مقاتلون تابعون للجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا - 11 أكتوبر 2019
مقاتلون تابعون للجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا - 11 أكتوبر 2019

يتغير اسمها لكن يبدو أن سلوكها واحد، "البطش" بالمدنيين بغطاء من القوات التركية التي تدعمها في تحركاتها وأفعالها.

إنها الفصائل السورية المسلحة المدعومة من تركيا والتي تطلق على نفسها اسم "الجيش الوطني السوري".

سجل حافل من الجرائم والانتهاكات سجلته تلك الفصائل في مناطق مختلفة من سوريا. ولا تزال تلك المجموعات تنفذ الجرائم رغم أن أنقرة حاولت تحسين صورتها بتغيير اسمها فقط.

وتشكل الفصائل السورية المسلحة المدعومة من أنقرة رأس حربة في الهجوم التركي على القوات الكردية في شمال سوريا، وتضم في صفوفها مقاتلين شاركوا في القتال خلال السنوات الأولى من النزاع بهدف إسقاط النظام السوري.

إضافة إلى السجل القديم والحافل بالانتهاكات الإنسانية حينما كان اسمها "الجيش السوري الحر"، برزت تلك الفصائل من جديد في الإعلام بجرائم البشعة ارتكبتها في الأيام القليلة الماضية خلال العملية التركية في شمال سوريا.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد نشر السبت، فيديو يظهر مسلحين سوريين موالين لأنقرة "يعدمون" تسعة مدنيين رميا بالرصاص في شمال شرق سوريا.

وأضاف مدير المرصد رامي عبد الرحمن، أن الأشخاص الذين نفذوا عملية الإعدام يتبعون لفصيلين يطلقان على نفسيهما اسم "أحرار الشرقية" و"السلطان مراد".

وتابع أن "هؤلاء المسلحين سيطروا على طريق رئيسي في المنطقة لعدة ساعات ونفذوا عدة عمليات إعدام خلال تلك الفترة".

كما انتشر فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي ظهر فيه ما ذكره مستخدمون بأنهم مسلحون سوريون موالون لتركيا وهم يتباهون فيه بقتل الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل المهندسة الكردية هفرين خلف (36 عاما) ويصفونها بألفاظ مسيئة.

وقال منسق حزب سوريا المستقبل في أوروبا حسين عمر لـ"الحرة" إن "مجموعة تابعة لمرتزقة تركيا استهدفت سيارتها ورمتها بالرصاص بدون توجيه أي سؤال لها"، في حين ذكرت وسائل إعلام مقربة من الإدارة الذاتية للأكراد أن هفرين لقيت قتلت إثر استهداف سيارتها بعبوة ناسفة، السبت.

وفي عام 2015 وبعد يومين من قصف قوات الحكومة السورية في مدينة دوما بالقرب من دمشق التي يسيطر عليها جيش الإسلام (أحد الفصائل السورية المسلحة المدعومة من تركيا)، تم عرض ما لا يقل عن 40 شخصا في أقفاص بأحد الأسواق، قيل إنهم ضباط سابقون بالجيش النظامي السوري من الطائفة العلوية، وأفراد من عائلاتهم.

 

ويتوقع محللون أن تقوم الفصائل السورية المدعومة من تركيا، بطرد العائلات الكردية والأقليات من مناطقهم، في ظل خطة تركية لإحلال غالبية عربية في شمال سوريا بدلا من القوميات الأخرى.

وعقب دخول الجيش التركي والفصائل السورية المؤيدة له إلى مدينة عفرين ذات الأغلبية الكردية، أصبحت المنازل مستباحة، حيث تقول تقارير إن الادعاء على مالك أي مواطن بدعم الفصائل السياسية الكردية قد يفقده منزله، ما يعرضه للطرد.

وتسيطر الفصائل السورية الموالية لتركيا على منطقة عفرين منذ مارس 2018، بعد معارك عنيفة مدعومة بالجيش والطيران التركيين ضد وحدات حماية الشعب (YPG) التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، وقد ارتكبت هذه الفصائل العديد من الانتهاكات الحقوقية فضلا عن الاستيلاء على منازل الأكراد ومنحها للسوريين العرب.

وكان مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن قد صرح لـ "موقع الحرة" في أغسطس من العام الماضي بأنه، "تم الاستيلاء على منازل مهجرين كرد من قبل فصائل موالية لتركيا، فإذا ما تم التعرف على التوجه السياسي لصاحب المنزل، تتم مصادرته بسهولة في محاكمة رمزية يستدعى فيها ثلاثة شهود".

وأضاف عبد الرحمن لـ"موقع الحرة" بأن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان قال سابقا إنه يريد عودة سكان عفرين الأصليين، لذلك طرد نحو 300 ألف كردي من عفرين وبدأت الفصائل المقاتلة السوية الموالية لتركيا في إحلال العرب مكان الكرد".

ولفت عبد الرحمن إلى وجود مئات المنازل إن لم يكن الآلاف استولت عليها الفصائل السورية ومنحت لسوريين من أصول عربية، فيما يتوقع أن تزداد أعداد السوريين العرب في عفرين مع قدوم 10 آلاف لاجئ سوري من تركيا إلى شمال سوريا.

يذكر أن منظمة العفو الدولية قد أصدرت بيانات في أغسطس 2018، تحذر من انتهاكات ضد المدنيين في مدينة عفرين تقوم بها الجماعات السورية المسلحة المدعومة تركيا.

ومن بين هذه الانتهاكات الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، ومصادرة الممتلكات، وأعمال النهب، وقد غضت القوات المسلحة التركية الطرف عنها. بل إن بعض هذه الجماعات، وكذلك القوات المسلحة التركية ذاتها، استولت على المدارس، مما عطل تعليم الآلاف من الأطفال.

ما هي الفصائل السورية المدعومة من تركيا؟

​​

 

 

كان "الجيش السوري الحر" في طليعة الحراك ضد نظام الرئيس بشار الأسد، لكن مع التعقيدات الميدانية للنزاع، انفرط عقد هذا الجيش الذي كان مدعوما من المعارضة السياسية وبعض الدول الإقليمية والغربية.

وبدأ دور "الجيش السوري الحر" يتراجع منذ العام 2012 مع بروز فصائل جهادية مثل جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، وتنظيم داعش، لم يتمكن من منافستها لافتقاره إلى الدعم والتمويل.

ومع الحصارات التي تعرضت لها في مناطق عدة وغياب الدعم، والضعف الذي أصاب المعارضة بشكل عام، لم يعد "الجيش الحر" موجودا كهيكلية وقيادة موحدة. ثم عاد إلى الظهور لكن على شكل فصائل مسلحة غير منضبطة شاركت في أغسطس 2016 في أول هجوم نفذته أنقرة على مناطق في شمال سوريا قرب الحدود التركية.

مقاتلون من فصائل سورية مدعومة من تركيا قبل انطلاق عملية نبع السلام -11 أكتوبر 2019

وبعد ذلك شاركت تلك الفصائل في عملية "غصن الزيتون" التي شنتها القوات التركية على وحدات حماية الشعب الكردية في منطقة عفرين باسم جديد هو "الجيش الوطني السوري".

غير أن مشاهد لعناصر تلك المجموعات وهم يقفون قرب جثة مقاتلة كردية تم التمثيل بها قرب عفرين، أو قيامهم بأعمال نهب في البلدة بعد السيطرة عليها، ساهمت في تزايد الغضب والإدانة للأفعال التي ترتكبها.

وقد زاد عدد عناصر هذه الفصائل في أكتوبر ليصل إلى نحو ثمانين ألف مقاتل، من خلال الاندماج مع "الجبهة الوطنية للتحرير"، ائتلاف من الفصائل المسلحة الناشطة بصورة خاصة في منطقة إدلب في شمال غرب سوريا.

وزير الخارجية التركي
وزير الخارجية التركي

قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الأحد، إن نظام بشار الأسد سقط وانتهت حقبة من عدم الاستقرار في سوريا استمرت أربعة عشر عاما، مؤكدا أن بلاده ستعمل مع الإدارة الجديدة لضمان نجاح المرحلة الانتقالية.

وأفاد فيدان في مؤتمر صحفي عقده في الدوحة، بأنه "لم تكن هناك أي اتصالات مع الأسد في أيامه الأخيرة"، مشيرا إلى أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، "مد يده للنظام للوصول إلى الوحدة الوطنية والسلام ورفض الأسد ذلك".

وأضاف أن "النظام فشل في التركيز على القضايا الأساسية والمؤسسات لم تستجب لحاجات الشعب"، لافتاً إلى أن سوريا "وصلت لمرحلة يشكل فيها السوريون مستقبل بلادهم، ويجب على المجتمع الدولي أن يدعم الشعب السوري".

وأوضح الوزير التركي، أن النظام "لم يستغل الفرصة التي أتاحتها عملية أستانة منذ تجميد الحرب في 2016"، مشيراً إلى أنه "علمنا أن النظام لم يهتم بالمشكلات، وكانت هناك عدم قدرة مؤسساتية وقضايا أخرى سائبة.. كان معه الوقت لمعالجة المشكلات لكن لم يفعل ذلك".

وتابع أنه بدون إطلاق طلقة واحدة سقطت حلب وتبعتها مدن أخرى، وتركيا سوف تستمر بالعمل مع دول الجوار لإعادة بناء والإدارة الحالية مهمة لكي نعمل معها وبأي سبيل كان يمكن لنا أن نقدم المساعدة لمعالجة المشكلات الاقتصادية والأخرى.

وفيما يتعلق بالمرحلة المقبلة، أكد فيدان أن "المجموعات المسلحة مختلفة لكن لديهم آلية تنسيق ستتحسن في الأيام المقبلة"، معرباً عن أمله في أن "يعملوا معاً بطريقة منظمة ومترابطة لضمان عملية انتقالية ناجحة من خلال دمج كل الأطراف في سوريا".

وحذر مما اعتبره "استغلال التنظيمات الإرهابية للمرحلة الانتقالية"، مؤكداً أن بلاده "ترصد تحركات داعش وحزب العمال الكردستاني".

وأورد المتحدث ذاته، أن أنقرة "على اتصال مع الأصدقاء العرب والأميركيين"، مشددا على أن تركيا "تعول على الاستقرار والسيادة ووحدة سوريا" مما سيمكن "الملايين من السوريين الذين اضطروا لمغادرة وطنهم من العودة".

ودعا الإدارة الجديدة إلى "تأسيس مبدأ الشمولية" و"الابتعاد عن الانتقام"، مطالباً بمعاملة "كل الأقليات بالتساوي والعدل" وتأمين "كل الأسلحة الكيماوية" والحفاظ على "مؤسسات الدولة".

وأشار إلى اجتماعات مع دول مسار أستانة (تركيا وروسيا وإيران) والدول العربية مثل السعودية وقطر والعراق ومصر والأردن، مثمنا "المبدأ البناء" لهذه الدول، مؤكداً استمرار التعاون مع "اللاعبين الإقليميين والدوليين".

واختتم فيدان بالقول إن "النظام كان في حالة انهيار"، موضحاً أن بلاده حاولت "القيام بشيء ما لمنع هذا" من خلال محاولات التواصل الأخيرة مع الأسد "لكن فشلت المحاولات".