أثارت رسالة أرسلها مكتب حاكم إسطنبول إلى رئاسة بلدية المدينة جدلا بين داخليا في تركيا، في الأيام الماضية، حيث نصّت أن الاجتماعات مع ممثلي الدول الأجنبية، بما في ذلك "المكالمات الهاتفية" يجب أن تخضع لتصريح من وزارة الخارجية.
وفي الفترة الأخيرة كان لافتا سلسلة اللقاءات التي عقدها رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو مع سفراء أجانب، أبرزهم السفير الأميركي، في أنقرة، جيف فليك، والسفير البريطاني، دومينيك تشيلكوت.
ويُحسب إمام أوغلو على "حزب الشعب الجمهوري"، وهو الاسم الذي كان قد انتزع رئاسة بلدية إسطنبول من يد "حزب العدالة والتنمية"، في انتخابات 2019.
Many thanks to the newly appointed US Ambassador @JeffFlake and his wife Cheryl Flake for visiting @municipalityist today. I wish Mr. Flake a successful term in his new post, and look forward to working together on supporting local initiatives. pic.twitter.com/X9t5M1q72u
— Ekrem İmamoğlu (International) (@imamoglu_int) January 31, 2022
وفي رسالة الحاكم التي نشرتها وسائل إعلام تركية، الجمعة، ورد أنه يجب على رؤساء البلديات الحصول على إذن من وزارة الخارجية للقاء الممثلين الأجانب، في إشارة إلى السفراء وغيرهم.
واستشهدت الرسالة بخطاب رئاسي كأساس للقرار الذي أصدره حاكم إسطنبول.
وبحسب كتاب رئاسة الجمهورية فإن "إذن الخارجية" يشمل جميع المؤسسات والمنظمات العامة، ولا يقتصر فقط على البلديات.
"ردود فعل"
وأثارت الرسالة، التي تم إرسالها إلى جميع البلديات، وخاصة إسطنبول وأنقرة، ردود فعل انقسمت ما بين أوساط "حزب الشعب الجمهوري" وأخرى مؤيدة للحكومة التركية.
واعتبر "حزب الشعب الجمهوري" القرار خطوة لمنع أو مراقبة رؤساء البلديات الحزبيين من لقاء السفراء.
وصرح سيت تورون، نائب رئيس "حزب الشعب الجمهوري" المسؤول عن الإدارات المحلية لوسائل إعلام تركية أن قرار الحكومة يعني "لا تتحدث مع أحد، لا تذهب إلى أي مكان دون أن تسمع منا".
وأضاف تورون أن هذه هي المرة الأولى التي يواجهون فيها مثل هذه الممارسة، وأنهم لن يلتزموا بالقرار ولن يقبلوا به.
بدوره رأى وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، أن إبلاغ وزارة الخارجية "هو الأسلوب الصحيح لاستمرار مكتسبات الدولة".
وأضاف صويلو في تصريحات صحفية: "بعض البلدان وبعض الوزراء لا يقبلون سفراءنا بشكل خاص. هناك معاملة بالمثل فيما يتعلق بهذا. من يدري عن هذا؟ يمكن لوزارة الخارجية أن تعرف. وزير دولة معنية أو مدير كبير أو مسؤول عام على المستوى العام يدرك وجود مبدأ المعاملة بالمثل هذا أو وجود مبدأ المعاملة بالمثل في البلد المعني".
وأشار صويلو إلى أنهم على اتصال دائم بوزارة الخارجية بشأن هذه المسألة.
"نشاط خارجي"
ويعتبر رؤساء كل من بلدية أنقرة وإسطنبول من صفوف "حزب الشعب الجمهوري"، وكان اسمهما قد تردد بكثرة، خلال الأشهر الماضية، كمرشحين محتملين للانتخابات الرئاسية في 2023.
وبينما ينحصر نشاط رئيس بلدية أنقرة، منصور يافاوش، على نحور كبير في الداخل التركي كان لإمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول نشاط خارجي، بدا واضحا في أكثر من مناسبة.
وقبل لقاءاته مع سفيري الولايات المتحدة وبريطانيا في إسطنبول كان إمام أوغلو قد أجرى زيارة إلى العاصمة اليونانية أثينا، في أغسطس 2021 والتقى حينها رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتشوتاكيس.
وفي كلمة له في ذلك الوقت شدد إمام أوغلو على "أهمية هذا النوع من اللقاءات في سبيل تطوير الروابط التاريخية، والثقافية، والاقتصادية، والإنسانية بين المدينتين"، بحسب تعبيره.
واعتبر الكاتب والصحفي المقرب من الحكومة، عبد القادر سيلفي أن "هناك حساسية في الدولة تطلبت نشر التعميم المتعلق بالحصول على إذن من الخارجية للقاء الممثلين الأجانب".
وأضاف سيلفي في مقالة له على صحيفة "حرييت": "الدولة تعرف ما هي. وبينما كان سفراؤنا ينتظرون موعدا في بعض البلدان بسبب المعاملة بالمثل، كان على سفراء تلك البلدان أن يواجهوا نفس المعاملة هنا".
وزاد أن "أكرم إمام أوغلو ليس الوحيد. لم يصدر هذا التعميم من أجله فقط، بل شمل الداخلية والوزارات والمحافظات والمؤسسات والمنظمات العامة والبلديات".
"هناك تقليد للدولة عمره ألف عام. يخطر رئيس مجلس النواب والوزراء وزارة الخارجية عندما يطلب السفراء تعيينهم. يأخذون في الاعتبار تحذيرات وزارة الخارجية ويحتفظون بمحضر الاجتماع".
وتابع الكاتب الصحفي: "لماذا يتردد أكرم إمام أوغلو في القيام بذلك؟ أليس هو رئيس بلدية هذا البلد؟".