تعيش تركيا، الأحد، "يوم التغيير الأكثر جذرية" بحسب وسائل إعلام ومراقبين، ويرتبط ذلك بما ستقبل عليه البلاد بعد الثامن والعشرين من شهر مايو، سواء إن فاز مرشح التحالف الحاكم، رجب طيب إردوغان، بكرسي الرئاسة أو منافسه المعارض، كمال كليتشدار أوغلو.
ويتنافس كل من إردوغان وكليتشدار أوغلو اليوم في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وبدأ المواطنون الأتراك بالتوجه إلى صناديق الاقتراع في الساعة الثامنة صباحا.
ومن المقرر أن تستمر عملية التصويت حتى الساعة الخامسة عصرا بالتوقيت المحلي، بحسب "الهيئة العليا للانتخابات"، على أن تبدأ بعد ذلك عملية فرز الأصوات، والإعلان التدريجي عن النتائج.
وتعوّل أحزاب المعارضة ومرشحها الرئاسي، كليتشدار أوغلو، على إنهاء حكم إردوغان وحزبه، "العدالة والتنمية"، المستمر منذ 21 عاما، وبالتالي بدء "عهد جديد" في البلاد.
في المقابل، يسعى الحزب الحاكم ورئيسه إردوغان إلى البقاء في الحكم والحفاظ على المكتسبات وتتويج مسيرة 21 عاما، والانتقال بها إلى القرن الثاني لتأسيس الجمهورية.
وفي حين يصف كليتشدار أوغلو الذي سيدلي بصوته في العاصمة، أنقرة، الانتخابات الحالية بـ"الاستفتاء"، يرى إردوغان الذي سيصوّت في إسطنبول أنها ستكون "أحد أهم مفارق الطرق، والانتصارات التاريخية".
"رسائل باتجاهين"
وينعكس ما سبق على وسائل الإعلام المقربة من الحكومة والأخرى التابعة للمعارضة، إذ عنونت على صفحاتها الأولى، صباح الأحد، عبارات ترجمت من خلالها أهمية الاستحقاق الذي تمر به البلاد.
وكتبت صحيفة "جمهورييت" المقربة من "حزب الشعب الجمهوري" الذي يتزعمه كليتشدار أوغلو على الصفحة الأولى من عددها الصادر الأحد: "من يحب الوطن يذهب للصندوق".
وعنونت صحيفة "سوجو" المعارضة بعبارة: "لا تقل لن أذهب.. اعط صوتك للشخص الذي يستحقه".
في المقابل، وصفت صحيفة "حرييت" المقربة من الحكومة ،الأحد، بـ"يوم الصندوق" على الصفحة الأولى من عددها الصادر اليوم، وكذلك الأمر بالنسبة لصحيفة "ملييت" إذ كتبت: "تركيا تختار رئيسها الثالث عشر".
بدورها، عنونت صحيفة "صباح" بعبارة: "الانقلابيون ينتظرون بفارغ الصبر. اعط صوتك وكن بقدر المسؤولية لبلدك".
واعتبر عنوان صحيفة "يني تشاغ" أن "البلد على مفترق طرق. اختر القرار الصحيح ولا تندم"، فيما كتبت "يني شفق" المقربة من الحكومة: "معك سنفوز"، في إشارة منها إلى صوت المواطن التركي.
"بين جولتين"
ومن المقرر أن يصوت أكثر من 60 مليون ناخب، الأحد، بين الساعة الثامنة صباحا والخامسة عصرا.
وذكر رئيس "الهيئة العليا للانتخابات"، أحمد ينير، أن 47 ألفا و523 ناخبا شابا بلغوا الثامنة عشرة من العمر سيشاركون في الجولة الثانية.
وفي هذه الحالة سيصوت حوالي 50 ألف ناخب شاب لأول مرة ، الأحد، وبذلك سيصل عدد الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم إلى 60 مليونا و769 ألفا و268.
وأضاف ينير أنه تم إنشاء 191،885 صندوق اقتراع في 973 مقاطعة و1094 مجالس انتخابية في جميع أنحاء البلاد من أجل تحديد رئيس تركيا الذي سيخدم لمدة خمس سنوات مقبلة.
وحصل إردوغان على 49.52 بالمئة من أصوات الناخبين، فيما نال كليتشدار أوغلو على 44.88 بالمئة.
لكن تحالف إردوغان (الجمهور) كان قد فاز بالأغلبية البرلمانية في الجولة الأولى، التي تم انطلقت قبل أسبوعين، في الرابع عشر من مايو الحالي.
وما بين الجولتين، كان مرشح المعارضة، كليتشدار أوغلو، قد غيّر على نحو كبير من حملته الانتخابية، وفي مسعى لكسب أصوات قومية بدأ بإطلاق وعود تستهدف اللاجئين السوريين، معلنا بالقول: "سيذهبون.. قرّر".
وفي غضون ذلك اتجه كليتشدار أوغلو للاتفاق مع زعيم "حزب النصر" القومي المعادي للاجئين، أوميت أوزداغ، وهو ما تمت ترجمته بإعلان الأخير الدعم، بعد التوقيع على بروتوكول من سبعة بنود.
في المقابل لم يغير إردوغان كثيرا على الحملة التي أطلقها سابقا، والمعروفة بعنوان "قرن تركيا".
ومع ذلك حاول اتباع سياسة جديدة بالأرقام، كرد فعل على الحملة التي أطلقها كليتشدار أوغلو، إذ توعد الأخير بترحيل السوريين حال وصوله للسلطة، وزعم أن عدد اللاجئين في البلاد يتجاوز عشرة ملايين لاجئ.
"أول اختبار"
ومن غير الواضح كيف ستكون نتائج الانتخابات، بالأخص في ظل الحالة "الاستثنائية" التي تفرض نفسها لعدة اعتبارات.
وأبرز هذه الاعتبارات أن انتخابات الإعادة التركية هي الاختبار السياسي الأول من نوعه الذي تشهده البلاد.
ويلعب السياسيان القوميان، سنان أوغان، وأوميت أوزداغ، دورا محوريا في الانتخابات الحالية، بعدما أعلنا دعمهما لكلا المتنافسين.
وبينما اختار أوغان مرشح "تحالف الأجداد" المقصى من الجولة الأولى دعم إردوغان، اختار حليفه السابق، أوزداغ، دعم كليتشدار أوغلو.
وفي حال فاز إردوغان بالرئاسة سيظل ماضيا بشكل النظام الرئاسي السائد حاليا، والمطبق منذ عام 2017.
أما إن فاز منافسه المعارض، كليتشدار أوغلو، فهو سيمضي بطريق "النظام البرلماني المعزز"، بعدما اتفق على ذلك مع نظرائه من الزعماء، وعددهم 5.
ومع ذلك تحيط تكهنات بحالة فوز كليتشدار أوغلو بالرئاسة، في ظل حفاظ تحالف إردوغان الحاكم على الأغلبية البرلمانية.
ولطالما راهنت الشخصيات السياسية في تركيا بشكل كبير على انتخابات 14 مايو و28 مايو، ولذلك سيتحدد مصيرها بناء على هذا الأساس.
ويحكم إردوغان البلاد منذ 21 عاما، وهو أبرز الشخصيات السياسية، وفرضية خسارته في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قد تعني انتهاء مشواره السياسي.
في المقابل، يسود نفس المشهد على منافسه كليتشدار أوغلو، والذي أصر أن يكون مرشحا توافقيا في تحالفه من الأحزاب الخمسة، ولطالما راهن على الفوز، وفي حال خسارته سيكون ذلك محدِّدا أساسيا لمستقبله السياسي.