على اليمين أكرم إمام أوغلو/على اليسار بن علي يلدرم
على اليمين أكرم إمام أوغلو/على اليسار بن علي يلدرم

كريم مجدي

"بإعادة الانتخابات في اسطنبول، أصبح هناك حالة عناد بين الناخب وبين أردوغان"، كان هذا أحد أسباب خسارة حزب العدالة والتنمية منصب رئاسة إسطبنول، يقول المحلل السياسي التركي جواد غوك لـ"موقع الحرة".

ولا يزال مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو متفوقا بنتيجة 54.21 بالمئة على منافسه بن علي يلدريم مرشح حزب العدالة والتنمية، الذي حصل على 44.99 بالمئة من أصوات الناخبين، وفقا لآخر النتائج المعلنة رسميا من قبل اللجنة العليا للانتخابات.

وقال رئيس اللجنة العليا للانتخابات التركية سعدي غوفن، إن إمام أوغلو حصل في الانتخابات المعادة على أربعة ملايين و741 ألف صوتا، فيما نال منافسه، تأييد 3 ملايين و935 ألف ناخبا.

​​وشهدت إسطنبول أمس انتخابات رئاسة المدينة مرة ثانية بين المرشحين إمام أوغلو وبن علي يلدريم، بعد أن أسفرت الانتخابات الأولى في 31 آذار/مارس، عن نسبة متقاربة للغاية بين المرشحين، بلغت 48.77 في المئة لإمام أوغلو، و48.61 في المئة لرئيس الوزراء السابق بن علي يلدرم، بفارق أصوات لا يتعدى الـ15 ألف صوت.

وتعد المشاركة في جولة الإعادة أكبر من الجولة الأولى في آذار/مارس الماضي، إذ وصلت المشاركة إلى 84.5 بالمئة، وكان عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم قد وصل إلى 8 مليون و925 ألف ناخبا، من أصل 10 ملايين و560 ألف، بينما وصلت نسبة المشاركة في الجولة الأولى إلى 83.86 بالمئة.

جواد غوك أشار إلأى أهمية فارق الأصوات بين الجولتين، فبعد أن كان نحو 15 ألف صوت بين المرشحين في أذار/مارس، قفز إلى 800 ألف صوت تقريبا في الإعادة.

ملف الأكراد

​​

 

"أحد أهم أسباب خسارة العدالة والتنمية، هو ملف الأكراد، فمنذ أيام سربت رسالة من مؤسس حزب العمال الكردستاني من سجنه، وقد طلب عبد الله أوجلان من الأكراد البقاء على الحياد في هذه الانتخابات، إلا أن الأكراد يبدو أنهم صوتوا لإمام أوغلو في هذه الانتخابات"، يقول جواد غوك.

على اليمين بن علي يلدرم/ وعلى اليسار أكرم إمام أوغلو - مناظرة إسطنبول 16 حزيران/يونيو 2019
مناظرة اسطنبول.. عن الفساد ومصير السوريين والأكراد
رغم سخونة المنافسة بين الرجلين على منصب رئاسة بلدية إسطنبول، إلا أن بداية المناظرة بينهما بدأت بمشهد مغاير، حيث تبادل الهدايا بمناسبة عيد الأب، كل من أكرم إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، وبن على يلدرم مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم.

​​ولفت المحلل السياسي التركي في حديثه لـ"موقع الحرة" إلى أن حزب العدالة والتنمية حاول استرضاء أوجلان مؤخرا من خلال السماح له بمقابلة محاميه وعائلته. ويقضي أوجلان عقوبة المؤبد في سجن إمرالي المشدد، فيما تصنف تركيا حزب العمال الكردستاني أو PKK جماعة إرهابية.

سبب آخر يراه غوك، وهو الأداء السيء للعدالة والتنمية في إدارة ملف اسطنبول خلال السنوات السابقة، واستشراء الفساد في المحليات. 

وكان إمام أوغلو قد أشار في بداية نيسان/أبريل الماضي، إلى أن حزب العدالة والتنمية الحاكم حاول محو سجلات المدينة من الحواسب الآلية، قبل تسلمه إدارة المدينة وحضور مدققين مستقلين لفحص السجلات، مجددا تعهده أنه سيأمر بإجراء عملية تدقيق مستقلة لسجلات المدينة للكشف عن الفساد.

وكان أردوغان وحزبه قد سيطرا على المدينة منذ العام 2002، وتتهمهم المعارضة بعقد صفقات مشبوهة وارتكاب مخالفات اقتصادية ومالية خلال فترة حكمهم، بحسب تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

​​

تصريحات مستفزة

​​

 

أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعة كوجالي التركية سمير صالحة، قال لـ"موقع الحرة" إن حزب العدالة والتنمية فشل في تحريك أصوات المقاطعين خلال الأيام الأخيرة بسبب التصريحات المتخبطة، بجانب تصريحات الحزب التي استفزت الناخب العادي.

"لقد هدد بعض أعضاء الحزب إمام أوغلو بأنه لن يمس كرسي رئاسة إسطنبول، ما لم يعتذر عما بدر منه تجاه والي مدينة أوردو، بعد خلاف نشب بينهما إثر منع دخول إمام أوغلو لقاعة كبار الزوار بالمطار"، يضيف صالحة.

وأشار صالحة إلى أن العدالة والتنمية حاول التقرب من حزب السعادة الإسلامي قبل الانتخابات، من أجل استمالة كتلة الحزب للتصويت لصالحه إلا أنه فشل في ذلك.

تصريح آخر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ساهم في هذه النتيجة كما يرى صالحة، وهو تشبيهه لداوود أوغلو وحزب الشعب الجمهوري بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأنصاره.

وكان أردوغان قد قال في إحدى الحشود الانتخابية قبيل الانتخابات، "البعض يقول إن نهاية أردوغان ستكون مثل نهاية مرسي في مصر، أنا أسألكم إذا هل ستقولون نعم للسيسي أم لبن علي يلدريم".

ويتفق ويتفق صالحة وغوك على أن النتيجة لن تؤثر كثيرا على السياسة العامة للدولة رغم ما تحمله اسطنبول من مكانة هامة سياسيا واقتصاديا، إذ يعتبرها البعض بوابة الفوز برئاسة تركيا.

​​وتعتبر الانتخابات المحلية أقل أهمية مقارنة بالرئاسية والبرلمانية، إلا أن هناك من يعتبرها مؤشرا على مدى القبول الشعبي للأوضاع المعيشية، خاصة وأنها أول انتخابات تعقد عقب تطبيق النظام الرئاسي الذي قرر الأتراك اعتماده في استفتاء نيسان/أبريل 2017.

وقد احتفظ الإسلاميون بمنصب عمدة المدينة منذ عام 1994 وحتى 2019، فيما كان الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان أبرز من تبوأ المنصب من عام 1994 إلى 1998، والذي كان نقطة انطلاقه نحو قيادة الدولة التركية.

وبشكل عام فقد أسفرت الانتخابات المحلية الأخيرة عن سيطرة حزب العدالة والتنمية الحاكم على 15 مدينة كبيرة بدلا من 18 كانت معه سابقا، في حين فاز حزب الشعب الجمهوري بـ11 مدينة مقابل ست مدن كان قد ربحها في انتخابات سابقة.

​​وقد سيطر حزب الشعب الجمهوري على محافظات كان حزب العدالة والتنمية قد فاز بها في انتخابات 2014، مثل بيله جك، وبولو، في وسط تركيا، ومحافظة أنطاليا في الجنوب، ومحافظة أرتوين، وأرداهان شمال شرق البلاد.

توقعات أنقرة بشأن العلاقة المقبلة مع إدارة دونالد ترامب ارتبطت على نحو محدد وخاص بسوريا.
توقعات أنقرة بشأن العلاقة المقبلة مع إدارة دونالد ترامب ارتبطت على نحو محدد وخاص بسوريا. Reuters

رغم تعدد الملفات العالقة بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية كان لافتا خلال الأيام الماضية أن توقعات أنقرة بشأن العلاقة المقبلة مع إدارة دونالد ترامب ارتبطت على نحو محدد وخاص بسوريا ومستقبل الهيكل العسكري الذي تدعمه واشنطن في مناطقها الشمالية والشرقية، المتمثل منذ سنوات بـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).

صدرت التوقعات على 3 مستويات، من أعلى هرم السلطة المتمثل بالرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، وصولا إلى وزير خارجيته، حقان فيدان ووزير دفاعه، يشار غولر. ورسمت في غالبيتها صورة "رهان" على احتمالية الانسحاب الأميركي من سوريا، بناء على ما حصل جزئيا في 2018.

وتعتبر تركيا "قسد" امتدادا لـ"حزب العمال الكردستاني" المصنف على قوائم الإرهاب لديها، وهو ما تنفيه الأولى التي تشكل "وحدات حماية الشعب" عمودها الفقري.

وكان ترامب قرر خلال ولايته الأولى في 2018 الانسحاب من سوريا، لكن تراجع عن القرار بعد اعتراض وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). وبعد عام من ذلك (2019) نفذ الجيش التركي عملية عسكرية مع فصائل سورية معارضة، وتمكن من خلالها من السيطرة على مدينتي رأس العين وتل أبيض ضمن عملية أسماها حينها بـ"نبع السلام".

وفقا لمراقبين وخبراء تحدث إليهم موقع "الحرة" يبدو من تصريحات المسؤولين الأتراك بعد فوز ترامب أنهم يتوقعون أن يكرر الرئيس الأميركي المنتخب ترامب ما فعله قبل 6 سنوات.

وفي حين لا تلوح في الأفق أية بوادر ترجح حصول ذلك يوضحون أن التركيز من جانب أنقرة على الملف السوري دون غيره يرتبط أيضا بسلسلة اعتبارات ومتغيرات حاصلة في الإقليم.

ما الذي تعوّل عليه أنقرة؟

بيان التهنئة الذي وجهه إردوغان لترامب حال فوزه (8 من نوفمبر) كان أولى محطات التركيز على الملف السوري دون غيره، إذ أشار الرئيس التركي لمرتين إلى احتمال شن عملية عسكرية جديدة عبر الحدود، مجددا التأكيد على هدف إنشاء "حزام أمني" على طول الحدود الجنوبية بعمق من 30 إلى 40 كيلومترا.

كما أوضح إردوغان أنه سيواصل محادثاته "عبر دبلوماسية الهاتف" مع ترامب، وسيناقش معه موضوع الانسحاب الأميركي من سوريا، وهي جزئية تطرق إليها وزير الخارجية، حقان فيدانوأعاد التذكير بها في مناسبة منفصلة.

وقال فيدان قبل يومين لصحيفة "ملييت": "نذكّر محاورينا الأمريكيين باستمرار بضرورة إنهاء تعاونهم مع المنظمة الإرهابية في سوريا. وقد زادت اتصالاتنا بشأن هذه المسألة"، مضيفا: "نرى أن الجانب الأمريكي يؤيد أيضا إجراء المزيد من المحادثات والمشاورات".

وانضم إليه وزير الدفاع، يشار غولر، معتبرا، مساء الثلاثاء، في مقابلة مع الصحفية كوبرا بار أن "ترامب سيركز على موضوع سحب القوات الأميركية في سوريا"، وزاد: "في فترة رئاسته الأولى أصدر أوامره ثلاث مرات لسحب القوات من سوريا، ومع ذلك لم يتم تنفيذ ذلك".

ويوضح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كوجالي، سمير صالحة أن نقاشات الملف السوري الحالية بين واشنطن وأنقرة تختلف عن تلك التي حصلت في عام 2019. أي في فترة ولاية ترامب الأولى.

ويشير في حديثه لموقع "الحرة" إلى وجود أكثر من متغير على الأرض في الوقت الحالي. وهذه المتغيرات مرتبطة بمسائل محلية وإقليمية، وتؤثر جميعها على القرارات الاستراتيجية التركية الأميركية المرتبطة بسوريا.

وبناء على ما سبق يجب الأخذ بالاعتبار هذه المتغيرات عند تقييم وبحث مآلات ومستقبل العلاقة ما بين تركيا والولايات المتحدة حال تسلم ترامب ولايته الثانية رسميا، بحسب صالحة.

"ما وراء طروحات إردوغان الملفتة"

يعتبر أستاذ العلاقات الدولية أن طروحات الرئيس التركي بشأن سوريا بعد فوز ترامب كانت "ملفتة"، خاصة عندما أعاد التأكيد على ضرورة ربط حلقات "المنطقة الآمنة" التي تتمسك أنقرة بإنشائها على طول الحدود مع سوريا والعراق.

ويشرح في المقابل حيثيات عدة نقاط ترتبط بالتركيز التركي على الملف السوري الآن وستكون في صلب نقاشات أنقرة مع الإدارة الأميركية الجديدة.

تتعلق هذه النقاط أولا بمسألة النفوذ الإيراني في سوريا وما تعمل عليه إسرائيل ضد طهران وميليشياتها في سوريا وسيناريوهات "الإضعاف" الحاصل على الأخيرة بوجهة نظر تركية.

وتذهب أخرى باتجاه روسيا، ومن منطلق أن "التفاهمات التركية الأميركية لا يمكن أن تكتمل دون الأخذ بعين الاعتبار ما تريده موسكو"، وفق أستاذ العلاقات الدولية.

ما تفعله إسرائيل أيضا في سوريا سيكون لها تأثير على فحوى نقاشات أنقرة وواشنطن.

ويعتقد صالحة أن طبيعة الحد الذي ستصل إليها إسرائيل ضد إيران سيكون مسألة مقعدة وعقدة أساسية في النقاشات المحتملة بين تركيا والولايات المتحدة، وخاصة في حال قالت إسرائيل: "يجب أن أحصل على تواجد على طاولة رسم الخرائط الجديدة في سوريا".

ومن جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي، عمر كوش أن التركيز التركي على سوريا الآن يخفي ورائه "مراهنة على أن ترامب قد ينسحب من البلاد كما فعل في ولايته الأولى.وتراجع بعد ذلك إثر ضغوط البنتاغون".

ويعتقد كوش في حديثه لموقع "الحرة" أن "ترامب بولايته الجديدة ربما يكون أكثر تحررا من الضغوط التي واجهها في 2018، وبالتالي يمكنه أن ينفذ ما يراه مناسبا بما في ذلك الانسحاب من سوريا واستكمال الانسحاب النهائي من العراق".

ما المتوقع أميركيا؟

لم ينقطع الدعم الأميركي عن "قسد" في شمال وشرق سوريا منذ عام 2015 وما يزال ساريا حتى الآن.

وفي غضون ذلك لا يبدو شكل السياسة التي ستكون عليها إدارة ترامب واضحا، سواء في المنطقة أو في سوريا بالتحديد.

ولكن بالنظر إلى ما حصل عام 2019، هناك تساؤل مفتوح حول ما إذا كان مثل هذا الانسحاب سيكون تدريجيا أو مفاجئا أو حتى ضمن قائمة الأمور التي يجب تنفيذها في عام 2025، كما يقول الباحث الأميركي في شؤون الشرق الأوسط، ريان بوهل.

وبما أن إدارة ترامب ستركز على العديد من القضايا الداخلية، بما في ذلك الهجرة، فإنه ليس من الواضح ما إذا كانت ستبدي اهتماما بالانسحاب المفاجئ من سوريا في العام المقبل، وفقا لحديث بوهل لموقع "الحرة".

ولكن سيكون لدى إدارة ترامب خيار بين انسحاب تدريجي يتضمن التفاوض مع تركيا وسوريا و"قوات سوريا الديمقراطية" (SDF) لمحاولة إيجاد حل حكومي قابل للتطبيق لا يؤدي فورا إلى غزو سوري أو تركي لشمال شرق سوريا.

ومع ذلك يعتبر الباحث الأميركي أن "إدارة ترامب انفعالية.. ولا يزال من الممكن أن يأمر الرئيس المنتخب فجأة بسحب جميع القوات الأمريكية من سوريا، خصوصا كرد فعل على حدث سياسي داخلي أو انتقاد من قاعدته، أو نتيجة هجمات تُعتبر جرّا للولايات المتحدة إلى حرب شرق أوسطية أخرى غير مرغوب فيها".

وتوجد عدة عوامل تساعد ترامب على اتخاذ قرار انسحاب جديد من سوريا، كما يرى المحلل السياسي، كوش، ومن بينها الأغلبية التي حصل عليها حزبه في مجلسي النواب والشيوخ.

كما سيكون هناك تغيرات كبيرة في المؤسسات، ولذا يمكن أن يساعده الطاقم الجديد الذي سيختاره على تحقيق رغبته في الانسحاب، وفقا لكوش.

ويتابع: "القيادة التركية تراهن على ذلك، وتعوّل أيضا على العلاقة الشخصية التي تجمع إردوغان بترامب، والتي سمحت لأنقرة تنفيذ عمليتين في عفرين ومدينتين في شمال سوريا (رأس العين، تل أبيض)".

ارتياح أم قلق؟

في ورقة بحثية نشرتها الثلاثاء رأت مديرة مؤسسة لـ "مركز الدراسات التركية" في "معهد الشرق الأوسط"، غونول تول أن "فترة ولاية ترامب السابقة في منصبه يجب أن تمنح أنقرة الكثير مما يجعلها تشعر بالقلق في ولايته الثانية".

ورغم أن إردوغان أعرب عن حماسه لنتائج الخامس من نوفمبر لكنه قد يندم على ذلك، على حد تعبير تول.

وتضيف: "من سوريا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، قوضت تصرفات ترامب في ولايته الأولى المصالح التركية. وقد تشكل رئاسة ترامب الثانية تحديات أخرى لأنقرة"، مستندة بذلك إلى عدة اعتبارات.

وبين تلك الاعتبارات أن مايك والتز الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب هو "مؤيد قوي للميليشيات الكردية السورية وكان وراء قرار فرض عقوبات على تركيا في عام 2019".

من ناحية أخرى يشير أستاذ العلاقات الدولية صالحة إلى عامل قلق آخر بالنسبة لأنقرة، ويرتبط بما إذا كان الرئيس المنتخب ترامب قد يعتمد على سياسة جديدة منفتحة أكثر على روسيا.

وقد تنعكس تلك السياسة بالإيجاب على إسرائيل، وتعمل على تقويتها أكثر فأكثر في الملف السوري.

ودائما ما كان الطرح التركي هو الجلوس على طاولة ثلاثية مع روسيا والولايات المتحدة، بحسب صالحة، ويقول متسائلا: "هل تنجح أنقرة بإقناع ترامب وبوتين الآن في ترتيب هذه الطاولة وحسم الكثير من المسائل؟".

وتبرز تساؤلات أخرى تتعلق بشمال شرق سوريا بالتحديد ووضع "قسد"، بينها وفق ما استعرضها صالحة: هل ستقبل تركيا بسحب السلاح وانسحاب "قسد" من شرق الفرات والبقعة الجغرافية التي تتحدث عنها وتكتفي بذلك؟

ويستبعد صالحة أن تقبل أنقرة بذلك، ويوضح أن تركيا عندما تناقش موضوع "قسد" مع واشنطن لن تكتفي بطلب سحب السلاح وتراجعها عن الحدود لمسافة تزيد عن 30 كيلومترا، بل ستثير موضوعا آخرا بشأن طبيعة ما تفكر به واشنطن بخصوص سوريا ككل، سياسيا ودستوريا.

الخاسر والمستفيد

يعتقد المحلل السياسي كوش أن الخاسر الأكبر في حال اتخذ ترامب مجددا قرار الانسحاب من سوريا سيكون "حزب الاتحاد الديمقراطي" ومخرجاته العسكرية (قسد ومسد)".

ويقول: "في حال حصل أي انسحاب ستكون هذه المخرجات العسكرية في مواجهة تركيا وفصائل المعارضة المنتشرة في غرب الفرات على نحو أكبر".

لكن المحلل السياسي يعيد التأكيد أن "القضية مرهونة بطاقم الإدارة وبما سيقرره ترامب، الذي لا يمكن التنبؤ بقراراته أيضا".

وباعتقاده أيضا سيشهد الملف السوري تغيرات كبيرة قد يفرضها حصول اتفاق جديد ما بين ترامب ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين.

ويعتبر الأكاديمي السوري المقيم في القامشلي، فريد سعدون أن "ترامب يعرف بقراراته الارتجالية. هو رجل يعتمد على سياسة براغماتية منفعية، وقراراته مرتبطة بالمكاسب".

لكنه يقول لموقع "الحرة" إنه "توجد الكثير من المواضيع الاستراتيجية ولا يمكن تجاوزها من قبل الإدارة الأميركية الجديدة".

في حال فكّر الرئيس الأميركي المنتخب بترك مناطق شرق الفرات في سوريا "يكون أعطى فرصة ذهبية لبقية اللاعبين (تركيا وإيران، وروسيا)، وبالتالي سيخسر ورقة مهمة في المنطقة"، على حد تعبير الأكاديمي السوري.

كما يضيف: "إذا فكر بالانسحاب وكأنه يساعد من هم في صراع معه على أن ينتصروا ويتغلبوا عليه.. وأن يؤمنوا موارد لتمويل عملياتهم العسكرية وتطبيق سياساتهم في المنطقة".

ومع ذلك، تذهب التوقعات في شمال شرق سوريا إلى أن ترامب لن يكرر ما فعله في 2019، بانسحابه من بعض المناطق، بحسب ما يشير الأكاديمي السوري.

ويعتقد سعدون أنه "ربما تحصل تفاهمات بين الولايات المتحدة وتركيا حول المنطقة الآمنة. أي أن يعمل ترامب على الضغط على قسد لتبتعد عن الحدود دون أن يسمح للأتراك أن ينفذوا اجتياحا بريا".