الزنايدي
الزنايدي يقيم حاليا في باريس (الصورة من حسابه الرسمي على فيسبوك) | Source: social media

 قال مسؤول قضائي لرويترز، إن المحكمة الإدارية التونسية قضت، الخميس، بقبول طعن المرشح البارز المنذر الزنايدي، وإعادته لسباق الانتخابات الرئاسية، المقررة في السادس من أكتوبر، في ثاني حكم من نوعه هذا الأسبوع.

والثلاثاء، قررت المحكمة أيضا إعادة عبد اللطيف المكي للسباق، لتنقض بذلك حتى الآن قرارين لهيئة الانتخابات، التي كانت رفضت ملفات الزنايدي والمكي بدعوى نقص التزكيات.

وقال المتحدث القضائي فيصل بوقرة، لرويترز، إن الحكم "بات ولا يقبل الطعن".

ويقيم الزنايدي، وهو وزير سابق عمل لفترة طويلة مع الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، الذي أطاحت به احتجاجات شعبية حاشدة عام 2011، في باريس.

ويقول إنه يريد "إعادة بناء تونس، وتوحيد كل التونسيين، وإنهاء سنوات الانقسام والتفرقة التي زرعها (الرئيس قيس) سعيد".

ويعول الزنايدي على أصوات الغاضبين من حكم سعيد في السنوات الماضية، كما يأمل في جذب أصوات أنصار النظام السابق الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه "خزان انتخابي كبير"، خاصة بعد رفض ملف ترشح عبير موسي، زعيمة الحزب الدستوري الحر، أحد الأحزاب الكبرى التي لديها شعبية واسعة.

ويضيف قرار المحكمة الزنايدي إلى قائمة المرشحين المقبولين، التي تضم الرئيس الحالي سعيد، والسياسيين العياشي زمال وزهير المغزاوي وعبد اللطيف المكي.

وتتهم المعارضة التونسية، السلطات باستخدام "القيود التعسفية والترهيب، بهدف ضمان فوز سهل لسعيد".

ويقولون إن هيئة الانتخابات "ليست محايدة" وسعت إلى إقصاء جميع المنافسين الجادين لتمهيد الطريق لفوز سعيد، فيما تنفي الهيئة هذه الاتهامات.

وقال سعيد، الذي حل البرلمان وسيطر على جميع السلطات في عام 2021، في خطوة وصفتها المعارضة بأنها "انقلاب"، العام الماضي إنه "لن يسلم البلاد" لمن سماهم بـ"غير الوطنيين".

أنصار للرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد الذي أظهر استطلاع رأي أنه فاز وسط تشكيك منافسيه
أنصار للرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد الذي أظهر استطلاع رأي أنه فاز وسط تشكيك منافسيه

رغم الشكوك في نتائجها وانخفاض نسبة المشاركة فيها، يبدو أن تونس طوت صفحة الانتخابات الرئاسية بعد أن فاز الرئيس المنتهية ولايته، قيس سعيد، وسيبدأ حقبة جديدة تستمر 5 سنوات، ما يطرح تساؤلات بشأن ما إذا كانت تونس ستشهد انفراجات واضحة أم مزيدا من "القمع" للحريات السياسية والمدنية، كما يقول معارضون.

وصرّح سعيد عقب انتهاء التصويت خلال جولة بين أنصاره في مقر حملته الانتخابية، أن فوزه يعني "مواصلة معركة التحرير ورفع التحدي تلو التحدي، والعمل على تطهير البلاد من الفساد والمفسدين". 

وأضاف أن "سيادة الدولة بشعبها، وهي فوق كل اعتبار"، مشددا على ضرورة انتظار النتائج التي ستعلنها الهيئة المستقلة للانتخابات.

وأفاد التلفزيون الرسمي التونسي بأن استطلاعًا للرأي أظهر فوز سعيد بنسبة 89.2 في المئة من الأصوات، في انتخابات بلغت نسبة المشاركة فيها، وفقًا للهيئة العليا للانتخابات، 27.7 في المئة.

وتعد هذه النسبة أقل بكثير من نسبة المشاركة التي شهدتها جولة إعادة الانتخابات الرئاسية عام 2019، التي بلغت 55 في المئة.

5 أعوام من "الاستقرار"

وعن رأيه بشأن أهم الملامح الجديدة للمرحلة المقبلة في تونس، قال الباحث الأكاديمي التونسي، حسان القبي، في حديثه مع موقع "الحرة": "أعتقد أننا سنسير نحو الاستقرار الأمني والسياسي بعيدًا عن عبثية (العشرية السوداء)، إضافة إلى استمرار سعيد في القيام بواجباته، وهو أمر مهم للتنمية الاقتصادية، بالرغم من الأجواء العالمية والجيوسياسية الصعبة".

وأضاف: "تونس مرت بسلام خلال السنوات الخمس الأخيرة، إذ واجهت العديد من التحديات الاقتصادية، لكنها واصلت تسديد ديونها دون أن تتخلف عنها".

وفي نفس السياق، أكد أحمد ركروكي، القيادي في حراك "25 جويلية" المؤيد لسعيد، في حديث سابق لموقع "الحرة"، أن "اختيار الشعب للرئيس الحالي مرده إلى قيادته لـ(ثورة 25 جويلية)، رافعًا شعار لا رجوع إلى الوراء، وشعار تأسيس وطن عادل للجميع، يتساوى فيه الناس في الحقوق والواجبات".

وتابع: "سعيد قد قطع مع السياسات الماضية، ونحن نعلم أن في تونس هناك 20 أو 25 عائلة تتحكم في اقتصاد البلاد بكل ما يمثلونه من فساد واستيلاء على أموال الشعب، وبالتالي فإن الرئيس ضرب يد الفساد، وساهم في إرجاع الأموال إلى خزائن الوطن".

واستطرد ركروكي بالقول إن "سعيّد رفض الانصياع والذهاب إلى صندوق النقد الدولي، وهو الآن في طور بناء دولة وطنية وإنشاء اقتصاد وطني، وقد تحالف مع من يستطيع أن يقدم الإضافة لبلادنا، وبالتالي نحن سنسانده لأنه يحافظ على العهد الوطني الشعبي الرامي إلى إيجاد وطن سعيد".

"الصالح الوحيد"

وبعد مرور 5 سنوات من الحكم، لا يزال سعيد يتعرض لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس كثيرا من الجهد والوقت لـ"تصفية الحسابات مع خصومه"، وخصوصًا حزب النهضة الإسلامي المحافظ، الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر التي أعقبت الإطاحة بالرئيس الراحل، زين العابدين بن علي، عام 2011، حسب وكالة فرانس برس.

وفي هذا السياق، قال الناشط السياسي، القيادي في حركة "مواطنون ضد الانقلاب"، أحمد الغيلو في، في حديثه إلى موقع "الحرة"، إنه مع "استمرار سعيد في الحكم لمدة 5 أعوام أخرى، فإن تونس ستشهد مزيدا من القمع، لأن الأخير يعتقد أنه الوحيد الصالح في هذه البلاد والبقية هم الفاسدون".

التوترات السياسية تصاعدت في تونس منذ استبعاد لجنة الانتخابات التي عينها سعيد ثلاثة مرشحين بارزين آخرين
احتجاجات معارضة لسعيّد قبل يومين من انتخابات الرئاسة التونسية
تظاهر مئات التونسيين في العاصمة، الجمعة، مصعدين احتجاجاتهم ضد الرئيس، قيس سعيد، قبل يومين من الانتخابات الرئاسية التي يقولون إنها دون مصداقية وغير نزيهة استخدم فيها سعيد القضاء وهيئة الانتخابات لإقصاء منافسيه بهدف البقاء في السلطة.

وأشار الغيلوفي في لقاء سابق مع قناة "الحرة"، إلى أن "سعيد الذي يزعم أن الأعوام التي سبقت سيطرته على مقاليد الحكم كانت فاسدة، يجعلنا نتساءل كيف تم انتخابه لأول مرة سنة 2019 في ظل نظام فاسد؟".

وعن إمكانية انفراجات في العهدة الرئاسية الثانية لسعيد، أجاب القبي: "الحوار مع من؟.. لا أظن أنه بالإمكان إقامته مع أحزاب وأطراف فاسدة".

ويتفق الغيلوفي مع ذلك، موضحًا: "هو (سعيد) لن يتحاور مع أحد، سواء الأحزاب أو المنظمات، لأنه يعتبرهم أسباب التخلف والفساد، ولأن مشروعه الشعبوي يقوم على إلغاء كل الأجسام السياسية والاجتماعية الفاعلة".

وزاد: "هو لم يقم بحوار وطني قبل أن يستتب له الأمر فما بالكم بعد انتخابه مرة أخرى".

وختم بالقول: "سيقدم للأوروبيين الخدمات التي يطلبونها وأهمها حراسة الحدود الجنوبية للقارة العجوز، وسوف يقدم للغرب ما يطلبونه وهو عدم إدخال الروس والصينيين إلى تونس، مقابل بعض القروض والسكوت على الانتهاكات الحقوقية"، على حد قوله.