فرق الإنقاذ تنقل شخصا أصيب في الهجوم الذي استهدف السفارة الأميركية في أنقرة الجمعة
فرق الإنقاذ تنقل شخصا أصيب في الهجوم الذي استهدف السفارة الأميركية في أنقرة الجمعة

أعلنت السلطات التركية أن منفذ الهجوم الانتحاري الذي استهدف السفارة الأميركية في أنقرة تركي  يدعى ش. أجاويد يبلغ من العمر 40 عاماً وينتمي إلى "حزب التحرير الشعبي الثوري" وهي جماعة يسارية محظورة.

وكان الانتحاري قد اعتقل عام 1997 بتهمة الإعداد لهجوم انتحاري على سكن عسكري ومديرية الأمن في إسطنبول، وأطلق سراحه بفي ظروف غامضة عام 2001 بموجب تقرير طبي.
 
مقتل حارس تركي في الهجوم
 
وقد أدى الهجوم الانتحاري الذي استهدف السفارة الأميركية في العاصمة التركية أنقرة صباح الجمعة إلى مقتل حارس تركي وإصابة عدد من الأشخاص بجروح حسب تصريحات مسؤولين رسميين أتراك.
 
ويشكل التفجير الذي وقع قرب حاجز أمني قرب مدخل السفارة المحصنة في منطقة راقية في العاصمة التركية الهجوم الأخير في سلسلة هجمات استهدفت الممثليات الدبلوماسية الأميركية في العالم الإسلامي.
 
وصرح وزير الداخلية التركي معمر غولر للصحافيين "فقدنا أحد الحراس الثلاثة على المدخل فيما نجا الآخران وأصيبا بجروح"، مضيفا أن صحافية أصيبت كذلك بجروح خطيرة.
 
وأفاد الوزير أن الإنتحاري يشتبه في انتمائه إلى "منظمة يسارية إرهابية" محظورة من دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل.
 
إدانة أميركية
 
وأدان المتحدث باسم البيت الأبيض جاري كارني "بأشد العبارات" الاعتداء الانتحاري، مؤكدا "أننا سنعمل عن كثب مع السلطات التركية للتحقيق حول هذا الحادث ومحاسبة منفذيه أمام القضاء".
 
ووقع الهجوم بعد أسبوعين على حملة للسلطات استهدفت مجموعة "الجبهة الثورية للتحرير الشعبي" الماركسية التي نسبت إليها "أعمال إرهابية" مختلفة في تركيا منذ أواخر السبعينيات من بينها هجمات استهدفت مدنيين، لكن لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى الآن.

وأشادت وزارة الخارجية الأميركية بالإجراءات الأمنية المتخذة حول سفارتها في أنقرة والتي حالت دون أن تكون حصيلة الهجوم الانتحاري الذي استهدفها الجمعة "أسوأ بكثير" مما هي عليه.
 
وسبق أن شهدت تركيا هجمات دامية كثيرة نسبت إلى ناشطين أكراد ومتطرفين يساريين وجماعات مرتبطة بالقاعدة.
 
وجرى تفجير الجمعة في اليوم الأخير من ولاية وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وبعد أسبوع على إعلان حلف شمال الأطلسي السبت عن تشغيل بطارية لصواريخ باتريوت الأميركية على حدود تركيا مع سورية التي تشهد أزمة مسلحة.
 
وصرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للتلفزيون أن "الهجمات تستهدف الرفاه والسلام في بلادنا"، وتابع قائلا "سنبقى شامخين وسنقف معا...لنتجاوز تلك الأحداث".
 
وألحق الانفجار أضرارا بالمباني المجاورة في حي تشانكايا في العاصمة حيث توجد مؤسسات رسمية وسفارات أخرى، وقد تعهد السفير الأميركي فرانسيس ريتشاردوني بالعمل مع تركيا لمكافحة الإرهاب بعد الهجوم ،مؤكدا مقتل الحارس التركي.
 
وأضاف المسؤول الأميركي قائلا: "سنواصل مكافحة الإرهاب معا، وبعد حادث اليوم اتضح أننا نعاني من مشكلة الإرهاب المروعة نفسها"، وشدد على أن الولايات المتحدة مصممة على التعاون مع تركيا "حتى نتخلص من هذه المشكلة".
 
وطوقت الشرطة المنطقة التي تشمل امقر لسفارات الأجنبية من بينها السفارة الأميركية، فيما حلقت مروحية للشرطة فوق المنطقة وتمركزت دورية مسلحة للمارينز على سطح السفارة.
 
إدانة فرنسية وبريطانية
 
وأدان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في بيان "بأقسى العبارات" الهجوم الذي استهدف سفارة الولايات المتحدة في أنقرة، معربا عن تضامن فرنسا مع السلطات الأميركية والتركية.
 
كما ندد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بالهجوم، فيما أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن "صدمته وحزنه" في رسالة وجهها إلى الرئيس باراك أوباما.
 
هجمات سابقة
 
وتعتبر تركيا المسلمة المحافظة حليفة مقربة للولايات المتحدة وهي عضو في منظمة حلف شمال الأطلسي، وقد سبق استهداف مقار بعثات أجنبية على أراضيها.
 
ففي تموز/يوليو 2008 قتل ثلاثة مسلحين وثلاثة شرطيين أتراك في هجوم خارج القنصلية الأميركية في إسطنبول، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2003 استهدفت أربع هجمات انتحارية بسيارات مفخخة كنيسين يهوديين في إسطنبول والقنصلية البريطانية والبنك البريطاني "اتش اس بي سي" وأدت إلى مقتل 63 شخصا من بينهم القنصل العام البريطاني. وتبنت خلية للقاعدة تلك الهجمات.
 
كما تزامن هجوم الجمعة مع المفاوضات التي تقوم بها الحكومة التركية مع قادة حزب العمال الكردستاني المحظور من أجل التوصل إلى حل للنزاع الكردي المستمر منذ ثلاثة عقود في البلاد.
 
وأدى تمرد الأكراد الذين يطالبون بحكم ذاتي إلى مقتل 45 ألف شخص منذ انطلاقه في 1984 أغلبهم من الأكراد.
 
وقام حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة وحلفاؤها الغربيون جماعة إرهابية، بتكثيف هجماته في العام الفائت مستهدفا بشكل عام قوى الأمن التركية.

وهذا شريط فيديو  بثته وكالة "دوغان للأنباء" التركية بعد وقوع الانفجار:

أكراد يحملون علم إقليم كردستان وقد كتب عليه "كردستان ليس العراق"
أكراد يحملون علم إقليم كردستان وقد كتب عليه "كردستان ليس العراق"

ما أن غادر الجيش الاميركي أرض العراق أواخر عام 2011 حتى تفرغ رئيس مجلس الوزراء العراقي نوري المالكي لملفات داخلية وإقليمية أثقلت أجندات حكومته وأدخلتها أنفاقا لا يدرك أحد بعد إن كان هناك ضوء في نهايتها، لكن نفق النزاع بين بغداد وأربيل تميز بغياب أفق الحل فيه بسبب طوله وكثرة محطات التوقف والإنطلاق فيه.

وجدد رئيس الإقليم مسعود بارزاني تمسكه بالطموح التاريخي للكرد بتأسيس دولة حين قال لدى استقباله وفدا كويتيا مؤخرا إن الأكراد يريدون أن يتحقق استقلال كردستان بالحوار ومن دون إراقة دماء. لكن الطموح الاستقلالي لشخصيات إقليم كردستان القيادية اصطدم بالرغبة المركزية بإبقاء أربيل  -هولير محليا- في كنف بغداد.

لا حل لمشاكل البلاد سوى تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء
ناظم عبد اللهلماذا كركوك؟
لماذا كركوك؟

شدد رئيس الحكومة الكردستانية السابق برهم صالح في حديث لأهل كركوك خلال زيارة رسمية عام 2008 على أن هذه المدينة يجب "أن تعود إلى ما كانت علية قبل استيلاء النظام الاستبدادي السابق على الحكم".

غير أن الباحث العراقي الدكتور حيدر سعد من عمان قال لـ"راديو سوا" إن هناك إحساس لدى سياسيي الإقليم أن مصلحة كردستان هي البقاء ضمن العراق الواحد، وذلك بالرغم من تعويل البعض على نفط كركوك في استكمال مقومات الدولة، وأوضح أن نسبة هذا النفط  لا تزيد عن ثمانية في المائة من الناتج النفطي العراقي، "أما ارتفاع مؤشرات التنمية في كردستان فسببه الثروة الإتحادية".

وتنص المادة 111 من الدستور العراقي على أن النفط والغاز ملكُ كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات، وأوضحت المادة 112 أن الحكومة الاتحادية تدير النفط والغاز المستخرج من الحقول "الحالية" مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، على أن توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد.

الظروف الأمنية السياسية المحيطة في الوقت الراهن توافقت إلى حد بات معه الحلم الكردي الاستقلالي أقرب الى التحقيق من أي مرحلة في التاريخ، فتركيا التي تدك معاقل حزب العمال الكردستاني الإنفصالي في شمال العراق تفاوض زعيم هذا الحزب القابع في سجونها عبد الله أوجلان، وسوريا تفقد السيطرة على قسم واسع من مناطقها الشمالية الشرقية ذات الغالبية الكردية لصالح الأحزاب التي بادرت إلى تشكيل إدارات محلية، وإقليم كردستان العراق الذي أسس علاقات دبلوماسية مع طهران ها هو يتحدى إرادة المالكي مرة أخرى فيخلع لقبا جديدا على المناطق المتنازع عليها ويعرب عن استعداده للذهاب إلى الحل العسكري إن اقتضته الظروف.

لكن الأستاذ في جامعة صلاح الدين كامران مينتك يرى أن كل هذه العوامل لم توفر بعد الحاضنة الكافية لإعلان دولة في شمال العراق، وأضاف في تصريح لـ"راديو سوا" أن "إنشاء الدولة الكردية من حق الشعب الكردي، لكن بالرغم من أن القرن 21 يمكن أن نعتبره قرن الكرد إلا أن التوازنات الدولية و الظروف الحالية ليست بمستوى إنشاء الدولة مع أنها تصب في مجملها في صالح الأكراد".

مصلحة كردستان هي البقاء ضمن العراق الواحد
حيدر سعد
"تقسيم العراق أحد الحلول المطروحة"

قال مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان إن مواقف المالكي الأخيرة من تشكيل قيادة عمليات دجلة ونشرها في المناطق المتنازع عليها، تذكره بأحداث مشابهة عام 2008 وعززت ثقته بأن رئيس مجلس الوزراء العراقي لا يستثني الخيارات العسكرية، أما الإعتصامات التي يعيشها العراق اليوم فقد حفـّزت كثيرين في أربيل ليتحدثوا عن الحاجة إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات.

ويقول لطيف شيخ مصطفى القيادي في حركة التغيير الكردستانية، إن دواعي التقسيم تعود إلى فشل الدولة الحالية، وأضاف في تصريح لـ"راديو سوا" أن أحد الحلول المعقولة هو تقسيم العراق إلى ثلاث فيدراليات أو ثلاث دول مستقلة، 80 سنة مضت كانت الدولة فيها فاشلة وعجزت عن تقديم الرفاهية للمواطنين".
 
ويتفق مع هذا المذهب ناظم عبد الله القيادي في الجماعة الإسلامية الكردستانية، الذي قال إنه لا حل لمشاكل البلاد سوى تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء، لأن "المشاكل القومية والمذهبية لم تحل منذ تأسيس الدولة، وحتى الآن لا تزال المشاكل الطائفية موجودة".
 
وقد استغل الأكراد ظروف البلاد بعد عام 1991 وباشروا إدارة مناطقهم، وفي 19 من شهر أيار عام 1992 نظمت في كردستان أول انتخابات نيابية، ثم شكلت أول حكومة في الخامس من تموز في العام ذاته.

ورفضت رئاسة الإقليم أخيرا دعوة زعيم التيار الصدري للقاء تشاوري مع المالكي في النجف، ليجدد رئيس الاقليم مسعود بارزاني عدم انسجام الموقف مع رئيس مجلس الوزراء، ما يوضح أن هناك قرارين لا يلتقيان رغم جهود الرجل الذي أنهكته هموم السياسة الرئيس العراقي جلال طالباني، وفي الجهة المقابلة تقول حكومة الاقليم إنه بالدستور فقط تـُحل قضايا كركوك وخانقين وسنجار وغيرها من المناطق المتنازع عليها وكذلك قوانين النفط والغاز وتوزيع الموارد وتقاسم السلطة.

ويشدد مينتك على أن مواقف بارزاني يراد منها زيادة الضغط على بغداد لتطبيق المادة 140 من الدستور، لا التوجه الفعلي إلى إعلان الدولة.


يذكر أن المادة 140 من الدستور أشارت إلى إنجاز التطبيع والاحصاء، على أن يتم تنظيم استفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها، لتحديد إرادة مواطنيها في مدةٍ أقصاها 31  من شهر كانون الأول ديسمبر من عام 2007.

أحد الحلول المعقولة هو تقسيم العراق إلى ثلاث فيدراليات أو ثلاث دول مستقلة
لطيف شيخ مصطفى
الحس القومي الكردي

وأشار المحلل السياسي هافال زاخوي من جهته، إلى أن الحس القومي الكردي يعيش حالة ازدهار تسببت بها حالة الإحباط إزاء الأداء السياسي السيء والصراعات الحادة بين السياسيين، فيما اتخذت مظاهر التقسيم شكلا آخر من خلال الفجوة الثقافية الكبيرة لدى الجيل الكردي الشاب الذي لا يتحدث العربية، وأضاف أن الخطاب القومي برز من جديد وبدأت القيادات الكردية بشتى فئاتها في الحكم والمعارضة تذكي الحس القومي، وقد تعزز هذا الأمر في ظل الخلافات بين بغداد وأربيل، "فيما لوحظ وجود احتقان قومي أيضا في بغداد سعى البعض من خلاله إلى دغدغة المشاعر القومية العربية".

وبالرغم من إقراره بثقل هذه الخلافات إلا أن الباحث حيدر سعد يتفق مع الرأي القائل بأن الوقت لا زال مبكرا وأوضح أنه لا يمكن الحديث على المدى القريب عن هذا الخيار، بالرغم من الشروخ المجتمعية العميقة التي سببتها الأزمة السياسية في داخل كردستان.

وقال سعد إن الطموح الكردي انتعش خلال السنتين الماضيتين في ظل وجود شعور سلبي عام في كردستان بأن بغداد "لم تنتج إلا تسلطا، خصوصا وأن العرب فشلوا بعد سقوط صدام حسين في بناء سياسات ثقة مع الأكراد بل عززت الخوف لديهم".

علم إقليم كردستان

​​حق الشعوب في تقرير المصير

وشدد قرار 483 لسنة 2003 والقرارات 1956 و1957و1958 لسنة 2010   الصادرة عن مجلس الأمن الدولي على وحدة العراق لكن أيا منها لم يعرض إلى مسألة الإقليم، كما لم يعمد ميثاق الأمم المتحدة  إلى تعريف حق الشعوب في تقرير المصير واكتفى بالإشارة إليه في الفقرة الثانية من المادة الأولى.

لكن العلوم السياسية تعرفه بأنه" حق لكل مجتمع له هوية جماعية متميزة مثل الشعب أو المجموعة العرقية، يقوم من خلاله بتحديد أهدافه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية ، وأن يختار النظام السياسي الذي يناسبه، سواء أكان رئاسيًا أو برلمانيًا".

و لدى طهران وأنقرة ودمشق مواقف تاريخية تقطع برفض تحقيق حلم الأكراد، وأشار الباحث حيدر سعد إلى أن هذا الموقف تمثله أيضا سياسة البيت الأبيض وقال إن "استقلال كردستان ليس قرارا كرديا، والساسة الكرد يعون المصاعب الإقليمية المرتبطة بهذا القرار وقد تلقى بارزاني رسالة واضحة من أوباما مفادها أن واشنطن تدعم إقليم كردستان ضمن عراق فيدرالي.

أما في موازين الحكومة المركزية، فلا سبيل للحديث عن انفصال العضو الكردستاني عن الجسم العراقي في إطار دولة بداعي الاعتبارات الاتحادية التي نص عليها الدستور، ناهيك عما يطرحه موقع الإقليم بين يدي المالكي من عقد ليس أقلها قطعه طريق بغداد  إلى الشمال الذي تنفتح من خلاله على تركيا وما وراءها، ولا ينفصل هذا عن عقدة حزب العمال الكردستاني الإنفصالي الساعى أيضا إلى تحقيق حلمه الإقليمي هو الآخر على الجانب التركي إنطلاقا من ديار بكر.

ويعيش أربعة ملايين نسمة سوارنيّهم وكرمانجيّهم إلى جانب خليط من العرب والتركمان وغيرهم على مساحة قدرها 4 آلاف كيلو متر مربع، يجمعهم تاريخ بعيد ويوحدهم نشيد (أيها الرقيب)، يجمعهم حلم واحد يتمثل في العيش تحت راية إقليم يحلم بالتحول إلى إطار الدولة. ويعيش حول هؤلاء 12 مليون كردي في تركيا و 5،5 مليون في إيران و 1،5 مليون في سوريا ينتظر كثيرون منهم يوما يلتئمون فيه أيضا تحت راية واحدة ونشيد واحد.