الرئيس قيس سعيد انفرد بسلطات واسعة النطاق
الرئيس قيس سعيد انفرد بسلطات واسعة النطاق

شجبت الولايات المتحدة، الأربعاء، توقيف سلطات تونس معارضين للرئيس قيس سعيد، ودعت إلى توخي الشفافية في الإجراءات القانونية. 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، للصحفيين "نشعر بقلق عميق إزاء التقارير عن توقيف عدة شخصيات سياسية ورجال أعمال وصحفيين في تونس في الأيام الأخيرة".

وأضاف برايس "نحترم تطلعات الشعب التونسي إلى قضاء مستقل وشفاف قادر على حماية الحريات الأساسية للجميع".

وأوقفت الشرطة التونسية عشر شخصيات بارزة منذ السبت، من بينها مدير إذاعة "موزاييك أف أم" نور الدين بوطار، ورجل الأعمال البارز والناشط السياسي كمال اللطيف.

واعتبرت جبهة الخلاص الوطني المعارضة التوقيفات بمثابة عمل انتقامي يفتقر إلى سند قانوني.

انفرد الرئيس قيس سعيد بسلطات واسعة النطاق في يوليو 2021 بعد أن جمد أعمال البرلمان على خلفية أزمة سياسية واقتصادية. 

ولقي سعيد في البداية دعما شعبيا واسعا، لكنه يتهم بأن له نزعة استبدادية متنامية.

ومنذ قرار سعيد احتكار السلطات في البلاد، والذي اعتبر كثير من السياسيين أنه وضع حدا للمسار الديموقراطي الذي انطلق منذ ثورة العام 2011، تعرض العديد من الناشطين السياسيين لملاحقات قضائية نددت بها المعارضة واعتبرتها تصفية لحسابات سياسية.

وتمر تونس بأزمة اقتصادية واجتماعية حادة، وتشهد الأسواق نقصا متواصلا في المواد الأساسية على غرار السكر والقهوة والحليب.

وتتفاوض البلاد مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بملياري دولار في مقابل القيام بإصلاحات اقتصادية وهو ضروري لتغطية عجز الموازنة. 

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في الانتخابات
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في الانتخابات

أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الثلاثاء، عن قلقه إزاء سجن وإدانة خصوم سياسيين للسلطة في تونس، داعيا إلى إصلاحات، وإلى الإفراج عن جميع الأشخاص "المحتجزين تعسفيا".

وفي الأسابيع التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، اعتُقل أكثر من 100 من المرشحين المحتملين وأعضاء في حملاتهم الانتخابية وشخصيات سياسية أخرى، بتهم مختلفة تتعلق بتزوير وثائق انتخابية وبالأمن القومي، حسب المفوض السامي.

ومن بين 17 مرشحا محتملا، لم تقبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات سوى 3 مرشحين، بينما "تمّ توقيف العديد من المرشحين وحُكم عليهم بالسجن لفترات طويلة"، وفق فرانس برس.

وقال تورك إنّ "محاكمتهم تُظهر عدم احترام ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة".

إضافة إلى ذلك، رفضت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في الثاني من سبتمبر، تطبيق قرار صادر عن المحكمة الإدارية يقضي بإعادة قبول 3 مرشحين مستبعدين.

وبعد ذلك، أقر البرلمان خلال جلسة استثنائية عُقدت قبل أيام من الانتخابات الرئاسية، تنقيحات للقانون الانتخابي تقضي بسحب اختصاص التحكيم في المنازعات الانتخابية من المحكمة الإدارية، وإسناده إلى محكمة الاستئناف.

وقال تورك إن "رفض قرار محكمة ملزم قانونا، يتعارض مع الاحترام الأساسي لسيادة القانون".

وفاز سعيّد بولاية ثانية بعدما حصد 90,7 بالمئة من الأصوات، في ظل امتناع قياسي عن التصويت في الانتخابات الرئاسية، حيث ناهزت نسبة المشاركة بالكاد 29 بالمئة.

وبعد 5 سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت "لتصفية الحسابات مع خصومه"، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات الـ10 التي أعقبت الإطاحة بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي، عام 2011.

وأشار المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى أن تونس تشهد "ضغوطا متزايدة على المجتمع المدني"، مضيفا أنه "خلال العام الماضي، استُهدف العديد من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين، فضلا عن قضاة ومحامين".

وفيما أشار تورك إلى الاحتجاجات التي أطاحت ببن علي والتي تعرف بـ"الربيع العربي"، فقد أعرب عن أسفه لـ"ضياع العديد من هذه الإنجازات"، مستشهدا باعتقال الرئيس السابق لهيئة الحقيقة والكرامة.

وحث تونس على "الالتزام مجددا بالعدالة الانتقالية لصالح الضحايا وإجراء الإصلاحات الأساسية.. خصوصا فيما يتعلق بحرية التعبير والتجمّع وتكوين الجمعيات".