قارب/ غرق/ تعبيرية
نهاية مارس، أعلن الحرس الوطني التونسي انتشال جثث 29 مهاجرا من دول إفريقية بعد غرق ثلاثة قوارب (تعبيرية)

لقي أربعة مهاجرين من إفريقيا، جنوب الصحراء، مصرعهم، وفقد ثلاثة وعشرون، في حادثي غرق الجمعة، والسبت، قبالة سواحل تونس، فيما تم إنقاذ 53 آخرين، وفق ما أفاد متحدث باسم محكمة صفاقس (وسط شرق) وكالة فرانس برس.

بذلك، ترتفع حصيلة حوادث الغرق إلى سبعة منذ بداية مارس، وفق تعداد لفرانس برس.

وأسفرت هذه الحوادث قبالة السواحل التونسية عن مصرع أو فقدان أكثر من مئة شخص.

وبحسب شهادات جمعها القضاء، أبحر 37 مهاجرا "من الساحل حين غرق مركبهم بعد ظهر الجمعة". وأوضح المتحدث فوزي المصمودي أن 17 منهم فقط تم إنقاذهم.

وأورد المتحدث أن القضاء تبلّغ مساء الجمعة بحادث الغرق.

وأضاف المصمودي لوكالة فرانس برس في وقت لاحق أن قاربا آخر غرق صباح السبت، موضحا أنه تم "انتشال أربع جثث من شاطئ في شمال صفاقس وفُقد ثلاثة أشخاص وأنقذ 36". 

وأشار المتحدث إلى أن الحادث الثاني وقع في موقع "أقرب إلى الشاطئ" من الحادث الأول، مؤكدا فتح تحقيق في ملابساتهما. 

ولفت فوزي المصمودي الى أن الهدف هو "العثور على منظمي محاولتي العبور اللتين تمتا على متن قاربين من الألواح الحديد لا يوفران الحد الأدنى من شروط السلامة لكنهما أرخص في التصنيع من تلك الخشبية".

"ارتفاع كبير"

وكانت آخر مأساة قد وقعت في 26 مارس عندما تم انتشال جثث 29 مهاجرا من إفريقيا جنوب الصحراء إثر غرق ثلاثة قوارب قبالة سواحل تونس، في حين تم إنقاذ 11 شخصا.

من جهته، أعلن الحرس الوطني التونسي، الجمعة، أنه أنقذ أو اعترض "14 ألفا و406 أشخاص بينهم 13 ألفا و138 يتحدرون من إفريقيا جنوب الصحراء، والباقون تونسيون"، وذلك خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام. 

ويناهز هذا العدد خمسة أضعاف ما تم إحصاؤه خلال الفترة نفسها من العام 2022.

وقال المتحدث باسم الحرس الوطني حسام جبالي لوكالة فرانس برس إن أرقام 2023 "مرتفعة بشكل كبير بسبب ازدياد عمليات المغادرة".

والغالبية الكبرى من عمليات الاعتراض والإنقاذ هذا العام جرت في محيط صفاقس، ثاني مدن البلاد.

تسجّل تونس التي تبعد بعض سواحلها أقل من 150 كلم من جزيرة لامبيدوسا الايطالية، محاولات هجرة سرية بانتظام.

ومعظم المهاجرين ينحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء ويحاولون الوصول الى إيطاليا.

وازدادت محاولات الهجرة بعد خطاب شديد اللهجة ألقاه الرئيس التونسي قيس سعيّد في 21 فبراير، ندد فيه بوصول "جحافل من المهاجرين غير النظاميين" إلى البلاد من دول إفريقيا جنوب الصحراء، ومعتبرا أنهم مصدر "عنف وجرائم". 

بعد ذلك الخطاب، فقد جزء كبير من نحو 21 ألف مهاجر من إفريقيا جنوب الصحراء مسجلين رسميا في تونس ومعظمهم في وضع غير قانوني، وظائفهم ومساكنهم بين عشية وضحاها، نتيجة لحملة ضد المهاجرين غير النظاميين. 

يصل معظم المهاجرين من جنوب الصحراء إلى تونس ثم يحاولون الهجرة من طريق البحر إلى أوروبا.

ووفق وزارة الداخلية الإيطالية، وصل أكثر من 14 ألف مهاجر إلى إيطاليا منذ بداية العام، مقارنة بأكثر من 5300 خلال الفترة نفسها من العام الماضي، و4300 في عام 2021.

المغرب لا يزال يعاني من آثار زلزال سبتمبر 2023 المدمر
المغرب لا يزال يعاني من آثار زلزال سبتمبر 2023 المدمر

تتزايد الهواجس في بلدان مغاربية من تداعيات تنامي النشاط الزلزالي في البحر الأبيض المتوسط، وهي مخاوف عززها إعلان تركيا عن خطة طوارئ استراتيجية وتمديد اليونان إغلاق المدارس في إجراء احترازي، ردا على التقلبات التكتونية والهزات التي ضربت المنطقة.

وتأثرت أنحاء متفرقة من المغرب بزلزال قوته 5.2 درجة على مقياس ريختر، مساء الاثنين، وذلك قبل أيام من تسجيل منطقة المكناسي بمحافظة سيدي بوزيد وسط غربي تونس لهزتين أرضيتين وصلت إحداها إلى 4.6 درجة بمقياس ريختر.

هذه الزلازل والهزات، أثارت مخاوف بشأن طبيعتها وعلاقتها بالتقلبات التكتونية في البحر الأبيض المتوسط وتداعياتها على الدول المغاربية، بما في ذلك تونس والمغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا.

وتعليقا على هذا الموضوع، قال الخبير الجيولوجي رئيس الجمعية التونسية للإعلام الجغرافي الرقمي، محمد العياري، إن البلدان المغاربية تقع على منطقة نشطة جيولوجيا بسبب تفاعل الصفائح التكتونية الرئيسية وهو ما يجعلها عرضة للزلازل ذات التأثير الكبير.

تصادم الصفيحة الأفريقية والأوراسي

وقال العياري، لموقع "الحرة"، إن المنطقة المغاربية تقع عند إلتقاء الصفيحة الأفريقية بالصفيحة الأوراسية، مبرزا أن الصفيحة الأفريقية تتحرك شمالا بمعدل من 4 إلى 5 مليمتر سنويا، والتصادم بين الصفيحتين مسؤول عن تكوين سلسلة جبال الأطلسي الممتدة من المغرب إلى تونس.

وأضاف أن الفوالق النشطة (شقوق كبيرة داخل الصفيحة) في المنطقة خاصة في المغرب والجزائر كانت مصدرا لزلازل قوية ومدمرة، غير أن هذه الفوالق كانت أقل فاعلية وتأثيرا في تونس وليبيا.

وبخصوص تداعيات النشاط الزلزالي في البحر الأبيض المتوسط، شدد المتحدث على أن البلدان المغاربية تبقى عرضة للهزات الزلزالية فضلا عن التأثر بانعكاساتها الجيولوجية المتمثلة في تغيرات في التضاريس وتشوه دائم في القشرة الأرضية والانهيارات والتشققات الكبرى بها، إلى جانب إحداث تغيرات في الموارد المائية الجوفية والموارد المعدنية.

ولفت إلى أنه بعد ملايين السنين سيختفي البحر الأبيض المتوسط وتلتصق القارة الأفريقية بالقارة الأوروبية نتيجة التصادم المستمر بين الصفائح التكتونية.

وكان بحر إيجه بالقرب من جزيرة سانتوريني اليونانية ومحطيها قد شهد مطلع فبراير عشرات الهزات الأرضية، وسط تحذيرات من إمكانية حدوث تسونامي بالمنطقة.

وامتدت الهزات الأرضية لتشمل بعض البلدان المغاربية، على غرار تونس والمغرب دون تسجيل خسائر بشرية أو مادية.

المغرب أكثر عرضة لخطر الزلازل

واتفق الخبير الجيولوجي المغربي، عبد الهادي والي، مع أراء الجيولوجيين التي تذهب إلى اعتبار المغرب، أكثر البلدان المغاربية عرضة لخطر الزلازل المدمرة.

وقد سبق للمغرب أن شهد زلزالا عنيفا في عام 2023 أوقع نحو 3000 قتيل وأكثر من 5000 مصاب وخسائر مادية سوت مناطق بأكملها بالأرض.

وعن ذلك، قال الوالي، في حديثه لموقع "الحرة"، إن المغرب يقع على خط زلزالي نشيط يمتد من البرتغال مرورا بالمحيط الأطلسي وهو ما يعكس شدة الزلازل التي شهدها هذا البلد المغاربي في الأعوام الماضية خاصة في مدينة مراكش. 

وشدد على أنه في حال حدوث تسونامي ستكون تداعياته خطيرة على البلد أكثر من باقي الدول المغاربية لانفتاحه على المحيط الأطلسي.

وقلّل في المقابل من هواجس الشعوب المغاربية من حدوث تسونامي بالمنطقة، مستبعدا حدوث ذلك.

وقال إن المنطقة المغاربية لم تشهد "منذ آلاف السنين حدوث تسونامي، و ما يحدث في بحر إيجة بين اليونان وتركيا مختلف عن المنطقة المغاربية، لكن مع ذلك يجب توخي الحذر والحيطة".

في السياق ذاته، أكد الأستاذ المتخصص في علم الرسوبيات بالجامعة المغربية الصفروي، بدر، لموقع "الحرة"، أن المناطق الساحلية للدول المغاربية قد تشهد تأثيرات مثل أمواج تسونامي إذا كان الزلزال قويّا وحدث تحت البحر، خاصة في المغرب والجزائر.

وأضاف أن الزلازل التي تضرب منطقة البحر المتوسط يمكن أن تؤثر على المنطقة المغاربية بدرجات متفاوتة، وذلك اعتمادا على موقع الزلزال وقوته وعمقه، بالإضافة إلى العوامل الجيولوجية.

تونس وليبيا وموريتانيا أقل خطرا

وفي ما يتعلق بباقي البلدان المغاربية، أوضح الصفراوي أن تونس أقل عرضة للزلازل مقارنة بالمغرب والجزائر، ولكنها ليست محصنة تماما، مشيرا إلى أن هذه الزلازل في البحر المتوسط قد تسبب اهتزازات خفيفة إلى متوسطة في المناطق الشمالية، خاصة في تونس العاصمة والمناطق المجاورة. 

وبشأن ليبيا، فقد أوضح المتحدث أن لديها نشاط زلزالي أقل نسبيا، ولكن المناطق الشمالية القريبة من البحر المتوسط قد تتأثر بالزلازل القوية في المنطقة، لافتا إلى أن التأثيرات عادة ما تكون محدودة، ولكن قد تشهد بعض المناطق مثل طرابلس وبنغازي اهتزازات خفيفة.

في مقابل ذلك، يرى أن موريتانيا بعيدة نسبيا عن منطقة النشاط الزلزالي في البحر المتوسط، لذا فإن تأثير الزلازل عليها يكون ضئيلا أو معدوما في معظم الحالات.

ويجمع الخبراء على ضرورة متابعة الأوضاع وأخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي أي تداعيات أو خسائر بشرية ومادية تنجم عن حدوث الزلازل في البلدان المغاربية.