مهاجرون من دول أفريقية على الحدود بين تونس وليبيا - أرشيف
مهاجرون من دول أفريقية على الحدود بين تونس وليبيا - أرشيف

نددت أكثر من عشرين منظمة حقوقية تونسية، الخميس، بما اعتبرتها "انتهاكات حقوق الإنسان" التي يتعرض لها المهاجرون القادمون من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وبعمليات توقيف العشرات منهم من قبل السلطات التونسية، وطالبت بإطلاق سراحهم وإيقاف عمليات ترحيلهم. 

وقالت منظمات تونسية، من بينها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، في بيان مشترك، إن القوات الأمنية بتونس "تشن حملة ضد المهاجرين"، كاشفة عن "توقيف أكثر من 300 مهاجر ومهاجرة في مراكز الإيقاف بينهم نساء وأطفال، من دون احترام للإجراءات المعمول بها". 

وتحولت السواحل التونسية الممتدة على طول 1300 كيلومتر إلى نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين القادمين من دول الجوار ودول إفريقيا جنوب الصحراء، وتتكرر، بشكل شبه يومي، محاولات عبور المتوسطي نحو الحلم الأوروبي المنشود.

وأدانت المنظمات عمليات "الإعادة القسرية الفورية للمهاجرين على الحدود تحت تهديد السلاح"، داعية السلطات التونسية إلى التصدي لـ"خطاب الكراهية والتمييز والعنصرية" تجاههم ولـ"الحملات الأمنية الممنهجة التي تستهدف المهاجرين وعائلاتهم وإطلاق سراح جميع الموقوفين".

وتفيد أرقام معهد الإحصاء التونسي (حكومي)، أن عدد المهاجرين المتواجدين في وضعية غير قانونية بلغ في عام 2021، حوالي  21.466 مهاجرا.

وأعلنت الحكومة التونسية، في ديسمبر الفائت، خلال مجلس وزاري،  "ضرورة الشروع في ترحيل المهاجرين نظرا لوضعيتهم غير القانونية، على أن تبدأ الإجراءات في أقرب وقت"، وفق ما جاء في بيان لرئاسة الحكومة آنذاك. 

وأكدت الحكومة على ضرورة تحيين وتطوير المنظومة القانونية ذات العلاقة بالهجرة واللجوء بما يجعلها تستجيب للمعاير الدولية وعلى أولوية إطلاق استراتيجية وطنية للهجرة تضمن الإدماج وحماية الحقوق.

"سياسة عدائية"

ويواجه المهاجرون غير النظاميين في تونس تهميشا ويمثلون الفئات الأكثر هشاشة ويعانون تحت وطأة الفقر، محرومين من العمل والسكن اللائق، وهي الظروف التي تجعلهم "فريسة سهلة" لشبكات التهريب والاتجار في البشر، بحسب الناطق الرسمي للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

ويضيف الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي رمضان بن عمر، في تصريح لموقع "الحرة" أن السلطات التونسية تتعامل مع المهاجرين من جنوب الصحراء بـ"طريقة تمييزية ممنهجة وسياسة عدائية" للحد من تواجدهم بالبلاد مشيرا إلى أن "هذا يتضح منذ السنة الماضية، من خلال عمليات إيقاف عشوائية ويتواصل خلال العام الجاري من خلال ترحيل المئات منهم".

ويتابع بن عمر أن المنتدى الفاعل في قضايا الهجرة، يتوصل بشهادات يومية تخص"انتهاكات وعمليات ابتزاز يقوم بها بعض أعوان الأمن لبعض المهاجرين المتواجدين في وضعية غير قانونية"، مبرزا أن "الحدود التونسية الجزائرية والليبية تعرف عمليات إعادة للمهاجرين، ونفس الأمر على الحدود البحرية مع أوروبا التي تعرف اعتراض قوارب المهاجرين باستعمال العنف مما يتسبب في مآسي كبيرة".

ويشير المتحدث ذاته إلى أن هذه الممارسات، "نتاج حملات وصم على شبكات التواصل الاجتماعي  لصورة المهاجرين وربطها بالعنف والدعارة والاحتيال وغيرها من الممارسات"، لافتا إلى أن "حملات الكراهية" تصدر أيضا عن منابر إعلامية  وبعض التنظيمات السياسية.

من جهته، يصف الخبير التونسي في ملف الهجرة، مجدي الكرباعي، وضعية المهاجرين بـ"الخطيرة والحرجة"، لافتا إلى أنهم يجدون أنفسهم عرضة "لسلوكات لا إنسانية من القوات الأمنية وأيضا من طرف فئات من التونسيين، الذين يرفضون تواجدهم بالبلاد".

ويبرز الكرباعي في تصريح لموقع "الحرة"، أن المهاجرين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، معرضون في تونس للعنصرية والاستغلال وانتهاكات حقوقية عديدة، موضحا أن "جهات، بينها أحزاب، تشن ضدهم حملات عنصرية"، كما يتعرضون لـ"استغلال ظروفهم الصعبة لتشغيلهم في عدد من المهن بدون رقابة ولا ضمانات تحمي حقوقهم".

ولم يرد المرصد الوطني للهجرة بتونس (المؤسسة الحكومية المعنية بملف الهجرة) على استفسارات موقع الحرة حتى وقت نشر التقرير.

"ضغوط أوروبية"

وتستقبل الجارة الشمالية، إيطاليا، النسبة الأكبر من المهاجرين الواصلين من تونس عبر البحر الأبيض المتوسط، وتعد إلى جانب إسبانيا البوابة الرئيسية أمام الراغبين في الوصول إلى الجانب الأوروبي عبر القوارب.

وانتقد تقرير سابق لمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ما اعتبره "خضوع تونس للابتزاز الإيطالي والأوربي" في مجال الهجرة، والذي حوّلها إلى طرف فاعل ورئيسي في مراقبة مسارات الهجرة في المتوسط.

ويربط الكرباعي بين الأوضاع المأسوية للمهاجرين وسياسات الدول الأوروبية، التي يقول إنها تريد أن تجعل من دول شمال إفريقيا، "نقاط لتجميع المهاجرين ومنعهم من الوصول إلى حدودها"، معتبرا أن هذا "وضع خطير خاصة في ظل غياب قوانين وتشريعات تحمي المهاجرين في هذه البلدان".

ويشير الكرباعي إلى أن دور الدولة التونسية "غائب"، وتستسلم لضغوط الدول الأوروبية التي لا تبالي بشأن ظروفهم وأوضاعهم، ويبقى الأهم بالنسبة لها ألا يصلوا حدودها وأن تخلي مسؤوليتها التامة تجاه جميع مشاكلهم".

وتطالب المنظمات المدافعة عن حقوق المهاجرين، السلطات التونسية بوضع حد لممارستها اللاإنسانية، خاصة مسألة الإيقاف العشوائي والاحتجاز غير القانوني للراغبين في الهجرة، علاوة على وضع حد لحملات العنصرية والكراهية، وبذل جهد في تطبيق قانون يمنع ويجرم التمييز العنصري.

في هذا السياق، يدعو بنعمر الحكومة التونسية إلى تحيين منظومتها القانونية، بما يسهل اندماج المهاجرين من جنوب الصحراء في المجتمع، كاشفا أن القوانين الحالية (قانون الإقامة والشغل..) لا تتلاءم مع الظروف الحالية ولا مع المعاهدات الدولية في المجال.

التوترات السياسية تصاعدت في تونس منذ استبعاد لجنة الانتخابات التي عينها سعيد ثلاثة مرشحين بارزين آخرين
التوترات السياسية تصاعدت في تونس منذ استبعاد لجنة الانتخابات التي عينها سعيد ثلاثة مرشحين بارزين آخرين

تظاهر مئات التونسيين في العاصمة، الجمعة، مصعدين احتجاجاتهم ضد الرئيس، قيس سعيد، قبل يومين من الانتخابات الرئاسية التي يقولون إنها دون مصداقية وغير نزيهة استخدم فيها سعيد القضاء وهيئة الانتخابات لإقصاء منافسيه بهدف البقاء في السلطة.

وسار المتظاهرون، الذين رفعوا لافتات كتب عليها "انتخابات مهزلة" و"حريات، لا رئاسة مدى الحياة"، إلى شارع الحبيب بورقيبة انطلاقا من ساحة الباساج.

وقال إبراهيم لطيف وهو مخرج سينمائي اثناء الاحتجاج لرويترز: "هذا الغضب يجب أن يستمر لإيقاف نزيف هذا التراجع الديمقراطي الحاد الذي يهدد الحقوق والحريات".

وتصاعدت التوترات السياسية في تونس منذ أن استبعدت لجنة الانتخابات التي عينها سعيد نفسه ثلاثة مرشحين بارزين آخرين، ولاحقا جرد البرلمان المحكمة الإدارية من سلطة الفصل في النزاعات الانتخابية.

مشهد من احتجاجات الجمعة في تونس

وتأجج غضب المعارضة بعد أن تلقى المرشح الرئاسي، العياشي زمال، ثلاثة أحكام بالسجن بلغ مجموعها 14 عاما.

ويقبع زمال في السجن منذ اعتقاله قبل شهر بتهمة تدليس وثائق انتخابية. وينفي زمال الاتهامات ويقول إنها كيدية لإقصائه من السباق وتقليص حظوظه.

ويواجه سعيد الآن مرشحين اثنين فقط هما زمال وزهير المغزاوي الذي كان حليفا سابقا لسعيد ثم تحول إلى منتقد له.

وردد المتظاهرون شعارات ضد سعيد منها "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"يا سعيد يا دكتاتور حان دورك".

وقال زياد الغناي، أحد المعارضين المشاركين في الاحتجاج لرويترز: "التونسيون غير معتادين على مثل هذه الانتخابات.. في 2011 و2014 و2019 عبروا عن آرائهم بحرية، لكن هذه الانتخابات لا تمنحهم الحق في اختيار مصيرهم".