وسط حالة "لا غالب ولا مغلوب" في أوكرانيا، تستعد الحكومات الغربية لصراع طويل الأمد مع روسيا، ويتسابق القادة العسكريون لاستخلاص الدرس من "أكبر حرب برية في أوروبا منذ ثمانية عقود تقريبا".
وتشير صحيفة "وول ستريت جورنال"، إلى أن دراسة المسؤولين عن الدفاع بالدول الغربية للأسلحة والتكتيكات واللوجستيات، المستخدمة في الحرب بأوكرانيا، لاستخلاص دروس "تمنحهم ميزة في ساحة المعركة الحالية، وفي النزاعات المستقبلية".
وقال الرئيس الجديد لهيئة الأركان العامة البريطانية، الجنرال باتريك ساندرز، "كنا نراقب الحرب في أوكرانيا عن كثب، ونحن نتعلم بالفعل ونتكيف"، مضيفا "سنعيد التفكير في كيفية قتالنا".
ويشير ساندرز إلى درس آخر مستفاد من الحرب في أوكرانيا، "فإذا كنت تريد تجنب الصراع، فمن الأفضل أن تكون مستعدا للقتال".
قيادة قوية وخطط مرنة
وتوضح "وول ستريت جورنال"، أن ساحة المعركة الحديثة ليس لها حدود ولا توجد بها مناطق "لإخفاء القوات"، فالطائرات دون طيار والمراقبة الإلكترونية والمراقبة الفضائية "تجعل الأمر أصعب مما كان عليه قبل بضع سنوات".
وكان القتال في أوكرانيا بمثابة "حرب استنزاف مدمرة"، شنتها المدفعية الثقيلة، واستحضرت ذكريات القتال في الحربين العالميتين، وفقا لـ"وول ستريت جورنال".
وعن ذلك قال المحلل السابق في وزارة الدفاع وضابط مشاة بالجيش الأميركي، بيلي فابيان، إن "الحرب الهجومية الجماعية صعبة وفظيعة، مع خسائر فادحة".
ونقلت "وول ستريت جورنال"، عن مسؤول كبير في الناتو، قوله إن القصف المتواصل من كلا الجانبين كشف أهمية "المخزون الجاهز من الأسلحة والذخائر".
حرب تقليدية بأسلحة حديثة
ويشير تحليل لموقع "ووار اون روكس" إلى أن الحرب في أوكرانيا هي أول حرب برية كبرى بين جيشين حديثين مجهزين بأسلحة تقليدية متطورة منذ عقود.
ويرى الموقع أن الدروس المستفادة من الحرب في أوكرانيا، قد تقلب "الفهم العسكري للنزاعات البرية"، واصفا الحرب بـ"الحديثة الرهيبة".
ويستخدم كلا الجانبين طائرات بدون طيار لتحديد الأهداف ومهاجمتها، واستغل الأوكرانيون الأسلحة الخفيفة والمتحركة التي قدمها الحلفاء الغربيون لضرب "أهداف روسية أكبر وأفضل تسليحا"، حسب "وول ستريت جورنال".
لكن معظم الأضرار التي لحقت بالجيشين والمدنيين والبنية التحتية الأوكرانية، كانت عن طريق" الصواريخ والقذائف والقنابل"، وعن ذلك يقول فابيان، "ما نراه هو حرب آلية تقليدية بخصائص حديثة"، وفقا لـ"وول ستريت جورنال".
نجاحات موسكو في شرق أوكرانيا
على جانب أخر، سمحت الإمدادات الروسية من قطع المدفعية والقذائف لموسكو بالحصول على أرض في شرق أوكرانيا خلال الأسابيع الأخيرة، رغم إرهاق قواتها وانخفاض معنويات الجنود، وفقا لـ"وول ستريت جورنال".
واتخذت القوات الأوكرانية خطوطا دفاعية جديدة في الشرق، الاثنين، استعدادا لمرحلة جديدة صعبة في الحرب، بينما أعلن بوتين انتصار روسيا في معركة لوغانسك التي استمرت لأشهر، حسب "رويترز".
ووضع استيلاء روسيا على مدينة ليسيتشانسك، الأحد، حدا لواحدة من أكبر المعارك في أوروبا منذ أجيال، والتي شهدت قيام موسكو بجلب قوتها البرية كاملة لتغير على جيب صغير على خط المواجهة لمدة شهرين.
وتكمل المعركة غزو روسيا لمقاطعة لوغانسك، وهي إحدى منطقتين تطالب موسكو بتنازل أوكرانيا عنهما للانفصاليين في منطقة دونباس.
وتكبد الجانبان آلاف القتلى والجرحى بينما يزعم كل منهما أنه ألحق خسائر أكبر بكثير بعدوه، على طول مجرى نهر سيفرسكي دونيتس الذي يمر عبر لوغانسك ودونيتسك.
ودُمرت ليسيتشانسك المجاورة لسيفيرودونيتسك والمدن المحيطة، والتي كانت العديد من مصانع الصناعات الثقيلة فيها بمثابة مخابئ محصنة للمدافعين، لتصبح أرضا قاحلة بسبب القصف الروسي المستمر.
وحاولت روسيا مرارا محاصرة الأوكرانيين لكنها فشلت فاختارت في النهاية تفجيرهم بالقوة الغاشمة لمدفعيتها، حسب "رويترز".
ويقول خبراء عسكريون إن المعركة قد تكون "نقطة تحول في الحرب"، ليس بسبب القيمة الاستراتيجية للمدن المدمرة نفسها، لكن بسبب "تأثير الخسائر على قدرة الجانبين على القتال".
وقال الخبير بمركز "روسي" للأبحاث في لندن، نيل ملفين، "أعتقد أنه انتصار تكتيكي لروسيا لكن بتكلفة باهظة"، مقارنا المعركة بالمعارك الضخمة على مكاسب إقليمية هزيلة والتي تميزت بها الحرب العالمية الأولى، وفقا لـ"رويترز.
وأضاف "استغرق هذا 60 يوما لإحراز تقدم بطيء للغاية، أعتقد أن الروس قد يعلنون نوعا من النصر لكن المعركة الحربية الرئيسية لم تأت بعد".