محامون تونسيون في تظاهرة للتنديد بالاعتقالات الأخيرة في تونس
منظمات تقول إن حرية الصحافة تواجه تهديدا خطيرا في ظل حكم سعيد

قال‭‭ ‬‬مسؤولون في 10 منظمات تونسية، السبت، إن الحريات في بلدهم تواجه انتكاسة شديدة وتصاعد في التضييق على النشطاء والسياسيين والصحفيين واستخدام السلطات للقضاء لمعاقبة معارضيها في ظل حكم الرئيس قيس سعيد.

واعتقلت الشرطة هذا الشهر 10 أشخاص، بينهم محامون وناشطون وصحفيون ومسؤولون في منظمات من المجتمع المدني.

ووصفت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش هذه الاعتقالات بأنها "حملة قمع شديدة"، ودعت السلطات إلى وقف الانتهاكات واحترام حق التونسيين في حرية التعبير والحق السياسي وحق المجتمع المدني.

والأسبوع الماضي، اقتحمت الشرطة للمرة الثانية مقر هيئة المحامين واعتقلت محاميين اثنين، في عملية اقتحام وصفتها بعض القوى السياسية بأنها "تصعيد غير مسبوق".

وقالت هيئة المحامين إن أحد المحاميين تعرض للتعذيب أثناء فترة الاعتقال، وهو ما نفته وزارة الداخلية بشدة.

واحتج مئات المحامين ونظموا إضرابا في كامل أرجاء البلاد يوم الخميس.

وخلال الذكرى 47 لتأسيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، دعت 10 منظمات تونسية إلى توحيد الصفوف لمواجهة ما أسمته الهجمة غير المسبوقة على الحريات.

وقال مسؤولون في منظمات من بينها اتحاد الشغل ورابطة حقوق الإنسان وهيئة المحامين ونقابة الصحفيين والنساء الديمقراطيات ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية اليوم السبت، إن التونسيين لن يقبلوا بخسارة حرية التعبير والعمل السياسي الحر والحق في العمل النقابي وعمل الجمعيات.

ولم يتسن الحصول على تعليق من السلطات بخصوص الاتهامات.

لكن سعيد، الذي وصل إلى السلطة بعد انتخابات حرة في عام 2019 ثم حل البرلمان المنتخب بعد ذلك بعامين وانتقل إلى الحكم بمراسيم، يرفض باستمرار الاتهامات بأنه يستأثر وحده بحكم البلاد ويقول إن خطواته تهدف إلى إنهاء سنوات من الفوضى والفساد.

لكن السياسيين والصحفيين والنقابات يقولون إن حرية الصحافة تواجه تهديدا خطيرا في ظل حكم سعيد.

وقال زياد دبار نقيب الصحفيين التونسيين، السبت، "أصبحنا نخشى على المكاسب التي كنا نظن أنها لا رجعة فيها.. في عام واحد لدينا 41 صحفيا يحالون على القضاء.. ولدينا أربعة صحفيين في السجن".

وأضاف "كل كلمة الآن تفتح أبواب السجون. رسالتي للسلطات هي: "لو دامت لغيركم لما آلت إليكم".

تظاهرة منددة بالعنف ضد النساء في تونس ـ صورة أرشيفية

من القتل إلى التحرش مرورا بتصاعد خطاب الكراهية في العالم الافتراضي وعلى أرض الواقع على حد سواء، تواجه المرأة في تونس تحديات ومخاطر جمة، دفعت منظمات وجمعيات حقوقية في البلاد إلى دق ناقوس الخطر.

ففي العام الماضي سجلت البلاد نحو 22 جريمة قتل ضد النساء في مقابل 25 جريمة في عام 2023،بينما أشارت تقارير حقوقية وحكومية إلى أن العنف النفسي هو أكثر انواع العنف المسلط على النساء في تونس.

وقد بلغت نسبته 44.4 % تلتها نسبة العنف اللفظي بـ26.7% ثم العنف الجنسي ب15.6 % والعنف الاقتصادي بـ11.4 % ثم العنف الجسدي بـ5.3 %، وفق تقرير  المركز الحكومي "الكريديف".

في السياق ذاته،  كشف  تقرير لجمعية ""تقاطع من أجل الحقوق والحريات" (حقوقية نسوية) الأربعاء، عن رصد 99 حالة لخطاب كراهية كانت أغلبها موجهة للنساء، وذلك عقب تحليل 181 مقطع فيديو من برامج إعلامية تونسية.

وبيّن التقرير أن خطابات الكراهية تتم  إمّا بشكل مباشر عن طريق فتح نقاش يتعلق بالمرأة أو بشكل غير مباشر عن طريق الثلب والشتم بين الضيوف.

كما تم تصنيف أنماط هذا النوع من الخطاب إلى 50 حالة إهانة للمظهر الخارجي للمرأة، و22 حالة تتمثل في تقديم صورة نمطية عن المرأة و11 حالة تطبيع مع العنف والتحرش، فيما توزع  بحسب جندر أصحاب التصريحات إلى 38 رجلا و18 امرأة.

آثار سلبية

وعن آثار العنف المسلط على النساء، قالت  مديرة برنامج الجندر والأقليات في جمعية "تقاطع من أجل الحريات"، غفران الفريجي،  إن خطاب الكراهية  ينتج آثارا سلبية وتنجم عنه آثار نفسية ضارة تظهر بشكل خاص في الصحة العقلية والعاطفية.

وأوضحت الفريجي، في حديثها لموقع "الحرة"، أن هذا النوع من الخطابات يتسبب في حالات من القلق والاكتئاب والعزلة وقلة الثقة بالنفس.

كما يساهم في تطبيع السلطة الذكورية والأبوية مما يدفع بعض النساء إلى تبنّي هذه الخطابات من أجل نيل الرضا المجتمعي، وفق الفريجي.

وفي ما يتلعق بآثاره الاجتماعية، أكدت أنه يساهم في خلق بيئة غير مرحبة بالنساء ويعزز القوالب النمطية التي تقلل من أدوارهن داخل المجتمع، وهو ما يجعل مشاركتهن في الفضاء العام أكثر صعوبة فضلا عن تقييد حرية النساء في التعبير آرائهن.

وحذرت المتحدثة من تصاعد وتيرة خطاب الكراهية في تونس خلال الأعوام الأخيرة مؤكدة أنه "أدى إلى تطبيع العنف ضد المرأة وجعله جزءا من الخطاب المقبول اجتماعيا".

وتتفق الناشطة الحقوقية النسوية، نايلة الزغلامي، مع الآراء الحقوقية المجمعة على تنامي خطاب الكراهية ضد النساء في تونس.

وأكدت أن تفاقم مثل هذه الظواهر لا يمكن أن يساهم في بناء مجتمع سليم وخال من العنف بل سيزيد في تغذية ثقافة العنف والتسلط.

قتل النساء

"إن تقتيل النساء ظاهرة مفزعة في تونس والفراغ القانوني يُعمق الأزمة ويزيد في معاناة التونسيات" تقول الزغلامي لموقع "الحرة"، في سياق حديثها عن العنف المسلط على النساء.

وأضافت: "لقد نبهنا كجمعيات حقوقية نسوية من خطورة ظاهرة تقتيل النساء وتسجيل جرائم بمنتهى البشاعة في حقهن وطلبنا من السلطات التونسية ضرورة تحمل مسؤولياتها في ما يتعلق باستراتيجية مناهضة العنف ضد المرأة في تونس".

وسجلت تونس خلال العام 2023 نحو 25 حالة تقتيل للنساء مقابل 22 حالة العام الماضي، وفق تقارير نشرتها جمعيات حقوقية نسوية، واستنكرت فيها تنامي العنف ضد المرأة.

وفي هذا الخصوص، ترجع الزغلامي أسباب ارتفاع الجرائم المرتكبة ضد النساء إلى ما اعتبرته عدم تفعيل جانب الحماية في القانون عدد 58 لسنة 2017 والمتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة.

وشددت على المنظمات والجمعيات الحقوقية في تونس، مرت إلى مرحلة جديدة تتمثل في المطالبة بإرساء بروتوكول تكميلي وسن قوانين جديدة تناهض العنف السيبراني وذلك بالنظر إلى أن خطاب الكراهية وغيره يتغذى في منصات التواصل الاجتماعي والمحامل الرقمية.

تعديل التشريعات

من جانبها، قالت غفران الفريجي، مديرة برنامج الجندرة والأقليات في جمعية "تقاطع من أجل الحريات"، إنه استنادا إلى التقرير المتعلق برصد خطاب الكراهية في وسائل الاعلام التونسية ووسائل التواصل الاجتماعي خاصة منها المسلطة ضد النساء، تم التأكيد على جملة من التوصيات.

وأوضحت الفريجي أن من ضمن التوصيات، دعوة الحكومة التونسية إلى تعديل التشريعات وسن قوانين تجرم بشكل واضح وصريح خطاب الكراهية ضد النساء.

كما نصت التوصيات على ضرورة تدريب الجهات الأمنية والقضائية عبر توفير برامج تدريبية متخصصة للقضاة والشرطة حول كيفية التعرف على خطاب الكراهية على الانترنات وجمع الأدلة الرقمية ومتابعة الجرائم الإلكترونية المتعلقة به.

كما طالب الحقوقيون بتجريم خطاب الكراهية والاعتراف به كشكل من أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، ووقف خطاب التحريض ضد منظمات المجتمع المدني.