حذر إردوغان مؤيديه من أنهم قد يدفعون "ثمنا باهظا" في حال صعود منافسه العلماني
حذر إردوغان مؤيديه من أنهم قد يدفعون "ثمنا باهظا" في حال صعود منافسه العلماني | Source: AFP

أثار تحذير الرئيس التركي رجب إردوغان لمؤيديه في حال صعود منافسه، كمال كليتشدار أوغلو، إلى السلطة في الانتخابات، عدة تساؤلات حول فحوى تلك التصريحات، بينما يوضح خبراء لموقع "الحرة"، مقصده من ذلك.

والجمعة، حذر إردوغان مؤيديه من أنهم قد يدفعون "ثمنا باهظا" في حال صعود منافسه العلماني، كمال كليتشدار أوغلو، إلى السلطة في الانتخابات المقررة، الأحد.

وقال الرئيس التركي في تجمع لأنصاره بإسطنبول "لا تنسوا... قد تدفعون ثمنا باهظا إذا خسرنا".

واعتبر إردوغان أن الحكومات الغربية تستخدم المعارضة لفرض رؤيتها على المجتمع التركي، مضيفا "أيها الغرب، أمتي هي التي تقرر".

ماذا يقصد إردوغان؟

في حديثه لموقع "الحرة"، يفسر المحلل السياسي التركي، هشام جوناي، فحوى تحذير إردوغان، ويقول إنه جاء لـ"الحفاظ على وحدة الأصوات ولحمة ناخبي حزب العدالة والتنمية"، خلال الانتخابات التي سيتم إجراؤها، الأحد.

ويقصد إردوغان من تحذيره أن حزب الشعب الجمهوري "سيعيد حظر الحجاب ويقفل المصانع ويلغي جميع المشاريع التنموية التي أطلقها الرئيس"، وبذلك سيدفع الشعب التركي الثمن بالعودة للوراء وخسارة كل ما حققه من مكاسب على مدار الـ20 عاما الأخيرة، وفقا لحديثه.

ويتفق مع الطرح السابق، المحلل السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، الذي يرى أن الثمن الباهظ يتمثل في "عدم استكمال المسيرة التي بدأها إردوغان، باستقلالية تركيا وقوتها".

ويرفع إردوغان شعار "تركيا قوية"، بينما يرفع منافسه شعار "تركيا الحرية"، ومن هنا يأتي الصراع بين المتنافسين، وفقا لحديثه لموقع "الحرة".

ويرى أن الثمن الباهظ يتعلق بـ"ذهاب الاستقلالية وجهود إردوغان" أدراج الرياح، لأن مرشح المعارضة لا يمتلك "خبرة سياسية تمكنه من إدارة البلاد"، على حد تعبيره.

وبذلك لن يكون هناك رئيس حقيقي لتركيا بل "مجلس رئاسي" يتمثل في الطاولة السداسية، وفقا لحديث حافظ أوغلو.

ويشير إلى أن الرئيس سيكون "شكليا" ولن يتخذ قرارات حقيقية، بينما سيكون المجلس الرئاسي هو الحاكم الفعلي.

ويشير إلى أن "الثمن الباهظ" هو ذهاب تركيا نحو "المجهول"، على حد تعبيره.

لكن على جانب آخر، يصف السياسي التركي المعارض وعضو "حزب الشعوب"، بركات قار، تصريحات إردوغان بـ"الخطاب التحريضي المتكرر"، والمصمم لحشد قاعدته الانتخابية للخروج والتصويت في الانتخابات.

ويقصد إردوغان بتحذيره "دول الغرب" وطالما استخدم تلك "اللغة لحشد جماهيره"، لكن "الجمهور من كل الأطياف غير مقتنع بهذا الكلام، ولا يأخذه بعين الاعتبار"، وفقا لحديثه لموقع "الحرة".

هل يخسر إردوغان؟

يحاول إردوغان حشد أنصاره قبل الانتخابات التي تضع على المحك مسيرته في الحكم الممتدة لعقدين، وفقا لـ"فرانس برس".

وعلى غير عادته، تجنب إردوغان توقع نتيجة الانتخابات الأشد تنافسية في تركيا في العصر الحديث، حين رد على سؤال من صحفي على التلفزيون ما إذا كان سيفوز في الانتخابات بالقول "صناديق الاقتراع ستقرر، الأحد".

وتظهر استطلاعات الرأي أن منافسه كمال كليتشدار أوغلو يتقدم عليه بفارق طفيف وبأنه على وشك تجاوز عتبة الخمسين بالمئة من الأصوات اللازمة لتجنب دورة ثانية في 28 مايو.

وخسر الرئيس التركي تدريجيا دعم شرائح رئيسية من الشعب التفت حوله خلال العقد أكثر ازدهارا الذي أعقب وصوله إلى السلطة في 2003.

وتظهر بعض استطلاعات الرأي أن شريحة الشباب الذين لم يعرفوا رئيسا غير إردوغان في حياتهم، تؤيد منافسه الرئيسي، والأكراد الذين كانوا يثقون في السابق في جهوده لإنهاء اضطهادهم الثقافي، يدعمون الآن حملة كليتشدار أوغلو، حسب "فرانس برس".

وما ساهم في تعزيز مواقع المعارضة انسحاب المرشح، محرم إينجه، الذي يمثل حزبا ثالثا، كونه كان يمكن أن يضعف فرص كليتشدار أوغلو، لإلحاق أول هزيمة انتخابية بالرئيس التركي.

ولذلك يؤكد قار أن  تصريحات إردوغان جاءت لتستبق "التسليم بالهزيمة" وخسارة الانتخابات.

لكن على جانب آخر، يؤكد المحلل السياسي التركي، يوسف كاتب أوغلو، أن خسارة إردوغان "غير واردة"، ويرى أن استطلاعات الرأي ضمن "حملة إعلامية دولية شعواء لتشويه الرئيس، والتشويش على الانتخابات والتأثير على الناخبين الأتراك".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يقول إن النتائج الحقيقية في الميادين والساحات تظهر تقدم إردوغان بفارق كبير بسبب إنجازاته خلال عقدين من الزمن.

وطيلة 15 استحقاقا انتخابيا خلال 20 عاما، فاز إردوغان من الجولة الأولى رغم استطلاعات الرأي والضغوطات الغربية و"الشيطنة الدولية"، وفقا لحديثه.

ويشير إلى أن "إردوغان قادم بقوة" وسيفوز بالانتخابات من الجولة الأولى، بعد "الحشود المليونية الضخمة" التي تجمعت لتأييده في معاقل المعارضة مثل أزمير وأنقرة، على حد وصفه.

وحسب حديثه فإن الشعب التركي "لن يغامر بمكتسبات الحرية والديمقراطية طيلة فترة حكم إردوغان"، بعدما انتقلت من مصاف تركيا الدول المديونة لصندوق النقد الدولي لدولة ديونها "صفر".

وطيلة قرابة 21 عاما من حكم إدروغان انتقلت تركيا للمرتبة ١٦ بين أقوى ٢٠ دولة اقتصاديا في العالم، وأصبح لديها صناعة دفاعية متطورة ومكانة دولية عالمية مرموقة، وبالتالي لن يغامر الناخب بالذهاب نحو المجهول، وفقا لحديث كاتب أوغلو.

ويتهم كاتب أوغلو المعارضة بـ"التخبط"، ويقول إنها "متشاكسة، ولا يوجد لديها أجندة واضحة، ووعودها غير وطنية وتعمل على تحقيق مصالح الغرب".
 
وتعمل المعارضة على عودة البلاد للنظام البرلماني بدلا من الرئاسي مما يهدد بعدم استقرار سياسي واقتصادي، حسب كاتب أوغلو.

لكنه يؤكد في الوقت ذاته، "احترام الديمقراطية" في حال "الخسارة"، مستشهدا بما في الانتخابات المحلية في أنقرة وإسطنبول عام ٢٠١٩.

ماذا لو خسر إردوغان؟

يتحدث مهند أوغلو، عن "تداعيات سلبية متعددة" لخسارة الانتخابات، أبرزها "تدخلات خارجية متوقعة في السياسة الداخلية لتركيا".

وحسب حديثه فهناك تلميحات من كليتشدار أوغلو، بإعطاء حزب الشعوب الديمقراطي الكردي "حكم ذاتي" ما يعني تقسم تركيا.

ويقول "هذا الأمر لن يقبله أي مواطن تركي، وسيكون له إن حدث ثمن بهظ جدا".

وعن باقي تلك التداعيات، يشير إلى غياب متوقع للسياسة الخارجية التي سار عليها إردوغان بـ"التوازن بين الشرق والغرب" في العلاقات الدولية.

واقتصاديا فقد تنسحب شركات من تركيا، ويمكن أن تتوقف استثمارات خارجية، ما يعني تعرض الاقتصاد التركي لـ"هزات ضخمة" على مستوى التضخم وانخفاض سعر صرف الليرة أمام الدولار، حسب حديثه.

ويتحدث كذلك عن "ارتدادات اجتماعية قاسية" بغياب استقرار اجتماعي، مرجعا ذلك لكون "أنصار إردوغان يمثلون نصف المجتمع التركي"، على حد قوله.

لكن على جانبه آخر، يرى بركات قار أن "خسارة إردوغان" ستعطي دفعة للديمقراطية في تركيا، وتقود البلاد نحو "تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية إيجابية".

ويقول إن "الخسارة المتوقعة لإردوغان ستفتح نافذة لمرحلة تغيير وتحول ديمقراطي في تركيا".

وفي برنامجه الواقع في 240 صفحة، وعد تحالف المعارضة الذي يضم ستة أحزاب بالتخلي عن النظام الرئاسي الذي اعتمد عام 2018 والعودة إلى فصل صارم بين السلطات مع "سلطة تنفيذية تحاسب" على قراراتها.

وتريد المعارضة العودة الى نظام برلماني توكل فيه صلاحيات السلطة التنفيذية إلى رئيس وزراء منتخب من البرلمان، وينتخب الرئيس لولاية واحدة مدتها سبع سنوات.

وعندما يخسر إردوغان سيكون هناك تواصل ملموس وواقعي بين تركيا ودول الغرب وأوروبا، ومنطقة الشرق الأوسط، وفقا لحديث قار.

ويرى عضو حزب الشعوب أن خسارته تعني "حل العقد" التي تسبب بها إردوغان في سوريا وليبيا والعراق.

وتتعهد المعارضة بقطيعة مع سياسة إردوغان الذي يعتزم مواصلة خفض نسب الفوائد رغم التضخم الذي يفوق نسبة 50 بالمئة، حسب "فرانس برس".

ويؤكد التحالف الوطني أنه سيعيد التضخم الى "دون نسبة العشرة بحلول عامين" وانه "سيعيد لليرة التركية مصداقيتها" بعدما خسرت حوالي 80 بالمئة من قيمتها في خمس سنوات مقابل الدولار.

واقتصاديا أيضا سيكون هناك "مكافحة للفساد المستشري في تركيا"، إذا استطاعت قوى المعارضة التكاتف والتضامن والخروج من المحنة الاقتصادية الحالية التي تمر بها البلاد، وفقا لحديث قار.

ومن جانبه لا يرى جوناي أن هناك "تبعات أو تداعيات متوقعة لخسارة إردوغان وحزبه الانتخابات".

ويقول "لن يحدث شيء، فتركيا دولة مؤسسات غير مرتبطة بشخص واحد".

وقد مر على تركيا طول تاريخها 12 رئيسا مختلفا، ولن تقف الدولة التركية عند خسارة أي شخص وسوف تواصل المسيرة، وفقا لحديث جوناي.

Istanbul's incumbent Mayor and mayoral candidate Ekrem Imamoglu delivers a speech amid the first partial ballot counting of the…
إمام أوغلو يلقي خطابا أثناء الفرز الجزئي الأول لأصوات الانتخابات البلدية، في إسطنبول في 31 مارس 2024.

أعلن مرشح حزب "الشعب الجمهوري" المعارض في تركيا، أكرم إمام أوغلو فوزه برئاسة بلدية إسطنبول، قائلا إنه تقدم على منافسه مراد قوروم بفارق "مليون صوت".

وأضاف إمام أوغلو في أول خطاب له بعد فرز أكثر من 70 بالمئة من صناديق الاقتراع: "فزنا ببلديات 14 منطقة كانت معنا في الفترة الماضية بإسطنبول وأضفنا إليها بلديات جديدة وننتظر حسم فرز الأصوات فيها".

وتابع: "يمكنني القول الآن أن سكان إسطنبول منحونا صلاحية إدارة بلدية إسطنبول لولاية ثانية".

كما أشار إلى أن "أهدافهم تحققت على مستوى المنطقة أيضا".

من جانبه قال مرشح "الشعب الجمهوري" في أنقرة، منصور يافاش بعدما أعلن الفوز في الانتخابات إن "الخاسر هو تورغوت ألتينوك (مرشح التحالف الحاكم)".

وأضاف: "مواطنونا قرروا، ونحن نحترم ذلك، حظا سعيدا".

وتظهر النتائج الأولية لانتخابات البلدية التي انطلقت صباح الأحد فوزا ساحقا حققه "الشعب الجمهوري" أكبر أحزاب المعارضة في معظم المدن التركية الكبرى.

في المقابل مني تحالف "الجمهور" الحاكم المشكل من "العدالة والتنمية" الحاكم و"الحركة القومية" بخسارة مدوية وخاصة في مدينة إسطنبول وأنقرة ومدن تركية كبرى أخرى، بينها إزمير وأنطاليا.

ومن المقرر أن تعلن "الهيئة العليا للانتخابات" بشكل رسمي نتائج الانتخابات في الساعات المقبلة.

ولم يصدر أي تعليق من تحالف الجمهور الحاكم حتى ساعة إعداد هذا التقرير.

وقالت رئاسة الاتصالات التركية إن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، سيلقي خطابا من مقره حزبه في العاصمة أنقرة في الساعة 12:30 بالتوقيت المحلي.