في مواجهة العقوبات الغربية، "تستخدم موسكو الغاز كسلاح" للضغط على الدول الأوروبية، لكن ذلك سوف يتسبب في تداعيات سلبية على الاقتصاد الروسي، بينما تخشى أوروبا "انهيار الحكومة الإيطالية" وتأثير ذلك على الصراع مع روسيا.
ويستطيع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قطع صادرات الغاز الطبيعي عن أوروبا بفضل "العائدات الوفيرة من السلع الأخرى"، لكن تلك الخطوة ستأتي بمخاطر "طويلة الأجل" على الاقتصاد الروسي الذي يعاني من العقوبات وصناعة الطاقة غزيرة الإنتاج، وفقا لتقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
واستأنفت روسيا ضخ الغاز إلى أوروبا من خلال أكبر خط أنابيب "نورد ستريم 1"، في ظل تحذيرات من أنها قد تحد من الإمدادات أو توقفها تماما.
لكن تلك الخطوة لم تبدد الغموض بشأن مستقبل الامدادات، فضخ الغاز لا يزال بكميات أدنى من المعتاد، ما يؤجج المخاوف من أزمة طاقة في الاتحاد الأوروبي هذا الشتاء، وفقا لـ"فرانس برس".
ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، قامت موسكو بالحد من امدادات الغاز أو قطعها بالكامل عن عشر دول أوروبية تقريبا، في خطوة ينظر إليها على نطاق واسع على أنها ردّ على العقوبات الغربية.
وفي الأسابيع الماضية، تراجعت الامدادات عبر "نورد ستريم 1" بنحو 60 بالمئة، وتوقفت بالكامل بين 11 يوليو و21 منه بسبب الصيانة، قبل أن تعاود "غازبروم" ضخ الغاز بـ"مستويات متدنية".
وبينما تقول روسيا إن خفض الامدادات يعود لغياب توربين عائد لشركة "سيمينز" الألمانية يخضع لصيانة في كندا، بينما تتهم ألمانيا موسكو باستخدام الغاز كسلاح سياسي في مواجهة الغرب.
مخاطر وتداعيات على الاقتصاد الروسي
تحصل روسيا على مئات الملايين من الدولارات يوميا من مبيعات الغاز إلى أوروبا، التي تعد واحدة من أكبر زبائنها على "المدى الطويل".
لكن على "المدى القصير"، لا تعتمد روسيا على تدفق الإيرادات بفضل مبيعاتها الكبيرة من النفط الخام والسلع الأخرى حول العالم، وفقا لتقرير "وول ستريت جورنال".
ويعد النفط مصدر دخل أكبر لموسكو من الغاز، وشكلت عائدات النفط حوالي 30 في المئة من عائدات الضرائب في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، بينما كانت حصة الغاز ١٢ في المئة فقط، وفقا لتقرير "وول ستريت جورنال".
ولذلك سيكون "الوقف الكامل لعمليات تسليم الغاز إلى أوروبا الغربية في متناول روسيا"، لكن خبراء يشيرون إلى "مخاطر كبيرة على الاقتصاد الروسي على المدى الطويل".
ووفقا للخبراء فإن "العقوبات الغربية ستمنع روسيا من بناء وصيانة بعض البنية التحتية اللازمة لتصدير الغاز، بما في ذلك خطوط الأنابيب والتوربينات".
وقد تضطر روسيا إلى "إغلاق بعض الآبار المنتجة للغاز وسيكون من الصعب إعادة فتح العديد منها"، ما قد يؤدي إلى الإخلال بالتوازن الجيولوجي الدقيق لبعض حقول الغاز.
ورغم أن النفط "مهم بشكل أكبر للميزانية العامة لروسيا"، لكن عائدات شركة "غازبروم" الأوروبية توجه لدعم فواتير الطاقة لـ"الاقتصاد ولعامة السكان في روسيا".
تداعيات "انهيار الحكومة الإيطالية"
وتتعرض معظم الحكومات الأوروبية لضغوط متزايدة بشأن التكلفة المتوقع للحرب في أوكرانيا، حيث يشعر بوتين أن "الوقت والاقتصاد في صفه"، لأن العقوبات الغربية تلحق الضرر بالمستهلكين الأوروبيين أكثر من روسيا، وفقا لتقرير سابق "الغارديان" البريطانية.
وأثار انهيار حكومة رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، هذا الأسبوع، مخاوف بشأن تشكيل "حكومة إيطالية جديدة أكثر تعاطفا مع روسيا"، وفقا لتقرير لصحيفة " نيويورك تايمز".
ومع استقالة ماريو دراغي، خسر الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي حليفا كبيرا في موقفهما الداعم لأوكرانيا بوجه الغزو الروسي.
وبعد استقالة حكومة دراغي، تمت الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة في سبتمبر، لكن القوى الغربية تخشى وصول زعيمي اليمين المتطرف الإيطالي، جورجيا ميلوني، المشككة بجدوى التكتل الأوروبي وماتيو سالفيني المقرب من موسكو، إلى السلطة، وفقا لـ"فرانس برس".
وفي حال انضم إليهما "فورتسا إيطاليا"، الحزب اليميني بزعامة سيلفيو برلوسكوني، تشير التوقعات إلى أن تحالف اليمين سيحصل على 45 إلى 48 في المئة من الأصوات، وفقا لـ"فرانس برس".
ووصف الأستاذ الفخري للعلوم السياسية بجامعة بولونيا، جيانفرانكو باسكينو، رحيل دراغي بـ"ضربة قاسية لأوروبا".
وقال في تصريحات لـ"نيويورك تايمز"، "كان لدراغي موقف واضح ضد العدوان الروسي على أوكرانيا"، مضيفا "رئيس الوزراء القادم سيكون على الأرجح أقل اقتناعا بأن مسؤولية الحرب تقع على عاتق روسيا".