دبابات تركية قرب الحدود السورية.. لقطة أرشيفية
دبابات تركية قرب الحدود السورية.. لقطة أرشيفية

مرّ أسبوع على العملية الجوية التي أطلقتها تركيا في شمال سوريا، وفي حين لا تزال ضربات الطائرات مستمرة حتى الآن - رغم انخفاض حدتها- يسود الترقب عما إذا كان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان سينفذ تهديداته بشن هجوم بري ضد مناطق نفوذ "وحدات حماية الشعب" الكردية. 

وأثار التلويح بهذا الهجوم ردود فعل من جانب الولايات المتحدة من جهة، وروسيا من جهة أخرى، إذ وصل قائد قواتها في سوريا، ألكسندر تشايكو، الأحد، إلى مدينة القامشلي، والتقى قائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، مظلوم عبدي، في خطوة وضعت ضمن إطار "الوساطة" من أجل خفض التصعيد. 

وذكرت وسائل إعلام مقربة من النظام السوري، وأخرى من طهران، الاثنين، أن المسؤول الروسي عرض على "قسد" الانسحاب من الحدود السورية-التركية مسافة 30 كيلومترا، على أن يتم إحلال "الجيش السوري" مكانها، في تغيّر ميداني قد يبعد شبح أي عملية عسكرية تركية. 

وقالت صحيفة "الوطن" شبه الرسمية إن "قسد" لم توافق على العرض حتى الآن، وهو الذي يرتبط بشكل أساسي إلى مخرجات اتفاق "سوتشي" الموقع في 2019، بين الرئيسين إردوغان ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين. 

ووصفت "الوطن" الطلب الروسي بأنه "رسالة تركية أخيرة قبل بدء العملية البرية"، نافية توقيع أي اتفاق بين "الحكومة السورية وقسد". 

وكان إردوغان انتقد موسكو في إحدى خطاباته الأسبوع الماضي، بقوله إنها لم تف بتنفيذ بنود الاتفاق الموقّع، وبعد ذلك بأيام أعرب مبعوث بوتين إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف أن تستمع تركيا لدعوة موسكو، بعدم القيام بعمل عسكري بري شمال سوريا. 

واعتبر لافرنتيف أن "إجراء مثل هذه العمليات العسكرية لا تأتي بنتائج وإنما تشجع الإرهاب"، مشيرا من جانب آخر: :من الضروري إقامة حوار بين الأكراد ودمشق، حيث جرت مفاوضات بين الطرفين، وتم وضع خطة، وتأمل روسيا في التواصل ما بينهما". 

ما آخر التطورات؟ 

ورغم انخفاض حدة الضربات التركية على مواقع "قسد" و"الوحدات" في شمال سوريا، إلا أنها لم تتوقف، في وقت كثرت فيه تقارير وسائل الإعلام الحكومية، التي ترجح انطلاق هجوم بري "في أقرب وقت". 

ويتركّز الحديث التركي منذ السبت على أن "العملية المرتقبة" ستستهدف على الخصوص منطقة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، ومنبج، وصولا إلى عين العرب (كوباني) الحدودية. 

وذلك ما أشار إليه قائد "قسد"، مظلوم عبدي، بقوله قبل يومين إنه يرجح أن يكون الهجوم البري التركي باتجاه تل رفعت ومنبج وعين العرب، مضيفا أن "حماية المنطقة وظيفة الجيش السوري، ونتطلع إلى التنسيق معا للتصدي للهجمات التركية". 

ومنذ مطلع 2018، وعقب عملية "غصن الزيتون" في عفرين، بقيت القوات الكردية محتفظة بالسيطرة على منطقة تل رفعت والقرى والبلدات في محيطها، ضمن ما يسمى بـ"جيب تل رفعت". 

ويختلف الجيب المذكور على الأرض بطبيعة الأطراف المنتشرة فيه، التي لا تقتصر على القوات الكردية فقط، فإلى جانبها هناك انتشار لقوات الشرطة الروسية وقوات النظام السوري وميليشيات مدعومة من إيران. 

ولطالما هددت أنقرة بالسيطرة على تلك المنطقة "الاستراتيجية"، واعتبرتها تهديدا لأمنها القومي والمناطق التي تديرها جنوبي حدودها. لكنها، ومع ذلك، لم تتمكن من تحقيق هذا الهدف، لاعتبارات تتعلق بالاتفاقيات المبرمة مع موسكو. 

وكذلك الأمر بالنسبة لعين العرب (كوباني) التي يحكمها اتفاق سوتشي الموقع في 2019 بعد عملية "نبع السلام"، إضافة إلى منبج التي تنتشر فيها نقاط عسكرية للنظام السوري وروسيا. 

ماذا تريد موسكو؟ 

ولطالما كانت موسكو حاضرة مع كل تلويح أو تصعيد تركي اتجاه المناطق الخاضعة لسيطرة "قسد"، وهو ما بدا عقب عملية "نبع السلام"، وصولا إلى التهديدات التي أطلقها إردوغان على التوالي خلال العامين الماضيين. 

ويبرز الدور الروسي بالتواصل والاجتماع مع "قسد" من جهة، ومع الجانب التركي من جهة أخرى، بحكم العلاقة المتقاطعة في ملفات عدة، على رأسها الملف السوري. 

الرئيس المشارك لـ"مجلس سوريا الديمقراطية" (الذراع السياسي لقسد)، رياض درار قال إن موسكو "تضغط باستمرار من أجل الاستفادة من الصراع"، في إشارة منه للتصعيد الحاصل على الحدود الشمالية لسوريا. 

ويضيف في حديث لموقع "الحرة": "يعلم الجميع أنها تنسق مع تركيا في مسار أستانة، ومع الإيراني أيضا. هدفها الأول إعادة النظام إلى المناطق خارج سيطرته، وإن كان ذلك بشكل متسلسل. بمعنى عملية قضم جزئي ومرة بعد مرة". 

واعتبر درار أن روسيا تحاول لعب دور في شمال وشرق سوريا كذاك الذي فرضته في عام 2018 بالجنوب السوري، من خلال "عقد سلسلة اتفاقيات تكون فيها الضامن، فيما سيستفيد الجيش السوري بالدخول إلى مناطق أوسع". 

"ربما تفكر أيضا بإنشاء قوة مثل الفيلق الخامس. هذا هو الشيء الواضح مبدئيا، ويريد الروسي أيضا إدخال شركاته للاستثمار بالنفط"، كما ذكر مسؤول الجناح السياسي لـ"قسد". 

وفي نوفمبر 2021 كانت تركيا قد صعدت تهديداتها بشن هجوم ضد "قسد"، وما كان من روسيا إلا تقديم عرض تضمن إدخال ثلاثة آلاف مقاتل من قوات الأسد إلى مدينة عين العرب/ كوباني. 

وذلك ما قوبل بالرفض، حسب حديث الرئيسة المشتركة لـ"مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد)، إلهام أحمد، في ندوة حوارية حينها، موضحة أن سببب الرفض هو "منع سيناريو درعا في كوباني". 

بدوره يقول المحلل السياسي المقيم في موسكو، رامي الشاعر، إن "الاتصالات عن طريق القنوات العسكرية والدبلوماسية بين روسيا وقسد مستمرة منذ سنوات، ولم تتوقف". 

وبينما يستبعد الشاعر إقدام تركيا على شن هجوم بري، يقول لموقع "الحرة": "روسيا تتفهم ردة الفعل التركية وقصف مواقع محددة على الأراضي السورية والخارجة عن سيطرة النظام في دمشق، والتي تتوفر معلومات استطلاعية لدى أنقرة تؤكد تواجد إرهابيين فيها، وتستخدم من قبلهم". 

ويضيف المحلل السياسي: "ليس صحيحا استخدام مصطلح: فشلت المحادثات بين العسكريين الروس وممثلي قسد، لأن ممثلي روسيا لا يمكن أن يبادروا بخطوات أو مباحثات يمكن أن تفشل"، وفق تعبيره. 

كما أشار الشاعر إلى أن "روسيا اليوم تقوم بجهود الوساطة لتخفيف التصعيد والتوتر وإقناع الأكراد وسلطات دمشق، للتوصل إلى صيغة معينة للتنسيق بخصوص مهام ووضع القوات المسلحة الكردية، في مناطق تواجدهم على الأراضي السورية". 

ما هو موقف "قسد"؟ 

في غضون ذلك يعتقد الرئيس المشارك لـ"قسد"، رياض درار، أن "الأمر صعب جدا بالنسبة للنفط وحتى بما يخص النقاط الأخرى"، في تعليقه على إمكانية القبول بالمطالب الروسية التي تطرحها موسكو، كسبيل لخفض التصعيد. 

ويقول: "هناك مواقف متباعدة بين قسد وروسيا، بسبب الطريقة الاستفزازية التي تدار بها المحادثات من قبل الأخيرة". 

ومع ذلك يضيف: "في المحصّلة فإن المصلحة من أجل وقف القتال يمكن أن تصب في شيء من المقاربات. هذه المقاربات لن تنجح إلا بموافقة أميركية لأنها أكثر قربا من قسد". 

"واشنطن يهمها أمن الطاقة ولا تريد أن يستفيد منها أحد، وخاصة إيران والنظام"، وفق ما أشار درار في حديثه المتعلق بالطلب الروسي الخاص بدخول الشركات لاستثمار آبار النفط في شرقي البلاد. 

واعتبر من جانب آخر أن "موسكو لها مطالب من تركيا أيضا، ولذلك هم مختلفون حتى الآن على إعطاء الضوء الأخضر للدخول في عملية عسكرية برية". 

ويوضح: "موسكو لها مطالب في شمال غرب البلاد وبالتالي لا يمكن القبول بأي تدخل تركي إلا في حال تلبية هذه المطالب. على الأقل في طريق الإم فور ومناطق جنوب إدلب". 

"القصة بعد 2019"  

في أواخر عام 2019 شنت تركيا عملية عسكرية حملت اسم "نبع السلام" في مناطق شمال وشرق سوريا، لتكون الأولى من نوعها في تلك المناطق الخاضعة لسيطرة "قسد".  

وفي ذلك الوقت سيطر الجيش التركي، وتحالف "الجيش الوطني السوري" الذي تدعمه أنقرة، على مساحة واسعة على طول الشريط الحدودي، بدءا من تل أبيض بريف محافظة الرقة، ووصولا إلى مدينة رأس العين في ريف محافظة الحسكة، وبعمق يقدر بـ30 كيلومترا، حتى محاذاة الطريق الدولي المعروف باسم "M4".  

وبينما كادت تركيا أن تتوسع أكثر، سواء باتجاه الشرق أو الغرب نحو مدينة "عين العرب" (كوباني) أعلنت تعليقها "نبع السلام"، بعد "محادثات هدنة" أجرتها مع الولايات المتحدة الأميركية.  

ووصل مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى العاصمة أنقرة آنذاك، وأعلن عقب اجتماع مع المسؤولين الأتراك التوصل إلى "اتفاق وقف إطلاق نار"، وهو ما رد عليه وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو بالقول إنه "تعليق" و"ليس وقفا لإطلاق النار".  

ودار الحديث عن الهدنة التي تحددت بـ120 ساعة على أنها ستحقق هدفين رئيسيين، هما سيطرة تركيا على شريط من الأراضي السورية بعمق يتجاوز 30 كيلومترا، وطرد "وحدات حماية الشعب" (العماد العسكري لقسد) من المناطق الحدودية.  

أين كانت روسيا؟  

أيام قليلة فصلت الإعلان التركي الأميركي والهدنة المحددة بالساعات، حتى أعلن الرئيسان التركي والروسي إردوغان وبوتين عن اتفاق من مدينة سوتشي الواقعة على البحر الأسود.  

ووصف إردوغان ذلك الاتفاق بـ"التاريخي"، ونص على احتفاظ تركيا بالسيطرة على منطقة بعمق 32 كيلومترا في سوريا، استولت عليها خلال عملية "نبع السلام".  

وجاء فيه أن "الشرطة العسكرية الروسية وحرس الحدود السوري سيعملان على تسهيل إزالة المقاتلين الأكراد مع أسلحتهم، من منطقة بعمق 30 كيلومترا على طول الحدود التركية السورية".  

وبالفعل دخلت عناصر من الشرطة العسكرية الروسية إلى مناطق سيطرة "الوحدات" على الحدود مع تركيا، خاصة مدينة عين العرب (كوباني)، وانتشر إلى جانبهم أيضا عناصر من "حرس الحدود" التابع لقوات النظام السوري.  

وبعد ذلك شرعت القوات التركية والروسية بتسيير دوريات مشتركة على طول المناطق الحدودية، بينما قال مسؤولون أكراد لوسائل إعلام أجنبية إنهم "امتثلوا للاتفاق".  

أما في أنقرة فقد أعلنت وزارة الدفاع التركية أنه "لا حاجة" لاستئناف العملية العسكرية ضدّ المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا بعد انتهاء الهدنة، مشيرة إلى أنّ الولايات المتّحدة أبلغتها بأنّ انسحاب القوات الكردية من المناطق الحدودية قد "أنجز"، مضيفة: "في هذه المرحلة، ليست هناك حاجة لتنفيذ عملية جديدة".  

ومنذ أواخر عام 2019 أجرت القوات الروسية والتركية دوريات مشتركة عدة على طول الحدود الشمالية لسوريا، لكن التفاصيل التي نص عليها الاتفاق المذكور سابقا تغيرت بجزئيات عدة.  

واتهمت أنقرة مرارا "الوحدات" الكردية بتنفيذ هجمات ضد قواتها، داخل وخارج الحدود، وهو ما نفته الأخيرة في أوقات متفرقة. 

وبينما استمر هذا التصعيد، مع الإشكالية المتعلقة ببنود "سوتشي 2019" جاء تفجير إسطنبول الأخير ليعيد التهديد بعملية خامسة إلى الواجهة من جديد. 

وقد اتهمت أنقرة "وحدات حماية الشعب" و"حزب العمال الكردستاني"، المصنف على قوائم الإرهاب، بالوقوف وراء الهجوم الدموي، فيما نفى الطرفان أي مسؤولية لهما فيه، بينما قال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو إن "أمر التفجير جاء من كوباني ومنبج"، وفق تعبيره. 

لا خيار أمام حزب العمال الكردستاني في هذه المرحلة سوى التفاهم مع الدولة التركية. أرشيفية
يقبع عبد الله أوجلان في سجنه الانفرادي في جزيرة إمرلي

تتوقع أوساط سياسية تركية أن يطلق زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK)، عبد الله أوجلان، نداء، في منتصف فبراير الجاري، يدعو فيه أعضاء حزبه إلى التخلي عن السلاح.

هذه الخطوة المتوقعة سبقها دعوات سلام أطلقها قادة وسياسيون أتراك للتسوية مع حزب العمال الكردستاني، إضافة إلى لقاء أجراه نواب عن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب "ديم" الكردي مع أوجلان، في سجنه الانفرادي في جزيرة إمرلي.

أجنحة وتيارات قوية

باكير أتاجان مدير مركز إسطنبول للفكر والدراسات الاستراتيجية التركي يقول إنه لا خيار أمام حزب العمال الكردستاني في هذه المرحلة سوى التفاهم مع الدولة التركية والاستجابة لدعوات السلام وإلقاء السلاح.

وأكد أتاجان أن لحزب العمال الكردستاني أجنحة وتيارات قوية تدعمها دول إقليمية ودولية أبرزها إيران.

وأوضح أن الجناح الإيراني ينشط في العراق وسوريا وإيران وتركيا وهو لا يأتمر بأوامر أوجلان، بل بقادته المعروفين بولائهم لإيران وهؤلاء أبرز المعارضين لدعوات السلام التركية.

ويرى أتاجان أن قسما كبيرا من أجنحة الحزب قد تتجاوب مع نداء زعيمهم باستثناء بعض الأجنحة المتواجدة في جبال قنديل شمال العراق وشرق سوريا وإيران ودول أوربية وهؤلاء لا يشكلون سوى 30 فيمن أجنحة الحزب العسكرية بحسب أتاجان.

وأضاف مدير مركز إسطنبول للفكر أن قادة حزب العمال يدركون جيدا أن ليس بإمكانهم الصمود من دون دعم خارجي وهذا الدعم تراجع كثيرا بعد سقوط نظام الأسد، وابتعاد روسيا وإيران والعراق ودول أوروبية وما تبقى هو دعم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل طالباني وهذا لن يكون له تأثير.

ومنذ بدء الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني بداية ثمانينيات القرن الماضي طُرحت مبادرات سلام عديدة.

 ففي اذار عام 1993 أعلن حزب العمال وقف إطلاق النار من جانب واحد انتهت بعد شهر من وفاة الرئيس التركي تورغت أوزال في أبريل من نفس العام.

 وفي عام 1999 أعلن الحزب مرة أخرى وقف إطلاق النار من طرف واحد واستمر حتى يونيو عام 2004. وفي يوليو عام 2010 جرت مفاوضات سرية بين الجانبين في العاصمة النرويجية أوسلو لم تسفر عن نتائج.

 وخلال عامي 2012 و 2013 جرت محادثات بين المسؤولين الأتراك ورئيس حزب العمال عبد الله أوجلان في السجن من أجل التوصل إلى سلام دعا بعده أوجلان حزبه الى وقف القتال لكنه أنتهى في يوليو عام 2015.

ضمانات دولية

المراقب السياسي المقرب من حزب العمال الكردستاني محمد بنجويني قال لموقع "الحرة "إنه لا يمكن الجزم بأن أوجلان قد يوجه خلال كلمته نداء لحزبه بالتخلي عن السلاح بالشكل الذي تطلبه تركيا.

ونفى بنجويني وجود أجنحة بولاءات مختلفة داخل العمال الكردستاني، وقال إنه لا توجد أجنحة، بل آراء مختلفة بشأن القضايا المصيرية، وهذا أمر طبيعي في حزب كبير لديه شعبية كبيرة وأعضاء ومناصرون كثر في أجزاء كردستان الأربعة: تركيا والعراق وإيران وسوريا وحتى في أوروبا والعالم.

وأضاف بنجويني أنه سبق أن جرت مفاوضات سلام عديدة بين الطرفين منذ عام 2010 بوساطات دولية وبنفس المطالب التركة الداعية إلى نزع سلاح حزب العمال الكردستاني لم يكتب لها النجاح.

وزاد بنجويني أنه لا يعتقد أن قادة الحزب في قنديل وأماكن أخرى سترضى بنزع السلاح، حتى لو وجه زعيم الحزب هذه الدعوة.

وأضاف كيف يقبل قادة الحزب تسليم السلاح بمجرد كلمة او دعوة من زعيمهم داخل السجن، تسليم السلاح مقابل أي شي؟ 

وأوضح أنه يجب أن تقدم تركيا ضمانات لسلامة قادة ومقتلي الحزب إذا ما سلموا السلاح وضمانات لحل القضية الكردية ايضا وأن يتم ذلك باشراف الأمم المتحدة ودول كبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "يني شفق" التركية في نيسان العام الماضي فان إيران زودت حزب العمال الكردستاني بما يزيد عن 50 طائرة مسيرة انتحارية، بالإضافة إلى أنظمة دفاع جوي متقدمة مثل صاروخ 358 وصواريخ حرارية لإسقاط الطائرات المسيرة التركية.

عوائق أمام أي مبادرة سلام مع تركيا

عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني محمد زنكنة أكد تعدد الولاءات داخل حزب العمال الكردستاني بعضها لدول إقليمية منها إيران والمتمثلة في جناح " جميل بايك ".

ويقول إن هذا الجناح لن يرضى بإلقاء السلاح ويرفض أي مبادرة للسلام مع تركيا، حتى لو صدرت عن زعيم الحزب عبد الله أوجلان، والطرف الأخر هو جناح قريلان المنفتح على أي مبادة للسلام، أما الجناح السياسي للحزب في تركيا فلا حوله له ولا قوة.

وأوضح زنكنة أن حزب الحياة الحرة الكردستاني "بزاك" أوقف جميع عملياته العسكرية ضد إيران منذ عام 2008 وباتوا مكملين للحرس الثوري الإيراني في مهاجمة مقرات وعناصر "الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني". وحزب الجماعة الكردي الإيراني "كوملة".

 وأشار إلى أن اجتماعات عدة جمعت قادة حزب العمال الجناح الإيراني بمسؤولين في الحرس الثوري الإيراني وعلى رأسهم قائد قوات فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني.

وبين عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني أن قادة الجناح الإيراني لحزب العمال الكردستاني متواجدون في جبال قنديل وأطراف محافظات أربيل ودهوك وقضاء سنجار وسهل نينوى ومناطق أخرى في كردستان العراق وكردستان تركيا وسوريا أيضا، ولديهم استثمارات عديدة في أوربا.

من جهته نفى عضو الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي تقديم حزبه أي دعم للعمال الكردستاني، وأكد لموقع "الحرة" أن الحديث عن مثل هذا الدعم مجرد ادعاءات كاذبة ومغرضة الهدف منها النيل من حزبه.

ويرى سورجي أن دعم إيران لجناح معين في حزب العمال الكردستاني " إن كان صحيحا " فهو أمر طبيعي في ظل الصراعات والمصالح الإقليمية في المنطقة ومن منطلق " عدو عدوي هو صديقي " وهذا لا يعني أن حزب العمال عميل لإيران بل أنه بحاجة الى دعم لديمومة نضاله.

ومنذ أبريل عام 2023 علقت الخطوط الجوية التركية رحلاتها إلى مطار السليمانية، وعزت وزارة الخارجية التركية في حينها أسباب تعليق الرحلات الجوية مع مطار السليمانية إلى "تغلغل" حزب العمال الكردستاني في منشآت المطار.

ويشمل الحظر أيضا طائرات الدول الأخرى التي تتخذ من الأجواء التركية مسارا إلى مطار السليمانية، وبحسب مسؤولين في إدارة المطار فإن الحظر يلحق ضرارأ مادية بالمطار تقدر بنحو 35 مليون دولار شهريا.

وأشار سورجي إلى أن العمال الكردستاني مصنف على قائمة الإرهاب لدى العديد من الدول وفي العراق هو حزب محظور، وأن الاتحاد الوطني الكردستاني لا تربطه بالحزب المذكور أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد.

وأضاف عضو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لموقع " الحرة " أن حزبه ليس دولة لديها الإمكانيات التي تسمح له بدعم أحزاب أو منظمات.

لكن الأحزاب الكردية في أجزاء كردستان لديها قضية مشتركة ومصير مشترك وجميعها متعاطفة مع بعضها بشكل او بآخر، وفق سورجي.

المراقب السياسي فائق كولبي قال لموقع "الحرة" إن دعوات السلام التركية يجب أن تتزامن مع ضمانات دولية وإصلاحات دستورية تمنح القوميات غير التركية حقوقها وتعترف بها، حينها يمكن التوصل الى سلام دائم في تركيا.

وأشار إلى أن جميع أجنحة حزب العمال الكردستاني تستجيب لدعوة رئيس الحزب عبد الله أوجلان إذا ما طلب منهم القاء السلاح والدخول في معاهدة سلام مع الحكومة التركية.