بكلّ أريحية".

مشروع سياسي جديد

وعن تفاصيل خارطة الطريق السياسية، أكد عضو الديوان السياسي للحزب الدستوري الحرّ، ثامر سعد، أن هذه المبادرة تعد مشروعا سياسيا جديدا يضم مختلف الأطياف السياسية ومنظمات المجتمع المدني، التي تؤمن بالجمهورية المدنية، والغرض من ذلك تجاوز الصراعات وتوحيد صفوف المعارضة في تونس.

وقال سعد، لموقع "الحرة" إنه رغم الاختلافات الفكرية لأحزاب المعارضة، فإنه تم التواصل مع عدد من الأحزاب من ضمنها حركة حقّ وحزب الائتلاف الوطني وحزب آفاق تونس والتيار الديمقراطي فضلا عن بعض مكونات المجتمع المدني، بهدف إصدار نصّ دستوري غير قابل للتعديل ولا يدفع إلى حالة عدم الاستقرار السياسي.

وأضاف في هذا السياق، أنه "سيتم قريبا عقد اجتماع مع ممثلي الأحزاب لتلقي مقترحاتهم لتأسيس لجمهورية مدنية ديمقراطية".

وبخصوص ما إذا كانت خارطة الطريق السياسية الجديدة ستقتصر فقط على الأحزاب ذات المرجعية الدستورية، أوضح عضو الديوان السياسي للحزب الدستوري الحرّ، ثامر سعد أنها ستكون مفتوحة أمام كل من يؤمن بمدنية الدولة وجمهوريتها.

في المقابل، ورغم رغم تقاطع المطالب السياسية لأحزاب المعارضة في تونس بشأن رفضها لمسار 25 يوليو 2021 وما أعقبه من إجراءات فإن مسألة توحيد تحركاتها بقيت رهانا يشق صفوفها ويعمق الخلافات بين مكوناتها خاصة بين الإسلاميين والدستوريين واليسار.

لا للإقصاء

من جانبه، يرى الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري، وسام الصغير، أن أبرز تحد يواجه خارطة الطريق السياسية التي يطرحها الحزب الدستوري الحر هو توحيد مختلف القوى السياسية المعارضة مهما كانت خلفياتها الفكرية والأيديولوجية وعدم إقصاء أي طرف بناء على الصراعات القديمة.

وأوضح الصغير، في حديثه لموقع "الحرة"، أن نجاح هذه المبادرة هو رهين مدى جديتها لطرح موضوع تشكيل جبهة سياسية ضد الاستبداد وقمع الحريات وإخضاع الدولة لسلطة مطلقة لسعيد فضلا عن التصدي للنظام الحالي وطرح بديل جدّي لا يقوم على الإقصاء أو الاعتماد على التفرقة السياسية. 

وقال إن "الحزب الجمهوري يعتبر أن وحدة أحزاب المعارضة لا يجب أن تقصي إلا من أقصى نفسه، ويؤيد كل مبادرة تهدف إلى التصدي للاستبداد والنظام الشمولي الذي يكرسه الرئيس التونسي قيس سعيد".

كما يؤمن هذا الحزب الذي يقبع أمينه العام عصام الشابي في السجن منذ ما يزيد عن عامين، بحسب الصغير بـ "الحد الأدنى المشترك بين مختلف الأطياف السياسية بما فيها من تناقضات وذلك لوضع حد لسياسة التنكيل والقمع التي تمارسها السلطة ضد كل الأحزاب والمنظمات والجمعيات".

في مقابل ذلك، انتقد سعيد، مساء الخميس، خلال اشرافه على اجتماع مجلس الأمن القومي الوطني، التقارب بين أحزاب المعارضة قائلا: "إن خصماء الدهر بالأمس القريب، صاروا حلفاء وإخوانا، وإن العدو الذي كان في الظاهر لدودا صار لعدوه اليوم خليلا ودودا". 

المعارضة معارضات

زعيم حزب العمال بتونس حمة الهمامي، أفاد، في حديثه لموقع "الحرة"، بأن حزبه لم يطّلع بعد على المبادرة السياسية الجديدة لتوحيد المعارضة، مؤكدا أن الحزب سيردّ عليها في "الوقت المناسب".

وعن أسباب تشتت المعارضة وعدم توحدها في جبهة سياسية، قال الهمامي: إن المعارضة في تونس معارضات لكل منها تاريخها ومنطلقاتها ومواقفها وهو أمر طبيعي طالما أنها تعبر عن مصالح مختلفة. ثمة جبهة الخلاص ومحورها حركة النهضة التي حكمت مع قوى أخرى لمدة عشر سنوات وكانت السبب في انقلاب 25 يوليو 2021. وثمة الحزب الدستوري الحر المرتبط بالنظام القديم وهو يعتبر ثورة 2010-2011 الشعبية مؤامرة. وثمة معارضة ديمقراطية تقدمية مشتتة لم تنجح إلى حد الآن في توحيد صفوفها.

وشدد زعيم حزب العمال المعارض على أن وحدة أحزاب المعارضة لا يمكن أن تبنى على مجرد المصلحة في معارضة قيس سعيد وسلطة الاستبداد التي يديرها، بل تبنى على برامج وأهداف مشتركة تنهض بالبلاد وتحقق مطامح الشعب التونسي.

وعلى امتداد الأشهر الماضية، تعددت الدعوات إلى جمع الفرقاء السياسيين في تونس، والالتقاء على أساس وحدة تنظيمية فكرية وسياسية مشتركة، والقطع مع التشتت الذي ميز المشهد السياسي على امتداد ا بعد 14 يناير 2011

ليست الأولى ولا أخيرة

" إن الدعوة لتوحيد المعارضة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، بيد أن ما يمنع اتفاق هذه الأحزاب على مهام تقدر أنها راهنة، ليس فقط ما يشقها من خلافات أيديولوجية، بل بغياب برامج بديلة وجدية تجد صداها عند التونسيين" هذا ما يراه المحلل السياسي خالد كرونة بخصوص مساعي تشكيل جبهة سياسية تعارض السلطة في تونس.

وأضاف كرونة، لموقع "الحرة"، "ربما أنه من عبث الأقدار أن سبب اختلاف أحزاب المعارضة هو نقطة تشابه بينها وهي أنها بكل أطيافها تمثل طبقة سياسية قديمة ولى زمنها، لا برامج جدية لها ولا تصور حقيقي لبديل اقتصادي اجتماعي ولا ابتكار في أشكال التنظيم والدعاية السياسية وغيرها".

ويرى أنه وفق موازين القوى القائمة، لا أحد يجبر الرئيس على الالتفات إلى هذه الدعوات التي كرر السخرية منها خلال كلمته أمام مجلس الأمن القومي الخميس معلنا المضي قدما في سياسة التطهير.

وتبعا لذلك ختم المتحدث بالقول "ستظل البلاد بلا معارضة جدية لأن الأجسام التي تلبس هذا الثوب الآن لا تملك ما ترقى به إلى مصاف المعارضة الجدية".

ويناهز عدد التنظيمات السياسية في تونس نحو 240 حزبا، بعضها أعلن مساندته وانخراطه الكامل في مسار 25 يوليو 2021 الذي أعلن الرئيس سعيد بموجبه قرارات زكت سلطته الرئاسية وتضمنت حل الحكومة والبرلمان وعدد من الهيئات الدستورية. أما البعض الآخر فقد اختار طريق المعارضة التي تحولت في ما بعد إلى ائتلافات حزبية تناهض توجهات السلطة وقراراتها.