تشهد لجان الاقتراع في عدد من المدن التركية، الأحد، إقبالا كثيفا من قبل الناخبين الأتراك للإدلاء بأصواتهم في واحدة من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأكثر أهمية في تاريخ البلاد الحديث الممتد لمئة عام، والتي تشكل تحديا جديا للرئيس، رجب طيب إردوغان، بعد 20 عاما في السلطة، حيث يواجه معارضة موحدة مدعومة بقاعدة شعبية واسعة.
وفي إسطنبول كان الإقبال على التصويت "كثيفا"، وذلك قبل قرابة ساعتين من إغلاق صناديق الاقتراع، حسبما تكشف موفدة "الحرة" إلى المدينة.
وتدلي نوركا سوير وهي تضع الحجاب بصوتها في حي أوسكودار المحافظ المؤيد للرئيس المنتهية ولايته على الضفة الآسيوية من البوسفور في إسطنبول، موضحة "أقول استمروا مع إردوغان"، حسب "فرانس برس".
وقالت "كنا في ظل حكم جيد وستتحسن الأمور" رغم الأزمة الاقتصادية.
من جهته يقول رجب توركتان (67 عاما)، "ما يهم هو ألا تنقسم تركيا" التي تعد 85 مليون نسمة وتشهد انقساما عميقا.
من الجانب الآخر من البوسفور في شوارع منطقة شيشلي الأوروبية تظهر رغبة أيضا في الوحدة.
وتقول هاندي تيكاي (55 عاما) "سواء كنا متدينين أو علمانيين أو شيوعيين أو غير ذلك، يجب أن نعيش جميعنا معا بوئام".
ونقلت مراسل "الحرة" بأنقرة عن مدير مركز التصويت بمدرسة الأرجنتين الابتدائية، قوله إن "نسبة المشاركة في الاقتراعات فاقت 90 بالمئة".
وفي ديار بكر، تزايد إقبال الناخبين على الاقتراع بمراكز التصويت، وفقا لمراسلة "الحرة" من المدينة.
وقال البعض في ديار بكر، وهي مدينة في الجنوب الشرقي الذي تقطنه أغلبية كردية، إن الوقت قد حان للتغيير، بينما أبدى آخرون تأييدهم لإردوغان، وفقا لـ"رويترز".
واصطفت طوابير في مراكز الاقتراع في المدينة بينما انتشر حوالي 9000 شرطي في أنحاء الإقليم.
وسيكون للناخبين الأكراد الذين يمثلون ما يتراوح بين 15 و20 بالمئة من إجمالي الناخبين، دور محوري في هذه الانتخابات، ومن المستبعد أن يحصل تحالف الأمة منفردا على أغلبية برلمانية.
وحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد ليس جزءا من تحالف المعارضة الرئيسي، لكنه يعارض إردوغان بشدة على خلفية حملة القمع التي استهدفت أعضاءه في السنوات الماضية.
وأعلن حزب الشعوب دعمه كمال كيليتشدار أوغلو، في السباق الرئاسي.
ويخوض الحزب الانتخابات البرلمانية تحت راية حزب اليسار الأخضر للتحايل على دعوى قضائية تهدف لحظره لاتهامه بأنه على صلة بالمسلحين الأكراد، وهو ما ينفيه الحزب.
وفي الثامنة من صباح الأحد، توجه الناخبون الأتراك إلى صناديق الاقتراع للتصويت في الانتخابات الرئاسية، والانتخابات البرلمانية بدورتها الثامنة والعشرين.
واصطف الناخبون في طوابير طويلة تشكلت قبل فتح أبواب مراكز الاقتراع عند الساعة الثامنة صباحا في إسطنبول وأنقرة.
وفتحت مراكز التصويت أبوابها في الثامنة صباحا (0500 بتوقيت غرينتش) على أن تغلق في الخامسة مساء (1400 بتوقيت غرينتش).
وحتى قبل بدء عمليات التصويت، امتدت طوابير طويلة الأحد أمام مراكز الاقتراع في المدن الكبرى في تركيا وبين المقترعين سيلا البالغة من العمر 19 عاما والتي قالت "كانوا موجودين منذ أن ولدت، أريد التغيير!"، حسب "فرانس برس".
وتلتقط سيرين (19 عاما) التي تحضر لامتحانات الجامعة صور سيلفي مع بطاقتها الانتخابية وتقول عن تصويتها للمرة الأولى "انا متحمسة جدا، لذلك جئت في هذا الوقت الباكر".
يرفض عدد من الأشخاص المعارضين للنظام ذكر كنيتهم في بلد يخشى فيه من الانتقام، وفق "فرانس برس".
ثمة خمسة ملايين ناخب على غرار هاتين الشابتين، يصوتون للمرة الأولى في هذه الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
وتنتشر في عموم البلاد أكثر من 191 ألف صندوق اقتراع، حيث يدلي نحو 60 مليون و600 ألف ناخب بأصواتهم، من ضمنهم نحو 4 ملايين و900 ألف ناخب يشاركون لأول مرة، اختيار رئيس البلاد لفترة تمتد خمس سنوات، إلى جانب اختيار أعضاء البرلمان.
وبموجب قانون الانتخابات التركي، يحظر إعلان أي نتائج حتى التاسعة مساء.
وتوضح المعلومات التي تتيحها "الهيئة العليا للانتخابات" أن عملية فرز الأصوات ستتم بعد انتهاء عملية الاقتراع مباشرة، على أن يتم الإعلان عن النتائج الأولية قبل الساعة الـ23:59.
وبعد الإعلان عن النتائج الأولية ستكون هناك فترة اعتراض على قرارات ومحاضر لجان صناديق الاقتراع، على أن تنتهي في الساعة 17:00 من يوم 15 مايو، بينما سيتم الإعلان عنها قبل الساعة الـ23:59، كحد أقصى.
ولن يقرر التصويت فحسب من يقود تركيا، وهي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة، ولكن أيضا طريقة الحكم، وإلى أين يتجه اقتصاد البلاد وسط أزمة غلاء معيشة عميقة، وشكل سياستها الخارجية التي اتخذت منعطفات غير متوقعة.
وقبل فتح باب الاقتراع، أظهرت استطلاعات الرأي أن المنافس الرئيسي لإردوغان، كيليتشدار أوغلو، الذي يرأس تحالفا من ستة أحزاب معارضة، يتقدم على نحو طفيف.
لكن إذا فشل أي منهما في الحصول على أكثر من 50 بالمئة من الأصوات، فستجرى جولة إعادة في 28 مايو.