قبل ثورة 2011، كان الفوسفات مصدرا للعملة الصعبة التي تضخ في ميزانية تونس، لكن مع الفوضى السياسية التي دخلت فيها البلاد انخفض الإنتاج وانعكس ذلك سلبا على موارد الدولة.
وأعلن الرئيس التونسي، قيس سعيد، ضرورة العودة إلى إنتاج الفوسفات لتمكين اقتصاد بلاده من التعافي من دون اللجوء إلى الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية.
وقال سعيد خلال إشرافه على مجلس الأمن القومي في مقطع فيديو نشرته الرئاسة، ليل الأربعاء الخميس، إن تنشيط إنتاج الفوسفات "يمكن أن يمثل جزءا كبيرا من ميزانية الدولة حتى لا نقترض من الخارج وتتعافى الدولة التونسية والاقتصاد".
تراجع الإنتاج
كان مستوى الإنتاج كبيرا ما قبل فترة 2011، وحتى عام 2010 بلغ الإنتاج 8.2 مليون طن، وهو رقم كبير مقارنة بما ينتج الآن، إذ بحسب أحدث المعلومات المرتبطة بعام 2022 لا يتجاوز الإنتاج أربعة ملايين طن.
وبعد تراجع الإنتاج، قدرت مجموعة "كيميك تونس" الخسائر المتراكمة بين عامي 2012 و2017 بنحو 440 مليون دينار، ما يعادل 183 مليون دولار.
ويقدر خبراء أن تعطل إنتاج الفوسفات تسبب بعجز لافت في الميزان التجاري بلغ نحو 30 في المئة، وفق التقرير.
وحتى عام 2010، تمت معالجة حوالي 85 بالمئة من صخور الفوسفات لإنتاج حمض الفوسفوريك والأسمدة الفوسفاتية. وتم تصدير الـ 15 بالمئة المتبقية من صخور الفوسفات للمعالجة الكيميائية أو كسماد طبيعي.
وقبل خطاب الرئيس التونسي، توقعت شركة فوسفات قفصة (CPG) إنتاج 5.6 مليون طن من الفوسفات في عام 2023، بحسب وكالة الأنباء التونسية.
ورفع الإنتاج إلى 5.6 مليون من 3 ملايين طن المنتجة حاليا يعد تقدما قد يحقق حجم إنتاج شهري يعادل 400000 طن في مختلف الوحدات المنتشرة في مراكز الإنتاج.
وبعد عام من انقطاع العمل بسبب الاعتصامات المتكررة في وحدة يقدر إنتاجها السنوي بنحو 600 ألف طن، بدأ شهر فبراير الماضي استئناف الأنشطة في موقع أم العرايس.
وتعاني تونس من ضعف القدرة على نقل الفوسفات المستخرج وتوجيهه إلى وحدات الإنتاج لمعالجته قبل شحنه إلى مصنعي الأسمدة الكيماوية، لذلك خصصت الشركة التونسية للفوسفات CPG مبلغ 60 مليون دينار فبراير الماضي لشراء معدات وشاحنات جديدة.
إمكانيات تونس
من العوامل الرئيسية التي تعزز صناعة الفوسفات التونسية هي المعرفة المحلية لاستخراج وتحويل الفوسفات التي يعود تاريخها إلى أكثر من 70 عاما، وفق موقع "ناولادج ريدج".
كما تتوفر تونس على احتياطيات ضخمة من الفوسفات تزيد عن 800 مليون طن في الحوض المنجمي النشط في قفصة.
وطورت مجموعة كيميك التونسية (GCT) لتحويل الفوسفات عملية تصنيع حمض الفوسفوريك والسوبر فوسفات الثلاثي (TSP) ، إلى جانب تقنية مناسبة لإزالة الشوائب الخطرة من حمض الفوسفوريك، وهو ما يسمح بإنتاج أكبر في حال عادة وتيرة العمل كما كانت عليه في السابق، وفق التقرير.
قفصة.. منجم الفوسفات الذي يعاني التهميش
تعد منطقة الحوض بولاية قفصة جنوب البلاد مصدر إنتاج الفوسفات بالبلاد، وتتشكل من أربعة مراكز أساسية وهي "المتلوي" و"الرديف" و"أم العرايس" و"المظيلة".
ورغم أن هذه المنطقة هي مصدر الفوسفات الذي تصدره تونس فهي تعيش تهميشا وغالبا ما تشهد احتجاجات على الوضع المعيشي من السكان.
وكانت الاحتجاجات المتكررة في المنطقة المطالبة بالتشغيل من أسباب تراجع الإنتاج بشكل كبير بعد ثورة "الياسمين" في 2011.
وفي 2021، تظاهر المئات في مدينة قفصة للمطالبة بتوفير بنى تحتية ووظائف، ويطالب السكان أيضا بإنشاء مستشفى جامعي وتوفير أطباء اختصاص، لا سيما مع ارتفاع عدد الإصابات بأمراض ناتجة عن التلوث بسبب أنشطة استخراج الفوسفات ومعالجته.
ووعدت السلطات في الأعوام الأخيرة بتوفير آلاف الوظائف في المؤسسات العامة المحلية، وأهمها شركة فوسفاط قفصة والمجمع الكيميائي التونسي التابع لها.
وفقا لمؤسسة الإحصاء التونسي الحكومية ، فإن معدل البطالة في هذه الولاية يصل إلى 28.8 بالمئة.
وتسببت هذه الاحتجاجات والاعتصامات المطالبة بالتشغيل في توقف عمليات استخراج الفوسفات في منطقة الحوض المنجمي، وأدى هذا الوضع إلى تكبد الدولة خسائر مالية هامة ودفعها أيضا في سابقة، إلى اللجوء الى استيراد هذه المادة من الجزائر في العام 2020 لأنها تستخدم كسماد أساسي في الزراعة.