نواب من حزب "ديم" تلوا رسالة أوجلان.
نواب من حزب "ديم" تلوا رسالة أوجلان - رويترز

كشفت مسؤولة في حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب" (ديم) الكردي في تركيا، تفاصيل لقاءات مع مؤسس حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، سبقت رسالته التاريخية.

وفي رسالة حملت عنوان "دعوة للسلام ولمجتمع ديمقراطي" وقرأها نواب من حزب "ديم" بعدما زاروه في السجن، دعا أوجلان، الخميس الماضي، حزب العمال إلى إلقاء السلاح وحل نفسه.

وجاءت هذه الدعوة بعد 4 أشهر من عرض أنقرة السلام على أوجلان المسجون في زنزانة انفرادية في سجن بجزيرة إمرالي، حيث يقضي عقوبته منذ اعتقاله عام 1999.

وكشفت نائبة رئيس العلاقات الخارجية في حزب "ديم"، إيبرو غوناي، لموقع "الحرة"، عن كواليس لقاء أعضاء حزبها مع أوجلان، خلال الاجتماعات الثلاثة التي سبقت تلاوة الرسالة.

وقالت غوناي إن هذه الاجتماعات شهدت نقاشات طويلة ومعمقة بين أعضاء من حزب "ديم" وأوجلان، قبل التوصل للبيان النهائي.

وأضافت: "في الاجتماع الأخير، شارك أوجلان مع الوفد نص البيان الذي توصل إليه، وتمت مناقشته بشكل مشترك، كما جرى التباحث حول مسألة التخلي عن السلاح، والخطوات القانونية التي يجب أن تتخذها تركيا لتعزيز الحل الديمقراطي".

وعن موقف حزبها من دعوة أوجلان، قالت غوناي: "باعتبارنا حزبًا ديمقراطيًا، فقد دافعنا وناضلنا لسنوات عديدة من أجل حل المشاكل من خلال العمليات الديمقراطية عبر الحوار والتفاوض، علاوة على ذلك، فإن أوجلان يدافع عن هذه الرؤية منذ وقف إطلاق النار من جانب واحد الذي أعلنه في عام 1992".

وأشارت المتحدثة إلى أن حزبها يرحب بـ"قرار الحكومة التركية اختيار الحوار اليوم، ولو أنه جاء متأخرًا".

وكان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، قال، الجمعة، إن دعوة أوجلان تشكل "فرصة تاريخية"، قبل أن يحذر، السبت، من أن بلاده ستستأنف العمليات ضد حزب العمال المحظور إذا توقفت عملية نزع سلاح الجماعة أو لم يتم الوفاء بالوعود.

وفي المقابل، ذكرت وكالة فرات للأنباء المقربة من حزب العمال، المصنف جماعة إرهابية في دول عدة، أن الحزب أعلن وقفًا فوريًا لإطلاق النار، السبت، استجابة لدعوة أوجلان بإلقاء السلاح.

أوجلان دعا حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح وحل نفسه (AFP)
حزب كردي تركي يطالب بالديمقراطية بعد دعوة أوجلان
قال عضو بارز في حزب المساواة والديمقراطية للشعوب التركي المؤيد للأكراد يوم الجمعة إن الحزب يريد خطوات فورية نحو الديمقراطية من حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان بعد دعوة السلام التي أطلقها عبد الله أوجلان الزعيم المسجون لحزب العمال الكردستاني المحظور.

وعن رؤية حزب "ديم" لمستقبل القضية الكردية في تركيا حيث يخوض حزب العمال وأنقرة نزاعًا منذ 40 عامًا، قالت غوناي إن النهج السياسي والسلمي لعبا دائمًا دورًا رائدًا في نضال الشعب الكردي.

وأضافت: "إننا نملك إرثًا كبيرًا وخبرة في النضال بشأن هذه القضية، كحزب وكشعب، يتمتع شعبنا بمستوى عالٍ من الوعي النضالي والتنظيم، ولدينا خارطة طريق لانتقال كافة مكونات النضال الكردي من النضال المسلح إلى النضال السياسي القانوني، نحن مستعدون برمجيًا وعمليًا، وهذه العملية ستعتمد إلى حد كبير على الخطوات التي ستتخذها الدولة".

وأشارت إلى أن الهدف الرئيسي من دعوة أوجلان هو توسيع الحقوق السياسية والثقافية، ليس للأكراد فحسب، بل لجميع المكونات في تركيا.

وقالت: "دعوة أوجلان تفتح المجال لذلك، كما أن الشعب الكردي حصل على جميع مكاسبه من خلال النضال، وسيواصل هذا النضال لتعزيز حقوقه، وإذا تعاملت الحكومة مع الدعوة على أنها مجرد بيان، فستبقى كذلك بالنسبة لحزب العمال الكردستاني وللأكراد أيضًا، ما يعني نهاية العملية".

كما أكدت غوناي على ضرورة وجود ضمانات قانونية لتحقيق حل دائم وتجنب حدوث صراع جديد، إلى جانب الضمانات السياسية.

وأوضحت: "نحن في حزب ديم نلعب دورًا محوريًا في هذه العملية، وسنعمل على تعزيز النضال الديمقراطي لضمان اتخاذ الخطوات اللازمة، وسنقود الجهود لتعزيز السلام وتوحيد مختلف الشعوب والمعتقدات حول هذه القضية".

مصير المعتقلين

وعن قضية المعتقلين، أشارت نائبة رئيس العلاقات الخارجية في حزب "ديم" إلى وجود الآلاف من المعتقلين الأكراد في السجون التركية، والعديد منهم أعضاء في "ديم" نفسه.

يشار إلى أن وسائل الإعلام المقربة من الحكومة التركية ذكرت أنه لم يتم التطرق بعد إلى إطلاق سراح أوجلان أو منحه "حق الأمل" حاليًا، أو العفو عن أعضاء حزبه وبقية السياسيين المسجونين في سجن مرمرة أو غيره من السجون التركية.

وقالت غوناي: "بلا شك، إطلاق سراحهم هو جزء أساسي من العملية، وهذا أحد جوانب المناقشات الجارية، ونحن ننتظر التنظيمات القانونية اللازمة في المراحل اللاحقة من العملية".

وتُشكّل دعوة أوجلان نقطة تحول في القضية الكردية، إلا أن نجاحها لا يتوقف فقط على النوايا، بل على الإرادة السياسية للطرفين في تحويلها إلى واقع ملموس.

والتجارب السابقة تُظهر أن أي مبادرة للسلام تظل رهينة للظروف الإقليمية والديناميكيات الداخلية في تركيا، حيث تعقيدات المشهد السياسي والتجاذبات الانتخابية قد تعيق أي تسوية طويلة الأمد.

قوات تركية بسوريا
الجيش التركي كان قد ثبت عدة قواعد في شمال سوريا

الخطوات التي اتخذتها تركيا في سوريا بعد سقوط نظام الأسد تشي بأنها تنوي وتسعى لترسيخ شيء ما وجديد على الصعيد العسكري، وكان هذا الأمر انعكس مؤخرا بسلسلة زيارات وعدة قرارات وتصريحات عبّرت من خلالها أنقرة عن استعدادها لتقديم الدعم، في وقت ألمحت إلى حقبة جديدة أبعد من شراكة وأقرب إلى تحالف تام.

تعتبر تركيا أبرز الداعمين للإدارة السورية الجديدة على عدة مستويات، وكان هذا البلد تابع عملية إسقاط نظام الأسد بـ"هدوء"، وهو ما أكدته التعليقات التي أدلى بها الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بعد سيطرة فصائل "إدارة العمليات العسكرية" على مدينة حلب.

ويقول خبراء ومراقبون الآن إنها تسعى إلى تثبيت واقع عسكري جديد يتناسب مع التغير الكبير الذي طرأ على مشهد سوريا السياسي والأمني ككل.

وقد يكون هدفها من وراء تثبيت هذا الواقع الجديد دعم إدارة أحمد الشرع من جهة، ولضمان أمنها مع جارة لطالما خيمت على الحدود الرابطة معها الكثير من الهواجس والتهديدات.

ولا يعني ما سبق أن أي خطوة عسكرية جديدة لتركيا لن تقابلها أية "مخاطر"، وهو ما يشير إليه الباحث في مؤسسة "سنتشوري إنترناشونال"، آرون لوند.

وعلى مدى الأيام الماضية لم تنقطع التقارير التي تفيد بنية تركيا إقامة قواعد عسكرية في سوريا. وجاء ذلك عبر وسائل إعلام تركية ومن خلال وكالة عالمية مثل "رويترز" التي نقلت عن مصادر قبل شهرين أن القواعد التي تنوي أنقرة تأسيسها ستكون في وسط سوريا.

وبينما ظلّت المعلومات التي نشرتها "رويترز" في إطار التحليلات صدرت عدة تصريحات تركية، خلال الأيام الماضية، وأشار عبرها المسؤولون إلى نيتهم دعم الإدارة السورية الجديدة، وتقديم كل ما يلزم لها على الصعيد العسكري "في حال طلبت ذلك".

وبدأ المسار العسكري الجديد والرابط بين تركيا وسوريا بعد ذلك يتضح شيئا فشيئا، ليصل إلى مرحلة تعيين وزارة الدفاع التركية ملحق عسكري لها في دمشق، والحديث عن نيتها تعيين ضباط أتراك لتقديم الاستشارات العسكرية، وفق وسائل إعلام.

كما ذكرت صحيفة "حرييت" المقربة من الحكومة، قبل أيام، أن أنقرة بصدد "تدريب الجيش السوري الجديد"، وأنها مستعدة لإعادة هيكليته، بناء على الواقع الجديد الذي باتت عليه البلاد.

"لتركيا فرصة"

ويعود النفوذ العسكري التركي في سوريا إلى عدة سنوات للوراء.

وكان الجيش التركي قد ثبت عدة قواعد في شمال سوريا ونشر الآلاف من قواته هناك، في خطوات نفذها بالتالي، وقال إنها تهدف لحماية أمن تركيا القومي.

ضَمن التواجد التركي في شمال سوريا لعدة سنوات عدم تقدم قوات نظام الأسد باتجاه المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة.

ولعب دورا رئيسيا أيضا في العمليات العسكرية التي كانت تشنها تركيا ضد "وحدات حماية الشعب" في شرق سوريا، بالإضافة إلى دور آخر على صعيد الدوريات وعمليات المراقبة، التي كانت تجري مع الجانب الروسي.

وبعد سقوط نظام الأسد كان لابد من تغيير شكل المهام العسكرية التركية في سوريا، وخاصة أن من كان يعارض التواصل والتنسيق في دمشق بات مخلوعا في موسكو، في إشارة من لوند إلى نظام الأسد.

والآن يقول الباحث لموقع "الحرة" إن الحكومة السورية الجديدة بحاجة ماسة إلى الدعم الخارجي لبناء قواتها المسلحة، لاكتساب القوة والتطور، ولتجاوز الوضع الراهن للفصائل والجماعات.

ويضيف أن "تركيا في وضع جيد لتقديم هذا الدعم، وقد تدعمها قطر في ذلك".

ولدى تركيا فرصة لترسيخ مكانتها كراعٍ رئيسي للحكومة السورية الجديدة، وفقا للباحث الذي يوضح أنها قد تأمل في تحويل سوريا إلى منصة لبسط نفوذها الخارجي، ولجعلها بوابة لدخول دبلوماسيتها رفيعة المستوى في الصراع العربي الإسرائيلي.

لكن الأهم من ذلك كله، هو أن تركيا سترغب في التدخل في سوريا "لحماية مصالحها القائمة وحماية حدودها"، كما يردف الباحث في "سنتشوري إنترناشونال".

ويشرح بالقول: "أنقرة تخشى الفوضى على حدودها الجنوبية، وتريد حكومة موالية وموثوقة في دمشق تساعد في مواجهة حزب العمال الكردستاني والتهديدات الأخرى".

كما تريد أنقرة، بحسب لوند أن تكون سوريا مستقرة وأن تتعافى اقتصاديا، حتى يتسنى إعادة اللاجئين.

ولتحقيق كل هذه الأمور، وللحماية من الفوضى والنمو المستقبلي المحتمل للمصالح العدائية جنوب حدودها، سيتعين على تركيا التدخل، بأي شكل من الأشكال العسكرية، وفقا للباحث.

"مزود أمني"

وتدرك تركيا أن سوريا لا تملك القدرات اللازمة لحماية سيادتها في الوقت الحالي، أو حتى الدفاع عن نفسها.

وعلى أساس ذلك يرى الباحث السياسي والأمني التركي، عمر أوزكيزيلجيك أنها تعبر عن استعدادها لسد هذه الفجوة "كمزود أمني".

لكن أوزكيزيلجيك يقول في المقابل إن تركيا لا تريد التسرع، بل تسعى إلى إنشاء قواعدها بشكل تدريجي وعلى مدى فترة من الزمن، كما أنها تفضّل انتظار الجانب السوري، حتى ينتهي من تشكيل حكومة انتقالية.

وفي هذا السياق، ترغب تركيا أيضا في دعم وتدريب "الجيش السوري الجديد"، حيث تمتلك خبرة واسعة في هذا المجال، مستندةً إلى تجاربها في كوسوفو، وليبيا، والصومال، وأفغانستان، وقطر، وغيرها، وفق الباحث الأمني.
ما المطروح على الطاولة؟

وتذهب بعض الترجيحات الآن إلى أن أنقرة قد توقع اتفاقية دفاع مشترك مع دمشق، في خطوة قد يتغير على إثرها الكثير، خاصة على صعيد بقية الدول اللاعبة على الأرض وفي الجو. كإسرائيل.

وتذهب ترجيحات أخرى باتجاه أن الجيش التركي قد ينشئ قواعد عسكرية جديدة، دون أن تعرف حدودها وما إذا كانت ستتموضع في شمال سوريا أو تصل إلى مناطق لم يكن من المتخيل أن تصل إليها تركيا.

ويوضح الباحث في العلاقات الدولية، محمود علوش أن تركيا تولي أهمية كبيرة لنجاح الدولة السورية الجديدة وإعادة بناء مؤسساتها، ولاسيما العسكرية.

ويقول لموقع "الحرة" إن تلك الأهمية ترتبط بفكرة أنه "بدون مؤسسة عسكرية قوية لا يمكن لسوريا أن تتعامل مع التحديات الكبيرة الداخلية والخارجية، خصوصا على مستوى الأمن".

"أنقرة لن تدخر أي جهد يمكن أن تقدمه في سبيل مساعدة سوريا لتحقيق هذا الهدف"، يضيف الباحث.

ويشير إلى أن تركيا يمكن أن تقدم المساعدة لسوريا على أكثر من مستوى، سواء على مستوى تقديم الاستشارات أو إعادة بناء مؤسسة عسكرية محترفة، وصولا إلى حد تسليح الجيش السوري الجديد.

ولا يستبعد توقيع اتفاقيات دفاع مشترك، قائلا إنها مطروحة على الطاولة، وإن الإعلان عنها سيكون عندما تكون الظروف مناسبة.

و"الجيش السوري الجديد" المراد تشكيله في سوريا يضم عدة فصائل عسكرية كانت مدعومة عسكريا ولوجستيا من تركيا.

ولدى الجانب التركي أيضا تواصل فعال مع "هيئة تحرير الشام" وأحمد الشرع الذي كان يقودها قبل تنصيبه رئيسا انتقاليا لسوريا.

"مخاطر"

ورغم أن أنقرة قادرة وتنوي بالفعل الشروع بعدة خطوات عسكرية على صعيد الاتفاقيات أو تقديم الدعم وإعادة هيكلة الفصائل المسلحة، إلا أن هذه الخطوات تكمن في قبالتها الكثير من "المخاطر"، بحسب الباحث آرون لوند.

فمن خلال الاستثمار العسكري في سوريا، ستُثقل تركيا كاهلها بمسؤولية أكبر تجاه حكومة لا تزال ضعيفة للغاية وقد تتطلب دعما مكلفا لتؤدي مهامها.

كما أن دورا تركيا أكبر في سوريا قد يضع القوات التركية في مواجهة مع إسرائيل، مما يرفع درجة التنافس بينهما إلى مستويات قد لا تكون أنقرة مرتاحة لها، بحسب الباحث.

ويشير أيضا إلى أن تقديم الدعم المباشر لقطاع الأمن في سوريا بقيادة أحمد الشرع قد يؤدي إلى فرض عقوبات أميركية.

وسوريا ليست فقط تحت العقوبات، بل لا تزال "هيئة تحرير الشام" جماعة مصنفة إرهابية في نظر الولايات المتحدة وأوروبا، بل والأمم المتحدة.

و"حتى لو تسامحت الإدارة الأمريكية مع مثل هذا الدعم الآن"، فلا يوجد ما يضمن أن دونالد ترامب لن يغير رأيه لاحقا، بحسب الباحث في "سنتشوري انترناشونال".

ويعتقد الباحث علوش أن أي حديث عن نية تركيا إنشاء قواعد جديدة في سوريا هو "جزء من الشراكة الاستراتيجية الجديدة بين أنقرة ودمشق".

ويقول الباحث إن "أي حضور تركي عسكري في سوريا ستحدده حاجة البلدين بطبيعة الحال لأن هذا القرار سيادي يتعلق بهما".

"أنقرة حريصة بدرجة أساسية إلى تعظيم قدرة سوريا في النهوض في هذه المرحلة ومواجهة التحديات التي تهدد استقرارها وأمنها، لأن نجاح سوريا والتجربة السورية هي حاجة أمن قومي لتركيا"، يضيف علوش.

ويؤكد أنه "لا يمكن لتركيا تحمل فشل التحول في سوريا وفشل الدولة في بناء مؤسساتها ولاسيما العسكرية. هناك حدود طويلة ولا يمكن أن تكون آمنة دون وجود مؤسسة عسكرية قادرة على ضبط الأمن".

ورغم أن تركيا هي الفاعل الأكثر نفوذا في سوريا بلا شك إلا أنها لا تريد أن تتحول البلاد إلى دولة تابعة لها، بحسب الباحث التركي أوزكيزيلجيك، موضحا أنها تسعى إلى "تبني نهج مشترك ومنسق مع الدول الإقليمية، لا سيما الدول العربية، وكذلك مع الدول الأوروبية".