جانب من ميناء روتردام في هولندا
جانب من ميناء روتردام في هولندا

يعد ميناء روتردام أكبر ميناء تجاري في أوروبا، ويجري عبره نقل كميات كبيرة من البضائع من وإلى القارة، ويقف موظفوه في الخطوط الأمامية لفرض قيود الاتحاد الأوروبي على التجارة مع روسيا، ولكنها ليست بالمهمة بالسهلة، كما يذكر تقرير  لصحيفة "نيويورك تايمز".

ويسعى القائمون في الميناء على التأكيد من تطبيق العقوبات على روسيا، فهم يسعون إلى حظر توريد أو استيراد البضائع بدءا من الأجهزة والأدوات العالية التقنية وليس انتهاء بالفودكا.

وتقول المحققة الجمركية المخضرمة، جولاندا ويلينغا، أنها كانت سعيدة عندما استطاعت منع إرسال حاويات إلى روسيا كانت تحتوي على مواد ذات استخدام مزدوج، وبالتالي كان يمكن الاستفادة منها في صنع أسلحة كيماوية.

ورغم أن تصدير تلك المواد إلى روسيا كان قانونيا قبل غزو أوكرانيا، إلا أن التشدد في حظر المواد التي يمنع إرسالها إلى البلد الغازي قد جعل من مهمة ويلينغا أكبر صعوبة وحساسية، والتي قالت بعد أن حققت "ذلك الانتصار الصغير "أنها تمكنت من النوم جيدا في تلك الليلة وهي مرتاحة الضمير".

شبكة توزيع معقدة

وتضمنت الإجراءات الأوروبية بمنع استيراد وتصدير بضائع قدرت قيمتها منذ فرض العقوبات بأكثر من 40 مليار دولار، ولكن تطبيق الحظر على النفط من موسكو، ما زال الأمر يواجه صعوبة في تنفيذه، بسبب وجود شبكة توزيع معقدة في أوروبا، بالإضافة إلى عدة تحديات تتعلق بتتبع الخام، بمجرد مزجه أو تكريره، وفق ما قالت وكالة رويترز.

وفي هذا الصدد قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في الشهر الماضي: ""لنكن واضحين.. لن يكون الأمر سهلاً، ولكن يتعين على المضي قدما بشأن ذلك".

ووفقًا لبيانات الميناء الخاصة، تم استيراد 58 مليون طن من البضائع من روسيا في العام 2020، وتصدير أربعة ملايين طن؛ بلغت القيمة الجماعية لحركة المرور في كلا الاتجاهين حوالي 34 مليار يورو.

ويرى قال الرئيس التنفيذي للميناء، ألارد كاستلين إنه "لو كان لدينا عقوبات بنسبة 100 في المائة ولم يُسمح بتدفق التجارة، فسيكون ذلك أسهل!"، مشيرا إلى أنه عندما قرر القادة الأوروبيون فرض أول حزمتين من العقوبات، قام بتحويل فريق العمل الخاص به في خلال جائحة فيروس كورونا إلى "فرقة عمل حرب أوكرانيا" للتعامل مع الضغوط الهائلة القادمة على الميناء وموظفيه.

وكانت الشركات الأوروبية -مثل شل وتوتال إنرجيز وريبسول وبي بي البريطانية- عن شراء أي منتجات مكررة ذات محتوى روسي، إذ تنص عقود "بي بي" على أن أي صفقة مع بائع ينتهك سياستها ستكون باطلة.

كما تطالب بعض شركات الشحن بضمانات تؤكد أن الشحنات ليس لها منشأ أو ارتباط بروسيا، ولم تنقلها سفينة لها علاقات مع روسيا، وذلك وفقًا لوثائق اطلعت عليها رويترز.

ورغم وجود هذه الوثائق، لا توجد أي ضمانات لإزالة الخام الروسي بمجرد دخوله المركز الرئيس لاستيراد النفط في الاتحاد الأوروبي، في مجمع أمستردام - روتردام - أنتويرب - "إيه آر إيه"، المكون من 8 موانٍ منتشرة في بلدين، و96 محطة و6 آلاف و300 صهريج تخزين، مملوكة لمئات الشركات العالمية.

كما أن فرض الحظر على النفط الروسي سوف يكون صعبا إذ بالإمكان نقله من نافلة إلى أخرى في عرض المحيط، ومن ثم تصديره إلى أوروبا على أنه قادم من دولة أخرى.

ويوضح كاستلين أن تكرير النفط الروسي في الهند على سبيل المثال واستخراج الديزل قبل تصديره يجعل ذلك الديزل هنديا وليس روسيا.

وتابع: "لا يمكنك مراقبة كميات النفط الخام المتداولة أو التحكم فيها باستمرار، والتي قد تمر عبر 50 وجهة من الملكية قبل أن تصل إلى الوجهة النهائية".

وأضاف: "قد تنتقل من سفينة إلى أخرى، ومن ميناء إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى، وفي النهاية ستتم معالجتها في مكان ما، وستعود كمنتج في مكان آخر".

حرص شديد

من جهته، يتذكر مدير الجمارك في روتردام، يان كامب، الأسابيع التي تلت يوم 24 فبراير، عندما بدأ الغزو الروسي، باعتبارها الفترة الأكثر كثافة في حياته المهنية التي استمرت لعقود في إدارة الجمارك الهولندية.

وأوضح كامب: "في عطلة نهاية الأسبوع الأولى، عندما دخلت اللائحة الأولى حيز التنفيذ، لم نرغب في المخاطرة بالسماح بإرسال أي حاوية تحتوي على سلع محظورة إلى روسيا، وذلك لذلك قمنا في ذلك الوقت بإغلاق عدد كبير من الحاويات وصل عددها تقريبا إلى سبعة آلاف لفحص بشكل دقيق".

وحاليا انخفض عدد الحاويات المتراكمة التي لا تزال بحاجة إلى تدقيق إلى حوالي 100 في انتظار الفحص التفصيلي، وهنا يوضح كامب: " لقد زدنا من مناوبات العمل واستقدمنا موظفين من مناطق آخر من البلاد ليصبح عدد فريقنا 850 شخصا بعد أن كان يتألف من عشرات الموظفين".

ولكن وحتى مع رفع أعداد طواقم التفتيش والتدقيق، فما زال هناك الحاجة من المزيد، وقد انتقد ذلك الأمر المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية، كريستوفر سويفت، الذي قال: "اتحاد الأوروبي لا يستثمر كثيرا في إجراءات التنفيذ على غرار ما تفعل الولايات المتحدة".

وأضاف: "موارد الإنفاذ مستنزفة، وأحيانًا لا تكون مستخدمة بشكل صحيح".

المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين
المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين (Reuters)

قال مسؤولان أميركيان مطلعان ومسؤول مخابرات غربي سابق إن أكثر من 100 مواطن صيني يقاتلون في صفوف الجيش الروسي في مواجهة أوكرانيا هم مرتزقة لا صلة مباشرة لهم على ما يبدو بالحكومة الصينية.

ومع ذلك، قال المسؤول السابق لرويترز إن ضباطا صينيين كانوا في مسرح العمليات خلف الخطوط الروسية بموافقة بكين لاستخلاص الدروس التكتيكية من الحرب.

وأكد قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، الأميرال صامويل بابارو، يوم الأربعاء أن القوات الأوكرانية أسرت رجلين من أصل صيني في شرق أوكرانيا بعد أن قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده لديها معلومات عن 155 مواطنا صينيا يقاتلون هناك إلى جانب روسيا.

ووصفت الصين تصريحات زيلينسكي بأنها "غير مسؤولة"، وقالت إن الصين ليست طرفا في الحرب. وكانت بكين قد أعلنت عن شراكة "بلا حدود" مع موسكو وامتنعت عن انتقاد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022.

وقال المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن المقاتلين الصينيين لم يتلقوا فيما يبدو سوى الحد الأدنى من التدريب وليس لهم أي تأثير ملحوظ على العمليات العسكرية الروسية.

ولم ترد وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه)، ومكتب مدير المخابرات الوطنية الأميركية، ومجلس الأمن القومي، وكذلك السفارة الصينية في واشنطن بعد على طلبات  رويترز للتعليق.

وقال مسؤول مخابرات غربي سابق مطلع على الأمر لرويترز إن هناك نحو 200 من المرتزقة الصينيين يقاتلون لصالح روسيا لا علاقة للحكومة الصينية بهم.

لكن الضباط العسكريين الصينيين يقومون، بموافقة بكين، بجولات بالقرب من الخطوط الأمامية الروسية لاستخلاص الدروس وفهم التكتيكات في الحرب.

وقدمت الصين لموسكو على مدى سنوات دعما ماديا لمساعدتها في حربها على أوكرانيا، وتمثل ذلك في المقام الأول في شحن المنتجات ذات الاستخدام المزدوج وهي مكونات لازمة لصيانة الأسلحة مثل الطائرات المسيرة والدبابات.

كما زودت بكين روسيا بطائرات مسيرة مدمرة لاستخدامها في ساحة المعركة. وفي أكتوبر، فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن للمرة الأولى عقوبات على شركتين صينيتين بسبب تزويد موسكو بأنظمة الأسلحة.

ويقاتل متطوعون من دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في صفوف أوكرانيا منذ الأيام الأولى للحرب، ونشرت كوريا الشمالية أكثر من 12 ألف جندي لدعم القوات الروسية، وقتل وأصيب الآلاف منهم في المعارك.