انضم حزب حركة الشعب مؤخرا إلى ركب الأحزاب المعارضة لنظام الرئيس التونسي قيس سعيد، إذ ندد بسياسات السلطة وانفرادها بالحكم وسوء إدارتها للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وكغيرها من الأحزاب السياسية التي دعمت مسار 25 يوليو الذي أعلن عنه سعيد عام 2021، تجمع حركة الشعب على تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية واستمرار الأزمة السياسية وسط تزايد الضغوط لإجراء حوار وطني شامل ينقذ البلاد من أزمتها.
ويطرح انتقال الأحزاب في تونس من الموالاة للنظام إلى معارضته، أسئلة بشأن دوافع هذه الخطوة وتأثيرها في تعميق هوة الفرقة مع السلطة وتداعياتها المحتملة على هذا البلد المغاربي.
في هذا الصدد، أرجع عضو المكتب السياسي لحزب حركة الشعب، أسامة عويدات، في حديثه لموقع "الحرة"، أسباب اصطفاف الحزب مع المعارضة في تونس إلى عدم الرضا عما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، نتيجة السياسات الخاطئة التي اعتمدتها حكومات ما بعد 25 يوليو 2021.
"استنساخ الفشل"
وفي تقييمه لسياسة السلطة في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في تونس، رأى عويدات أن السلطة أعادت استنساخ تجارب الفشل السابقة التي عصفت بحكومات ما قبل 25 يوليو، وذلك في غياب تام لرؤيا واضحة وتصوارات جديدة تحسن الأوضاع في البلاد.
وأوضح في هذا السياق أن الاعتماد على شعارات دون تصورات وبرامج تحققها واستمرار الاعتماد على الاقتراض وعدم خلق موارد اضافية للمالية العمومية وعدم توجيه القسط الأكبر من الموارد لخلق الثروة والتركيز على الضرائب، كلها عوامل أدت إلى تراجع حاد في المقدرة الشرائية للمواطنين وزادت في تعكير الوضع الاجتماع.
وكانت حركة الشعب أكدت في ختام ندوتها السنوية التي انعقدت أواسط فبراير الجاري أن "الانفراد بكل السلط والإصرار على إقصاء الأجسام الوسيطة والارتباك الواضح في تعيين كبار المسؤولين في الدولة وتغييرهم بسرعة غير مبررة، لا يمكن أن يؤسس خيارات وطنية واضحة المعالم ولا أن يبني اقتصادا وطنيا منتجا صلبا".
وفي 10 فبراير 2025، أحصى تقرير المرصد التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (غير حكومي) 386 تحرّكا احتجاجيا خلال يناير هذا العام، مقابل 137 تحرّكا خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، واصفا، هذا المنحى بـ"التصاعدي" منذ الربع الأخير للعام الماضي الذي عرف ارتفاعا في حصيلة الحراك الاجتماعي.
وفي هذا الخصوص، يعتبر أسامة عويدات أن سوء إدارة المرحلة الحالية هو ما يولّد "غضبا اجتماعيا عارما" لذلك تركز حركة الشعب على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي لأنها تعد من أوكد اهتمامات الشعب التونسي.
حوار وطني بشروط
ورغم تزايد الضغوط السياسية في تونس من قبل الأحزاب الموالية والمعارضة لعقد حوار وطني يخرج البلاد من أزمتها، فإن سعيد تمسك برفض هذه الخطوة بذريعة أن الحوار "لا يكون مع من سرقوا البلاد ونهبوها" وذلك بعد فترة من دعوته إلى "وحدة وطنية صماء" لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية تشهدها البلاد.
وفي تعليقه على موقف سعيد، قال عويدات "إن الرئيس مهما بلغت عبقريته ليس قادرا على إدارة البلاد لوحده، وما نلاحظه هو أنه يسعى إلى معالجة كل الملفات بنفسه في غياب منهج وتصور واضح".
وتابع أن تونس في حاجة أكيدة إلى حوار وطني شامل يؤدي إلى صياغة برنامج جامع لكل التونسيين وقادر على إخراج البلاد من أزمتها.
وأشار إلى أن من شروط هذا الحوار أن لا يكون على شاكلة ما سبقه من توزيع مواقع بل يكون لخلق رؤية تتلخّص في برنامج يتجه مباشرة نحو تحقيق أهداف التونسيين و انتظاراتهم، فمن غير المعقول ان تواصل الدولة بنفس الخيارات التي اعتمدتها حكومات سابقة أثبتت فشلها.
ولفت عضو المكتب السياسي لحزب حركة الشعب إلى أنه لا يمكن الحديث عن حوار وطني فعّال في ظل وجود المرسوم 54 الذي قاد إلى سجن صحفيين وسياسيين ومواطنين بسبب التعبير عن آرائهم لذلك تطالب حركة الشعب بإلغاء هذا المرسوم.
إلغاء المرسوم 54
تشير تقارير سابقة لنقابة الصحفيين التونسيين إلى أن عدد الإحالات على معنى المرسوم 54 المتعلق بمكافحة الجرائم السيبرانية في حق الصحفيين والإعلاميين في تونس بلغ 24 إحالة، منها 21 تتبعا أثارته جهات رسمية، 7 منها من طرف النيابة العمومية، إضافة إلى 5 عقوبات سالبة للحرية.
وفي هذا السياق، أكد عويدات أن هذا المرسوم يواجه موجة رفض واسعة في تونس، لذلك طالبت حركة الشعب بإلغائه كما سعت عبر نوابها في البرلمان إلى تقديم مقترحات لتعديله لأنه كان أداة لتكميم الأفواه والحد من الحريات في البلاد.
وشدد على أن من مكاسب ما بعد ثورة2011 حرية التعبير لذلك لا يجب تقييدها بمرسوم مخالف للدستور ويضرب الحريات
وبخصوص إطلاق القضاء التونسي أواسط الأسبوع الماضي لسراح بعض السجناء من ضمنهم الصحفي محمد بوغلاب، أكد المتحدث حاجة البلاد إلى مناخ من الحقوق والحريات يضمن التعددية السياسية ويعيد للمنظمات والجمعيات دورها في دعم الانتقال الديمقراطي الذي سعت إليه تونس بعد الثورة
الخروج من الأزمة
وللخروج من "حالة الانسداد السياسي والاقتصادي والاجتماعي"، رأى المتحدث ضرورة إرساء المحكمة الدستورية وإلغاء المرسوم 54 والعمل على الترفيع في موارد الدولة والاستثمار في ثروات البلاد.
وذكر أن الأمين العام لحركة الشعب، زهير المغزاوي، قدم خلال برنامجه للانتخابات الرئاسية السابقة جملة من البدائل لمواجهة "الخيارات الفاشلة للسلطة" من ضمنها خطط تهدف إلى تحقيق أهداف ثلاث وهي السيادة الغذائية والطاقية والدوائية.
وعلى امتداد نحو ثلاث سنوات ونصف على إعلانه مسار 25 يوليو عين الرئيس التونسي قيس سعيد 3 رؤساء حكومات كما أجرى في ثلاث مناسبات تحويرا وزاريا في تركيبة هذه الحكومات في خطوات فسرها المهتمون بالشأن السياسي بأنها تعكس "فشلا" في الاستجابة لتطلعات التونسيين.