تونس- مظاهرات- اتحاد الشغل
تشهد تونس انقسامات عميقة منذ قرر سعيد احتكار السلطات في 25 يوليو 2021

تظاهر السبت، آلاف من انصار الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) في محافظة صفاقس، وسط شرق البلاد، وفي مناطق أخرى، تنديدا بتردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي وبـ"استهدافه" من قبل الرئيس قيس سعيّد.

وردد أنصار الاتحاد شعارات من قبيل "يا حكومة صندوق النقد الدولي، الاتحاد دائما قوي" و"تونس ليست للبيع".

كما رفعوا لافتات كتب عليها "لا لغلاء الأسعار وضرب القدرة الشرائية" و"الحرية للأخ أنيس الكعبي" و"لا لرفع الدعم"، وفقا لمراسل فرانس برس.

وحمل بعض المحتجين قطعا من الخبز في إشارة إلى غلاء الأسعار.

وفي موازاة تظاهرة صفاقس، نظم النقابيون احتجاجات في سبع محافظات أخرى على غرار القيروان (وسط) والقصرين (غرب) ونابل (شرق) والمنستير (شرق) وبنزرت (شمال) ومدنين وتوزر (جنوب).

وقال القيادي في الاتحاد عثمان الجلولي في خطاب أمام المتظاهرين إن "الحكومة فشلت في وضع البلاد على سكة الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ونجحت فقط في استهداف الاتحاد".

وتابع "نحن مستهدفون وتحاك ضدنا الملفات...اليوم يعزل كل نقابي لمجرّد التعبير عن رأيه".وشاركت في التظاهرة الأمينة العامة للكونفدرالية الأوروبية للنقابات ايستر لانش التي ألقت كلمة قالت فيها "أتيت هنا لايصال صوت تضامن 45 مليون نقابي ونقابية من أوروبا".

مطلع فبراير، أوقفت السلطات أنيس الكعبي، الكاتب العام "للنقابة الخصوصية للطرقات السيارة"، إثر تنفيذ نقابته إضراباً على الطرق السريعة.وجاء اعتقال النقابي إثر خطاب للرئيس سعيّد اعتبر فيه أن للإضراب "مآرب سياسية".

وتبدأ محاكمة الكعبي في 23 فبراير بتهمة "استغلال وظيفته للإضرار بالإدارة العامّة".

وتفاوض الحكومة التونسية صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بنحو ملياري دولار مقابل تنفيذ اصلاحات ترفع الدعم التدريجي على المواد الأساسية مع إصلاح مؤسسات حكومية، وهو ما يرفضه الاتحاد بشدة.

وتشهد تونس انقسامات عميقة منذ قرر سعيد احتكار السلطات في 25 يوليو 2021.

وأدّت الأزمتان السياسية والمالية في الأشهر الأخيرة إلى نقص في بعض المنتجات الأساسية، كالحليب والسكّر والأرزّ والبنّ، وإلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين بسبب التضخّم المتسارع.

وقال رئيس "جبهة الخلاص الوطني" المعارضة أحمد نجيب الشابي في تصريحات السبت ان التظاهرات النقابية "هي جزء من المقاومة الوطنية وتضاف إلى نشاط الأحزاب"، وأن الأزمة السياسية في البلاد "تستفحل والخناق يشتد على السلطة داخليا وخارجيا".

ونفّذت النقابة الخصوصية للطرقات السيارة إضرابا مطالبة بزيادة الأجور وتحقيق مطالب أخرى.

مزارعون في تونس يجنون محصول زيتون - AFP
مزارعون في تونس يجنون محصول زيتون - AFP

مُحاطا بالحرّاس والعمال والمسؤوليين المحليين والمصورين، ظهر الرئيس قيس سعيد، الخميس الفائت، في "هنشير الشعال" وسط أشجار زيتون فقدت نضارتها بفعل سنوات الجفاف الطويلة التي عاشتها تونس.

لم يتأخر الرئيس سعيد كثيرا في الإفصاح عن أسباب زيارته إلى "هنشير الشعال"بمحافظة صفاقس (جنوب) الذي تصفه تقارير إعلامية بأنه "أكبر غابة زيتون" في إفريقيا، ليقول في مطلع مقطع فيديو نشرته الرئاسة  إن "هناك استياء عميقا من طرف المافيا من الغيث النافع لأن نيتهم كانت التفريط فيه". 

 

وأعادت زيارة الرئيس إلى "هنشير الشعال"، الذي يضم حوالي 400 ألف شجرة زيتون، إلى الواجهة النقاشات حول وضعية ما يعرف محليا بـ"الأراضي الدولية"، المصطلح الذي يطلقه التونسيون على الأراضي التي تمتلكها الدولة.

شبهات وتحقيقات

وعقد الرئيس سعيد، أثناء زيارته إلى "هنشير الشعال"، اجتماعا مع مسؤولين محليين أشار فيه إلى "إهمال طال الأراضي الزراعية والمعدات الفلاحية والآبار وقطعان الأغنام والأبقار"، قائلا "سنواصل حرب تحرير تونس من كل اللوبيات.. دخلنا مرحلة جديدة وكل من استولى على مليم واحد من أموال الشعب سيتحمل مسؤوليته".

ساعات بعد انتهاء زيارة الرئيس، باشر القضاء تحقيقات في شبهات فساد بـ"هنشير الشعال"،  ليتم استدعاء ثم توقيف رجل الأعمال المعروف في قطاع تصدير زيت الزيتون، عبد العزيز المخلوفي، الذي يرأس أيضا النادي الرياضي الصفاقسي، أحد أكبر الأندية الرياضية تونس.

 

ومع استمرار التحقيقات، أمرت النيابة العامة، الأحد، بتوقيف وزير الفلاحة الأسبق، سمير بالطيب، وعدد من معاونيه على خلفية الملف ذاته.

وشغل بالطيب، وهو أستاذ جامعي، منصب وزير الفلاحة في حكومة يوسف الشاهد التي خلفت حكومة الحبيب الصيد عام 2016.

ومع توقيف المخلوفي وبالطيب وعدد من معاونيه، طالب نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي بفتح "جميع" ملفات "الأراضي الدولية" الممتدة في معظم محافظات البلاد.

ما الأراضي الدولية؟

تتكون "الأراضي الدولية" الفلاحية في تونس قرابة 500 ألف هكتار، وهي مساحات متأتية أساسا من  من تصفية الأحباس والأراضي المسترجعة من المعمرين بعد استقلال تونس عن فرنسا ربيع العام 1956.

وللإشراف على هذه المساحات الشاسعة، أنشأت الديوان الوطني للأراضي الفلاحية، وهو مؤسسة حكومية تدير أزيد من 150 ألف هكتار من الأراضي بمختلف مناطق البلاد، تستغل أساسا في مجال غراسة الزّياتين والأشجار المثمرة والزراعات الكبرى والمراعي. 

ويخول القانون للديوان تأجير مساحات زراعية للقطاع الخاص بهدف إقامة استثمارات داخلها في قطاع زراعات الحبوب أو تربية الماشية أو الأشجار المثمرة.

لكن عادة ما تواجه العقود المبرمة بين الطرفين أسئلة على وسائل الإعلام حول قيمتها المالية وشفافية معطياتها وطرق وإدارتها.

 

وبالفعل، تعلن السلطات باستمرار عن استرجاع أراضي وعقارات فلاحية من خواص بسبب تجاوزات قانونية أو إشكاليات إدارية.

وفي تقرير سابق لها، ذكرت صحيفة "الصباح" المحلية أن وزارة أملاك الدولة تمكنت، خلال الفترة الممتدة من 2011 إلى الربع الأول من العام 2021، من استرجاع أكثر من 86 ألف هكتار  من خلال قرارات إخلاء وتنفيذ أحكام قضائية غيرها من الآليات القانونية..

وتستأثر محافظات باجة وسليانة، وهي مناطق متخصصة أساسا في زراعة الحبوب، بالنصيب الأكبر من الأراضي الدولية المسترجعة.