كييف تمتلك نحو 20 طائرة بيرقدار تركية الصنع.. أرشيفية
كييف تمتلك نحو 20 طائرة بيرقدار تركية الصنع.. أرشيفية

في المراحل المبكرة من الغزو الروسي لأوكرانيا، حققت الطائرات بدون طيار الأوكرانية نجاحات أذهلت العالم، وانتشرت المقاطع التي تظهر الانفجارات المتكررة التي تصيب الارتال العسكرية ومواقع المدفعية وتجمعات الجنود الروس.

لكن في هذه المرحلة من الصراع، بدأ تأثير هذه الطائرات يخفت بشكل كبير، والسبب بحسب "بيزنس إنسايدر" هو تحسين الكرملين لأنظمة جيشه الدفاعية، ما جعل هذه المسيرات "غير فعالة بشكل متزايد".

ويضيف التقرير أن روسيا تشوش على الطائرات الأوكرانية وتسقطها، بينما تطور قدراتها الخاصة في هذا المجال.

وتشغل أوكرانيا بشكل أساسي طائرات بدون طيار تركية من طراز "بيرقدار" بالإضافة إلى طائرات صغيرة تستخدم بشكل كبير للاستطلاع وجمع المعلومات.

وألحقت طائرات "بيرقدار" الضرر بشدة بالأرتال الروسية في بداية الغزو، لكن موسكو "تعلمت من الإذلال الذي تعرضت له الطائرات بدون طيار في الأشهر الأولى من الغزو".

ونقلت "بيزنس إنسايدر" عن صموئيل بينديت، المحلل والخبير في الأنظمة العسكرية الروبوتية قوله إن "ما يحدث الآن هو أن الحرب الإلكترونية والدفاعات الجوية الروسية أصبحت أفضل تنظيما وميدانية بالمقارنة مع الأشهر الأولى من الحرب".

وأضاف أن القوات الروسية تستخدم رادارات الإنذار المبكر لتحديد الطائرات بدون طيار وأنظمة الحرب الإلكترونية للتشويش على اتصالاتها وتعطيلها.

ويستخدم الروس أيضا أسلحة مختلفة مثل المدافع الرشاشة وأنظمة الدفاع الجوي، مثل نظام صواريخ "تور" ، لإسقاط هذه الطائرات.

ونشرت وزارة الدفاع الروسية مؤخرا لقطات حديثة زعمت إنها لنظام الحرب الإلكترونية Krasukha-S4 وهو يسقط طائرة أوكرانية بدون طيار.

ووفقا لمارك كانسيان، المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، كانت أوكرانيا قادرة في السابق على استخدام الطائرات بدون طيار بفعالية كبيرة لأن روسيا لم تنظم أنظمتها الدفاعية.

ويرى أن موسكو "نظمت دفاعها الجوي الأرضي ووضعته بشكل أفضل في منطقة دونباس حيث تحول تركيز الحرب".

وفي حين أن الطائرات بدون طيار الأوكرانية أصبحت "أقل فعالية" في هذه المرحلة الجديدة من الحرب، فإن روسيا زادت من نشاط الطائرات المماثلة، خاصة بالنسبة لمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع.

وتقلل القوات الأوكرانية الآن من استخدامها للطائرات بدون طيار لأن القوات الروسية تسقطها بسهولة أكبر، ويمكن أن يكون فقدان هذه الطائرات مكلفا.

وفي حين أن الطائرات بدون طيار ذات الاستخدام الواحد مثل Switchblade و Phoenix Ghost تكلف عدة آلاف من الدولارات لكل منها، فإن الطائرات بدون طيار "بيرقدار تي بي 2" يمكن أن تكلف ما بين 1-2 مليون دولار لكل واحدة.

وتلقت أوكرانيا حوالي 50 طائرة بدون طيار من طراز "بيرقدار تي بي 2" من تركيا منذ بدء الغزو الروسي.

وظهرت مؤخرا تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة تخطط لبيع طائرات بدون طيار مسلحة من طراز General Atomics MQ-1C Gray Eagle والتي تتمتع بقدرات أكبر من "بيرقدار تي بي 2".

ومع ذلك، أخبر طياران من سلاح الجو الأوكراني لم يكشف عن اسميهما مجلة The War Zone أنهما لا يحبذان فكرة شراء الطائرات بدون طيار بسبب سعرها الباهظ البالغ 10 ملايين دولار، ولأنه من المحتمل أن يتم إسقاطها في مهماتهما الأولى.

وبدلا من ذلك، دعت القوات الأوكرانية الحلفاء الغربيين إلى تسليمها طائرات مقاتلة حديثة.

 

بوتين وترامب
صورة تجمع بين ترامب والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين (فرانس برس)

في أحدث تصريحاته، هدد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية وعقوبات صارمة على روسيا إذا لم تتحرك فورًا لإنهاء الحرب الطاحنة في أوكرانيا. 

تلك التصريحات أعادت تسليط الضوء بشكل أكبر على أخطر أزمة تعاني منها القارة الأوروبية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ورغم تحذير ترامب، فإن الكرملين وصف موقفه بأنه لا يحمل جديدًا، ما يطرح تساؤلات حول مدى فعالية هذا النهج.

وفي هذا الصدد يرى، تيمور دويدار، الخبير في الشؤون الدولية والمقيم في موسكو، أن ترامب يسعى لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية داخلية وخارجية عبر إنهاء الحرب. 

ويضيف في حديثه لموقع "الحرة" أن "إنهاء الأزمة الأوكرانية ليس فقط مصلحة للولايات المتحدة بل للعالم بأسره. ترامب يدرك أن رفع العقوبات عن روسيا وإعادة تدفق الطاقة والحبوب سيؤدي إلى استقرار الأسواق العالمية، ويعزز هيمنة واشنطن على أوروبا اقتصاديًا وسياسيًا".

دويدار أضاف أن الأزمة الأوكرانية باتت تمثل عبئًا اقتصاديًا وسياسيًا على الولايات المتحدة وأوروبا، لافتا إلى أن إنهاء الحرب سيعيد فتح الباب أمام التعاون الاقتصادي بين الغرب وروسيا، خاصة في مجالات الطاقة والموارد الطبيعية. 

وشدد على أن الولايات المتحدة قد تستفيد من عودة العلاقات الطبيعية مع موسكو لتركز جهودها على مواجهة التحديات الأكبر مع الصين.

في المقابل، يؤكد الدبلوماسي الأوكراني، إيفان سيهيدا، أن أي هدنة أو وقف مؤقت لإطلاق النار لن يحقق أمن أوكرانيا.

ويضيف: "بوتين لا يفهم إلا لغة القوة. أي اتفاق دون ضمانات قوية سيكون مجرد فرصة له لإعادة تنظيم قواته استعدادًا لهجوم جديد".

 سيهيدا أكد أيضًا على ضرورة وجود دعم عسكري قوي لبلاده يرافق العقوبات لضمان تحقيق ردع فعال.

وأوضح الدبلوماسي الأوكراني أن كييف لن تعترف أبدًا بـ"الاحتلال الروسي للقرم أو أي أراضٍ أوكرانية أخرى"، مشيرًا إلى أن "جرائم الحرب الروسية والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان تجعل أي تسوية مع موسكو مشروطة بمحاسبة المسؤولين وضمان سلام دائم".

 تباين في المواقف

في منشور على منصته "تروث سوشال"، أوضح ترامب أنه يسعى لإنهاء الحرب بسرعة، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الروسي يعاني وأن أي اتفاق سيكون في مصلحة الجميع. 

ومع ذلك، لم يقدم ترامب تفاصيل حول طبيعة العقوبات الجديدة. وأضاف: "أنا أحب الشعب الروسي، ودائمًا كانت لدي علاقة جيدة مع الرئيس بوتين"، في محاولة للتأكيد على أن تهديداته تهدف لتحقيق سلام دائم وليس تصعيدًا.

من جانبها، قالت موسكو إنها "منفتحة على الحوار"، لكن ديمتري بيسكوف، الناطق باسم الكرملين، أكد أن أي مفاوضات يجب أن تقوم على احترام متبادل. بينما رأى نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن فرص التوصل لاتفاق مع إدارة ترامب "محدودة"، لكنه أشار إلى وجود أمل مقارنة بسياسات الإدارة السابقة بقيادة بايدن.

ترامب، الذي تولى منصبه حديثًا، أشار إلى أنه يستطيع إنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة. وأكد أن سياسته تهدف إلى تحقيق التوازن بين الضغط على روسيا وتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي. لكن تبقى الأسئلة مفتوحة حول كيفية تحقيق هذا الهدف، خاصة في ظل استمرار التوترات بين الأطراف المختلفة.

تداعيات اقتصادية وسياسية 

الحرب المستمرة في أوكرانيا أثرت بشدة على الأسواق العالمية، خاصة في أوروبا، وهنا يقول دويدار: "إن إنهاء الحرب سيعيد التوازن للاقتصاد العالمي، ويخفف من التضخم في الولايات المتحدة وأوروبا. فالغاز الروسي الرخيص كان ضروريًا للصناعات الأوروبية، وعودته ستساهم في إنعاش الاقتصاد الأوروبي".

ويضيف أن أوروبا تعاني من شتاء قارس وارتفاع في تكاليف التدفئة، مما يزيد من الضغط على الحكومات الأوروبية لإيجاد حل سريع للصراع. 

ويشير إلى أن عودة العلاقات التجارية مع روسيا قد تكون إحدى الطرق لتخفيف هذا الضغط، لكن ذلك يعتمد على التوصل إلى اتفاق سياسي شامل.

أما سيهيدا فيرى أن السماح لروسيا بالاستفادة من عدوانها سيكون خطأ كبيرًا، مردفا: "أي تخفيف للعقوبات دون تحقيق سلام عادل سيشكل مكافأة للكرملين. يجب أن يكون هناك موقف صارم يمنع تكرار هذا السيناريو مستقبلًا".

الحرب أيضًا ألقت بظلالها على الأمن الغذائي العالمي، حيث تعطلت بعض عمليات تصدير الحبوب والأسمدة من أوكرانيا وروسيا، مما أثر على العديد من الدول النامية التي تعتمد بشكل كبير على هذه الموارد، وبالتالي، فإن التوصل إلى اتفاق سلام، كما يرى دويدار،  قد يعيد تدفق هذه الموارد بشكل طبيعي.