وفقا لعدد من المحللين واستطلاعات الرأي، قد تؤدي التحركات التي تقوم بها المعارضة إلى تحديد مصير الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في الانتخابات الرئاسية المنتظرة، في 14 مايو المقبل، ما يعني أن مستقبل حكمه أصبح بشكل أو بآخر في يد منافسيه.
وذكرت وكالة "رويترز" للأنباء، الأربعاء، أن حكم أردوغان، الذي استمر عقدين، أصبح على المحك، عندما يواجه منافسه المعارض، كمال كيليجدار أوغلو، في الانتخابات التاريخية في تركيا، والتي تشير الاستطلاعات إلى أنها ستكون شرسة.
لكن في حال تفتت أصوات المعارضة بين أكثر من مرشح، فستكون هذه بمثابة طوق النجاة لأردوغان وحزبه للاستمرار في الحكم.
ويعتبر حزب "العدالة والتنمية"، ذي الجذور الإسلامية، الذي يتزعمه أردوغان، أن حزب "الحركة القومية" هو حليفه الرئيسي. ويشكل حزب الشعب الجمهوري العلماني وخمسة أحزاب أخرى تحالفا معارضا، ومن المتوقع أن يحصل على دعم الحزب الكردي الرئيسي، حزب "الشعوب الديمقراطي"، ما يمنح هذا التحالف ميزة في بعض استطلاعات الرأي، بحسب "رويترز".
ويعتبر حزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد، للأكراد المضطهدين في تركيا، كلمة السر في الانتخابات المقبلة في البلاد، حيث لعب دورا حاسما قد يرجح كفة الميزان بما يكفي لإنهاء حكم أردوغان، بحسب شبكة "سي أن أن" الأميركية.
وأوضحت "سي أن أن" في تقرير، الأربعاء، أنه في انتكاسة رئيسية لأردوغان وحزب "العدالة والتنمية"، أعلن حزب "الشعوب الديمقراطي"، في مارس الماضي، أنه لن يتقدم بمرشح للرئاسة، ما سيسمح لمؤيدي الحزب بالتصويت لصالح المنافس الرئيسي لأردوغان، بحسب محللين.
وقال حزب "الشعوب الديمقراطي" في بيان صدر، في 23 مارس: "نحن أمام نقطة تحول ستشكل مستقبل تركيا ومجتمعها، وهي الاتفاق على مرشح في انتخابات 14 مايو".
وجاء قرار حزب "الشعوب الديمقراطي" بعدم تقديم مرشح بعد ثلاثة أيام فقط من زيارة رئيس حزب "الشعب الجمهوري"، كمال كيليجدار أوغلو، المنافس الرئيسي لأردوغان، للحزب. وقال للصحفيين إن حل مشاكل تركيا "بما في ذلك المشكلة الكردية" يكمن في البرلمان"، بحسب ما نقلت "سي أن أن" عن وسائل إعلام تركية.
وكيليجدار أوغلو، الذي يمثل الكتلة المعارضة من تحالف الأمة المكون من ستة أحزاب، هو المنافس الأقوى لخوض الانتخابات ضد أردوغان منذ سنوات. وبينما لم يعلن حزب "الشعوب الديمقراطي" بعد ما إذا كان سيضع ثقله وراءه، يقول المحللون إن الحزب هو "صانع الملوك" في الانتخابات، على حد تعبير "سي أن أن".
ويقول الخبراء لـ"سي أن أن" إن حملة القمع التي يمارسها أردوغان ضد حزب "الشعوب الديمقراطي" في الفترة السابقة يعود جزء من أسبابها إلى التهديد الذي يمثله الحزب لأردوغان على المستوى السياسي، فضلا عن كونه أحد الأحزاب الرئيسية التي تمثل أكراد تركيا، وهم أكبر أقلية في تركيا، ويشكلون ما بين 15 في المئة و 20 في المئة من السكان.
ومن غير الواضح، بحسب "سي أن أن"، ما إذا كان حزب "الشعوب الديمقراطي" سيؤيد كيليتشدار أوغلو، لكن المحللين يقولون إن دعم الحزب سيكون مهما لمرشح المعارضة أي كان هو.
وسيكون من الصعب بحسب توقعات المحللين واستطلاعات الرأي التي نقلتها "رويترز" أن يفوز أردوغان بالرئاسة من الجولة الأولى إذا سارت الأمور على هذا النحو واتفقت المعارضة على دعم اسم واحد، وقد يجد الرئيس التركي نفسه في الجولة الثانية أمام كيليجدار أوغلو، أو المرشح الرئاسي الآخر، محرم إنجه، العضو السابق في حزب الشعب الجمهوري المعارض، والذي خسر أمام أردوغان في انتخابات 2018.
لكن حظوظ أردوغان بدأت في التزايد مرة أخرى، حسبما ذكرت رويترز"، بعد نزول مرشح رئاسي آخر وهو، محرم إنجه، العضو السابق في حزب الشعب الجمهوري المعارض، والذي خسر أمام أردوغان في انتخابات 2018.
وإعلان إنجه مشاركته في المعركة الانتخابية، في مارس الماضي، وحصوله على مكان في الاقتراع، نهاية الأسبوع الماضي، أثار مخاوف معارضي أردوغان بشأن حدوث انقسام في تصويت المعارضة، بحسب رويترز".
وتشير بعض الاستطلاعات، وفقا لـ"رويترز"، إلى أن نسب تأييد إنجه، في مارس الماضي، تتراوح بين 5 و10 في المئة.
ويقول محللون لـ"رويترز" إن مؤيدي إنجه سيصوتون في الغالب لكيليجدار أوغلو، باعتباره مرشح المعارضة الرئيسي، لأن الهدف الأساسي من ترشيح إنجه هو وصول المعارضة الى جولة ثانية بالانتخابات أمام أردوغان.
ووفقا لـ"رويترز"، فإن الرهان الآن على إدارة المعارضة لمعركة الانتخابات، إذ يرى محللون إن إنجه قد يوافق على صفقة مع كيليتشدار أوغلو وينسحب قبل التصويت لتعزيز فرص المعارضة، التي تشير استطلاعات الرأي إلى أنها تتفوق على أردوغان حاليا.
لكن بعض المحللين أشاروا إلى أن إنجه قد يرفض مثل هذا الحل، خاصة أنه قال لمحطة "هابرتورك" التركية، الاثنين: "لا يوجد موقف يتطلب منا الانسحاب وهذا غير ممكن من الناحية الفنية"، مشيرا إلى أن قرعة رسمية أجريت، السبت، وأضفت الطابع الرسمي على مكانه في الاقتراع.
ونقلت "رويترز" عن مسؤول كبير في حزب معارض تركي رفض الكشف عن اسمه بسبب حساسية القضية، قوله إن ترشيح إنجه سيجعل من الصعب هزيمة أردوغان في الجولة الأولى، لكن يمكن التغلب على ذلك إذا نجح تحالف المعارضة في الاتفاق على مرشح واحد لدعمه.
وإذا لم يحصل أي مرشح رئاسي على أكثر من 50 في المئة في تصويت 14 مايو، سيتنافس المرشحان الأوائل في جولة ثانية بعد أسبوعين. كما سيختار الناخبون البرلمانيين، وفقا لـ"رويترز".
ويقول محللون لـ"رويترز" إن أي تحالف، سواء كان من الحزب حاكم أو المعارضة، سيسيطر على البرلمان سيكون مرشحه الرئاسي في وضع جيد للوصول إلي الجولة لرئاسية الثانية بالنظر إلى قدرته على تحقيق الاستقرار.
ويضيف المحللون أنه بالنظر إلى أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن حزب "العدالة والتنمية" سيظل أكبر حزب في البرلمان، ما يقوي فرص فوز أردوغان، لذلك فإن الحل الوحيد أمام المعارضة هو الاتفاق على مرشح واحد قوي ودعمه، بحسب "رويترز".