مركبات برادلي القتالية قادرة على التنقل بسرعة في ساحات المعارك. أرشيفية
روسيا تخشى وصول دبابات غربية لأوكرانيا

تسابق روسيا الزمن لتحقيق مكاسب على الأرض والتغلغل أكثر في باخموت الأوكرانية قبل وصول الدبابات التي تعهد بها الحلفاء الغربيون لكييف لمساعدتها على استعادة المزيد من الأراضي من القوات الروسية.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن روسيا جعلت باخموت هدفها المباشر الرئيسي وتقدمت نحوها بشكل أعمق، وفقا لجنود أوكرانيين.

ويقول القادة الأوكرانيون إن التقدم الروسي كان تدريجيا وأسفر عن خسائر فادحة. 

ويشير تقرير الصحيفة إلى أن أوكرانيا تجد نفسها أمام التقدم الروسي أمام خيارين: إما مواصلة قتال الشوارع الدموي أو الانسحاب للحفاظ على القوات.

واكتسبت باخموت أهمية رمزية في الأشهر الأخيرة، حيث تسعى روسيا إلى توسيع قبضتها على منطقة دونباس الشرقية. وأرسلت آلاف المقاتلين من مجموعة فاغنر شبه العسكرية، في محاولة لاستعادة المدينة. 

وعن السر في تحول المدينة إلى هدف رئيسي لموسكو، تقول الصحيفة إن روسيا تسعى لتحقيق مكاسب على أرض المعركة قبل وصول الدبابات التي تعهد بها حلفاء كييف الغربيون والتي تهدف إلى مساعدة القوات الأوكرانية على اختراق الخطوط الروسية.

ووعد حلفاء الولايات المتحدة وأوروبا بنقل عشرات العربات المدرعة إلى أوكرانيا بما في ذلك دبابات قتال رئيسية أقوى من العربات الروسية. ويتوقع أن تصل الدبابات الأوروبية إلى أوكرانيا في وقت قريب، لكن الدبابات الأميركية القوية التي سيكون لها اثر كبير في حسم المعركة قد لا تدخل المعركة قبل أغسطس المقبل.

ويعول الأوكرانيون على هذه المساعدة، وتنقل الصحيفة عن الملازم الأوكراني أولكسندر ماتفيينكو، قائد وحدة تشغل طائرات استطلاع بدون طيار في باخموت، إن القوات الأوكرانية يمكن أن تصمد في باخموت طالما ظلت خطوط إمداداتها من الغرب مستمرة.

وقال قائد وحدة مدفعية أوكرانية متمركزة على تل يطل على المدينة إنه اضطر لاستبدال فوهة المدفع الذي يعود إلى الحقبة السوفيتية الذي يستخدمه بعد إطلاق 1500 قذيفة باتجاه مواقع روسية في الشهر الماضي. وقال إنه إذا تقدموا أكثر في باخموت، فإن "الروس سوف يطحنونا مثل الجبن".

واستولت روسيا في الأسابيع الأخيرة على كليشييفكا إلى الجنوب وسوليدار إلى الشمال، وتحاول تطويق باخموت من ثلاثة اتجاهات. وتتعرض المدينة يوميا للقصف بالصواريخ والمدفعية وقذائف الهاون.

وتقول الصحيفة إن وسط المدينة تحول إلى أشباح، بينما كتابات على المباني تقول "باخموت هي أوكرانيا" و "الخنازير الروسية ستموت!".

ويسارع حلفاء كييف إلى تجميع دبابات ليوبارد 2 من كتيبتين من مجموعة من الدول الأوروبية بعد أن التزمت ألمانيا والولايات المتحدة بتوفير دباباتهما الخاصة. ومن المتوقع أن تصل الكتيبة الأولى إلى أوكرانيا في غضون ثلاثة أشهر.

وقالت بولندا، الجمعة، إنها سترسل بالإضافة إلى 14 دبابة ليوبارد-2 ألمانية الصنع، نحو 60 دبابة منها 30 طراز "بي تي-91".

كما تعهدت الولايات المتحدة ب 31 دبابة من طراز M1 Abrams، لكن وصولها إلى أوكرانيا سيستغرق وقتا أطول بكثير لأنه يتم شراؤها من خلال صناعة الدفاع بدلا من سحبها من مخزونات الجيش الأميركي.

وأعلنت الحكومة البلجيكية، الجمعة، رصد تمويل جديد لأوكرانيا للمساعدات المدنية وتزويدها صواريخ ومدافع رشاشة وذخيرة ومركبات مدرعة، غير أنها لن تتمكن من تزويد كييف بدبابات.

فيما كانت الحكومة البريطانية أعلنت الخميس أن دبابات تشالنجر-2 التي تعهدت تزويد كييف بها للتصدي للغزو الروسي يفترض أن تصل إلى أوكرانيا في نهاية مارس المقبل.

وحث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الدول الغربية على تسريع تسليم الدبابات وتدريب القوات الأوكرانية لاستخدامها في الوقت الذي تستعيد فيه روسيا المبادرة.

من جانبيهم، يقول المسؤولون الروس إن الدبابات لن تغير شيئا في ساحة المعركة وستؤدي بالمقابل إلى تصعيد الحرب،واعتبر الكرملين، الخميس، أن قرار الدول الغربية إرسال دبابات لكييف يجعلها طرفا في النزاع. لكن وزارة الدفاع البريطانية أكدت أن الدبابات ستمكن أوكرانيا من تدمير دبابات العدو ، وتوفر حماية أكبر وتدعم العمليات المشتركة، وفق ما ينقل التقرير.

ويكيبيديا
النسخة الروسية من ويكيبيديا أصبحت محل بجدل بسبب نشرها لدعاية الكرملين

منذ نشأتها في عام 2001، عايشت موسوعة "ويكيبيديا" سلسلة من القضايا الجدلية حول تفاصيل ثقافية وتاريخية متنوعة، قبل أن تتجه نحو مواضيع أكثر حساسية وخطورة، مثل الانتخابات، الاحتجاجات، والحروب.      

ومن أبرز الأمثلة الحديثة، الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تحولت ويكيبيديا إلى ساحة معركة للروايات المتنافسة والمتغيرة باستمرار، وفق تقرير جديد لمجلة "فورين بوليسي" بعنوان "كيف غزت روسيا ويكيبيديا". 

تُعتبر النسخة الروسية من ويكيبيديا واحدة من أكبر ستة مواقع ويكيبيديا في العالم، وكانت حتى وقت قريب مصدرا رئيسيا للمعلومات في روسيا.

ولكن، خلال العقدين الماضيين، أصبحت تلك النسخة محاطة بالجدل بسبب تورطها في نشر الدعاية الموجهة من قبل الكرملين الذي استغل المنصة للترويج لرواياته السياسية.

تعتمد العديد من المقالات في النسخة الروسية من ويكيبيديا على المصادر الحكومية ويتم تحريرها بواسطة محررين روس يتبنون الروايات الرسمية للكرملين، وفق المجلة. 

وتشير "فورين بوليسي" إلى أن هذا التحيز برز بشكل واضح في تغطية النسخة الروسية للحرب على أوكرانيا.

على سبيل المثال، بينما تؤكد النسخة الإنكليزية من ويكيبيديا على الطبيعة غير القانونية لضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، تشير المقالات الروسية إلى هذا الحدث بشكلٍ يبرّر التدخل الروسي.

كما تقلل النسخة الروسية من دور الجيش الروسي في الصراع وتصور منطقة دونيتسك كجمهورية منفصلة عن أوكرانيا.

في قضية أخرى مثيرة للجدل، تتباين النسختان الإنكليزية والروسية حول حادثة إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية MH17 عام 2014، فبينما تُقر النسخة الإنكليزية بأن الطائرة أُسقطت بواسطة صاروخ أطلقه الجيش الروسي، تُشير النسخة الروسية إلى الحادثة بأنها "كارثة" دون الإشارة إلى المسؤولية الروسية، مما يعكس التأثير الكبير للروايات الحكومية الروسية على المحتوى، وفق تعبير المجلة.

وكانت رحلة الخطوط الجوية الماليزية "إم إتش17" في طريقها من أمستردام إلى كوالالمبور عندما كانت تحلق يوم 17 يوليو 2014 فوق المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون شرق أوكرانيا، حيث تعرضت لصاروخ أرض جو روسي الصنع انطلق من قاعدة عسكرية روسية يديرها المتمردون المدعومون من موسكو، وفق فريق تحقيق دولي.

تحديات قانونية

واجهت مؤسسة "ويكيميديا"، التي تدير ويكيبيديا، تحديات قانونية في روسيا، حيث تم تغريمها عدة مرات بسبب المحتوى المتعلق بالحرب على أوكرانيا.

وتشير تقارير إلى أن مجموعات من الحسابات المنسقة، تُعرف بـ"حسابات دمى الجوارب" (Sock puppet) قامت بتنسيق جهود لتحرير الصفحات المتعلقة بالعلاقات الروسية الأوكرانية لصالح الرواية الرسمية الروسية.

هذه المجموعات تعمل على تقويض المصادر الأوكرانية والغربية، وتدعم بدلاً من ذلك الروايات المدعومة من وسائل الإعلام الحكومية الروسية.

وفي خطوة أخرى لتعزيز السيطرة على الفضاء الرقمي، أطلقت روسيا في وقت سابق هذا العام منصة بديلة لويكيبيديا تُسمى "روويكي" (Ruwiki)، بقيادة فلاديمير ميدييكو، المدير السابق لمؤسسة ويكيميديا الروسية.

بدأت هذه المنصة كنسخة طبق الأصل من النسخة الروسية من ويكيبيديا، مستفيدة من طبيعة اتفاقية المصادر المفتوحة لويكيبيديا.

تحتوي "روويكي" الآن على ما يصل إلى مليوني مقال باللغة الروسية، بالإضافة إلى 12 لغة إقليمية أخرى تُستخدم في روسيا، وهي تعمل خارج نطاق سيطرة مؤسسة ويكيميديا.

منصة بديلة

تختلف "روويكي" عن نموذج ويكيبيديا الأصلي الذي يسمح لأي مستخدم بإنشاء وتحرير المقالات، حيث يخضع  المحتوى المضاف لمراجعة مجموعة ضيقة من الخبراء المعتمدين من قبل الحكومة.

هذه الآلية تسمح للحكومة الروسية بفرض رقابة صارمة على المحتوى المقدم وضمان توافقه مع الروايات الرسمية، خصوصا في القضايا المعقدة مثل الغزو الروسي لأوكرانيا.

أدى إنشاء "روويكي" إلى خلق نسخة رقمية منعزلة تعكس رؤية الكرملين للأحداث. ففي هذه النسخة، يتم إنكار أحداث تاريخية كبرى مثل مجاعة "هولودومور" التي أودت بحياة ملايين الأوكرانيين في عهد الرئيس السوفييتي جوزيف ستالين، ويتم الترويج لفكرة أن حلف "الناتو" هو المسؤول عن استفزاز روسيا لشن غزوها لأوكرانيا.

وهذه المحاولات لعزل الفضاء الرقمي الروسي عن بقية العالم تندرج ضمن مفهوم "تجزئة الإنترنت" أو "السبلينترنت"، وفق "فورين بوليسي" وهي ظاهرة تتجسد في قيام الدول بتقييد وصول مواطنيها إلى الإنترنت العالمي وتوجيههم نحو منصات رقمية محلية تخضع لرقابة الدولة، مما يحد من حريتهم في الوصول إلى معلومات غير محكومة بالروايات الرسمية.