مهاجرون غير نظاميين عالقون بمنصة نفطية قبالة السواحل التونسية
مهاجرون غير نظاميين عالقون بمنصة نفطية قبالة السواحل التونسية

أكدت منظمة "سي ووتش" الخيرية، الثلاثاء، أن سفينة أنقذت أكثر من 30 مهاجرًا غير نظامي، بينهم طفلان، كانوا عالقين من ثلاثة أيام على منصة نفط في عرض البحر قبالة سواحل تونس.

وفي بيان، أفادت المنظمة أن السفينة "أورورا التابعة لمنظمة سي ووتش غادرت جزيرة لامبيدوزا الإيطالية صباح الثلاثاء وقد أصبحوا بأمان بمساعدة الطاقم".

وكانت طائرة استطلاع تابعة لها قد رصدت السبت، المهاجرين على منصة النفط "ميسكار" التونسية وكان هناك قارب مطاطي فارغ يطفو بالقرب منها.

وأوضحت منظمة " سي ووتش" في بيان بأن المهاجرين "تركوا معرضين للبرد ودون رعاية لمدة أربعة أيام بعد أن غرق القارب الذي يستخدمونه للهروب من ليبيا".

بدورها، قالت ألارم فون، وهي جماعة تقدم المساعدة للمهاجرين عبر البحر، إنها تحدثت إلى المهاجرين، الأحد، وأُبلغت بوفاة أحدهم ومعاناة آخرين من المرض.

وطالبت منظمات حقوقية تونسية الثلاثاء، سلطات كل من تونس وإيطاليا ومالطا بالتدخل السريع لإنقاذ الأشخاص الذين يواجهون الخطر، لافتة إلى أنه رغم توجيه تحذيرات إلا أنه "لا يبدو أنه هناك أي خطة للإنقاذ". 

ويثير تأخر عمليات الإغاثة بالبحر الأبيض المتوسط جدلا بشأن أسبابها وتداعياتها على حياة المهاجرين غير النظاميين بالمنطقة.

"استهتار بالأرواح"

تعليقا على هذا الموضوع، رأى رئيس جمعية "الأرض للجميع"، عماد السلطاني، أن تأخر عملية إنقاذ المهاجرين العالقين بالمنصة النفطية يعكس استهتار سلطات دول المتوسط بالأرواح البشرية وعدم الرغبة في تقديم المساعدة.

وقال السلطاني لموقع "الحرة" إن المهاجرين المهددين بالهلاك لجأوا إلى منطقة تتداخل فيها المسؤوليات بين تونس وإيطاليا ومالطا، وأنه جرى التنسيق مع السلطات الإيطالية للقيام بعملية الإنقاذ لكنها رفضت التدخل وحملت المسؤولية لأطراف ليبية.

وأضاف أن عمليات التدخل والتنسيق في المناطق البحرية المشتركة بين تونس ومالطا وإيطاليا عادة ما تكون ناجعة وسريعة إذا تعلّق الأمر باعتراض مراكب المهاجرين وصدهم، لكنها تتباطأ لإنقاذ الأرواح المهددة بالخطر.

وقد تجاوز عدد القتلى والمفقودين في عام 2024 جراء هجرات غير نظامية، 2200 شخص، وفقد ما يقرب من 1700 شخص أرواحهم على طريق وسط البحر الأبيض المتوسط، وفق ما صرح به مسؤولون في مكتب اليونيسف الإقليمي لأوروبا وآسيا الوسطى.

وفي ذلك، يرى السلطاني أن سلطات دول البحر الأبيض المتوسط ومن ضمنها تونس، تتحمل المسؤولية في المآسي التي تسجلها عمليات الهجرة غير النظامية في البحر.

وشدد أنها تمتلك الآليات اللوجيستية، من بينها السفن والرادارات، وتستوجب استخدامها في عمليات انقاذ الأرواح كما يتم استخدامها في عمليات الاعتراض وصدّ المهاجرين.

ويحصي التقرير السنوي للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة رقابية غير حكومية) أن نحو 1313 مهاجرا لقوا مصرعهم أو فقدوا قبالة السواحل الإيطالية خلال العام 2023. 

ويرتفع هذا العدد وفق المنظمة الدولية للهجرة إلى 2498 شخصا في نفس العام.

الأولوية للمنع لا للإغاثة

وقال الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، إن أولويات حكومات الدول المتوسطية هي منع اجتياز المهاجرين غير النظاميين إلى الضفة الشمالية وتخصص لذلك كل الإمكانيات اللوجيستية والتقنية والبشرية.

وأضاف بن عمر، في حديثه لموقع "الحرة"، أن منطقة البحر الأبيض المتوسط هي أكثر الأماكن مراقبة خاصة من قبل دول الاتحاد الأوروبي التي تقوم بنشر وحداتها البحرية والجوية عبر وكالة حماية السواحل فضلا عن انتشار القطع البحرية والجوية التي تنتمي للدول الأعضاء مما يمكنها مراقبة كاملة لعمليات منع الاجتياز.

وبخصوص جهود الإنقاذ، برز المتحدث أن عمليات المراقبة والتنسيق التي يتقاسمها الجانب الأوربي بشكل مباشر وغير مباشر مع السلطات التونسية والليبية من أجل التصدي للمهاجرين لا تكون بنفس الفاعلية عند عمليات الإنقاذ، إذ تسعى الدول الأوروبية إلى وضع العراقيل ضد المنظمات الإغاثية من أجل منع قيامها بعمليات الإنقاذ.

وشدد أن "هذه الدول تحاول دائما أن تتفصّى من المسؤولية عند وقوع الكوارث والأزمات في البحر الأبيض المتوسط"، لافتا إلى أن حادثة علق مركب المهاجرين بمصفاة " ميسكار" بيّنت تخلي كل طرف عن مسؤوليته في حين قامت المنظمات الإنسانية بعملية الإغاثة.

وختم رمضان بن عمر بالقول إن أولوية دول حوض المتوسط هي منع المهاجرين من العبور وإعادتهم لمناطق انطلاقهم، لذلك نحملهم المسؤولية الأخلاقية والقانونية والسياسية على كل المآسي، فما يحدث هو عقاب مضاعف على المهاجرين بوضعه بين خيارين إما العودة أو الموت".

يشار إلى أن رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، قد كثفت زياراتها إلى تونس وبدرجة أقل ليبيا خلال العامين الأخيرين وذلك لبحث سبل مكافحة الهجرة غير النظامية.

احتجاجات أمام  المحكمة الإبتدائية بتونس تزامنا مع انطلاق جلسات  محاكمة المعتقلين السياسيين
احتجاجات أمام المحكمة الإبتدائية بتونس تزامنا مع انطلاق جلسات محاكمة المعتقلين السياسيين

تزامنا مع انطلاق الجلسة الثانية لمحاكمة المتهمين في قضية "التآمر على أمن الدولة"، نفذ أنصار جبهة الخلاص الوطني (ائتلاف حزبي معارض) وقفة احتجاجية، الجمعة، أمام المحكمة الابتدائية بتونس للتنديد بقرار القضاء التونسي إجراء المحاكمة عن بعد وللمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

وردّد المحتجون هتافات مناهضة لنظام الرئيس قيس سعيد وللسلطة القضائية في البلاد، من ضمنها "عبّي عبّي (إملأ) الحبوسات (السجون) يا قضاء التعليمات" و "لا خوف لا رعب، السلطة بيد الشعب" و "الحرية الحرية للمعارضة التونسية".

وقبل يومين، أعلن 6 من المعتقلين السياسيين المتهمين في قضية "التآمر على أمن الدولة" من بينهم الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي والأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، الدخول في إضراب عن الطعام ومقاطعة جلسات المحاكمة عن بعد.

وندد المعتقلون، في بيان وجهوه إلى الرأي العام في البلاد نشرته تنسيقية عائلات المتعقلين السياسيين على صفحتها بـ "فيسبوك" بما اعتبروه " إصرار السّلطة على مواصلة سياسة التّعتيم على الملف إخفاءً للفبركة وطمسا للحقيقة".

بدورهما، أعلن كل من رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي والقيادي بحزب حركة النهضة رياض الشعيبي مقاطعة جلسات المحاكمة في هذه القضية، احتجاجا على " الغياب الكامل للحد الأدنى من شروط المحاكمة العادلة".

اعتداء على حقوق المعتقلين

وعن أسباب مقاطعة جلسات المحاكمة عن بعد في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة"، أكد رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي لموقع "الحرة" أن هذا القرار يعود إلى "غياب شروط المحاكمة العادلة".

وشدّد على أن هذا الشكل من المحاكمات "يحرم المتهمين من حقهم في الدفاع حضورياً والتفاعل المباشر مع القاضي وهيئة المحكمة".

وقال الشابي: "إن قرار المحكمة يعد اعتداءً على الحقوق الشرعية للمعتقلين لا يمكن المشاركة فيه، وهو مدخل لمحاكمة صورية لا يجب أن نكون جزءاً منها".

وأضاف أنّ من بين دوافع المقاطعة "الطبيعة الواهية للتهم الموجهة إلى المعتقلين، من قبيل الانضمام إلى وفاق إرهابي والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي".

واعتبر  أنّ هذه الاتهامات "تفتقر لأي معطى واقعي، وقد تم بناؤها فقط على شهادات أدلى بها شخصان مجهولا الهوية، دون تقديم أي دليل ملموس".

كما أشار الشابي إلى أنّ هذه المحاكمات تندرج ضمن "مسار سياسي هدفه ضرب المعارضة وتكميم الأفواه"، مؤكداً تمسّكه برفض الانخراط في ما اعتبره "انحرافاً خطيراً عن دولة القانون".

وبخصوص إعلان عدد من المعتقلين السياسيين الدخول في إضراب جوع، قالت الناشطة السياسية شيماء عيسى، في تصريح لموقع "الحرة"، إن الوضع الصحي للمضربين عن الطعام بدأ يسوء مقابل تمسك قضاة التحقيق في المحكمة بأن تكون المحاكمة لا حضورية للمتهمين، وهي سابقة تحدث لأول مرة في تاريخ القضاء".

وأعربت عيسى عن تمسّك هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين وكذلك عائلاتهم بأن تكون جلسات المحاكمة حضورية وكشف الحقيقة وتمكين المتهمين من حقهم في مواجهة القضاء والإجابة عن أسئلتهم بكل "شجاعة" دفاعا عن أنفسهم.

وختمت بالقول" اليوم وللمرة الثانية سندخل إلى قاعة المحكمة ونجدد مطالبنا بأننا مستعدّون للمحاكمة شرط أن تكون عادلة ووفق المعايير القانونية".

وتعود قضية "التآمر على أمن الدولة" إلى فبراير 2023، إذ شنت قوات الأمن في تونس حملة اعتقالات واسعة ضد قيادات سياسية معارضة للنظام ورجال أعمال وأمنيين.

"تهمة حاضرة ودليل مفقود"

من جانبها، أعربت منظمة العفو الدولية تونس عن بالغ قلقها إزاء استمرار محاكمة مجموعة من المعارضين والفاعلين في المجالين السياسي والمدني، فيما يُعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة"، مندّدة بما اعتبرته " خرق واضح لضمانات المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع".

وجاء في بيان المنظمة أصدرته الخميس، بعنوان " قضية تآمر؟ التهمة حاضرة والدليل مفقود" أنه تم الزج بناشطين ومعارضين في السجون " دون أي سند قانوني واضح، وفي غياب تام لأدلة جدّية".

ودعا البيان في المقابل، إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط" عن المعتقلين، وإسقاط التهم الموجهة إليهم، وتحميل السلطات التونسية مسؤولية صحة المعتقلين وضمان حقوقهم الإنسانية.

في السياق ذاته، قال الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري، وسام الصغير، لموقع "الحرة"، إن متابعة أطوار قضية التآمر على أمن الدولة تؤكد أن هذا الملف سياسي بامتياز وقد تضمن إخلالات إجرائية فضلا عن نسفه كل مقومات المحاكمة العادلة.

وتابع بأن هذه القضية " لم تعد خاضعة لمرفق العدالة، بل أصبحت خاضعة للسلطة التنفيذية وهي حقيقة ثابته يعلمها كل التونسيون".

وتبعا لذلك، طالب المتحدث بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين وإيقاف ما وصفها بـ "المسرحية السياسية" التي تستهدف رموز المعارضة في تونس.

"خطر حقيقي"

في أواخر مارس الماضي، قررت رئاسة المحكمة الابتدائية بتونس عقد الجلسات المعينة خلال شهر أبريل الحالي، والمتعلقة بالقضايا الجنائية الابتدائية المنشورة بالقطب القضائي لمكافحة الارهاب، وفق إجراءات المحاكمة عن بعد.

واعتبرت رئاسة المحكمة أنه تم اتخاذ هذا الإجراء، نظرًا لوجود "خطر حقيقي"، مع ملاحظة أن هذه الإجراءات سوف تتواصل إلى أن يقع البت في القضايا المنشورة (حوالي 150 قضية)، ومن بينها ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة".

وذكرت المحكمة ذاتها، أنها اتخذت قرار المحاكمة عن بعد استنادًا إلى الفصل 73 من القانون عدد 16 لسنة 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، والفصل 141 مكرر من مجلة الإجراءات الجزائية المتعلق بإمكانية إجراء المحاكمة عن بعد.

وسبق لسعيد أن أكد خلال زيارة أداها إلى بعض الأحياء والأسواق بالعاصمة تونس، مطلع مارس المنقضي، أنه " لا يتدخل أبدا في القضاء وأن المسائل القضائية مكانها فقط في قصور العدالة".