من مظاهرة المعارضة التونسية في ذكرى ثورة 14 يناير
من مظاهرة المعارضة التونسية في ذكرى ثورة 14 يناير

تظاهر العشرات من قوى المعارضة الثلاثاء في تونس العاصمة للمطالبة بالإفراج عن سياسيين معارضين مسجنوين، تزامنا مع الذكرى14 لثورة 2011 التي أسقطت نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

ونظمت المظاهرات بعد دعوات من "جبهة الخلاص الوطني"، الائتلاف المعارض لحكم الرئيس قيس سعيد والذي يضم أحزابا سياسية بينها النهضة.

وردد المتظاهرون "حريات يا قضاء التعليمات" وشعارات تشدد على "الوفاء لضحايا الثورة"، رافعين صور السياسيين الموقوفين.

وبدأت التعبئة للمظاهرات بنداءات تحت شعارات "الثورة جاية جاية (آتية) والظالم ليه نهاية " و"14 عام بعد الثورة لا شغل لا حرية لا كرامة وطنية" و "لا بدّ للقيد أن ينكسر"، وفق ما ورد في بلاغات الشبكة التونسية للحقوق والحريات (تضم أحزاب وجمعيات ومنظمات).

وتأتي هذه الاحتجاجات في ظرف تواجه فيه البلاد أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة عمقتها الأزمة السياسية التي اشتدت عقب إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن الاجراءات الاستثنائية في 25 يوليو 2021.

"مربع الاستبداد"

وعن دوافع الاحتجاج في ذكرى الثورة، يقول عضو الشبكة التونسية للحقوق والحريات، حسام الحامي لـ "الحرة"، إن النظام الحالي "عاد بالتونسيين إلى مربع الاستبداد الذي تخلصوا منه بسقوط نظام بن علي، من خلال التضييق على الحريات وتصاعد وتيرة الملاحقات القضائية في حق السياسيين والحقوقيين والصحفيين ونشطاء المجتمع المدني، فضلا عن تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بالبلاد".

ويضيف الحامي أن التحرك الاحتجاجي هذا العام "يأتي مواصلة لما دأبت عليه الأحزاب والجمعيات والمنظمات الحقوقية في الدفاع عن تونس ديمقراطية ومدنية واجتماعية واستمرارا في رفع الشعارات التي أتت بها الثورة من شغل وحرية وكرامة وطنية".

وبخصوص الوضع العام في تونس، ينتقد المتحدث ما اعتبرها "مغالطات يمارسها النظام في حق التونسيين بإيهامهم بمحاربة الفساد والنهوض بالبلاد اجتماعيا واقتصاديا"، مؤكدا أن "الفساد استشرى مع السلطة الحالية كما تراجعت المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية بشكل كبير وتدهورت الأوضاع المعيشية للتونسيين".

وفي مقابل الانتقادات الحقوقية لحملة الاعتقالات التي تشنها السلطات التونسية منذ مطلع العام 2023 وطالت شخصيات سياسية وحقوقية ورجال أعمال، اتهم الرئيس التونسي قيس سعيد في مناسبات عديدة أطرافا لم يسمّها بالوقوف وراء محاولة "تأجيج الأوضاع في البلاد والتآمر على أمنها"، مشددا على أن "حرية التعبير مضمونة بالدستور".

كما سبق للرئيس سعيد أن أعلن في ديسمبر 2021 عن تغيير تاريخ الاحتفال بذكرى ثورة 2011 من 14 يناير إلى 17 ديسمبر من كل سنة معتبرا أن التاريخ الأول "غير ملائم".

 

من جانب آخر، تبرز آراء تقول إن الحراك الاحتجاجي الذي تقوده المعارضة تزامنا مع الذكرى 14 للثورة التونسية "لن يجد صداه لدى السلطة"، وهو ما يتفق معه المحلل السياسي محمد ذويب الذي يؤكد لموقع "الحرة" بأن "لا تأثير لهذه الاحتجاجات على توجهات النظام في المرحلة المقبلة".

"خطاب كلاسيكي"

ويعتبر ذويب أن "غياب المعارضة في تونس عن الشارع منذ فترة طويلة إضافة إلى انتهاجها خطابا كلاسيكيا يكتسي طابعا حقوقيا جعلها تفقد تأثيرها على الحشد والتعبئة"، لافتا إلى أنها "قدمت أقصى ما بوسعها في المسيرات الاحتجاجية المناهضة للنظام والتي انتظمت خلال الأشهر الأولى من إعلان الرئيس سعيد عن إجراءات 25 يوليو 2021".

ويقرّ في السياق ذاته بأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس "صعبة"، مشددا على أن الصراع السياسي في البلاد "لم يعد قائما على البرامج والتصورات من أجل النهوض بالبلاد، بل اقتصر على الجانب الحقوقي الذي لا يعد أولوية لدى السواد الأعظم من التونسيين"، وفقه.

وكان الرئيس قيس سعيد قد شدد أواخر ديسمبر المنقضي على أهمية "الوحدة الوطنية" وذلك في سياق حديثه عن التحديات التي تواجه تونس عام 2025، قبل أن تشرع الرئاسة التونسية منذ أسابيع في إجراء اتصالات غير معلنة بعدد من الشخصيات السياسية وممثلين عن أحزاب ومنظمات مدنية وحقوقية، ترتيبا لإجراء حوار وطني في مارس المقبل، وذلك وفق ما أعلنته مصادر خاصة لـ"الحرة".

وفي سياق متصل، وبشأن مدى تأثير التحركات الاحتجاجية على السلطة التي تتأهب لإجراء حوار وطني، يرى المحلل السياسي مراد علالة أنه "يصعب التكهن بشأن مساهمتها في توسيع دائرة هذا الحوار لتشمل كل الأطراف الفاعلة في المشهد العام في البلاد".

مصلحة تونس

ويقول علالة لموقع "الحرة" إن "المصلحة تقتضي أن تأخذ السلطة التحرك الاحتجاجي الذي تقوم به المعارضة بعين الاعتبار لأنه يعكس حيوية ونشاط المجتمع المدني والسياسي وهو أمر إيجابي"، فضلا عن "الاعتراف باللحظة التاريخية المفصلية التي تمثلت في سقوط النظام السابق ومجيء أنظمة جديدة من بينها نظام الرئيس سعيد".

نفى الرئيس التونسي التضييق على ترشح منافسيه في الانتخابات المقبلة - صورة أرشيفية.
بعد "فوز" قيس سعيد.. ماذا تعني نتائج الانتخابات الرئاسية التونسية؟
أظهرت النتائج التقديرية لسبر آراء قدمته مؤسسة "سيغما كونساي"، مساء الأحد، فوز الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية التونسية، بنسبة تخطت 89 بالمئة متقدما على منافسيه، العياشي زمال (6.9 بالمئة) وزهير المغزاوي (3.9 بالمئة).

كما يشدد على أن "مصلحة تونس تقتتضي أيضا أن يكون هناك نوع من الانفتاح وعودة لتكريس الشراكة في هذا الوطن من خلال حوار وطني مفتوح يختلف عن الحوارات السابقة يؤدي إلى انفراج في المجال السياسي ويعيد التواصل مع الأطراف والمنظمات الاجتماعية الوازنة في البلاد".

ويعتبر علالة أن "المقاربة الأحادية في إدارة الشأن العام بالبلاد لم تُجدِ نفعا في المرحلة الماضية"، داعيا إلى ما قال إنه ضرورة استخلاص الدورس والاستفادة من أخطاء الماضي والتأسيس للمستقبل يخرج البلاد من أزمتها الشاملة.

يشار إلى أن الحوار السياسي المرتقب "سيستثني حزب النهضة الإسلامي وعددا من القوى والشخصيات الداعمة له، مثل جبهة الخلاص الوطني المعارضة التي يقودها أحمد نجيب الشابي" وفق ما كشفت عنه سابقا مصادر لـ"الحرة".

وصل الغنوشي محاطا بأنصاره إلى مقر التحقيق ودخله وسط هتافاتهم
رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي حكم عليه بالسجن 22 سنة في قضية "إنستالينغو"

قضت الدائرة الجنائية 2 بالمحكمة الابتدائية بتونس، الأربعاء، بأحكام تتراوح بين 5 سنوات و35 سنة سجنا وخطايا مالية في حق المتهمين في قضية ما يعرف إعلاميا بـ "إنستالينغو" وعلى رأسهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وعدد من الوجوه السياسية والإعللامية.

وقال عضو هيئة الدفاع عن المتهمين، أمين بوكر، لموقع "الحرة"، إن المحكمة قضت حضوريا في حق المدون سليم الجبالي بـ 12 سنة سجنا والصحفية شذى الحاج مبارك بـ 5 سنوات سجنا والمدون أشرف بربوش بـ 6 سنوات سجنا. 

كما قضت نفس الدائرة غيابيا في حق الصحفية شهرزاد عكاشة بـ27 سنة سجنا ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي 22 سنة سجنا مع خطية مالية قدرها 80 ألف دينار (نحو 27 ألف دولار).

وبحسب ذات المصدر فقد قضت الدائرة المتعهدة بقضية "انستالينغو" بسجن الناطق الرسمي السابق لوزارة الداخلية محمد علي العروي بالسجن 16 عاما أما القيادي الأمني السابق لزهر لونقو فقد حكم عليها بـ15 سنة سجنا.

في السياق ذاته، أكد المحامي أمين بوكر، أن القيادي بحركة النهضة رفيق عبد السلام حكم عليه غيابيا بـ 35 سنة سجنا كما صدر نفس الحكم على معاذ الغنوشي نجل راشد الغنوشي فيما قضت المحكمة بالسجن 25 سنة سجنا في حق سمية الغنوشي، ابنة رشاد الغنوشي.

كما قضت المحكمة الابتدائية بتونس بالسجن 35 سنة في حق رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي و13 سجنا في حق القيادي بحزب حركة النهضة السيد الفرجاني.

وبخصوص المتهمين في قضية "إنستالينغو" قال المحامي أمين بوكر إن العدد الإجمالي للمتهمين في هذه القضية يناهز 40 شخصا، من ضمنهم مدونين وصحافيين وموظفين رسميين ورجال أعمال.

"أحكام قاسية"

وفي تعليقه على الأحكام الصادرة في حق المتهمين، قال بوكر في حديث مع "الحرة" إنها "أحكام قاسية" وجاءت بعد نحو 17 ساعة من المرافعة التي انطلقت أمس الثلاثاء، بالدائرة الجنائية 2 بالمحكمة الابتدائية بتونس.

وشدد على ما وصفها بـ "عوامل خارجية" كانت وراء إصدار أحكام بهذه الشدة والقسوة، لافتا إلى أن هيئة الدفاع ستجتمع في الأيام القادمة لتقرر الخطوات القادمة بخصوص هذه القضية.

وقال إن هيئة الدفاع ستدرس كل الخيارات بما في ذلك تقديم مطلب استئناف للأحكام الصادرة أو مقاطعة الحضور أمام المحاكم التونسية.

وتعود قضية "إنستالينغو" إلى سبتمبر 2021 حيث داهمت الشرطة مقر الشركة في محافظة سوسة وهي شركة مختصة في صناعة المحتوى والاتصال الرقمي، وتوظف صحفيين وتقيين وإداريين، لمؤسسها المتواجد خارج البلاد والمشمول بالأبحاث من ضمن القائمة التي تضم 37 متهما منهم من هو بحالة سراح وآخرون بحالة فرار ونحو 10 متهمين مودعين بالسجن.

وكانت النيابة العمومية قد أذنت آنذاك بفتح بحث تحقيقي ضد المتهمين، وذلك من أجل "ارتكاب جرائم تتعلق بغسل الأموال في إطار وفاق"، و"استغلال التسهيلات التي خوّلتها خصائص الوظيفة والنشاط المهني والاجتماعي"، و"الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة، وحمل السكان على مواجهة بعضهم بعضا".

كما وجهت للملاحقين في الالقضية تهم "إثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي"، و"ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة"، و"الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، وذلك بمحاولة المس من سلامة التراب التونسي"، حسب القانون المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.