أويغور في تركيا يحملون صور أهاليهم المعتقلين في الصين
أويغور في تركيا يحملون صور أهاليهم المعتقلين في الصين

يخشى أحمدي شيانميشيدينغ المهاجر الصيني في اسطنبول والمتحدر من أقلية الأويغور المسلمة الناطقة بالتركية، ترحيله إلى بلاده بعد تمضيته شهرين ونصف شهر في مركز لاحتجاز المهاجرين في تركيا.
قبيل منتصف ليل 30 مايو الماضي، دق شرطيان تركيان جرس منزل أحمدي الذي يؤكد أنهما قالا له "لدينا بضعة أسئلة نريد طرحها عليك في المخفر، سنعيدك بعدها".

لم يعد

لكن بعد مرور أكثر من شهرين لم يعد أحمدي. ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية من مركز احتجاز المهاجرين حيث هو موقوف، إنه يخشى ترحيله إلى الصين.

ولطالما كانت تركيا ملاذا لعشرات آلاف الأفراد من أقلية الأويغور التي تتعرض لحملة قمع من جانب بكين، بحسب منظمات غير حكومية عدة.

مخاوف  
لكن الخوف انتابهم منذ بضعة أشهر بسبب شائعات عن ترحيلهم، تنفيها أنقرة، وعن امرأة أويغورية أُرسلت في يونيو مع طفليها إلى طاجيكستان بعد أن حصلت على جواز سفر هذا البلد ومن هناك إلى الصين.

وحسب راديو فري آسيا، في نهاية يونيو الماضي رحل ما لا يقل عن ثلاثة أويغوريين إلى الصين من تركيا عبر طاجيكستان  ويواجهون الآن الاضطهاد من السلطات الصينية في منطقة شينجيانغ.

ونقل الراديو عن شقيقة إحدى المرحلين تعيش في السعودية " احتجز (أقربائي) في ازمير حيث منحوا الجواز الطاجكي، وبعدها أرسلوا قسرا إلى طاجكستان رغم أنهم مقيمون في تركيا بشكل شرعيوتابعت قائلة ​"شقيقتي وطفلاها اعتقلا في مطار دوشانبي ثم نقلا تحت تأثير مخدر إلى الطائرة المتجهة الى أورومكي..لكن اختي اختفت بعد الوصول، مصيرها لا يزال مجهولا".

ويقول أحمدي لوكالة الصحافة الفرنسية التي تمكنت من التواصل معه عبر الهاتف السبت، من مركز الاحتجاز الواقع في مدينة بهلوانكوي في محافظة كيركلاريلي (شمال غرب) "سمعت عن أويغوريين ترحلهم تركيا إلى طاجيكستان من حيث يتم إرسالهم إلى الصين. أخاف من أن يحصل معي الأمر نفسه".

وعام 2016، غادر أحمدي البالغ 29 عاما منطقة شينجيانغ حيث تعيش أقليات مسلمة عدة في شمال غرب الصين، وانتقل مع زوجته وطفليه للعيش في حيّ شعبي في اسطنبول.

"رجل كادح" ​​

وأوقف أحمدي في 30 مايو ويُشتبه بأنه قدم دعما ماليا لتنظيم إرهابي" معروف باسم "الحركة القومية الأويغورية الدولية"، وفق وثائق قضائية اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية.

وينفي أحمدي بشكل قاطع الاتهامات الموجهة إليه ويؤكد أنه لم يسمع "يوما عن هذا التنظيم" قبل أن يتمّ توقيفه.

وتروي زوجته أكيدي البالغة 25 عاما عبر الهاتف "كنا دائما بعيدين عن ما يمكن أن يجلب لنا مشاكل". وتضيف وهي تجهش بالبكاء "زوجي رجل كادح كل ما يهم بالنسبة إليه هو تأمين مستقبل لطفلينا.

 "
سنعيدك"

أحمدي الحائز على تصريح إقامة وإذن عمل تركيين، كان يقيم بشكل شرعي في تركيا.

ويشرح الصيني المتحدّر من مدينة غولدجا يينينغ في شينجيانغ أنه اختار عام 2016 المنفى هربا من "وضع كان يتحوّل من سيء إلى أسوأ".

وبحسب منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان، تحتجز الصين ما يصل إلى مليون شخص من أقلية الأويغور وأقليات مسلمة أخرى في مراكز "إعادة تأهيل" في شينجيانغ.

وتنفي بكين هذه الاتهامات وتقول إن هذه المعسكرات هي "مراكز تدريب مهني" تتيح محاربة "التطرف".

ويتجاهل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان في السابق مدافعا شرسا عن الأويغور، حاليا الانتقادات الموجهة إلى الصين في حين تسعى أنقرة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية ببكين.

ولم يتسن للوكالة الوصول إلى أي مسؤول تركي للتعليق على حالة أحمدي.

وأكد مسؤولون أتراك في أجهزة الهجرة أثناء لقاء مع الصحافة الأجنبية الشهر الماضي في اسطنبول، أن بلادهم لم ترحل أبدا الأويغور إلى الصين.

ولدى سؤالهم عن حالة المرأة الأويغورية التي تمّ ترحيلها إلى طاجيكستان في يونيو، أكد هؤلاء المسؤولون أن سفارة طاجيكستان لدى أنقرة أشارت إلى المرأة على أنها إحدى رعاياها وهي لم تكن تملك أي وثيقة ثبوتية تؤكد العكس.

وصرح المسؤول التركي رمضان سشيلميش أثناء هذا الاجتماع أن سفارة طاجيكستان "شددت على واقع أنها طاجيكستانية. سنكتشف ما الذي حدث. نحن لا نرحل أبدا الأويغور إلى الصين".

ويشتبه ناشطون أويغور بأن طاجيكستان تعمل بناء على أوامر تتلقاها من بكين عبر الإشارة إلى الأويغوريين على أنهم من رعاياها ومنحهم جوازات سفر بهدف "استعادتهم" وبعدها ترحيلهم إلى الصين.

يأخذ أحمدي نفسا عميقا يمكن سماعه عبر الهاتف ويقول "الصين يمكن أن تقوم بذلك".

ويروي أن في الأشهر التي تلت انتقاله إلى اسطنبول عام 2016، تلقى "تهديدات" عبر تطبيق المراسلة الصينية "وي تشات".

ويضيف أن "شرطيين كانوا يقولون لي: انتظر قليلا، سنعيدك".

 

طول خط الأنابيب العراقي التركي يصل إلى 900 كيلومتر ـ صورة أرشيفية.
طول خط الأنابيب العراقي التركي يصل إلى 900 كيلومتر ـ صورة أرشيفية.

بطول 900 كيلومتر، يمتد خط أنابيب العراق - تركيا النفطي، من كركوك شمالي البلاد مرورا ببلدة فيش خابور الحدودية التابعة لإقليم كردستان، إلى ميناء جيهان التركي (جنوب) على البحر المتوسط.

وبعد توقف دام لأكثر من سبعة أشهر، يستأنف تشغيل خط أنابيب النفط العراقي خلال هذا الأسبوع، بحسب ما أعلنت تركيا الإثنين.

وكشف وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، أن تشغيل خط الأنابيب العراقي، "سيكون قادرا على نقل حوالي نصف مليون برميل نحو الأسواق العالمية".

خط النفط العراقي التركي

ويمتلك العراق وهو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة "أوبك" بعد السعودية، خامس أكبر احتياطيات نفط مؤكدة في العالم، تبلغ 145 مليار برميل، وتمثل 17 في المئة من الاحتياطيات الموجودة في الشرق الأوسط، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية "EIA".

وتم تطوير خط أنابيب العراق-تركيا ليساعد البلاد على تصدير أكثر من مليون برميل من النفط الخام يوميا إلى منطقة المتوسط عبر ميناء جيهان التركي.

ووقع الجانبان اتفاقية تشغيل الخط في عام 1973، وأدخلا عليها تحديثات في أعوام 1976 و1985 وصولا إلى 2010، العام الذي تم فيه تمديد العمل بالاتفاقية.

وتنص الاتفاقية الموقعة أن الحكومة التركية "يجب أن تمتثل لتعليمات الجانب العراقي فيما يتعلق بحركة النفط الخام القادم من العراق في كافة مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية".

سنوات من الخلافات

وبدأت التوترات بين أنقرة وبغداد حول الموضوع، نتيجة خلافات بين كردستان والحكومة الاتحادية حول تدبير ملف الثروات الطبيعية، خاصة بعد عام 2007، عندما أصدر الإقليم قانون النفط والغاز، والذي تلاه تأسيس عدة شركات لاستكشاف وإنتاج وتكرير وتسويق النفط.

وخلال السنوات التالية، أبرم إقليم كردستان العراق مجموعة من العقود مع شركات أجنبية للتنقيب واستخراج النفط، من دون موافقة الحكومة الاتحادية، وهو ما تعتبره بغداد حقا لها بموجب الدستور.

ومنذ أوائل عام 2014، سمحت أنقرة لحكومة إقليم كردستان العراق بتصدير النفط بشكلٍ مستقل عن وزارة النفط الفدرالية، من خلال ربط خطوط الأنابيب الكردية بالخط القادم من كركوك في بلدة فيش خابور.

ومكنت الخطوة حكومة كردستان العراق من بيع نفطه مباشرة إلى السوق والاحتفاظ بالإيرادات، في خطوة اعتبرتها بغداد غير قانونية، في حين الأكراد يعتبرونها تعويضا عن الرواتب المستقطَعة. بحسب ورقة تحليلية للزميل في معهد واشنطن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، مايكس نيتس.

ورغم الخلاف على هذا النفط، إلا أن جاذبيته كانت كبيرة للمستوردين في المنطقة خاصة، وأن أربيل كانت تبيعه بخصم يتراوح بين 15-18 دولار بحسب بيانات 2022، وفقا للتحليل.

وأشار المصدر ذاته إلى أنه رغم خسائر الإقليم في العائدات بسبب نسب الخصم إلا أنها "لم تذعن لبغداد"، وهو ما أثل كاهل الموارد المالية لكردستان بديون بمليارات الدولارات.

كما اتفق سابقا على أن يسلم إقليم كردستان 250 ألف برميل من النفط في اليوم ليتم تصديرها من بغداد، مقابل حصة من الموازنة العامة تدفع كرواتب للموظفين الحكوميين ونفقات أخرى.

لكن أربيل لم تسلم النفط قط، والمدفوعات من بغداد لم تكن منتظمة، بحسب تحليل أيضا. 

وفي مايو 2014، دفع هذا الخلاف "شركة تسويق النفط" العراقية إلى رفع دعوى تحكيم لدى "غرفة التجارة الدولية"، نيابة عن وزارة النفط. 

واعتبرت بغداد أن تركيا خرقت اتفاقية خط الأنابيب الموقعة، باستيرادها النفط من كردستان العراق من دون إذن الدولة العراقية. 

وفي مارس الماضي، قضت غرفة التجارة الدولية بأن على تركيا أن تدفع لبغداد تعويضا قدره 1.5 مليار دولار، مستندة على شرط في اتفاقية عام 1973 يقضي بأن تركيا لن تشتري النفط إلا عن طريق شركة تسويق النفط العراقية الحكومية، بحسب "فورين بوليسي".

تبعات القرار

ومنذ ذلك الحين، أوقفت تركيا عبور حوالي 350 ألف برميل يوميا من النفط الخام من إقليم كردستان وحقول كركوك عبر خط الأنابيب الذي يصل إلى الأسواق العالمية عبر ميناء جيهان التركي، بعد أن أمر حكم في قضية تحكيم صادر عن غرفة التجارة الدولية أنقرة بدفع تعويضات لبغداد عن الصادرات غير المصرح بها من قبل حكومة إقليم كردستان العراق بين عامي 2014 و2018.

وبدأت تركيا بعد ذلك أعمال الصيانة في خط الأنابيب الذي يصل طوله إلى أكثر من 900 كيلومتر ويمر عبر منطقة نشطة زلزاليا، بعد أن قالت إنه تضرر من الزلزال الذي ضرب البلاد في شهر فبراير.

وقبل توقف عملياته، كان خط الأنابيب ينقل حوالي 80 ألف برميل يومياً من صادرات النفط الخام من محافظة كركوك وحوالي 390 ألف برميل يوميا من الصادرات من كردستان العراق، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، وفقا لموقع "إنتلجنس إنيرجي".

وكلف إيقاف تركيا لعملية النقل كلا من بغداد وأربيل نحو 5 مليارات دولار من إجمالي إيراداتهما عبر هذا الخط، إلى حدود أواخر أغسطس الماضي، فيما تراوحت خسائر أنقرة بين 2 و3 ملايين دولار يوميا من رسوم عبور النفط على أراضيها، وفقا لأرقام معهد الشرق الأوسط.

ورغم أنها لا تشكل سوى 0.5 في المئة من الإمدادات العالمية، تسبب توقف صادرات الخام عبر أنبوب كركوك ـ جيهان، في زيادة أسعار النفط ليعود إلى مستويات 80 دولارا للبرميل، في شهر مارس.

وفي ختام ذلك، وقعت الحكومة الاتحادية العراقية وإقليم كردستان المتمتعة بالحكم الذاتي اتفاقهما النفطي المؤقت في أبريل، تقضي بأن تتولى بغداد عملية الإشراف الكامل على تصدير النفط من حقول الإقليم.

وفي شهر مايو الماضي، طلبت وزارة النفط العراقية من شركات النفط والغاز العاملة في إقليم كردستان توقيع عقود جديدة مع شركة التسويق المملوكة للدولة (سومو) بدلا من حكومة الإقليم.