صورة لمدينة اسطنبول - 5 أغسطس 2019
صورة لمدينة اسطنبول - 5 أغسطس 2019

17480 شخصا قضوا نحبهم في 37 ثانية فقط ، وهي المدة التي استغرقها زلزال مرمرة التركي أو إزميت، في 17 أغسطس عام 1999.

تحل الذكرى الـ20 لهذه الفاجعة وسط تخوفات من تكرارا السيناريو بزلزال آخر لم تستعد له المباني بعد رغم التوصيات باعتماد معايير جديدة تقاوم الزلازل.

الزلزال خلف 50 ألف مصاب، وبلغت الخسائر المادية التي سببها نحو 8 مليارات دولار.

الخبير الياباني يوشينوري موريواكي حذر في عام 2018، من وقوع زلزال بقوة 7.4 على مقياس ريختر في منطقة مرمرة بالقرب من اسطنبول أي لحظة خلال السنوات الـ 25 المقبلة.

وتلى زلزال مرمرة بأشهر قليلة زلزال آخر في ولاية محافظة دوزجه أسفر عن مقتل 900 شخص.

آثار تدمير زلزال مرمرة 1999

​​لم يكن الخبير الياباني وحده من توقع الزلزال المنتظر، فقد وضعت إدارة الكوارث والطوارئ التركية في أغسطس 2018، خطوات لمواجهة الزلزال الذي يتوقع أن يودي بحياة 30 ألف شخص في مدينة اسطنبول.

ويقع ثلثا تركيا في المناطق الزلزالية من الدرجة الأولى أو الثانية. وقد حذر بيان سابق صادر عن غرفة المهندسين المدنيين باسطنبول، من أن 11 مدينة كبيرة تضم 70 بالمائة من سكان تركيا تحت ضمن إطار خطر الزلازل، فضلا عن 75 بالمائة من البنية التحتية الصناعية للبلاد.

آثار تدمير زلزال مرمرة 1999

​​

المباني الحالية مهددة

​​

 

وقال مهندسون بالغرفة إن عددا كبيرا من المباني في تركيا حاليا يحتاج إلى صيانة عاجلة وأعمال تقوية، إذ إنها بعيدة جدا عن معايير السلامة، وقد بنيت بدون أذون حكومية كافية ولم تبن تحت إشراف مهندسين.

وأشار بيان غرفة المهندسين إلى وجود مليون مبنى في إسطنبول أقيمت بشكل غير آمن وغير قانوني، بحسب البيان الذي نقلته صحيفة "أحوال" التركية.

وكان رئيس الوزراء السابق، بن علي يلدريم، قد صرح في عام 2017 بأن هناك نحو 7.5 مليون مبنى في تركيا تحتاج إلى أعمال تجديد لمقاومة الزلازل، فيما تنوي الحكومة تجديد أربعة ملايين مبنى بحلول عام 2023.

آثار تدمير زلزال مرمرة 1999

​​وبحسب تقديرات رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ التركية، فإن زلزال إسطنبول المتوقع قد يودي بحياة 30 ألف شخص، ويتسبب بإصابة نحو 50 ألف شخص، وتدمير 44 ألف مبنى، و 2.6 مليون شخص مشرد.

أما تقديرات غرفة المهندسين فقد كانت أعلى بمراحل، إذ قدرت الغرفة عدد الضحايا بين 140 ألف إلى 600 ألف قتيل، ومليون مشرد.

وقال بيان غرفة المهندسين إن "مشروع التجديد الحضري" المخصص لتقوية المباني ضد الزلازل قد "انحرف عن خطة إعادة تصميم المدن وإنشاء مبان جديدة مقاومة للزلازل، ليصبح وسيلة للحكومة لزيادة ثروتها مع حلفائها التجاريين".

وكانت حكومة العدالة والتنمية قد أطلقت العام الماضي عفوا عن أعمال البناء غير الخاضعة للقانون، والتي جلبت نحو 3 مليارات دولارات في خزينة الدولة، وتم تسجيل مئات الآلاف من المباني غير القانونية.

لا خيار أمام حزب العمال الكردستاني في هذه المرحلة سوى التفاهم مع الدولة التركية. أرشيفية
يقبع عبد الله أوجلان في سجنه الانفرادي في جزيرة إمرلي

تتوقع أوساط سياسية تركية أن يطلق زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK)، عبد الله أوجلان، نداء، في منتصف فبراير الجاري، يدعو فيه أعضاء حزبه إلى التخلي عن السلاح.

هذه الخطوة المتوقعة سبقها دعوات سلام أطلقها قادة وسياسيون أتراك للتسوية مع حزب العمال الكردستاني، إضافة إلى لقاء أجراه نواب عن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب "ديم" الكردي مع أوجلان، في سجنه الانفرادي في جزيرة إمرلي.

أجنحة وتيارات قوية

باكير أتاجان مدير مركز إسطنبول للفكر والدراسات الاستراتيجية التركي يقول إنه لا خيار أمام حزب العمال الكردستاني في هذه المرحلة سوى التفاهم مع الدولة التركية والاستجابة لدعوات السلام وإلقاء السلاح.

وأكد أتاجان أن لحزب العمال الكردستاني أجنحة وتيارات قوية تدعمها دول إقليمية ودولية أبرزها إيران.

وأوضح أن الجناح الإيراني ينشط في العراق وسوريا وإيران وتركيا وهو لا يأتمر بأوامر أوجلان، بل بقادته المعروفين بولائهم لإيران وهؤلاء أبرز المعارضين لدعوات السلام التركية.

ويرى أتاجان أن قسما كبيرا من أجنحة الحزب قد تتجاوب مع نداء زعيمهم باستثناء بعض الأجنحة المتواجدة في جبال قنديل شمال العراق وشرق سوريا وإيران ودول أوربية وهؤلاء لا يشكلون سوى 30 فيمن أجنحة الحزب العسكرية بحسب أتاجان.

وأضاف مدير مركز إسطنبول للفكر أن قادة حزب العمال يدركون جيدا أن ليس بإمكانهم الصمود من دون دعم خارجي وهذا الدعم تراجع كثيرا بعد سقوط نظام الأسد، وابتعاد روسيا وإيران والعراق ودول أوروبية وما تبقى هو دعم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل طالباني وهذا لن يكون له تأثير.

ومنذ بدء الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني بداية ثمانينيات القرن الماضي طُرحت مبادرات سلام عديدة.

 ففي اذار عام 1993 أعلن حزب العمال وقف إطلاق النار من جانب واحد انتهت بعد شهر من وفاة الرئيس التركي تورغت أوزال في أبريل من نفس العام.

 وفي عام 1999 أعلن الحزب مرة أخرى وقف إطلاق النار من طرف واحد واستمر حتى يونيو عام 2004. وفي يوليو عام 2010 جرت مفاوضات سرية بين الجانبين في العاصمة النرويجية أوسلو لم تسفر عن نتائج.

 وخلال عامي 2012 و 2013 جرت محادثات بين المسؤولين الأتراك ورئيس حزب العمال عبد الله أوجلان في السجن من أجل التوصل إلى سلام دعا بعده أوجلان حزبه الى وقف القتال لكنه أنتهى في يوليو عام 2015.

ضمانات دولية

المراقب السياسي المقرب من حزب العمال الكردستاني محمد بنجويني قال لموقع "الحرة "إنه لا يمكن الجزم بأن أوجلان قد يوجه خلال كلمته نداء لحزبه بالتخلي عن السلاح بالشكل الذي تطلبه تركيا.

ونفى بنجويني وجود أجنحة بولاءات مختلفة داخل العمال الكردستاني، وقال إنه لا توجد أجنحة، بل آراء مختلفة بشأن القضايا المصيرية، وهذا أمر طبيعي في حزب كبير لديه شعبية كبيرة وأعضاء ومناصرون كثر في أجزاء كردستان الأربعة: تركيا والعراق وإيران وسوريا وحتى في أوروبا والعالم.

وأضاف بنجويني أنه سبق أن جرت مفاوضات سلام عديدة بين الطرفين منذ عام 2010 بوساطات دولية وبنفس المطالب التركة الداعية إلى نزع سلاح حزب العمال الكردستاني لم يكتب لها النجاح.

وزاد بنجويني أنه لا يعتقد أن قادة الحزب في قنديل وأماكن أخرى سترضى بنزع السلاح، حتى لو وجه زعيم الحزب هذه الدعوة.

وأضاف كيف يقبل قادة الحزب تسليم السلاح بمجرد كلمة او دعوة من زعيمهم داخل السجن، تسليم السلاح مقابل أي شي؟ 

وأوضح أنه يجب أن تقدم تركيا ضمانات لسلامة قادة ومقتلي الحزب إذا ما سلموا السلاح وضمانات لحل القضية الكردية ايضا وأن يتم ذلك باشراف الأمم المتحدة ودول كبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "يني شفق" التركية في نيسان العام الماضي فان إيران زودت حزب العمال الكردستاني بما يزيد عن 50 طائرة مسيرة انتحارية، بالإضافة إلى أنظمة دفاع جوي متقدمة مثل صاروخ 358 وصواريخ حرارية لإسقاط الطائرات المسيرة التركية.

عوائق أمام أي مبادرة سلام مع تركيا

عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني محمد زنكنة أكد تعدد الولاءات داخل حزب العمال الكردستاني بعضها لدول إقليمية منها إيران والمتمثلة في جناح " جميل بايك ".

ويقول إن هذا الجناح لن يرضى بإلقاء السلاح ويرفض أي مبادرة للسلام مع تركيا، حتى لو صدرت عن زعيم الحزب عبد الله أوجلان، والطرف الأخر هو جناح قريلان المنفتح على أي مبادة للسلام، أما الجناح السياسي للحزب في تركيا فلا حوله له ولا قوة.

وأوضح زنكنة أن حزب الحياة الحرة الكردستاني "بزاك" أوقف جميع عملياته العسكرية ضد إيران منذ عام 2008 وباتوا مكملين للحرس الثوري الإيراني في مهاجمة مقرات وعناصر "الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني". وحزب الجماعة الكردي الإيراني "كوملة".

 وأشار إلى أن اجتماعات عدة جمعت قادة حزب العمال الجناح الإيراني بمسؤولين في الحرس الثوري الإيراني وعلى رأسهم قائد قوات فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني.

وبين عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني أن قادة الجناح الإيراني لحزب العمال الكردستاني متواجدون في جبال قنديل وأطراف محافظات أربيل ودهوك وقضاء سنجار وسهل نينوى ومناطق أخرى في كردستان العراق وكردستان تركيا وسوريا أيضا، ولديهم استثمارات عديدة في أوربا.

من جهته نفى عضو الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي تقديم حزبه أي دعم للعمال الكردستاني، وأكد لموقع "الحرة" أن الحديث عن مثل هذا الدعم مجرد ادعاءات كاذبة ومغرضة الهدف منها النيل من حزبه.

ويرى سورجي أن دعم إيران لجناح معين في حزب العمال الكردستاني " إن كان صحيحا " فهو أمر طبيعي في ظل الصراعات والمصالح الإقليمية في المنطقة ومن منطلق " عدو عدوي هو صديقي " وهذا لا يعني أن حزب العمال عميل لإيران بل أنه بحاجة الى دعم لديمومة نضاله.

ومنذ أبريل عام 2023 علقت الخطوط الجوية التركية رحلاتها إلى مطار السليمانية، وعزت وزارة الخارجية التركية في حينها أسباب تعليق الرحلات الجوية مع مطار السليمانية إلى "تغلغل" حزب العمال الكردستاني في منشآت المطار.

ويشمل الحظر أيضا طائرات الدول الأخرى التي تتخذ من الأجواء التركية مسارا إلى مطار السليمانية، وبحسب مسؤولين في إدارة المطار فإن الحظر يلحق ضرارأ مادية بالمطار تقدر بنحو 35 مليون دولار شهريا.

وأشار سورجي إلى أن العمال الكردستاني مصنف على قائمة الإرهاب لدى العديد من الدول وفي العراق هو حزب محظور، وأن الاتحاد الوطني الكردستاني لا تربطه بالحزب المذكور أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد.

وأضاف عضو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لموقع " الحرة " أن حزبه ليس دولة لديها الإمكانيات التي تسمح له بدعم أحزاب أو منظمات.

لكن الأحزاب الكردية في أجزاء كردستان لديها قضية مشتركة ومصير مشترك وجميعها متعاطفة مع بعضها بشكل او بآخر، وفق سورجي.

المراقب السياسي فائق كولبي قال لموقع "الحرة" إن دعوات السلام التركية يجب أن تتزامن مع ضمانات دولية وإصلاحات دستورية تمنح القوميات غير التركية حقوقها وتعترف بها، حينها يمكن التوصل الى سلام دائم في تركيا.

وأشار إلى أن جميع أجنحة حزب العمال الكردستاني تستجيب لدعوة رئيس الحزب عبد الله أوجلان إذا ما طلب منهم القاء السلاح والدخول في معاهدة سلام مع الحكومة التركية.