عناصر من الجيش الأوكراني
عناصر من الجيش الأوكراني

مع استعداد كييف لإنشاء جيش قوامه مليون جندي لاستعادة المناطق التي احتلتها القوات الروسية الغازية وشن هجوم مضاد فعال، يرى بعض الخبراء أن ذلك أمر ممكن إذا جرى التخطيط لذلك بصبر وعناية، وفقا لما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وتخطط أوكرانيا لتشكيل جيش من مليون جندي مسلحين بأسلحة مقدمة من الناتو، بهدف استرجاع جنوب البلاد من الروس، بحسب تصريح لوزير الدفاع الأوكراني أولكسي رزنيكوف.

وقال ريزنيكوف لصحيفة "التايمز" البريطانية إن "الرئيس فولوديمير زيلينسكي أعطى الأوامر لاستعادة المناطق الساحلية في الجنوب والتي تعتبر مهمة بالنسبة للاقتصاد الأوكراني"، لافتاً إلى أن الهجوم المخطط تنفيذه سيتم بـ"استخدام الأسلحة الغربية".

وتأتي تصريحات الوزير الأوكراني، مع تقدم الروس الميداني في منطقة دونباس، شرق البلاد حيث تحاول القوات الروسية إحكام قبضتها

وفي هذا الصدد ترى الباحثة والأكاديمية  مركز أبحاث تشاتام هاوس، أوريسيا لوتسفيتش، أن فكرة الهجوم المضاد "فكرة شائعة للغاية داخل أوكرانيا"، لافتة إلى أن كييف بحاجة إلى إقناع الغرب باستمرار تقديم المساعدات، و"عندها بإمكان الأوكرانيين الحصول على فرصة واقعية لركل الروس خارج البلاد".

ووفقًا لأرقام المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، فإنه عندما بدأ الغزو الروسي في 24 فبراير كان الجيش الأوكراني يتألف من 125 ألف  جندي بالإضافة إلى 100 عنصر في قوات الحرس الوطني وحرس الحدود.

وأوضح المعهد أن بالإمكان رفع عديد القوات المسلحة  700 ألف جندي  بالإضافة إلى 300 ألف مقاتل في القوات شبه العسكرية، ولكن العقدة، وبحسب خبراء، تمكن في نوعية السلاح الذي يجب أن يمتلكه الجيش الأوكراني لصد هجمات القوات الغازية وتنفيذ هجمات مضادة فعالة.

وكلفت المعركة التي استمرت ثلاثة أشهر في دونباس حتى الآن المدافعين العديد من الضحايا، حيث حولت روسيا تكتيكاتها إلى القصف المدفعي، وبالتالي فإن هناك حاجة ماسة إلى وجود عناصر حاصلة على تدريب جيد وفعال.

وفي هذا الصدد قالت وزارة الدفاع البريطانية إن مئات من الجنود الأوكرانيين يتلقون تدريبات في معسكرات عدة في بريطانيا ضمن المرحلة الأولى من برنامج يهدف إلى تدريب نحو 10 آلاف جندي.

ويعد هذا البرنامج جزءا من مساعدات واسعة قدمتها بريطانيا لأوكرانيا بقيمة 2.3 مليار جنيه إسترليني (2.8 مليار دولار)، وتشمل أسلحة مضادة للدبابات وأنظمة صواريخ ومعدات أخرى.

وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس -خلال زيارته لأحد معسكرات تدريب الجنود الأوكرانيين السبت الماضي- "باستخدام الخبرة العالمية للجيش البريطاني سنساعد أوكرانيا على إعادة بناء قواتها وزيادة مقاومتها".

من جانبه، أوضح أحد المدربين البريطانيين أن بعض المتدربين الأوكرانيين والذي تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما لم يسبق لهم مطلقا أن تدربوا على استخدام الأسلحة وإطلاق النار، مشيرا إلى أن نسبة إصابة الأهداف لديهم كانت في البداية 50 في المئة ولكن ارتفعت بسرعة إلى 80 بالمئة.

"الصبر مفتاح الفرج"

ومن الواضح أن مثل هذا التدريب العسكري أمر بالغ الأهمية بالنسبة للأوكرانيين، لكن الهجوم المضاد الناجح سيتطلب المزيد من الاستخدام استراتيجي لمجموعة من الأسلحة  الغربية المتطورة ورفع نسبة المقاتلين لتصبح واحد مقابل ثلاثة على أقل تقدير إذ يعتقد أنه معارك دونباس كان هناك جندي أوكراني مقابل 7 من جنود القوات الغازية والميليشيات الانفصالية.

ومارست أوكرانيا ضغوطًا شديدة من أجل الحصول على ذخائر الناتو القياسية مع نفاد إمداداتها التقليدية من المعايير السوفيتية، وتزامن ذلك مع تحذير الزعيم القومي الروسي إيغور جيركين على قناته في تطبيق تليغرام من أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية أثبتت أنها "غير فعالة" ضد الضربات التي تشنها صواريخ هيمارس الأميركية.

وقال جيركين أنه خلال الأسبوع الماضي جرى تدمير"أكثر من 10" مخازن ذخيرة ولوجستية واستهداف "حوالي اثني عشر" من مواقع القيادة، متسائلا: "متى يهاجم الجيش الروسي بكل قوته؟".

وتأمل أوكرانيا أنه من خلال الضرب بشكل أعمق خلف خطوط العدو، فإن المدفعية الصاروخية ستعطل قدرة موسكو على مواصلة هجومها الطاحن في دونباس.

ويرى بن باري، المتخصص في الحرب البرية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، "إذا بلغ الهجوم الروسي في دونباس ذروته، فسيكون هناك ضغط متزايد على الأوكرانيين لشن هجوم مضاد كبير".

وتابع: "ولكن كلما طالت مدة الاستعداد، لبناء التدريب والمخزونات، زادت فرصة نجاحها ".  

ويسلط باري الضوء على ما يعرف بـ"عملية العاصفة" والتي تمكن من خلالها الجيش الكرواتي من الانتصار على على الانفصاليين الصرب أغسطس 1995، مشيرا إلى أن تلك العملية أخذت وقتا طويلا في التخطيط والاستعداد حيث تلقى الكروات تدريبات من شركة استشارية عسكرية أميركية قبل إنهاء أكثر من ثلاث سنوات من الجمود. و

وخلص باري إلى أنه "ذلك قد يعد دليلا على أن مثل هذه الحروب تستغرق سنوات وليس شهورًا".

جندي أوكراني في البحر الأسود
لا يزال الجانبان الروسي والأوكراني متباعدين بشأن شروط السلام النهائي

من المقرر أن تركز المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين أوكرانيا وروسيا وتعقد في الرياض الاثنين، على وقف إطلاق النار البحري المقترح في البحر الأسود، في حين لا يزال الجانبان متباعدين بشأن شروط السلام النهائي. 

وسيمثل أوكرانيا في المحادثات وزير الدفاع روستم أوميروف ونائب رئيس مكتب الرئاسة بافلو باليسا، وفقا لما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول أوكراني كبير مطلع على المحادثات، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته أثناء مناقشة مسائل حساسة. 

وقال الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي في وقت سابق إن الوفد سيشمل أيضا خبراء في الطاقة و"أشخاصا لديهم فهم عميق للبنية التحتية للموانئ." 

بالمقابل سيترأس الوفد الروسي رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الاتحاد الروسي غريغوري كارسين، وسيرجي بيسيدا، وهو مستشار رفيع المستوى لمدير جهاز الأمن الفيدرالي. 

على الجانب الأميركي سيقود الوفد المفاوض رئيس تخطيط السياسات في وزارة الخارجية مايكل أنطون بالإضافة إلى ممثلين من مكتب مستشار الأمن القومي مايكل والتز وآخرين. 

وبحسب يوري أوشاكوف، كبير مساعدي السياسة الخارجية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن المفاوضين سيتواجدون في غرف منفصلة، ويعتمدون على وسطاء لنقل الرسائل ذهابا وإيابا. 

يوم الأربعاء، قال زيلينسكي إن مكتبه كان يعد قائمة بالبنى التحتية المدنية التي يجب أن تُستثنى من الهجمات المستقبلية، بما في ذلك السكك الحديدية والموانئ. 

يقول المحلل السياسي الروسي كيريل روغوف إن دفع موسكو من أجل هدنة بحرية في البحر الأسود هو خطوة منطقية، لأن أوكرانيا قد شلت جزءا كبيرا من الأسطول الروسي هناك و"تسيطر على معظم المياه باستخدام الطائرات المسيرة البحرية." 

كما أشارت موسكو إلى أن المحادثات في السعودية ستتناول شحنات الحبوب في البحر الأسود. بموجب اتفاق تم التوسط فيه في صيف 2022، تم السماح لأوكرانيا بتصدير حبوبها من الموانئ التي كانت محاصرة من قبل روسيا. 

لكن الاتفاق شابته الكثير من العوائق، حيث اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام الممر الآمن لإطلاق هجمات بالطائرات المسيرة، ليجري تعليق الاتفاق بعد عام. 

ومنذ ذلك الحين، سعت أوكرانيا إلى طرق تصدير بديلة، بما في ذلك الممرات البرية عبر أوروبا والشحنات عبر نهر الدانوب، ولكن هذه الخيارات كانت أكثر تكلفة بكثير. 

وبحسب الصحيفة فإن موسكو لا يبدو أنها قد تراجعت عن أهدافها السابق المتمثلة بإنهاء الدعم الغربي لأوكرانيا ومشاركة المعلومات الاستخباراتية معها وتخلي أوكرانيا عن طموحاتها في الانضمام إلى حلف الناتو. 

وتعقيبا على ذلك قال زيلينسكي، الخميس، إن بوتين "يجب أن يتوقف عن تقديم مطالب غير ضرورية تؤدي فقط إلى إطالة الحرب." 

والجمعة، اتهم الجانبان بعضهما البعض بتقويض وقف إطلاق النار الجزئي، حيث قالت موسكو إن كييف فجرت محطة وقود في سودجا، وهي مدينة في غرب روسيا استولت عليها أوكرانيا في توغل مفاجئ العام الماضي. 

وقبلها بساعات، هاجمت الطائرات المسيرة الروسية مدينة أوديسا الأوكرانية على البحر الأسود، مما ألحق أضرارا بمبنى سكني شاهق ومول تجاري، وأدى إلى نشوب عدة حرائق كبيرة.