أسر تركية تعاين الأضرار بعد الزلزال المدمر
أسر تركية تعاين الأضرار بعد الزلزال المدمر

على مشارف مدينة غوكسون، حوالي 100 كيلومتر عن مركز الزلزال بجنوب تركيا، تُظهر أنقاض المباني والجدران الممزقة التي تكشفت في وجه السماء، قوة الزلزال الذي حرّك المدينة قبل يومين.

وتحولت غوكسون إلى "مدينة أشباح" بحسب صحيفة الغارديان، بعد ساعات من وقوع الزلزال المميت، الذي أودى بحياة أكثر آلاف الأشخاص في تركيا وسوريا وترك أعدادا لا تحصى من العالقين تحت الأنقاض.

وفرّ معظم سكان المدينة في أعقاب الواقعة، حيث استمرت الارتدادات والهزات الزلزالية القوية في تحريك المنازل التي لم تسقط، والتي اضطر قاطنوها إلى مغادرتها، والاحتماء في السيارات أو بالعراء حول نيران أوقدوها لموجهة البرد القارس، رغم معاناتهم في العثور على الماء والطعام.

آدم تيزر، أحد السكان الذين فضلوا البقاء بالمدينة، يكشف للصحيفة البريطانية، أن أغلب سكان المدينة غادروا، مضيفا أنهم يفضلون المبيت في العراء على بيوتهم التي طالتها أضرار وشقوق عملاقة، تمنع عودتهم إليها.

وسار تيزر ببطء في الشوارع الجليدية وسط مشاهد الأنقاض والبنايات المائلة، ليصل إلى عائلته التي وجدت في سيارتهم ملجأ جديدا، يقيهم البرد والخوف.. عمته في المقعد الأمامي، وزوجته وابن عمه في المنتصف ومجموعة من الأطفال الصغار مزدحمة في الخلف.

وعلى مدار اليومين الماضيين، منذ وقوع الزلزال، كانت الأسرة تتناوب على النوم جالسة بالداخل، معتمدة على نظام تدفئة السيارة.

وارتفعت حصيلة قتلى الزلزال الذي ضرب مناطق واسعة بتركيا وسوريا إلى أكثر من 9600، الأربعاء، حسبما أظهرت أرقام رسمية، فيما لا يزال عناصر الإنقاذ يحاولون العثور على ناجين عالقين تحت الأنقاض.

وقال مسؤولون وعاملون طبيون إن أكثر من 7 آلاف شخص قضوا في تركيا و2547 في سوريا، ما يرفع حصيلة القتلى الإجمالية إلى أكثر من 9504.

"هذا هو الطعام الوحيد الذي أمكننا العثور عليه، وهو ما سنتقاسمه على العشاء هذه الليلة"، يقول تيرز وهو يفتح كيسا صغيرا من البلاستيك الأسود يضم قطع خبز انتشلها من منزل العائلة الوحيد الذي قاوم الانهيار.

وفي مكان قريب، حاولت مجموعة من الرجال نصب خيمة لبناء مأوى لعدد من الأسر التي بقيت في العراء، الليلتين الماضيتين.

يقول تيزر للصحيفة البريطانية، بنبرة توحي باليأس أكثر من الغضب: "لم نر شيئا من الدولة".

من جهته، يشتكي مراه عكان الظروف الصعبة التي يعيش فيها مع أسرته داخل سيارتهم،  قائلا "طلبت منا السلطات التجمع في هذا المكان، لكن المشكلة الرئيسية الآن هي نقص الغذاء والماء"، وأضاف "رأينا بعض عمليات التسليم في الساعة الماضية، ولكن كان ذلك قليل جدا".

وتكشف النوافذ المكسورة لمتجر أغذية قريب عن أكوام من الصناديق الفارغة، ولا يظهر إن كان سبب تحطمها الزلزال أو السكان اليائسون الباحثون عن الطعام.

وتقول السلطات التركية إن نحو 13.5 مليون شخص تضرروا في منطقة على مساحة نحو 450 كيلومترا من أضنة غربا إلى ديار بكر شرقا.

وفي أجواء البرد القارص، يواصل رجال الإغاثة سباقهم مع الزمن لمحاولة العثور على ناجين تحت الأنقاض.

"كل خمس دقائق تهتز الأرض من تحتنا"، يقول عكان: "شاهدنا منازل تتأرجح ذهابا وإيابا، رغم ضخامتها".

ويتابع "انسوا المنازل، لا يمكننا حتى البقاء في سياراتنا لأننا نخشى حدوث المزيد من الهزات الأرضية"، وأضاف "نحن لا نثق بهذه المباني، كل شيء لا يزال مهتزًا، ونخشى أن تنهار فوق رؤوسنا".

ويبرز عكان أن سكان البلدة كانوا ينامون في سياراتهم بسبب الرعب، مضيفا: "لا نعتقد أن الأمر قد انتهى".

وفي محطة بنزين على الطريق خارج غوكسون، تجمهر السكان عند المدخل للتدفئة، وحرصا على إيجاد طرق لملء سياراتهم من أجل المغادرة.

يقول مدير المحطة، عمر كوكا، وهو يتحدث وسط صفوف من الأرفف الخالية من الطعام: "منذ الساعة الثانية بعد ظهر اليوم، لم يكن لدينا بنزين على الإطلاق"، ولم يتبق سوى عدد قليل من علب المكسرات والبسكويت وعلب عصير الفاكهة لإطعام الجياع في الخارج.

ويضيف للغارديان، "منذ وقوع الزلزال، كان هناك طلب متزايد على الغاز".

ويتابع "الناس مرعوبون، وكثير منهم يسيئون فهمنا عندما يرغبون في التزود بالوقود ونقول لهم لا، يعتقدون أننا نخزنه أو نخفيه. لكننا غير قادرين على تحديد موقع أي شاحنات للغاز لإحضاره أو حتى السائقين لنقله"، ويضيف: "نسمع أن البعض سيبدأ شغلها غدا، لذلك نحن الآن ننتظر ".

ويكشف أيضا أنه لا أستطيع العودة إلى منزله، في الوقت الحالي، وينام في محطة الوقود، مقر عمله.

تصريحات إردوغان كانت لافتة
إردوغان بلقطة أرشيفية

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الاثنين، إن تركيا ستبقى على موقفها المناهض للحكومة الإسرائيلية مهما كان الثمن. داعياً العالم إلى اتخاذ المثل، باعتباره "موقفاً مشرّفاً" وفق تعبيره.

وأضاف بمنشور على حسابه في منصة إكس، بمناسبة ذكرى مرور عام على اندلاع الحرب في قطاع غزة "قُتل 50 ألفاً من إخواننا وأخواتنا بوحشية، أغلبهم أطفال ونساء. ولم تعد المستشفيات وأماكن العبادة ومدارس مختلف الأديان في غزة قائمة. العديد من الصحفيين وممثلي المنظمات غير الحكومية ومبعوثي السلام لم يعودوا معنا".  

وأشار إردوغان إلى التصعيد العسكري بين إسرائيل وحزب الله بقوله "ليس النساء والأطفال والرضع والمدنيون الأبرياء وحدهم الذين يموتون في غزة وفلسطين ولبنان حالياً، بل هي الإنسانية التي تموت أيضاً".

وأضاف "ما تم ذبحه أمام أعين العالم لمدة سنة واحدة بالضبط على الهواء مباشرة، هو في الواقع كل البشرية، وكل آمال البشرية في المستقبل".

وشبّه إردوغان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بزعيم ألمانيا النازية أدولف هتلر، قائلاً "كما أوقف التحالف المشترك للإنسانية هتلر سيتم وقف نتانياهو من معه".

كما وصف ما يجري في غزة بـ"الإبادة الجماعية"، مطالباً العالم بالمحاسبة وبغير ذلك لن يحلّ السلام، على حد تعبيره.

وفي مارس الماضي، انتقد نتانياهو وصف إردوغان له ولحكومته بـ"القتلة" وتشبيه حكومته بـ"النازية"، وهو ما تكرر اليوم الاثنين في منشور الرئيس التركي.

وقال نتانياهو آنذاك إن "إسرائيل تلتزم بالقانون الدولي" مضيفاً أن إردوغان "ينكر الإبادة الجماعية للأرمن، ويذبح الأكراد في بلاده، ويتنافس على الرقم القياسي العالمي في القضاء على معارضي النظام والصحفيين وسجنهم".

وكان الرئيس التركي اقترح على الأمم المتحدة في نهاية سبتمبر الماضي، التوصية باستخدام القوة إذا لم تتوقف إسرائيل عن شنّ الهجمات في قطاع غزة ولبنان.

وقال إردوغان بعد اجتماع للحكومة في أنقرة "يجب على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تستخدم سريعاً سلطة التوصية باستخدام القوة، كما فعلت في قرار الاتحاد من أجل السلام عام 1950، إذا لم يتمكن مجلس الأمن من إظهار الإرادة اللازمة". 

وحثّ أيضاً الدول الإسلامية على اتخاذ خطوات اقتصادية ودبلوماسية وسياسية ضد إسرائيل للضغط عليها من أجل قبول وقف إطلاق النار، مضيفاً أن "هجمات إسرائيل ستستهدفهم (الدول الإسلامية) أيضا، إذا لم يجر إيقافها قريباً".