شعار شبكة يازبي للتواصل الاجتماعي التركية الجديدة
شعار شبكة يازبي للتواصل الاجتماعي التركية الجديدة

كريم مجدي

تحتل تركيا مراتب متأخرة في مؤشر الحريات العامة وحقوق الإنسان. ورغم الانتقادات الدولية للقبضة التي تفرضها حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، لا تزال الدولة تعزز هذه القبضة بمزيد من الإجراءات. 

في العامين الماضيين، شهدت تركيا محاولات للسيطرة على الإنترنت عبر اعتقال النشطاء، أو حجب المواقع الإلكترونية، أو إيجاد البدائل المحلية للمواقع العالمية الشهيرة.

وكان مهندسون ورواد أعمال أتراك، قد أطلقوا الأسبوع الماضي منصة تواصل اجتماعي محلية جديدة تدعى "يازبي" Yazbee، والتي تطمح لجذب نحو 30 مليون مستخدم خلال عام واحد.

وقال الرئيس التنفيذي لمنصة Yazbee، عريف أونفار، إن المنصة تستخدم برامج مطورة محلية بنسبة مئة بالمئة، مضيفا أن جميع البيانات التي تخص المنصة محفوظة داخل تركيا.

وأضاف أونفار في تصريحات صحفية أنهم يسعون الوصول إلى سوق دول البلقان والشرق الأوسط والقوقاز في المستقبل.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أنشأ حسابا على Yazbee، وقال في أول منشور له "إن مواقع التواصل الاجتماعي المحلية الوطنية، التي يتم تطويرها، والتي قد وصلت إلى مرحلة متقدمة نتيجة الجهود العظيمة، وإسهامات مجلس البحث العلمي والتكنولوجي TUBITAK، وها هي شبكة Yazbee قد تم إطلاقها".

​​وتعتمد Yazbee على مراكز بيانات شركة "توركسيل" للاتصالات الواقعة في منطقة غيبزة شرق مدينة إسطنبول، وتعتبر أقوى شركة اتصالات تركية.

يذكر أن بكر باك ديميرلي وزير الزراعة والغابات التركي الحالي كان ضمن أعضاء المجلس الإداري لشركة "تورك سل".

وتقوم دول مثل روسيا والصين وإيران بإطلاق منصات اجتماعية محلية، لجذب مواطنيها عن المنصات العالمية مثل "فيسبوك" و"تويتر"، ولتسهيل عملية الرقابة على هذه المنصات المحلية.

الباحث في الشأن التركي صلاح لبيب يرى أن تركيا من أكثر الدول تراجعا في مجال حرية الإنترنت، ولطالما حجبت المواقع الرئيسية لحجب المعلومات عن الوصول للجمهور، أو لعقاب بعض وسائل التواصل الاجتماعي لرفضها التعاون مع الحومة التركية في كشف المعارضين.

وأضاف لبيب في حوار مع موقع الحرة أن "السلطوية التركية تجاه وسائل التواصل الاجتماعي تنامت بعد عام 2013، عندما عندت الحكومة على مواجهة طيف جديد من الشباب الأتراك الذين يستخدمون وسائل التواصل بهدف نقد الحكومة، وذلك بالتزامن مع ثورات الربيع العربي."

"مع تنامي مساعي الحكومة لمواجهة نشاط جمهور الشبكات الاجتماعية، قامت الحكومة باعتقال العشرات من أكبر مشاهير الإنترنت في البلاد، من أجل إخافة البقية من توجيه النقد للحكومة، بالإضافة إلى اعتقال مناصرين لمرشحي الرئاسة ومؤيدي برلمانيين سابقين ومرشحي البلديات"، يضيف لبيب.

ولفت الخبير في الشأن التركي إلى أن اتجاه الحكومة الحالي لتأسيس وسائل تواصل محلية يعدا مؤشرا على تنامي السلطوية في البلاد بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.

واجهة موقع "يازبي" التركي

​​

بدائل محلية تركية

​​

 

وفي العام الماضي اتهم الكاتب بصحيفة "Haberturk" محرم ساريكيا، شركة توركسل بالترويج لحزب العدالة والتنمية سياسيا بموجب اتفاق بين الجانبين.

وكانت شركة "تورك سل" قد أطلقت في عام 2017 محرك البحث Yaani أو "يعني"، والذي خصص لمستخدمي اللغة التركية في المقام الأول، وتحتفظ البيانات أيضا بمنطة غيبزة شرق إسطنبول.

وصرح المدير التنفيذي لتورك سل حينها، كان ترزي أوغلو، "إذا أردنا أن يكون لنا صوت في العهد الجديد، يجب علينا أن نحافظ على بياناتنا الرقمية في بلادنا، ونحولها إلى خدمات مبتكرة".

من ناحيتها، قالت منظمة "تركي بلوكس" المهتمة بحرية الإنترنت في تركيا إن محلليها أشاروا إلى أن تطبيق Yaani يقوم بعمليات البحث مستخدما محرك ميكروسوفت Bing، ومن ثمة تقديمها عبر تطبيق Yaani.

وتقول المنظمة إن هذا يلقي بشكوك حول ما قيل في الحفل الافتتاحي للتطبيق عن أنه جديد، مضيفة أن Yaani يعرض نتائج بحث لموقع "ويكيبيديا" المحجوب بتركيا أصلا. 
 

واجهة محرك Yaani التركي للبحث والذي وضعته شركة تورك سل كبديل لمحركات البحث العالمية

​​

الرقابة الرقمية بتركيا

​​

 

وتسعى الحكومة التركية منذ سنوات قليلة إلى إحكام السيطرة على محتوى الانترنت الذي يراه الأتراك، وكانت الخطوة الأبرز عندما حجبت وزارة الاتصالات التركية موقع "ويكيبيديا".

وكانت وزارة الاتصالات التركية قد حجبت موقع ويكيبيديا في عام 2017، وقال وزير الاتصالات حينها إن الحكومة حجبت الموقع لأنه "جزء ضمن حملة تشويه"، ويتهم تركيا بالاصطفاف والتنسيق مع المجموعات الإرهابية.

يذكر أن تركيا تحتل مركزا متأخرا في حرية الصحافة وفقا لمنظمة "صحفيون بلا حدود"، حيث تحتل المركز 157 من أصل 180 دولة.

وبحسب المنظمة فإن السلطات التركية قد حجبت نحو 2،950 مقالا صحافيا في عام 2018 بموجب أحكام قضائية، فيما تم حجب نحو ألفي مقال منشور على موقع صحيفة "حريت" خلال الخمس سنوات الماضية.

وقالت المنظمة إن معايير السلطات التركية لحظر المحتوى تتسع مع الوقت، وتشمل مواضيع مثل كشف الفساد، والقضايا المتعلقة بالأقلية الكردية في تركيا، وانتقاد السياسيين، والزعماء الدينيين أو المشاهير، وكشف انتهاكات حقوق الإنسان.

يذكر أن موقع "ساوند كلاود" قد حجب في تركيا في يناير 2014، بعد نشر مكالمات هاتفية لرئيس وزراء تركيا آنذاك رجب طيب أردوغان، فيما تحجب السلطات التركية موقعي فيسبوك وتويتر من حين لآخر بشكل مؤقت بعد حدوث عمل إرهابي.

تصريحات إردوغان كانت لافتة
إردوغان بلقطة أرشيفية

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الاثنين، إن تركيا ستبقى على موقفها المناهض للحكومة الإسرائيلية مهما كان الثمن. داعياً العالم إلى اتخاذ المثل، باعتباره "موقفاً مشرّفاً" وفق تعبيره.

وأضاف بمنشور على حسابه في منصة إكس، بمناسبة ذكرى مرور عام على اندلاع الحرب في قطاع غزة "قُتل 50 ألفاً من إخواننا وأخواتنا بوحشية، أغلبهم أطفال ونساء. ولم تعد المستشفيات وأماكن العبادة ومدارس مختلف الأديان في غزة قائمة. العديد من الصحفيين وممثلي المنظمات غير الحكومية ومبعوثي السلام لم يعودوا معنا".  

وأشار إردوغان إلى التصعيد العسكري بين إسرائيل وحزب الله بقوله "ليس النساء والأطفال والرضع والمدنيون الأبرياء وحدهم الذين يموتون في غزة وفلسطين ولبنان حالياً، بل هي الإنسانية التي تموت أيضاً".

وأضاف "ما تم ذبحه أمام أعين العالم لمدة سنة واحدة بالضبط على الهواء مباشرة، هو في الواقع كل البشرية، وكل آمال البشرية في المستقبل".

وشبّه إردوغان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بزعيم ألمانيا النازية أدولف هتلر، قائلاً "كما أوقف التحالف المشترك للإنسانية هتلر سيتم وقف نتانياهو من معه".

كما وصف ما يجري في غزة بـ"الإبادة الجماعية"، مطالباً العالم بالمحاسبة وبغير ذلك لن يحلّ السلام، على حد تعبيره.

وفي مارس الماضي، انتقد نتانياهو وصف إردوغان له ولحكومته بـ"القتلة" وتشبيه حكومته بـ"النازية"، وهو ما تكرر اليوم الاثنين في منشور الرئيس التركي.

وقال نتانياهو آنذاك إن "إسرائيل تلتزم بالقانون الدولي" مضيفاً أن إردوغان "ينكر الإبادة الجماعية للأرمن، ويذبح الأكراد في بلاده، ويتنافس على الرقم القياسي العالمي في القضاء على معارضي النظام والصحفيين وسجنهم".

وكان الرئيس التركي اقترح على الأمم المتحدة في نهاية سبتمبر الماضي، التوصية باستخدام القوة إذا لم تتوقف إسرائيل عن شنّ الهجمات في قطاع غزة ولبنان.

وقال إردوغان بعد اجتماع للحكومة في أنقرة "يجب على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تستخدم سريعاً سلطة التوصية باستخدام القوة، كما فعلت في قرار الاتحاد من أجل السلام عام 1950، إذا لم يتمكن مجلس الأمن من إظهار الإرادة اللازمة". 

وحثّ أيضاً الدول الإسلامية على اتخاذ خطوات اقتصادية ودبلوماسية وسياسية ضد إسرائيل للضغط عليها من أجل قبول وقف إطلاق النار، مضيفاً أن "هجمات إسرائيل ستستهدفهم (الدول الإسلامية) أيضا، إذا لم يجر إيقافها قريباً".