قونيا تعتبر إحدى أهم معاقل حزب إردوغان
قونيا تعتبر إحدى أهم معاقل حزب إردوغان

مثل العديد من سكان مدينة قونيا، فقد العامل التركي، حسن ساريكايا، الأمل في الحصول على وظيفة ولا يتوقع مستقبلا أفضل طالما أن الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي دعمه لعدة سنوات، لا يزال في السلطة، وفق تقرير لوكالة رويترز.

مدينة قونيا الصناعية، إحدى معاقل المحافظين في تركيا التي تمتعت بازدهار اقتصادي في السنوات الأولى من عهد إردوغان، تعيش واقعا مختلفا الآن جراء انهيار الليرة وارتفاع التضخم، وهو ما يشعر به عديدون مثل ساريكايا.

ومشاكل هؤلاء قد تتسبب في مشاكل سياسية كبيرة لإردوغان قبل الانتخابات المقررة في منتصف عام 2023،  وبات الآن يواجه "أصعب اختبار له خلال عقدين في السلطة".

"لن يكون قادرا على إنقاذ نفسه"

وقال سونر كاجابتاي، مدير برنامج البحوث التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "التطورات منذ عام 2018 عندما واجهت تركيا أول أزمة اقتصادية في عهد إردوغان تشير جميعها إلى حقيقة أن إردوغان هو السلطان في خريف حياته المهنية".

وقال ساريكايا (31 عاما) متحدثا من شارع مزدحم في قونيا لرويترز: "أبحث عن عمل. لا أستطيع سداد ديوني... لا يوجد حل. لقد سئم الناس الآن". وأضاف: "صوتت لإردوغان لسنوات... وانا حريص الآن. لن يكون قادرا على إنقاذ نفسه".

واعتمدت شعبية إردوغان الدائمة على سجل من النمو الاقتصادي والقيم المحافظة التي أثارت حماسة الملايين من الأتراك المسلمين الذين شعروا منذ فترة طويلة بتجاهل النخبة العلمانية.

وكانت قونيا معقلا لحزب العدالة والتنمية، وفاز  إردوغان بنسبة 75 في المئة من أصواتها في الانتخابات الرئاسية لعام 2018.

وتحدث سكان آخرون في قونيا يعملون في الزراعة والصناعة وطلاب لرويترز عن ارتفاع الأسعار وقلة الوظائف.

وعلى الرغم من أن الكثيرين منهم قالوا إنهم سوف يصوتون لحزب إردوغان في الانتخابات المقبلة، تشير الاستطلاعات الوطنية، التي أجريت خلال العام الماضي، إلى أن شعور العامل التركي ساريكايا بالإحباط هو جزء من اتجاه أوسع في البلاد.

"تغيير سياسي محتمل"

وقال سنان أولجن، المدير في مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية ومقره اسطنبول: "لم نشهد قط مثل هذا الدعم المنخفض لحزب العدالة والتنمية في الماضي... هناك تصور متزايد بأنه سيكون هناك تغيير سياسي في عام 2023".

ويقول منتقدون له إن الرئاسة في عهد إردوغان أوجدت نظاما شديد المركزية غير مجهز للتعامل مع التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية لتركيا.

وقد أقال إردوغان ثلاثة محافظين للبنوك المركزية منذ عام 2019، وأقال ثلاثة من صانعي السياسة المصرفية في أكتوبر، ورغم أنه يقول إن البنك المركزي مستقل، فقد رفض لشهور دعوته بشأن أسعار الفائدة، ما أدى إلى انخفاض الليرة بنسبة 56 في المئة هذا العام وارتفاع تكلفة المعيشة الأتراك.

ويوم الأحد، تعهد بخفض معدل التضخم وقال: "عاجلا أم آجلا، كما خفضنا التضخم إلى أربعة بالمئة عندما توليت السلطة... سنقوم بخفضه مرة".

ويقول تقرير رويترز إن خصومه أصبحوا في "وضع الهجوم"، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن ثلاثة منافسين محتملين له، من بينهما رئيسا بلدية اسطنبول وأنقرة، وكلاهما من حزب المعارضة الرئيسي حزب الشعب الجمهوري، سيهزمونه جميعا في سباق نزيه.

"خريق السلطان "

ولأول مرة في الانتخابات، سيواجه إردوغان حزبين منفصلين أنشأهما الأعضاء المؤسسون لحزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه، وهما حزب "المستقبل"، بقيادة رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو  والآخر حزب علي باباجان حليفه السابق. وكلاهما يوفر لناخبي حزب العدالة والتنمية المحبطين فرصة لرفض إردوغان دون التخلي عن قيمه المحافظة.

وقال حسن إيكيجي، رئيس حزب "المستقبل" في قونيا: "إذا كان على الناخبين اتخاذ قرار وكانوا من ذوي التوجهات اليمينية، فسيجدون حزبا يمينيا آخر أقرب إليهم".

"تغييرات تكفي لقلب الطاولة"

وفي حين أن الدعم الوطني للأحزاب الجديدة لا يزال صغيرا، فإن "تحول الناخبين ولو بشكل هامشي تجاه هذه الأحزاب قد يضر بإردوغان بما يكفي لقلب الطاولة"ن وفق رويترز.

ومع ذلك، لا يزال حزب إردوغان يتمتع بدعم أكبر من أي حزب آخر ويمكنه الاعتماد على دعم شبه شامل من وسائل الإعلام المملوكة في الغالب من أنصاره.

وشهد حكمه طفرة في البناء وتحسين الخدمات الصحية، ورحب الأتراك المتدينون بإنهائه للقيود المفروضة على ارتداء الحجاب.

ويأتي هذا فيما يفتقر التحالف الفضفاض لخصومه إلى منصة سياسية متفق عليها ولم يحدد بعد مرشحا رئاسيا.

وينتقل عدم اليقين المتزايد بشأن مستقبل إردوغان إلى العالم الأوسع، حيث يبذل جهودا حثيثة لإصلاح العلاقات المتوترة مع بعض حلفاء تركيا وخصومها.

وقال أونال سيفيكوز، السفير المتقاعد، إن دولا مثل مصر وإسرائيل، اللتين كانتا على خلاف منذ فترة طويلة مع إردوغان، ليستا في عجلة من أمرهما للتصالح معه.

وقال: "يشعر الناس أن رياح التغيير تهب الآن والجميع ينتظرون التغيير في الحكومة".

مظاهرة في إسطنبول تطالب بوقف الحرب في غزة
مظاهرة في إسطنبول تطالب بوقف الحرب في غزة

قال مسؤول في المخابرات التركية، الاثنين، إن تركيا حذرت إسرائيل من "عواقب وخيمة" إذا حاولت ملاحقة مسؤولين من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) خارج الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك في تركيا.

وأضاف المسؤول "تم توجيه التحذيرات اللازمة للمحاورين بناء على أنباء تتعلق بتصريحات لمسؤولين إسرائيليين، وجرى إبلاغ إسرائيل بأن (مثل هذا التصرف) ستكون له عواقب وخيمة".

وكان رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) رونين بار قال في تسجيل بثته هيئة البث العامة الإسرائيلية، الأحد، إن إسرائيل ستلاحق قادة حركة حماس في لبنان وتركيا وقطر، حتى لو استغرق الأمر سنوات.

وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس بعد أن اقتحم مسلحوها الحدود من غزة في السابع من أكتوبر، وقتلوا 1200 شخص معظمهم من المدنيين واحتجزوا نحو 240 رهينة.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الهجوم الإسرائيلي على القطاع، منذ ذلك الحين، أدى لمقتل ما يزيد على 15899 فلسطيني حتى الآن.

وبخلاف غزة، يقيم قادة حماس في لبنان وتركيا وقطر أو يزورونها بشكل متكرر. وساعدت قطر بالتوسط في هدنة استمرت أسبوعا، لكنها انهارت يوم الجمعة.

وعلى مر السنين، عرض العديد من الدول توفير بعض الحماية لحماس التي تصنفها أستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وإسرائيل واليابان والولايات المتحدة منظمة إرهابية.

وفي عام 1997، فشل عملاء الموساد الإسرائيلي في تسميم زعيم حماس آنذاك، خالد مشعل، في الأردن، واضطرت إسرائيل لمنح الأردن الترياق اللازم لإنقاذ حياة مشعل. وحينها كان بنيامين نتانياهو يتولى رئاسة الوزراء.