الصورة التقطت في 21 ديسمبر 2021 حيث يستمع بوتين إلى فاليري غيراسيموف
الصورة التقطت في 21 ديسمبر 2021 حيث يستمع بوتين إلى فاليري غيراسيموف

جاء تعيين موسكو لقائد جديد لحربها في أوكرانيا ليكشف عن "حجم الصراعات والخلافات بين رجال الرئيس الروسي"، فلاديمير بوتين، بعد الانتكاسات التي منيت بها قواته أمان نظيرتها الأوكرانية خلال الفترة الماضية.

والأربعاء، استبدلت روسيا من جديد قائد قواتها في أوكرانيا وعينت هذه المرة الجنرال فاليري غيراسيموف، كرئيس أركان للقوات المسلحة، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية.

وأكدت الوزارة في بيان أن فاليري غيراسيموف عُين "قائدا لمجموعة القوات المشتركة" المنتشرة في أوكرانيا، بديلا عن سيرغي سوروفيكين الذي تولى المنصب لمدة ثلاثة أشهر بالكاد. 

وأوضحت الوزارة أن "رفع مستوى قيادة العملية الخاصة (في أوكرانيا) مرتبط بزيادة المهام التي يتعين إنجازها، والحاجة إلى تفاعل أوثق بين مكونات القوات المسلحة". 

وأفادت أن الجنرالات سيرغي سوروفيكين وأوليغ ساليوكوف وأليكسي كيم سيتولون مساعدة غيراسيموف. 

وقال بيان لوزارة الدفاع إن التعديل يهدف إلى تحسين الاتصالات بين مختلف أفرع الجيش و"جودة وفعالية" هيكل القيادة.

وفي أكتوبر من العام الماضي، عينت روسيا سيرغي سوروفيكين المعروف بصرامته، قائداً للقوات في أوكرانيا لإصلاح وضع الجيش الروسي الذي تكبد انتكاسات مقابل هجمات القوات الأوكرانية في منطقتي خاركيف (شمال شرق) وخيرسون (جنوب).

ونظم سيرغي سوروفيكين انسحاب القوات الروسية من مدينة خيرسون في مطلع نوفمبر الذي شكل نكسة كبيرة للكرملين. 

ومنذ ذلك الحين، تشهد الجبهة استقرارا بشكل عام، باستثناء مدينة باخموت، في منطقة دونيتسك (شرق)، التي يحاول الجيش الروسي ومجموعة "فاغنر" شبه العسكرية الاستيلاء عليها منذ أشهر، وفقا لـ"فرانس برس".

صراع أجنحة؟

جاءت عملية الاستبدال وسط مزاعم روسية بالسيطرة على بلدة سوليدار الصغيرة في شرق أوكرانيا التي تعد بوابة لمدينة باخموت التي تشهد قتالا عنيفا، وفقا لتقرير لصحيفة "واشنطن بوست".

ومع تفاخر موسكو بـ"مكاسب إقليمية نادرة"، تم استبدال الجنرال الملقب بـ"هرمجدون" والمعروف بتكتيكاته الوحشية في سوريا، حسب الصحيفة.

ولم يجعل التحرك غيراسيموف مسؤولا مباشرا فحسب عن مصير الحملة، ولكنه قلل أيضا في الواقع من رتبة الجنرال سيرغي سوروفيكين الذي تلقبه وسائل الإعلام الروسية "بالجنرال هرمجدون" بسبب شهرته بانعدام الرحمة، وفقا لـ"رويترز"

وجاءت عملية الاستبدال وسط مؤشرات على الخلاف بين كبار رجال بوتين، وهو تغيير قال منتقدون إنه لن يعالج ما يزعج الجيش الروسي، وفقا لتقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

وقال محللون خارجيون ومدونو حرب روس متشددون إن "التغيير بعيد كل البعد عن الإصلاح الجذري الذي تحتاجه القوات المسلحة الروسية لتصبح أكثر فعالية"، حسب "نيويورك تايمز".

فشل عسكري متزايد

حسب ما ذكره محللون فإن "التغيير أظهر أن بوتين لا يزال يركز على إبراز الاستقرار والحفاظ على توازن القوى بين الحلفاء الرئيسيين، بدلاً من تصحيح العيوب الأساسية للجيش"، وفقا لـ"نيويورك تايمز".

قالت دارا ماسيكوت ، كبيرة باحثي السياسات في مؤسسة RAND في واشنطن: "ما يحدث في موسكو، هو بعيد كل البعد عن ما يحدث على الأرض في أوكرانيا."

وتباطأت الانتكاسات الروسية تحت قيادة الجنرال سوروفيكين لكنها "لم تتوقف".

وحققت القوات الأوكرانية  المسلحة بأسلحة غربية متطورة، المزيد من المكاسب في مقاطعة خيرسون ومنطقة دونباس في الشرق، وضربت بشكل متكرر أهدافًا بعيدة وراء الخطوط الأمامية. 

وكلفت الحملة روسية التي استمرت شهورا للاستيلاء على مدينة باخموت الصغيرة في دونباس الكثير من الأرواح لكنها لم تحرز "الكثير على الأرض".

وفشلت الجهود المتضافرة في تدمير أنظمة الطاقة الأوكرانية في قصف البلاد وإخضاعها ، بينما تركت روسيا تفتقر إلى الذخائر الدقيقة. 

وبعد أن أمر بوتين بتجنيد 300 ألف جندي إضافي ، أفاد المجندون الجدد بأنهم ألقيوا بالقتال بأدنى حد من التدريب والمعدات غير الكافية، وقُتل بعضهم بعد أيام فقط من ارتداء الزي العسكري، حسب "نيويورك تايمز".

وجاء الفشل الأكبر يوم رأس السنة الجديدة، عندما قصفت المدفعية الأوكرانية مجمعا يضم جنودا روس جدد في مدينة ماكييفكا في دونباس، وأقرت وزارة الدفاع بمقتل 89 ، لكن أوكرانيا أعلنت سقوط مئات الضحايا.

وغيرت روسيا القادة مرارا وتكرارا حيث فشلت الحرب في تحقيق أهداف بوتين، بدءا من الجهود الفاشلة للسيطرة على كييف في الربيع الماضي، والهزائم في الخريف في منطقة خاركيف في الشمال الشرقي ومدينة خيرسون في الجنوب، وفقا لـ"واشنطن بوست".

ويرى بعض المحللين أن هذه الخطوة ستضع ضغطا شديدا على جيراسيموف لتحقيق النجاحات، ربما في عمليات هجومية متجددة في الربيع، حسب "واشنطن بوست".

نفوذ متصاعد لـ"الفاغنر"

تعد مجموعة فاغنر واحدة من مجموعات شبه مستقلة من القوات الروسية أدت فعاليتها في ساحة المعركة لإظهار عدم كفاءة الجيش الروسي في حملة توقع الكرملين أن تنتهي خلال أيام، وفقا لـ"رويترز".

تأتي التغييرات الأخيرة في القيادة العسكرية الروسية في أعقاب التوترات المتزايدة بين مجموعة الفاغنر والتي تقود الهجوم في باخموت، والقادة العسكريين النظاميين المسؤولين عن الحرب الروسية، حسب "واشنطن بوست".

ويأتي التعديل وسط صراع علني متزايد بين مؤسس مجموعة "فاغنر"، يفغيني بريغوجين، والمؤسسة العسكرية الروسية، وفقا لتقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وخلق النقد الموجه للقادة العسكريين الروس فرصة لقائد الفاغنر ومجموعته لتصوير أنفسهم على أنهم "لا غنى عنهم في المجهود الحربي"، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

وقال كاتب الخطابات السابق لبوتين، عباس جالياموف، إن بريغوجين كان يسعى ليحل محل وزير الدفاع، سيرجي شويغو ، المقرب من بوتين منذ فترة طويلة.

واستكمل بريغوجين صفوف القتال المدمرة في روسيا بعشرات الآلاف من نزلاء السجون المجندين لقوات المرتزقة ، وحصل على ميداليات، وزار المقابر العسكرية، ووفقا لمقاطع الفيديو المتكررة التي نشرها، ظهر بشكل غير متوقع في أصعب أقسام خط المواجهة.

وفي أواخر ديسمبر، نشر مقاتلو فاغنر مقطع فيديو مليئا بالكلمات النابية الموجههة إلى القيادة العليا للجيش الروسي، متهمين إياها بحجب الذخيرة والتسبب في مقتل رفاقهم. 

رد بريغوجين على الفيديو بقوله "عندما تكون جالسا في مكتب دافئ، يصعب سماع مشاكل الخطوط الأمامية" ، في إشارة واضحة إلى الجنرالات، حسب "نيويورك تايمز".

والثلاثاء، انتقد بريغوجين وزارة الدفاع  الروسية، متفاخرا بأن خبرته القتالية كانت "من نواح كثيرة أفضل بكثير من أولئك الذين كانوا في خدمة وزارة الدفاع منذ عقود"، حسب "واشنطن بوست".

والأربعاء، أكد قائد مجموعة "فاغنر" أن وحداته "حصراً" شنت الهجوم على سوليدار وسيطرت عليها "بالكامل".

وادعى أن جيشه الخاص غير النظامي المكون في الغالب من المدانين السابقين، قد استولى على سوليدار.

وتتعارض تصريحاته مع بيان لاحق لوزارة الدفاع الروسية، الأربعاء، قالت فيه إن "وحدات هجومية تقاتل في المدينة"، مشيرة إلى أن "وحدات مجوقلة عطلت الوصول إلى الأجزاء الشمالية والجنوبية" من سوليدار. 

وأضافت أن "القوات الجوية الروسية تضرب معاقل العدو".

وبدت موسكو حذرة بشأن الوضع على الأرض، وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، "دعونا لا نتسرع، لننتظر الإعلانات الرسمية"، مضيفا أن هناك "ديناميكية إيجابية في تقدم" القوات الروسية.

تسعى فاغنر ، التي نمت لتصبح قوة قوامها حوالي 50 ألف رجل بعد تجنيد السجناء في جميع أنحاء نظام السجون الروسي ، لتصوير نفسها على أنها الوحدة الروسية الوحيدة القادرة على شن عمليات هجومية، وفقا لـ"وول ستريت جورنال".

حولت فاغنر نفسها خلال الأشهر الـ 11 الماضية من قوة نخبة صغيرة نسبيًا أرسلت المرتزقة إلى سوريا وأفريقيا إلى تشكيل متعدد المستويات بحجم فيلق، حسب "وول ستريت جورنال".

ولذلك فإن سوليدار "معركة نفوذ" بين بريغوجين وأعدائه في وزارة الدفاع، والتي تزداد حدتها مع استمرار قائد "الفاغنر"، في السخرية مما يسميه التسلسل العسكري الفاسد وغير الكفوء، وفقا لتقرير لشبكة "سي إن إن" الإخبارية.

أين يقف بوتين؟

مع اندلاع الصراع على السلطة بين بريغوجين ومؤسسة الدفاع الروسية، وقف بوتين حتى الآن إلى جانب وزير دفاعه، سيرغي شويغو، والجنرال جيراسيموف، رئيس الأركان العامة للدفاع، حسب "وول ستريت جورنال".

وقامت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، بترقية العقيد ألكسندر لابين ، الذي طالب بريغوجين والزعيم الشيشاني، رمضان قديروف، بمعاقبته على الهزائم الروسية في خاركيف ، ليصبح رئيسا لأركان القوات البرية الروسية.

سيكون الجنرال سوروفيكين، قائد القوات الجوية الروسية ، الآن أحد نواب الجنرال جيراسيموف الثلاثة للحرب في أوكرانيا ، إلى جانب قائد القوات البرية، الجنرال أوليغ ساليوكوف ، ونائب رئيس الأركان العامة، العقيد، جن أليكسي كيم. 

زيلينسكي اجتمع بمسؤولين أميركيين بينهم نائب الرئيس جي دي فانس
زيلينسكي اجتمع بمسؤولين أميركيين بينهم نائب الرئيس جي دي فانس

سيجري فريق من كبار المسؤولين من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب محادثات في السعودية مع مفاوضين روس وأوكرانيين بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا، بحسب ما أعلن مسؤولون أميركيون السبت.

وقال المسؤولون إن وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز والمبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف سيتوجهون إلى السعودية لحضور الاجتماع.

يأتي ذلك بعد أيام فقط من إعلان ترامب أنه تحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن لأول مرة منذ عودته إلى منصبه، وأنهما اتفقا على بدء محادثات بشأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا.

ولم يقدم المسؤولون مزيدا من التفاصيل بشأن موعد عقد الاجتماع أو موعد سفر المسؤولين.

لكن من المقرر أن يزور روبيو السعودية في إطار جولته الأولى في الشرق الأوسط والتي بدأت مع وصوله إلى إسرائيل مساء السبت.

وأجرى روبيو في وقت سابق السبت مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أكد خلالها "التزام الرئيس ترامب إيجاد حل للنزاع في أوكرانيا"، بحسب وزارة الخارجية.

وعمل ستيف ويتكوف على إبرام اتفاق تبادل لسجين أميركي بآخر روسي في وقت سابق من هذا الأسبوع، ما مهد الطريق للمكالمة بين ترامب وبوتين. وسافر ويتكوف إلى موسكو لمرافقة السجين الأميركي مارك فوغل.

وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي أعلن فيه عن المكالمة مع بوتين في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال ترامب إنه كلف روبيو ووالتز وويتكوف ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) جون راتكليف بالعمل فورا على التوصل إلى اتفاق مع روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

لكن كييف والحلفاء الأوروبيين فوجئوا بالخطوة التي اتخذها ترامب بشأن بدء المفاوضات مع روسيا.

ويخشى كلا الطرفين من إبعادهما عن المفاوضات بشأن مستقبل أوكرانيا بعد أوسع غزو بري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إنه سيكون أمرا "خطيرا" إذا التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين قبل اجتماعه معه.

جاء ذلك خلال كلمة زيلينسكي في مؤتمر ميونيخ للأمن والتي أكد فيها رغبة كييف في تحقيق السلام مع روسيا هذا العام.

وأوضح زيلينسكي أن كييف لن تقبل أبدا أي اتفاقيات سلام يجري التوصل إليها دون علمها أو مشاركتها، في رسالة ضمنية إلى ترامب.

نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس أكد بدوره الجمعة أن واشنطن تريد تأمين سلام دائم في أوكرانيا، أثناء اجتماعه الأول في ميونيخ مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الذي حذر من أن فرصة بلاده للصمود بوجه الغزو الروسي ستكون "ضئيلة" بلا دعم أميركي.

وقال فانس في ختام اللقاء "نريد أن نحقق سلاما دائما ومتينا، وليس سلاما يدخل أوروبا الشرقية في نزاع بعد عامين فقط".