مقاتل أوكراني
استقطبت الحرب في أوكرانيا العديد من المقاتلين الأجانب والمرتزقة

استقطبت الحرب الروسية على أوكرانيا عددا كبيرا من المقاتلين الأجانب والمرتزقة، بينما دخل الغزو شهره الخامس، دون إيلاء اهتمام للملف الذي من شأنه تأزيم الوضع أكثر، وفق تحليل نشر على  صحيفة "واشنطن بوست".

التحليل يرى أن وسائل الإعلام لم تعر اهتماما كبيرا للمخاطر التي تحدق بالمدنيين إثر تدفق المقاتلين الأجانب والمرتزقة والمتطوعين المدنيين وغيرهم من المقاتلين المسلحين غير النظاميين.

وبين هؤلاء الوافدين، مقاتلون تم دمجهم رسميا كأعضاء في القوات المسلحة المحترفة لروسيا أو أوكرانيا.

لكن تقارير أفادت بأن القوات الروسية تقوم الآن بتجنيد حتى السجناء لملء وحدات الخطوط الأمامية المستنزفة.

وبينما لا يتلقى المقاتلون غير التقليديين أي تدريب مسبق "تكون لديهم قدرة أقل على الالتزام بقواعد القانون الإنساني الدولي" وهو ما يهدد أمن المدنيين في أوكرانيا ويعزز فرص حدوث جرائم حرب، وفق التحليل الذي أعده كل من أندرو بيل، وكاثرين كرامر، لصحيفة واشنطن بوست.

أوائل الملتحقين

تختلف التقديرات حول عدد المقاتلين الأجانب المشاركين في الحرب في أوكرانيا، فقد يكونون عدة آلاف قدموا من داخل وخارج الأراضي الأوكرانية والروسية، وقد حملوا السلاح من كلا الجانبين، وقد يكون العدد أكثر أو أقل.

يشار إلى أن الاعتداء الروسي في 24 فبراير الماضي، ألهم آلاف المتطوعين المدنيين الأوكرانيين العاديين الذين ليس لديهم خبرة عسكرية، للانضمام إلى "قوات الدفاع الإقليمية" التي يؤطرها الجيش الأوكراني للدفاع عن الوطن.

كما عزّز المتطوعون الأجانب القوات الأوكرانية، والعديد منهم لديهم خبرة قتالية من العراق وأفغانستان وسوريا كجزء من الفيلق الأوكراني الدولي للدفاع الإقليمي. 

وبالمثل، تم تعزيز القوات الروسية بـ"متطوعين" وجماعات مسلحة لا تخضع بالكامل لسيطرة القوات الحكومية. 

كما انضم مرتزقة مأجورين، إلى جانب مقاتلين أجانب وقوات أخرى من الشيشان وسوريا وأماكن أخرى، إلى المجهود الحربي الروسي. 

والجدير بالذكر أن الجيش الروسي اعتمد بشكل كبير على مجموعة فاغنر، وهي منظمة مرتزقة مقرها روسيا متورطة في عدد من جرائم الحرب المزعومة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا. 

والأربعاء، أعلنت بريطانيا أنها فرضت عقوبات على سوريين "مسؤولين عن تجنيد مرتزقة للقتال في الحرب الروسية في أوكرانيا" أو "لدعم النظام السوري" حليف موسكو المنخرطة منذ العام 2015 في النزاع الدائر في سوريا.

وكان الاتحاد الأوروبي، أعلن الأسبوع الماضي فرض عقوبات على عشرة مواطنين سوريين وشركتين أمنيتين خاصتين لتورطهم في تجنيد مرتزقة سوريين وفلسطينيين أرسلوا للقتال في أوكرانيا إلى جانب القوات الروسية.

وتكشف هذه الأمثلة عن اتساع وتنوع المقاتلين غير التقليديين العاملين في ساحات القتال في أوكرانيا.

المخاطر

تظهر الأمثلة السابقة،  أن هذه الجماعات المسلحة غير التقليدية تخلق مخاطر إضافية على المدنيين. حيث لا يمكن التحكم بها، وهي التي قليلا ما تذعن لمبدأ الامتثال لقوانين الحرب الدولية.

يقول التقرير في الصدد: "يواجه القادة العسكريون في الحرب معضلة قيادية صارخة، فهم بحاجة إلى تحفيز مقاتليهم على القتال، لكنهم بحاجة أيضًا إلى السيطرة على هذا الجهد وتقييده".

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تزيد الطبيعة الفوضوية للحرب من احتمالية إلحاق الأذى بالمدنيين، لا سيما عندما تصبح الخطوط الفاصلة بين المدنيين والمقاتلين غير واضحة، أو عندما يعتقد المقاتلون أن استهداف المدنيين سيساعدهم على تحقيق مكاسب في ساحة المعركة.

وبينما تحاول الجيوش النظامية بما فيها الأوكراني، غرس القيم الإنسانية خلال ظروف الحرب، فإن المقاتلين غير التقليديين، بمن فيهم أولئك الذين يعملون في أوكرانيا، غالبا ما يكون لديهم مستويات أقل من التدريب ويكونون أقل امتثالا لقواعد القانون الإنساني الدولي. 

وقد ينضم المقاتلون (الأفراد على وجه الخصوص)  إلى النزاع بخبرة عسكرية قليلة أو بخبرة عسكرية سابقة لا تنطوي على اهتمام بحماية أرواح المدنيين. 

وهذا النقص في التدريب والتوعية بقانون الحرب يمكن أن يؤدي إلى المزيد من الفظائع في الصراع، وفق التحليل.

ماذا يعني هذا بالنسبة للمدنيين الأوكرانيين؟

تكشف هذه القضايا أن وجود مقاتلين غير تقليديين يمكن أن يجعل ساحات القتال الحديثة الخطرة بالفعل أكثر خطورة على المدنيين. 

ويمكن للجماعات المسلحة والمرتزقة والمقاتلين الأجانب وغيرهم ممن يفتقرون إلى تدريب مكثف على معايير حماية المدنيين خلق مخاطر أكبر . 

وللحد من هذه المخاطر، يشير كاتبا التقرير  إلى أهمية تعزيز هياكل إنفاذ قواعد القيادة والتدريب على حماية المدنيين لمجموعة واسعة من الجماعات المسلحة المنخرطة في الصراع  في أوكرانيا، بل وحول العالم.

المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين
المصادر قالت إن الصينيين الذين يقاتلون مع روسيا ربما ليس لهم علاقة ببكين (Reuters)

قال مسؤولان أميركيان مطلعان ومسؤول مخابرات غربي سابق إن أكثر من 100 مواطن صيني يقاتلون في صفوف الجيش الروسي في مواجهة أوكرانيا هم مرتزقة لا صلة مباشرة لهم على ما يبدو بالحكومة الصينية.

ومع ذلك، قال المسؤول السابق لرويترز إن ضباطا صينيين كانوا في مسرح العمليات خلف الخطوط الروسية بموافقة بكين لاستخلاص الدروس التكتيكية من الحرب.

وأكد قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، الأميرال صامويل بابارو، يوم الأربعاء أن القوات الأوكرانية أسرت رجلين من أصل صيني في شرق أوكرانيا بعد أن قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده لديها معلومات عن 155 مواطنا صينيا يقاتلون هناك إلى جانب روسيا.

ووصفت الصين تصريحات زيلينسكي بأنها "غير مسؤولة"، وقالت إن الصين ليست طرفا في الحرب. وكانت بكين قد أعلنت عن شراكة "بلا حدود" مع موسكو وامتنعت عن انتقاد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022.

وقال المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن المقاتلين الصينيين لم يتلقوا فيما يبدو سوى الحد الأدنى من التدريب وليس لهم أي تأثير ملحوظ على العمليات العسكرية الروسية.

ولم ترد وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه)، ومكتب مدير المخابرات الوطنية الأميركية، ومجلس الأمن القومي، وكذلك السفارة الصينية في واشنطن بعد على طلبات  رويترز للتعليق.

وقال مسؤول مخابرات غربي سابق مطلع على الأمر لرويترز إن هناك نحو 200 من المرتزقة الصينيين يقاتلون لصالح روسيا لا علاقة للحكومة الصينية بهم.

لكن الضباط العسكريين الصينيين يقومون، بموافقة بكين، بجولات بالقرب من الخطوط الأمامية الروسية لاستخلاص الدروس وفهم التكتيكات في الحرب.

وقدمت الصين لموسكو على مدى سنوات دعما ماديا لمساعدتها في حربها على أوكرانيا، وتمثل ذلك في المقام الأول في شحن المنتجات ذات الاستخدام المزدوج وهي مكونات لازمة لصيانة الأسلحة مثل الطائرات المسيرة والدبابات.

كما زودت بكين روسيا بطائرات مسيرة مدمرة لاستخدامها في ساحة المعركة. وفي أكتوبر، فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن للمرة الأولى عقوبات على شركتين صينيتين بسبب تزويد موسكو بأنظمة الأسلحة.

ويقاتل متطوعون من دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في صفوف أوكرانيا منذ الأيام الأولى للحرب، ونشرت كوريا الشمالية أكثر من 12 ألف جندي لدعم القوات الروسية، وقتل وأصيب الآلاف منهم في المعارك.