أوميت أوزداغ وسنان أوغان
يعتبر ملف اللاجئين والدفع باتجاه إعادتهم قاسما مشتركا بين الاثنين

خاض السياسيان القوميان، أوميت أوزداغ، وسنان أوغان، الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة والبرلمان في تركيا سوية تحت مظلة "تحالف الأجداد"، لكنهما ودون مقدمات وبشكل مفاجئ أصبحا على طرفي نقيض قبيل أيام قليلة من انطلاق المنافسة الثانية على كرسي الرئيس الثالث عشر.

وبينما دعم أوغان مرشح التحالف الحاكم رجب طيب إردوغان اختار أوزداغ الوقوف إلى جانب مرشح المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، بعد الاتفاق على بروتوكول من سبعة بنود، نص أبرزها على "إرسال 13 مليون لاجئ خلال عام واحد، وعلى أبعد تقدير" إلى بلادهم.

وفي استحقاق 14 مايو كان تحالف هذين الشخصين قائما على قواسم مشتركة كثيرة، أبرزها ملف اللاجئين وقضية عدم تغيير المواد الأربعة الأولى من الدستور ومواصلة مكافحة الإرهاب، وهي التي أخذت نفسا قوميا متطرفا، تمكنا بناء عليه من كسب نسبة من الأصوات لم تكن متوقعة.

وحصد أوغان ومن خلفه أوزداغ نسبة 5 بالمئة. ورغم أنها ضئيلة قياسا بنسبة إردوغان وكليتشدار أوغلو، إلا أن ثقلها كان ذو صدى "استثنائي"، وأطلقت الكثير من التحليلات بشأنه، من منطلق أنه سيلعب دورا في حسم نتائج جولة الإعادة في 28 من شهر مايو الحالي.

ومن غير الواضح في الوقت الحالي ما إذا كان أوغان بدعمه لإردوغان سيحظى بكامل النسبة التي حصل عليها، أو أن الرقم المذكور سيكون مقسما على الاثنين، خصوصا أن صعود الأول كان بدفع وبتنسيق وترتيب من أوزداغ زعيم "حزب النصر" المعادي للاجئين.

وعلى مدى السنوات الماضية كان أوزداغ قد بنى كامل أجندته الانتخابية على ملف اللاجئين السوريين في البلاد، وقبل شهر من انطلاق سباق 14 مايو أعلن عن اسم أوغان كمرشح رئاسي عن "تحالف الأجداد"، وعماده "حزب النصر" و"حزب العدالة".

ويعتبر ملف اللاجئين والدفع باتجاه إعادتهم قاسما مشتركا بين الاثنين.

وهناك قواسم أخرى تتعلق بمسيرة السياسيين التاريخية، فأوغان كان قد فُصل عن "حزب الحركة القومية" حليف إردوغان، فيما صعد اسم أوزداغ بعد انفصاله أيضا عن "حزب الجيد" المعارض، الذي تتزعمه ميرال أكشنار.

وأظهرت نتائج الجولة الأولى من سباق 14 مايو تصدرا كبيرا للصوت القومي، بشكل خالف توقعات المراقبين وشركات استطلاع الرأي. ولم يقتصر ذلك على أوغان وأوزداغ، بل شمل أيضا حلفاء إردوغان القوميين وحلفاء كليتشدار أوغلو، المتمثلين بـ"حزب الجيد".

ولذلك تشير المعطيات إلى أن "الصوت القومي" سيلعب دورا محوريا في نتائج جولة الإعادة، وهو ما دفع إلى صعود أوزداغ وأوغان، السياسيان القوميان المناهضان للاجئين، والمنقسمان حاليا بالدعم بين مرشحين متنافسين، بعد حل تحالفهما "الأجداد".

"سلوك متشابه"

ولا يشترك كل من أوغان وأوزداغ بالقواسم المشتركة المذكورة سابقا، بل يجمعمها "سلوك متشابه"، ويتعلق بالانقلاب على المواقف التي أطلقوها سابقا.

وقبل أن يدعم كليتشدار أوغلو كان أوزداغ قد اعتبر أن وصول الأخير إلى السلطة سيفضي إلى "حرب أهلية" في البلاد"، وكذلك الأمر بالنسبة لأوغان الذي بات يدعم إردوغان حليف الحزب الذي فصل منه سابقا. 

كما أن أوغان سبق وأن أطلق تصريحات مناهضة للحكومة الحالية وحزب "العدالة والتنمية" الحاكم، فيما أصبحت من الماضي بعد لقائه إردوغان وإعلان الدعم له.

ومن جانب التحالف الحاكم لم تطلق أي تعليقات بخصوص الدعم الذي قدمه أوغان، وعلى العكس رحب المسؤولون بهذه الخطوة، بينما نفى إردوغان وجود أي اتفاق أو مساومة مع السياسي القومي.

في المقابل يسود ترقب بشأن مواقف الأطراف المكونة لتحالف "الأمة"، بالإضافة إلى موقف "حزب الشعوب الديمقراطي" الكردي الذي اختار دعم كليتشدار أوغلو، قبل سباق 14 مايو.

ونشر سياسيان من "حزب المستقبل" وحزب "الديمقراطية والتقدم" تغريدات أبدوا فيها رفضا للخطوة التي اتخذها كليتشدار أوغلو بالتوقيع على بروتوكول الدعم مع أوزداغ.

وفي غضون ذلك ذكرت وسائل إعلام، الأربعاء أن "الشعوب الديمقراطي" وحزب "اليسار الأخضر" قررا تقييم الوضع وإجراء مشاورات، بعد توقيع بروتوكول "كليتشدار أوغلو – أوزداغ".

ويعتقد مراقبون أن دخول أوزداغ على خط تحالف "الأمة" سيعود بالسلب على كليتشدار أوغلو وسيدفع "ثمنه غاليا"، ولاسيما من زاوية الدعم الذي يحصل عليه من الأصوات الكردية، وبالأخص قاعدة "الشعوب الديمقراطي".

ومع ذلك لم يصدر أي موقف صريح من سياسيي الحزب الكردي، وما إذا كانوا سيواصلون دعم كليتشدار أوغلو في جولة الإعادة.

ما مستقبل الصعود؟

ورغم أن أوزداغ كان قد صعد بالتدريج في المشهد السياسي الداخلي لتركيا خلال السنوات الماضية، إلا أن النقطة التي وصل إليها تطلق تساؤلات عن مستقبله في مرحلة ما بعد الانتخابات.

وكذلك الأمر بالنسبة لأوغان الذي لم يسبق وأن تردد اسمه في المشهد السياسي للبلاد، ليكون في الوقت الحالي لاعبا أساسيا في معادلة الجولة الثانية، وفق مراقبين، من جهة التحالف الحاكم (الجمهور).

ويرى الباحث السياسي التركي، عمر أوزكيزيلجيك أنه "يجب التمييز بين صعود أوغان وأوزداغ".

ويوضح لموقع "الحرة: "أوزداغ صعد اسمه بسبب دعايته العنصرية ضد اللاجئين، ورغم أن أوغان له موقف مماثل، إلا أنه تمكن من جمع أصوات القوميين الذين لم يحسموا أمرهم".

وتعتبر القاعدة التصويتية الخاصة بأوغان "غير طبيعية"، ومن المرجع أن تذهب لإردوغان في جولة الإعادة.

في المقابل يقول أوزكيزيلجيك: "من المرجح أن يظل أوزداغ ممزقا في السياسة التركية، ويسمم الأجواء في تركيا مع أو بدون انتصار كليتشدار أوغلو".

ويشير المحلل السياسي، فراس رضوان أوغلو إلى أن صعود اسم السياسيين جاء بسبب دخولهم في المنافسة الانتخابية.

ولذلك "أصبحا مشهورين"، وخاصة أوزداغ الذي سبق وأن تحدى الحكومة فيما أطلق تصريحات عنصرية جعلت منه "رجلا استعراضيا".

ويقول المحلل السياسي لموقع "الحرة": "الصدفة أن الأرقام التي حصلوا عليها كانت مفاجئة"، مضيفا أن كلا من أوزداغ وأوغان "يخططان للمستقبل".

وفي حين تختلف توجهات كل من الشخصين إلا أنهما يبحثان عن "المصلحة السياسية"، بينما يعتبر رضوان أوغلو أن "انفصالهما كان وردا، كون تحالف الأجداد بني على مصلحة".

 "شخصية جديدة"

وقبل أن يدعم أوغان إردوغان كان قد أعلن عن عدة شروط و"خطوط حمر"، على رأسها قضية إعادة اللاجئين وتحسين الوضع الاقتصادي، وعدم تعديل البنود الأربعة الأولى من الدستور.

لكن هذا السياسي قال في بيان مصور إن خطوته لم تكن بناء على اتفاق، وأعلن إردوغان ذات الأمر، نافيا أية "مساومة".

في المقابل لم تكن خطوة  أوزداغ شفهية، حيث نجح في توقيع بروتوكول مع كليتشدار أوغلو، يتضمن 7 بنود ، كما ألمح قبل اتخاذ القرار من خلال حسابه في "تويتر" إلى حصوله على مقعد وزير الداخلية في حال وصل مرشح المعارضة إلى السلطة.

ويوضح الباحث التركي، عمر أوزكيزيلجيك أن "إردوغان قد يقرر مستقبل أوغان" على خلاف الضفة الخاصة بالمعارضة وأوزداغ.

ويشرح بالقول: "إذا وفر إردوغان لأوغان منصبا، فقد يصبح شخصية جديدة في السياسة التركية"، مضيفا: "قد يكون مستقبله مشابها لسليمان صويلو أو نعمان قرطولموش".

"كل من صويلو وقرطولموش كانا ضد إردوغان في الماضي، ولكن الأخير نجح في احتوائهما".

ويرى أوزكيزيلجيك أن "الفرق بين أوزداغ وأوغان أيديولوجي"، إذ "استورد الأول أفكاره القومية من اليمين المتطرف في أوروبا، أما آراء أوغان جاءت من داخل تركيا".

علاوة على ذلك، "يتمتع أوغان بعلاقة مثالية مع الرئيس الأذربيجاني علييف"، وقد "دعمت هذه الصداقة قراره بشأن إردوغان".

ويتابع الباحث: "في المقابل يكره أوزداغ سليمان صويلو، ويتقاتل البيروقراطيون القوميون المقربون من الاثنين منذ سنوات"، ولذلك "لا يمكن لزعيم حزب النصر دعم إردوغان".

وكان قراره في الأيام الماضية معلقا بين البقاء على الحياد ومساعدة كليتشدار أوغلو، حتى أعلن رسميا اختيار الأخير، بعد حصوله على "وعد وزارة الداخلية".

ويتنافس في جولة الإعادة المقررة في 28 مايو كل من إردوغان وكليتشدار أوغلو، بعد عدم نجاح كليهما في حصد النسبة اللازمة للفوز بمنصب الرئيس، وهي 50+1.

وحصل سنان أوغان ضمن "تحالف الأجداد"، وهو مزيج من "حزب النصر" و"العدالة" على نسبة 5.2 في المائة من الأصوات في انتخابات 14 مايو.  وحصل إردوغان على 49.40 في المئة بينما حصل مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو على 44.96 في المئة.

لكن الأرقام الخاصة بأوغان قد تنقسم في جولة الإعادة، ولاسيما بعد دعم أوزداغ لكليتشدار أوغلو، وأيضا "حزب العدالة" أحد مكونات "تحالف الأجداد". 

إردوغان زار العراق أبريل الماضي - رويترز
إردوغان زار العراق أبريل الماضي - رويترز

قال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، الثلاثاء، إن بلاده "بدأت باتخاذ خطوات ملموسة" على صعيد مذكرة التفاهم بشأن التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب التي تم توقيعها مع العراق.

وأضاف أنه بالمثل "تتعاون تركيا بشكل وثيق مع الحكومة الإقليمية في شمال العراق لضمان السلام في المنطقة"، ولإنهاء "وجود التنظيم الإرهابي"، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني.

كما أكد أن "حرب تركيا ضد الإرهاب ستستمر بلا هوادة حتى يختفي الإرهابيون الدمويون من هذه الجغرافيا"، على حد تعبيره.

وفيما يتعلق بالوضع الميداني على الأرض، أضاف غولر أن القوات التركية "أغلقت قفل (جبهة) زاب" شمالي العراق، مستطردا: "أنشطتنا في المنطقة مستمرة، وستستمر بنفس الوتيرة والتصميم".

ونشب خلاف بين البلدين على مدار سنوات، بسبب العمليات العسكرية التي تنفذها أنقرة عبر الحدود ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني المحظور، المتمركزين في منطقة جبلية شمالي العراق.

ويقول العراق إن العمليات تشكل "انتهاكا لسيادته"، لكن تركيا تقول إنها "ضرورية لحماية نفسها".

وتحسنت العلاقات منذ العام الماضي، عندما اتفق الجانبان على إجراء محادثات رفيعة المستوى حول القضايا الأمنية، وبعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أبريل إلى بغداد، حيث قال إن العلاقات "دخلت مرحلة جديدة".

وفي أبريل الماضي، زار إردوغان بغداد، بعد مرور 13 عاما على آخر زيارة كان حينها رئيسا للحكومة. وتم توقيع مذكرات تفاهم بين البلدين تتضمن عدة مجالات، وعلى اتفاقية لمدة 10 سنوات بشأن إدارة الموارد المائية.

وأعلن السوداني حينها، في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس التركي، أن البلدين وقعا اتفاق إطار استراتيجيا يشرف على التعاون في مجالات الأمن والطاقة والاقتصاد بين البلدين.

وقال إردوغان إنه بحث مع رئيس الوزراء العراقي الخطوات المشتركة التي يمكن أن يتخذها البلدان ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني، ورحب بتصنيف العراق للجماعة على أنها محظورة.