الرئيس التونسي يؤكد أنه لا عودة لـ"الاستبداد"
الإقالات الوزارية تأتي وسط أزمات اقتصادية ونقابية | Source: Social media

أعلنت الرئاسة التونسية، الاثنين، إقالة وزيرَي الزراعة والتربية من دون تبيين الأسباب، لكن الإقالة جاءت في سياق نقص منتجات أساسية منها الحليب، وإضرابات متفرقة في قطاع التعليم، وفقا لفرانس برس.

وقالت الرئاسة التونسية إن الرئيس قيس سعيد قرر "إجراء تحوير جزئي عين بمقتضاه محمد علي البوغديري وزيرا للتربية خلفا لفتحي السلاوتي، وعبد المنعم بلعاتي وزيرا للفلاحة والموارد المائية والصيد البحري خلفا لمحمود إلياس حمزة".

ومطلع يناير، أقال سعيد وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي بن حمزة وفاخر الفخفاخ والي صفاقس، ثاني مدن البلاد، وسط أزمة اقتصادية وانقسامات سياسية قوية. 

وكانت وزيرة التجارة أول عضو في حكومة نجلاء بودن التي شكلت في نوفمبر 2021، يقيلها الرئيس سعيد.

وتأتي هاتان الإقالتان الجديدتان في سياق توتر سياسي، إذ تشهد البلاد انقسامات عميقة منذ قرر سعيد الاستئثار بالسلطات في 25 يوليو 2021. 

وتعقبان كذلك الدورة الثانية من الانتخابات النيابية التي أجريت الأحد والتي شهدت معدل امتناع قياسيا إذ بلغت نسبة الذين أدلوا بأصواتهم 11,4% فقط، وهو ما قال العديد من الخبراء إنه يعود إلى انشغال السكان بمشكلاتهم الاقتصادية.

وأدت الأزمتان السياسية والمالية في الأشهر الأخيرة إلى نقص في بعض المنتجات الأساسية، الحليب والسكر والأرز والبن، وتراجع في القدرة الشرائية بسبب التضخم المتسارع (حوالي 10% في عام خلال ديسمبر). 

وتوصلت تونس المديونة بنسبة أكثر من 80% من ناتجها الداخلي الإجمالي، إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي في أكتوبر حول قرض جديد بقيمة نحو ملياري دولار لمساعدتها في مواجهة صعوبات اقتصادية متفاقمة. لكن صندوق النقد الدولي أجل موافقته النهائية إلى تاريخ لم يحدده.

وشهدت البلاد اضطرابات في الأشهر الأخيرة بسبب الإضرابات العديدة في قطاعَي النقل والتعليم للتنديد بالتأخير في دفع الرواتب وعدم صرف مكافأة نهاية العام للعاملين فيهما.

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في الانتخابات
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في الانتخابات

أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الثلاثاء، عن قلقه إزاء سجن وإدانة خصوم سياسيين للسلطة في تونس، داعيا إلى إصلاحات، وإلى الإفراج عن جميع الأشخاص "المحتجزين تعسفيا".

وفي الأسابيع التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، اعتُقل أكثر من 100 من المرشحين المحتملين وأعضاء في حملاتهم الانتخابية وشخصيات سياسية أخرى، بتهم مختلفة تتعلق بتزوير وثائق انتخابية وبالأمن القومي، حسب المفوض السامي.

ومن بين 17 مرشحا محتملا، لم تقبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات سوى 3 مرشحين، بينما "تمّ توقيف العديد من المرشحين وحُكم عليهم بالسجن لفترات طويلة"، وفق فرانس برس.

وقال تورك إنّ "محاكمتهم تُظهر عدم احترام ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة".

إضافة إلى ذلك، رفضت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في الثاني من سبتمبر، تطبيق قرار صادر عن المحكمة الإدارية يقضي بإعادة قبول 3 مرشحين مستبعدين.

وبعد ذلك، أقر البرلمان خلال جلسة استثنائية عُقدت قبل أيام من الانتخابات الرئاسية، تنقيحات للقانون الانتخابي تقضي بسحب اختصاص التحكيم في المنازعات الانتخابية من المحكمة الإدارية، وإسناده إلى محكمة الاستئناف.

وقال تورك إن "رفض قرار محكمة ملزم قانونا، يتعارض مع الاحترام الأساسي لسيادة القانون".

وفاز سعيّد بولاية ثانية بعدما حصد 90,7 بالمئة من الأصوات، في ظل امتناع قياسي عن التصويت في الانتخابات الرئاسية، حيث ناهزت نسبة المشاركة بالكاد 29 بالمئة.

وبعد 5 سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت "لتصفية الحسابات مع خصومه"، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات الـ10 التي أعقبت الإطاحة بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي، عام 2011.

وأشار المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى أن تونس تشهد "ضغوطا متزايدة على المجتمع المدني"، مضيفا أنه "خلال العام الماضي، استُهدف العديد من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين، فضلا عن قضاة ومحامين".

وفيما أشار تورك إلى الاحتجاجات التي أطاحت ببن علي والتي تعرف بـ"الربيع العربي"، فقد أعرب عن أسفه لـ"ضياع العديد من هذه الإنجازات"، مستشهدا باعتقال الرئيس السابق لهيئة الحقيقة والكرامة.

وحث تونس على "الالتزام مجددا بالعدالة الانتقالية لصالح الضحايا وإجراء الإصلاحات الأساسية.. خصوصا فيما يتعلق بحرية التعبير والتجمّع وتكوين الجمعيات".