حزب الشعوب الديمقراطي التركي المؤيد للأكراد مهدد بالحظر
حزب الشعوب الديمقراطي التركي المؤيد للأكراد مهدد بالحظر

تعود قضية حل "حزب الشعوب" التركي الموالي للأكراد من جديد إلى واجهة المشهد الداخلي للبلاد، في وقت يراه مراقبون "غير متوقعا"، لاسيما في ظل حالة الانتقاد والغضب التي ألقت بظلالها على أوساط الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) وحليفه "حزب الحركة القومية".

والاثنين رفع ممثلو الادعاء التركي مرة أخرى لائحة اتهام ضد الحزب المذكور إلى "المحكمة الدستورية العليا". ودعوا فيها إلى إغلاقه وفرض حظر سياسي على نحو 500 عضو.

وتتألف اللائحة، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام تركية، من قرابة 850 صفحة، بعد أن كانت في المرة الأولى تبلغ 609 صفحات.

يأتي ما سبق بعد ثلاثة أشهر من إقدام "المحكمة الدستورية" في البلاد على رد صحيفة الادعاء الأولى لحل الحزب، من أجل استكمال النواقص المرتبطة بالمذكرة، وهو الأمر الذي أثار حينها غضب حليف إردوغان دولت باهتشلي.

وفي تصريحات له الثلاثاء قال زعيم "حزب الحركة القومية"، دولت باهشتلي إن لائحة الاتهام أعيدت إلى المحكمة الدستورية لإغلاق "حزب الشعوب"، مضيفا: "ليس أمام المحكمة الدستورية خيار إعادة لائحة الاتهام مرة أخرى".

وتابع باهشتلي: "لقد ارتكبت جميع أجهزة هذا الحزب الانفصالي جرائم وحرضت على الجرائم، وليس أمام المحكمة الدستورية خيار تسليم المجرمين للمرة الثانية".

حزب الشعوب الكردي يواجه حملات قمع متكررة منذ 2016 على يد الحكومة التركية

في المقابل لم تبد أوساط حزب "العدالة والتنمية" الرسمية وغير الرسمية موقفا واضحا بشأن المحاولة الثانية لحل الحزب الذي يعتبر ثالث أكبر الأحزاب التركية في البرلمان، في موقف قد يشي بتضارب الآراء، والذي سبق وأن كان له عدة مؤشرات في الأشهر الماضية.

"أولى المراحل تبدأ"

وتتهم حكومة الرئيس، رجب طيب إردوغان، "حزب الشعوب الديمقراطي" بوجود صلات له مع "حزب العمال الكردستاني" (pkk)، ما أدى لمحاكمة الآلاف من أعضائه وبعض قادته في السنوات الماضية، لكن الحزب الكردي ينفي وجود هذه الصلات.

ووفق التفاصيل التي سبق وأن نشرتها وسائل الإعلام الرسمية فإن دعوى حظر "حزب الشعوب"، ستتبعها إجراءات على مراحل.

الخطوة الأولى ستكون من قبل رئيس المحكمة الدستورية العليا، زهتو أرسلان، على أن يتجه لتعيين "مقرر"، من أجل إعداد تقرير الفحص الأولي لتقديمه إلى الرئاسة.

إردوغان يتهم حزب الشعوب بأنه واجهة لحزب العمال الكردستاني

وبالفعل بدأت الخطوة الأولى بتعيين "مقرر"، وذكرت وسائل إعلام تركية مقربة من الحكومة الثلاثاء أن "المقرر" باشر أعماله بعد إعادة تكليفه، على أن يعمل في الأيام المقبلة على إكمال تقريره بشأن "الفحص الأولي"، ومن ثم تقديمه من جديد إلى وفد "المحكمة الدستورية العليا".

بعد ذلك، سيجري الوفد فحصه الأول للقضية ويقرر ما إذا كان سيتم قبول لائحة الاتهام.

ووفقا لأحكام قانون الإجراءات الجنائية لا يمكن أن تتجاوز الفترة المذكورة 15 يوما من تاريخ إرسال لائحة الاتهام.

وسيُطلب الدفاع المسبق من قبل "حزب الشعوب"، وبعد ذلك سيقدم المدعي العام للمحكمة العليا بكير شاهين رأيه في موضوع الدعوى. هذا الرأي سيتم إرساله أيضا إلى "حزب الشعوب" بشكل فوري.

وفي وقت لاحق، سيدلي المدعي العام شاهين ببيان شفوي أمام البرلمان التركي، وسيقدم مسؤولو "حزب الشعوب" دفاعا شفهيا.

وتشير وسائل الإعلام التركية بينها التلفزيون الرسمي (trt): "أولئك الذين يُطلب حظرهم سياسيا سيكونون قادرين أيضا على تقديم دفاع كتابي وشفهي إلى المحكمة الدستورية. بعد كل هذه العملية، سيقوم المقرر بجمع المعلومات والوثائق المتعلقة بالقضية وإعداد تقريره حول موضوع الدعوى".

سياسة إردوغان وتوجهاته تغيرت بعد محاولة الانقلاب

"تصويت بالثلثين"

بعد ما سبق من خطوات أولية سيحدد رئيس المحكمة الدستورية العليا، زهتو أرسلان، موعدا للاجتماع لمناقشة طلب الإغلاق.

وخلال الاجتماع سيتم التصويت على طلب الإغلاق، على أن يتم إقراره بأغلبية ثلثي الأعضاء الحاضرين من وفد المحكمة العليا المؤلف من 15 عضوا (نسبة الثلثين تعادل عشرة أصوات).

وقد يقرر أعضاء المحكمة إغلاق "حزب الشعوب" بشكل كامل، استنادا على البنود المحددة في الدستور أو حرمانه كليا أو جزئيا من مساعدة خزانة الدولة، ليتم فيما بعد إرسال القرار النهائي إلى كل من "حزب الشعوب" ومكتب المدعي العام، ومن ثم الإعلان عن القرار في الجريدة الرسمية.

هل تنجح هذه المحاولة؟

وسبق أن حظرت محاكم تركية أحزابا كردية، لاتهامها بالتعامل مع "العمال الكردستاني"، لكن أحزابا كردية أخرى سرعان ما عادت إلى المشهد السياسي، من خلال إعلانات جديدة عن تشكيلها، ولو بأسماء مختلفة.

وفي الوقت الذي يصر فيه حزب "الحركة القومية" وزعيمه على المضي بإجراءات الحل تتجه الأنظار إلى ما سيقوله حزب "العدالة والتنمية"، والذي سبق وأن اعتبر مسؤولين فيه أن خيار الحل "ليس صائبا".

رئيسا حزب الشعوب الديموقراطي صلاح الدين دمرتاش وفيجن يوكسيداغ

وفي تصريحات له، يناير الماضي، قال نعمان قورتولموش وكيل إردوغان إن "إغلاق الحزب ليس الحل الأمثل لردع قيادات حزب العمال الكردستاني".

واعتبرت التصريحات المذكورة في ذلك الوقت تضاربا في المواقف والأفكار، قد يقف ورائها "تصدع داخلي"، من شأنه أن يؤثر بشكل سلبي على التحالف القائم في الفترة المقبلة بين "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية".

وفي المقابل هناك من اعتبر من المحللين الأتراك أن التضارب في الأفكار والمواقف بين الحزبين المتحالفين قد لا ينم عن "تصدع داخلي"، بقدر ما يشير إلى اتفاق ضمني، قد يفضي إلى نتائج إيجابية كثيرة، بينها أن يكسب "العدالة والتنمية" أصواتا كردية جديدة.

ماذا سيقول العدالة والتنمية"؟

صحيفة "خبر تورك" نشرت مقالا الثلاثاء تطرقت فيه إلى الجولة الجديدة من حل "حزب الشعوب" الكردي. وعنونته بـ"ماذا سيقول حزب العدالة والتنمية هذه المرة؟".

وتحدث المقال عن تضارب المواقف بين الحليفين "الحركة القومية" و"العدالة والتنمية" بشأن المضي بهذه الخطوة.

وقالت كاتبته الكاتبة كوبرا بار: "في الأجواء السابقة في شهر مارس الماضي لم يدعم حزب العدالة والتنمية فكرة إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي بشكل كامل".

وأشارت الكاتبة إلى كلام سابق للمتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، عمر جيليك حيث قال: "هناك خيارات مثل قطع مساعدات الخزينة بدلا من إغلاق الحزب".

وتضمنت مقالة الكاتبة تصريحات سابقة لنائب رئيس مجموعة حزب العدالة والتنمية، بولنت توران بقوله في مارس الماضي: "إن إغلاق الحزب لا يدمر من الناحية الاجتماعية أولئك الذين صوتوا لصالحه. أعتقد أن القضاء يجب أن يفكر في طرق أخرى غير الإغلاق".

والأهم مما سبق هو أن الرئيس إردوغان لم يصدر أي حكم بإغلاق "حزب الشعوب"، كما لم يذكر الموضوع منذ اليوم الأول لفتحه، حيث "فضّل أن يتصرف كما لو لم يكن هناك شيء من هذا القبيل"، بحسب مقالة الكاتبة التركية.

سببان وراء الموقف "غير المشجع"

ولا توجد أسباب واضحة بشأن الموقف "غير المشجع" لـ"العدالة والتنمية" لحل "حزب الشعوب"، فيما يرى مراقبون وخبراء أتراك أن ذلك يرتبط بسببين، الأول هو أن الحزب الحاكم يعارض إغلاق الحزب الكردي من حيث المبدأ، ولا يراه حلا دائما وكاملا.

أما السبب الآخر تضيف الكاتبة التركية: "من الواضح أن إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي سيفيد المعارضة سياسيا".

وطرحت كوبرا بار عدة تساؤلات، بينها "هل يمكن أن تكون قضية الإغلاق المرفوعة ضد حزب الشعوب الديمقراطي مفيدة لحزب العدالة والتنمية في وقت كانت فيه المعارضة لها اليد العليا في الخطاب بسبب ادعاءات سيدات بيكر والانكماش في الاقتصاد؟".

وكان هناك سؤال آخر: "هل سيصدر الرئيس إردوغان بيانا واضحا لدعم القضية، مثل زعيم حزب الحركة القومية بهجلي، هذه المرة؟ أم أنه سيرى هذا على أنه عائق قبل اجتماعه مع الرئيس الأمريكي بايدن في قمة الناتو في 14 يونيو؟".

"تحديث سلطتهم"

وفي بيان له الثلاثاء قال "حزب الشعوب الديمقراطي" ردا على الدعوى الجديدة لحله: "أولئك الذين يصمتون في وجه اعترافات المافيا يريدون تحديث سلطتهم من خلال مهاجمة حزبنا".

وأضاف: "تحكي المافيا تاريخ تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية. يكتب الناس تاريخ حزب الشعوب الديمقراطي. أولئك الذين يصمتون بشأن اعترافات المافيا يريدون تحديث قوتهم من خلال مهاجمة حزبنا. لن نسمح بذلك!".

وسبق وأن ندد حزب "حزب الشعوب" بما وصفه بأنه "انقلاب سياسي" عليه.

واعتبر في أثناء الدعوى الأولى ضده أن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، يسعى للقضاء عليه قبل الانتخابات المقبلة.

الرئيس التركي استقبل الشرع في أنقرة - رويترز
الرئيس التركي استقبل الشرع في أنقرة - رويترز

قالت مصادر في وزارة الدفاع التركية إنه من السابق لأوانه مناقشة ما إذا كانت تركيا تعتزم إقامة قواعد عسكرية جديدة في سوريا، وذلك في تعليق لها على المعلومات الأخيرة التي نشرتها وكالة رويترز في هذا الصدد.

لكن المصادر ذاتها أضافت لوسائل إعلام رسمية، الخميس، أنه "سيتم وضع خارطة طريق مشتركة لتطوير قدرات الجيش السوري، وسيتم اتخاذ خطوات ملموسة في هذا الصدد".

كما أوضحت أن خارطة الطريق المذكورة تأتي "تماشيا مع مطالب الحكومة السورية الجديدة".

وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن 4 مصادر وصفتها بـ"المطلعة"، قبل يومين، أنه من المتوقع أن يتضمن الاتفاق الدفاعي "إنشاء قواعد جوية تركية في وسط سوريا، وتدريب الجيش السوري الجديد".

وبدوره، أكد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، سابقا، أن القوات المسلحة التركية "قادرة على تقديم الدعم لإنشاء جيش جديد في سوريا، إذا طلب الجانب السوري ذلك".

وكانت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، هي التي اتخذها الوفد العسكري رفيع المستوى الذي توجه من تركيا إلى دمشق في نهاية يناير الماضي.

وذكرت مصادر الدفاع التركية بحسب ما نقل عنها موقع "trt" أن أولوية تركيا الآن "هي الحفاظ على وحدة أراضي سوريا وضمان الاستقرار ومنع أنشطة العناصر الإرهابية".

وتابعت المصادر: "ونحن ندعم جهود الحكومة السورية الجديدة لضمان الاستقرار بطريقة تغطي كامل سوريا. وقد صرحنا بأننا مستعدون لتزويدهم بكل أنواع الدعم التي نستطيع في القضايا التي تندرج ضمن نطاق مهام وزارتنا".

وكان الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، زار العاصمة أنقرة، الثلاثاء.

والتقى بعد وصوله لأنقرة بالرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بزيارة هي الأولى في نوعها لرئيس سوري منذ 15 عاما.