الحصار الروسي على الموانئ الأوكرانية تسبب في ارتفاع أسعار الغذاء العالمية
الحصار الروسي على الموانئ الأوكرانية تسبب في ارتفاع أسعار الغذاء العالمية

أثار اتفاق روسيا وأوكرانيا بشأن تصدير الحبوب الأوكرانية العالقة في موانئ البحر الأسود، التساؤلات حول التداعيات السياسية والاقتصادية المرتقبة للاتفاقية ومدى تأثيرها في مواجهة مخاطر المجاعة التي تهدد عددا كبيرا من دول العالم، في ظل مخاوف من "انهيار الاتفاق".

ووقعت أوكرانيا وروسيا، الجمعة، في إسطنبول اتفاقين منفصلين مع تركيا والأمم المتحدة بهدف إفساح المجال أمام نقل الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية في البحر الأسود، على خلفية الحرب الروسية، التي بدأت منذ أكثر من خمسة أشهر.

وبعد أقل من 24 ساعة، أعلنت أوكرانيا السبت أن صواريخ روسية أصابت أوديسا، الميناء الرئيسي على البحر الأسود، غداة توقيع موسكو وكييف اتفاقاً لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية، ما يضع هذا الاتفاق على المحك.

واتهمت أوكرانيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "بصق في وجه" الأمم المتحدة وتركيا عبر هجومه على ميناء أوديسا، بحسب ما نقلت فرانس برس، مؤكدة أن موسكو "ستتحمّل مسؤولية" فشل الاتفاق على تصدير الحبوب الذي جرى توقيعه في اليوم السابق في اسطنبول.

وتهدف هذه الاتفاقية إلى تفادي أزمة غذاء عالمية، ونصت على إقامة "ممرات آمنة" من شأنها السماح بعبور السفن التجارية في البحر الأسود، وقد تعهدت موسكو وكييف "عدم مهاجمتها".

سيكون الاتفاق صالحا لمدة "120 يوما"

وحسب "فرانس برس"، سيكون الاتفاق صالحا لمدة "120 يوما" أي أربعة أشهر، وهي المدة اللازمة لإخراج نحو 25 مليون طن من الحبوب المكدسة في الصوامع الأوكرانية في حين يقترب موعد موسم حصاد جديد.

وكان الحصار الروسي على الموانئ الأوكرانية قد أدى إلى تقطع السبل بنحو 22 مليون طن من القمح والذرة وغيرها من الحبوب في الصوامع، مما أسفر عن آثار مدمرة على أسعار الغذاء العالمية ومستويات الفقر، وفقا لتقرير لصحيفة "واشنطن بوست".

وفي وقت سابق حذر "البنك الدولي" من أن الصراع في أوكرانيا سيغرق 95 مليون شخص إضافي في براثن الفقر المدقع، و 50 مليونا في جوع شديد هذا العام.

وفي سياق متصل، كشف برنامج الغذاء العالمي أن تداعيات الصراع التي قد تدفع 47 مليون شخص إضافي حول العالم إلى "الجوع الحاد".

هل تنقذ الاتفاقية العالم من "المجاعة المرتقبة"؟

تهدف الاتفاقية إلى تفادي أزمة غذاء عالمية

جاءت تلك الوقائع لتثير التساؤل حول التداعيات السياسية والاقتصادية لتلك" الاتفاقية"، وما مدى إمكانية نجاح تلك الخطوة في إنقاذ العالم من "المجاعة المرتقبة"؟

وفقا للخبير الاقتصادي ومستشار المركز العربي للدراسات، أبوبكر الديب، فإن الاتفاقية قد تمنع "اندلاع أزمات غذائية ومجاعات عالمية"، لكنها لن تخفض أسعار الغذاء أو تعيدها لما كانت عليه قبل الحرب الروسية الأوكرانية.

وأوضح الديب في تصريحات لموقع "الحرة"، أن الغزو الروسي لأوكرانيا تسبب في "موجة عالمية غير مسبوقة" من ارتفاع أسعار الغذاء، مشيرا إلى أن "الأسواق العالمية تترقب تلك الاتفاقية منذ أشهر".

وتحدث الديب عن الآثار الإيجابية للاتفاقية بعد "تراجع أسعار عقود القمح بأكثر من 5 في المئة في أدنى مستوى لها منذ 5 أشهر"، مشيرا إلى "تراجع أسعار الذرة وفول الصويا لتصل إلى أدنى مستوياتها خلال نحو 8 أشهر".

ووفقا لـ" المعهد الدولي لبحوث السياسيات الزراعية"، فإن أوكرانيا وروسيا تنتجان حوالي ثلث القمح المتداول في الأسواق العالمية، وحوالي ربع الشعير في العالم.

وحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية "بشكل غير مسبوق" في الأسواق العالمية، بسبب تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.

وزاد سعر القمح بنحو 50 في المئة في مايو عما كان عليه في فبراير، ما دفع الأمم المتحدة لــ"التحذير من مجاعة محتملة وقد تسبب اضطرابات سياسية".

مخاطر وتحديات

استئناف تصدير الحبوب "سيظل مرهون بتطورات الحرب الميدانية"

من جهته، يرى الخبير بمركز تريندز للبحوث والاستشارات في الإمارات، يسري العزباوي أن "الاتفاقية تخفف وطأة أزمة الغذاء العالمي" وتقلل من "أسعار الحبوب على مستوى العالم"، لكن الأمن الغذائي العالمي مازال يواجه مخاطر "جمة".

وفي تصريحات لموقع "الحرة"، يشير العزباوى إلى تحد غير مسبوق يتمثل في "حاجة أوكرانيا لنقل 7 ملايين طن من الحبوب من مخازنها شهريا على مدار الأشهر الثلاثة المقبلة لتأمين مساحة كافية في صوامع الحبوب الخاصة بها للحصاد الجديد".

يأتي ذلك بالتزامن مع "المخاطر المحتملة التي سوف تتعرض لها السفن وارتفاع تكاليف التأمين عليها"، خاصة أن الاتفاقية لا تنص على إزالة الألغام بالكامل من الموانئ الأوكرانية، وفقا لحديث العزباوي.

وتخلت الاتفاقية عن إزالة الألغام من البحر الأسود، وبررت "الأمم المتحدة" الأمر بأن "إزالة الألغام ستستغرق وقتا طويلا" مضيفة أن "طيارين أوكرانيين" سيفتحون الطريق أمام سفن الشحن في المياه الإقليمية.

ولذلك يرى العزباوي أن استئناف تصدير الحبوب "سيظل رهينة بتطورات الحرب الميدانية، ومدى التزام روسيا وأوكرانيا بالاتفاق الموقع مع الأمم المتحدة".

ويتفق معه الديب، الذي يشير إلى "عقبات كبيرة أمام تنفيذ الاتفاق أهمها توافر الإرادة السياسية لكل الأطراف الموقعة على الاتفاق".

وتحدث الديب عقبة أخرى تتعلق بـ "توفير أسطول ضخم من السفن يقترب من 500 سفينة شحن لنقل نحو 20 مليون طن من الحبوب من الصوامع الأوكرانية إلى قارات العالم المختلفة".

وسوف تحتاج الشركات المالكة للسفن للحصول على "تأمين حرب" لتغطية حركة السفن وطواقمها بخلاف ما كان عليه الأمر قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، وفقا لحديث الديب.

 

تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا تسببت في "عاصفة اقتصادية غير مسبوقة" بالشرق الأوسط

وخلال الأشهر الماضية، طالت تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا منطقة الشرق الأوسط، وتسببت "عاصفة اقتصادية غير مسبوقة"، وهو ما دفع محللين إلى دق ناقوس الخطر بشأن تهديدات متوقعة للأمن الغذائي العربي.

وفي تقرير سابق لموقع "الحرة"، حذر خبراء من "اضطرابات سياسية واجتماعية" بتلك الدول، فكيف سوف تؤثر الاتفاقية على الأسواق العربية؟

يري العزباوي أن "المنطقة سوف تتأثر إيجابيا بالاتفاقية، باعتبارها من أكثر مناطق العالم استهلاكا للقمح الروسي والأوكراني".

 وسوف يخفف "ضخ القمح الروسي والأوكراني للسوق العالمي الضغط على الميزانيات الوطنية لدول المنطقة"، بعدما واجهت عدة دول حالة من "عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي"، وفقا لرأي العزباوي.

وجاء الاتفاق كـ"بشارة خير لشعوب ما يقرب من 50 دولة من دول العالم النامية والفقيرة ومن بينها دول الشرق الأوسط"، وفقا لحديث الديب.

وأشار الديب إلى "اعتماد شعوب المنطقة على القمح الروسي والأوكراني"، مؤكدا أن "شبح المجاعة بات أبعد قليلا عن الدول العربية".

المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين
المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين (Reuters)

قال مسؤولان أميركيان مطلعان ومسؤول مخابرات غربي سابق إن أكثر من 100 مواطن صيني يقاتلون في صفوف الجيش الروسي في مواجهة أوكرانيا هم مرتزقة لا صلة مباشرة لهم على ما يبدو بالحكومة الصينية.

ومع ذلك، قال المسؤول السابق لرويترز إن ضباطا صينيين كانوا في مسرح العمليات خلف الخطوط الروسية بموافقة بكين لاستخلاص الدروس التكتيكية من الحرب.

وأكد قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، الأميرال صامويل بابارو، يوم الأربعاء أن القوات الأوكرانية أسرت رجلين من أصل صيني في شرق أوكرانيا بعد أن قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده لديها معلومات عن 155 مواطنا صينيا يقاتلون هناك إلى جانب روسيا.

ووصفت الصين تصريحات زيلينسكي بأنها "غير مسؤولة"، وقالت إن الصين ليست طرفا في الحرب. وكانت بكين قد أعلنت عن شراكة "بلا حدود" مع موسكو وامتنعت عن انتقاد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022.

وقال المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن المقاتلين الصينيين لم يتلقوا فيما يبدو سوى الحد الأدنى من التدريب وليس لهم أي تأثير ملحوظ على العمليات العسكرية الروسية.

ولم ترد وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه)، ومكتب مدير المخابرات الوطنية الأميركية، ومجلس الأمن القومي، وكذلك السفارة الصينية في واشنطن بعد على طلبات  رويترز للتعليق.

وقال مسؤول مخابرات غربي سابق مطلع على الأمر لرويترز إن هناك نحو 200 من المرتزقة الصينيين يقاتلون لصالح روسيا لا علاقة للحكومة الصينية بهم.

لكن الضباط العسكريين الصينيين يقومون، بموافقة بكين، بجولات بالقرب من الخطوط الأمامية الروسية لاستخلاص الدروس وفهم التكتيكات في الحرب.

وقدمت الصين لموسكو على مدى سنوات دعما ماديا لمساعدتها في حربها على أوكرانيا، وتمثل ذلك في المقام الأول في شحن المنتجات ذات الاستخدام المزدوج وهي مكونات لازمة لصيانة الأسلحة مثل الطائرات المسيرة والدبابات.

كما زودت بكين روسيا بطائرات مسيرة مدمرة لاستخدامها في ساحة المعركة. وفي أكتوبر، فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن للمرة الأولى عقوبات على شركتين صينيتين بسبب تزويد موسكو بأنظمة الأسلحة.

ويقاتل متطوعون من دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في صفوف أوكرانيا منذ الأيام الأولى للحرب، ونشرت كوريا الشمالية أكثر من 12 ألف جندي لدعم القوات الروسية، وقتل وأصيب الآلاف منهم في المعارك.