أكرام إمام أوغلو خلال خطبة له قبل إعادة الانتخابات بينه وبين مرشح العدالة والتنمية بن علي يلدريم
أكرام إمام أوغلو خلال خطبة له قبل إعادة الانتخابات بينه وبين مرشح العدالة والتنمية بن علي يلدريم

يقاوم أتباع حزب العدالة والتنمية قرارات عمدة مدينة اسطنبول الجديد أكرم إمام أوغلو، خاصة ما يتعلق بوقف تمويل بلديته الجمعيات الخيرية.

وكان مجلس بلدية منطقة غونغورين الذي يسيطر حزب العدالة والتنمية الحاكم على غالبيته قد سمح بصرف نحو 87 ألف دولار لصالح بعض الجمعيات ذات "القيم الوطنية والمشتركة"، بحسب صحيفة "إفرنسل" المعارضة.

القرار يأتي مخالفا لجهود عمدة إسطنبول الجديد أكرم إمام أوغلو العضور في حزب الشعب الجمهوري المعارض، والذي ألغى تمويلات لصالح ست مؤسسات أهلية على صلة بحزب العدالة والتنمية الحاكم، في إطار التحقيق حول مصروفات الإدارة السابقة للبلدية.

وكانت الإدارة السابقة لبلدية اسطنبول قد أنفقت على المؤسسات الدينية والتعليمية المرتبطة بالعدالة والتنمية، مبالغ تصل إلى 61.2 مليون دولار، بحسب موقع T24 الإخباري التركي.

لكن، عملية التغيير تبقى معقدة وليست سهلة نظرا لطبيعة قانون البلديات التركي، وفق الصحفي المتخصص في الشأن التركي أحمد يحيى.

وقال يحيى لموقع "الحرة" إنه  و"بحسب قانون البلديات التركي لا يوجد مخالفة لما قام به مجلس بلدية منطقة غونغورين المشكل أغلبيته من حزب العدالة والتنمية، والذي فاز في معظم بلديات إسطنبول".

وأضاف الصحفي المقيم بإسطنبول أن المشكلة التي تواجه إمام أوغلو هي أن حزبه لم يستطع تشكيل أغلبية بمجلس البلدية في إسطنبول.

ومنذ تولي إمام أوغلو منصب رئيس بلدية إسطنبول، تحدث أكثر من مرة عن الإنفاق المبالغ فيه من قبل رئاسة البلدية السابقة بقيادة العدالة والتنمية، والمبالغ الهائلة التي تم تحويلها إلى المؤسسات الخيرية خلال فترة من حكم العدالة والتنمية.

ونشر إمام أوغلو تغريدة الثلاثاء عبر تويتر، قال فيها إنه أعاد 375 مليون ليرة تركية (61 مليون دولار) إلى خزينة البلدية، كان يتم توجيهها إلى جمعيات خاصة.

ويمنح القانون التركي مجالس البلديات الكبرى وظائف وصلاحيات واسعة بالمناصفة مع عمدة المدينة، في مجال خدمات البلدية المجتمعية، مثل ما جاء في المادة السابعة من القانون رقم 5216 والمتعلق بإنشاء المراكز الصحية، والمستشفيات، ومراكز الصحة المتنقلة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يصطدم فيها إمام أوغلو بمسؤولي العدالة والتنمية، فمنذ فوزه بمنصب عمدة المدينة، دخل إمام أوغلو في سجالات مع بعض رموز العدالة والتنمية، كان آخرهم وزير الداخلية التركي.

وقد هدد وزير الداخلية سليمان صويلو الأسبوع الماضي "بتدمير" إمام أوغلو بسبب دعمه لرؤساء بلديات ديار بكر وفان وماردين الذين تمت إقالتهم. 

"هناك شد وجذب بين العدالة والتنمية وإمام أوغلو، إذ اتهمت الحكومة عمدة إسطنبول قبل أيام بترك المدينة تغرق أثر الأمطار الغزيرة، والتنزه في مدينة بودروم الساحلية، في حين اتهم إمام أوغلو الحزب الحاكم بالإسراف في استخدام الأموال العامة"، يقول يحيى.

طول خط الأنابيب العراقي التركي يصل إلى 900 كيلومتر ـ صورة أرشيفية.
طول خط الأنابيب العراقي التركي يصل إلى 900 كيلومتر ـ صورة أرشيفية.

بطول 900 كيلومتر، يمتد خط أنابيب العراق - تركيا النفطي، من كركوك شمالي البلاد مرورا ببلدة فيش خابور الحدودية التابعة لإقليم كردستان، إلى ميناء جيهان التركي (جنوب) على البحر المتوسط.

وبعد توقف دام لأكثر من سبعة أشهر، يستأنف تشغيل خط أنابيب النفط العراقي خلال هذا الأسبوع، بحسب ما أعلنت تركيا الإثنين.

وكشف وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، أن تشغيل خط الأنابيب العراقي، "سيكون قادرا على نقل حوالي نصف مليون برميل نحو الأسواق العالمية".

خط النفط العراقي التركي

ويمتلك العراق وهو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة "أوبك" بعد السعودية، خامس أكبر احتياطيات نفط مؤكدة في العالم، تبلغ 145 مليار برميل، وتمثل 17 في المئة من الاحتياطيات الموجودة في الشرق الأوسط، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية "EIA".

وتم تطوير خط أنابيب العراق-تركيا ليساعد البلاد على تصدير أكثر من مليون برميل من النفط الخام يوميا إلى منطقة المتوسط عبر ميناء جيهان التركي.

ووقع الجانبان اتفاقية تشغيل الخط في عام 1973، وأدخلا عليها تحديثات في أعوام 1976 و1985 وصولا إلى 2010، العام الذي تم فيه تمديد العمل بالاتفاقية.

وتنص الاتفاقية الموقعة أن الحكومة التركية "يجب أن تمتثل لتعليمات الجانب العراقي فيما يتعلق بحركة النفط الخام القادم من العراق في كافة مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية".

سنوات من الخلافات

وبدأت التوترات بين أنقرة وبغداد حول الموضوع، نتيجة خلافات بين كردستان والحكومة الاتحادية حول تدبير ملف الثروات الطبيعية، خاصة بعد عام 2007، عندما أصدر الإقليم قانون النفط والغاز، والذي تلاه تأسيس عدة شركات لاستكشاف وإنتاج وتكرير وتسويق النفط.

وخلال السنوات التالية، أبرم إقليم كردستان العراق مجموعة من العقود مع شركات أجنبية للتنقيب واستخراج النفط، من دون موافقة الحكومة الاتحادية، وهو ما تعتبره بغداد حقا لها بموجب الدستور.

ومنذ أوائل عام 2014، سمحت أنقرة لحكومة إقليم كردستان العراق بتصدير النفط بشكلٍ مستقل عن وزارة النفط الفدرالية، من خلال ربط خطوط الأنابيب الكردية بالخط القادم من كركوك في بلدة فيش خابور.

ومكنت الخطوة حكومة كردستان العراق من بيع نفطه مباشرة إلى السوق والاحتفاظ بالإيرادات، في خطوة اعتبرتها بغداد غير قانونية، في حين الأكراد يعتبرونها تعويضا عن الرواتب المستقطَعة. بحسب ورقة تحليلية للزميل في معهد واشنطن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، مايكس نيتس.

ورغم الخلاف على هذا النفط، إلا أن جاذبيته كانت كبيرة للمستوردين في المنطقة خاصة، وأن أربيل كانت تبيعه بخصم يتراوح بين 15-18 دولار بحسب بيانات 2022، وفقا للتحليل.

وأشار المصدر ذاته إلى أنه رغم خسائر الإقليم في العائدات بسبب نسب الخصم إلا أنها "لم تذعن لبغداد"، وهو ما أثل كاهل الموارد المالية لكردستان بديون بمليارات الدولارات.

كما اتفق سابقا على أن يسلم إقليم كردستان 250 ألف برميل من النفط في اليوم ليتم تصديرها من بغداد، مقابل حصة من الموازنة العامة تدفع كرواتب للموظفين الحكوميين ونفقات أخرى.

لكن أربيل لم تسلم النفط قط، والمدفوعات من بغداد لم تكن منتظمة، بحسب تحليل أيضا. 

وفي مايو 2014، دفع هذا الخلاف "شركة تسويق النفط" العراقية إلى رفع دعوى تحكيم لدى "غرفة التجارة الدولية"، نيابة عن وزارة النفط. 

واعتبرت بغداد أن تركيا خرقت اتفاقية خط الأنابيب الموقعة، باستيرادها النفط من كردستان العراق من دون إذن الدولة العراقية. 

وفي مارس الماضي، قضت غرفة التجارة الدولية بأن على تركيا أن تدفع لبغداد تعويضا قدره 1.5 مليار دولار، مستندة على شرط في اتفاقية عام 1973 يقضي بأن تركيا لن تشتري النفط إلا عن طريق شركة تسويق النفط العراقية الحكومية، بحسب "فورين بوليسي".

تبعات القرار

ومنذ ذلك الحين، أوقفت تركيا عبور حوالي 350 ألف برميل يوميا من النفط الخام من إقليم كردستان وحقول كركوك عبر خط الأنابيب الذي يصل إلى الأسواق العالمية عبر ميناء جيهان التركي، بعد أن أمر حكم في قضية تحكيم صادر عن غرفة التجارة الدولية أنقرة بدفع تعويضات لبغداد عن الصادرات غير المصرح بها من قبل حكومة إقليم كردستان العراق بين عامي 2014 و2018.

وبدأت تركيا بعد ذلك أعمال الصيانة في خط الأنابيب الذي يصل طوله إلى أكثر من 900 كيلومتر ويمر عبر منطقة نشطة زلزاليا، بعد أن قالت إنه تضرر من الزلزال الذي ضرب البلاد في شهر فبراير.

وقبل توقف عملياته، كان خط الأنابيب ينقل حوالي 80 ألف برميل يومياً من صادرات النفط الخام من محافظة كركوك وحوالي 390 ألف برميل يوميا من الصادرات من كردستان العراق، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، وفقا لموقع "إنتلجنس إنيرجي".

وكلف إيقاف تركيا لعملية النقل كلا من بغداد وأربيل نحو 5 مليارات دولار من إجمالي إيراداتهما عبر هذا الخط، إلى حدود أواخر أغسطس الماضي، فيما تراوحت خسائر أنقرة بين 2 و3 ملايين دولار يوميا من رسوم عبور النفط على أراضيها، وفقا لأرقام معهد الشرق الأوسط.

ورغم أنها لا تشكل سوى 0.5 في المئة من الإمدادات العالمية، تسبب توقف صادرات الخام عبر أنبوب كركوك ـ جيهان، في زيادة أسعار النفط ليعود إلى مستويات 80 دولارا للبرميل، في شهر مارس.

وفي ختام ذلك، وقعت الحكومة الاتحادية العراقية وإقليم كردستان المتمتعة بالحكم الذاتي اتفاقهما النفطي المؤقت في أبريل، تقضي بأن تتولى بغداد عملية الإشراف الكامل على تصدير النفط من حقول الإقليم.

وفي شهر مايو الماضي، طلبت وزارة النفط العراقية من شركات النفط والغاز العاملة في إقليم كردستان توقيع عقود جديدة مع شركة التسويق المملوكة للدولة (سومو) بدلا من حكومة الإقليم.