تدفع الظروف الاقتصادية السيئة في تركيا الشباب إلى التفكير بالهجرة إلى دول أخرى يحاولون فيها الحصول على فرص عمل تحسن من ظروفهم المالية.
ورغم أن الانتخابات على الأبواب، إلا أن عددا كبيرا من الشباب التركي لا يشعر بقرب أي أمل في تحسن الظروف المعيشية، وتراجع البطالة وانتعاش الاقتصاد.
وعلى سبيل المثال، لم يتردد الشاب التركي، بولوت فيسيسي، في قبول عرض شركة هولندية لمغادرة تركيا في ظل مشاكل السياسة والاقتصاد التي يقول إنها تهز البلاد ولا يبدو أن حلها قريبا، وفق تقرير من مجلة "فورين بوليسي".
ومع اقتراب انتخابات، في 14 مايو، تظهر استطلاعات الرأي أنها قد لا تسير باتجاه ما يطمح له الرئيس، رجب طيب إردوغان.
وينضم فيسيسي، عالم البيانات البالغ من العمر 25 عاما، إلى المزيد من الشباب الأتراك المحبطين الذين يقولون إنهم فقدوا الثقة في بلادهم.
ويشتكي العديد من الأتراك عدم الثقة في الحكومة، وقمع حرية التعبير، والتضخم، وتدهور الفرص التجارية، وهي الأسباب التي تدفعهم إلى الرحيل، وفق تقرير المجلة.
ويقول أكثر من 70 في المئة من الأتراك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاما إنهم يفضلون العيش في مكان آخر، في حين يقول أكثر من 60 في المئة إنهم لا يرون مستقبلا جيدا في تركيا، وفقا لمسح حديث أجرته مؤسسة كونراد أديناور ومقرها ألمانيا.
ووفق التقرير، لا يقتصر الأمر على الشباب، إذ يشمل ذلك كل الفئات، إذ فقدت تركيا ثالث أكبر عدد من أصحاب الملايين في العالم، وفقا لتقرير صادر عن حزب الشعب الجمهوري، وهو صوت المعارضة الرئيسية لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس التركي إردوغان.
وعندما تولى إردوغان منصبه لأول مرة في عام 2003 كرئيس لوزراء البلاد، كانت الأمور تتحسن. وكان الاقتصاد التركي مزدهرا ومعدلات البطالة آخذة في الانخفاض.
لكن بدلا من ذلك، تحولت محاولته إلى تأسيس "تركيا الجديدة" بشكل متزايد إلى الاستبداد، كما يقول، أحمد إردي أوزتورك، الأستاذ المشارك في السياسة في جامعة لندن متروبوليتان، ما يدفع الأتراك الآن إلى الهجرة.
والهجرة ليست جديدة على تركيا، ولكن الموجة الجديدة تزايدت منذ حملة الحكومة على مظاهرات عام 2013 في حديقة جيزي في اسطنبول وكذلك الانقلاب الفاشل في عام 2016، إذ بات الأتراك من جميع الأعمار والطبقات يغادرون البلاد، وفق التقرير.
ويشير التقرير إلى أن الطلاب، والمهنيين الشباب، والمشاهير، والطبقة المتوسطة العليا، وحتى الجماعات الدينية، الكل بات يفضل مغادرة تركيا.
ويعيش أكثر من 6.5 مليون تركي حاليا في الخارج، وفق وزارة الخارجية التركية.
وينعكس ذلك على دعم حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة، إذ انخفضت نسبة دعم إردوغان في استطلاعات الرأي.
ومع اقتراب الانتخابات، تنفق الحكومة مليارات الدولارات من أموال الدولة لدعم إردوغان وحزبه الحاكم بالتزامن مع قيامها باستغلال القضاء لإطلاق مجموعة من التهديدات القانونية لملاحقة المنافسين المحتملين للرئيس، وذلك قبل أشهر فقط من انتخابات حاسمة قد تعيد تشكيل السياسة الداخلية والخارجية لتركيا، وفق تقرير من صحيفة "نيويورك تايمز".
لا أمل في التغيير
وقال أوزتورك: من المحتمل أن نرى عودة من غادروا في حال حدوث تحسن في أداء الحكومة، ولكن في الوقت الحالي، لا يرى معظم الأشخاص الذين غادروا أملا في التغيير."
وأمام التذمر الجماعي للشباب التركي، حاول إردوغان تحسين صورته، ومع نهاية الشهر الماضي رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 55 في المئة وزاد من رواتب موظفي الدولة بنحو 30 في المئة. كذلك عمد لتوسيع برنامج حكومي لمنح قروض مدعومة للتجار والشركات الصغيرة.
ووعد إردوغان كذلك أنه سيستمر في جهوده لبناء اقتصاد تركيا وزيادة نفوذها في الخارج وحماية البلاد من التهديدات المحلية والدولية، في حال فوزه في الانتخابات.
لكن ذلك لا يبدو أنه يقنع الأتراك خاصة الشباب منهم، وينقل تقرير فورين بوليسي عن الشاب التركي، بولوت فيسيسي، الذي غادر إلى هولندا قوله إن "معظم من أعرفهم متوترون، ليس فقط بسبب المصاعب الاقتصادية ولكن أيضا بسبب الحكومة. نحن خائفون من التحدث أو مشاركة أفكارنا على وسائل التواصل الاجتماعي". مضيفا أن "الخوف الجماعي يجعل الناس يرغبون في المغادرة".
ويقول، ألبر كوسكون، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن "الانفصال بين حزب العدالة والتنمية وسياساته وجيل الشباب واضح. الدعم الأكبر لحزب العدالة والتنمية يأتي من الجيل الأكبر سنا".