رغم الصدى الواسع الذي صاحب إعلان الدول الغربية بدعم أوكرانيا بالدبابات القتالية الثقيلة، فإن هذه الأسلحة المتقدمة لن تكون "الرصاصة الفضية" التي تسمح لكييف بالانتصار في الحرب، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
وبدلا من ذلك، ستحاول القوات العسكرية الأميركية إعادة تشكيل جيش وفقا لتصورها الخاص لمنح أوكرانيا أفضل فرصة لاختراق الدفاعات الروسية المحصنة، بحسب الصحيفة.
ويرى التقرير أن الولايات المتحدة وبقية الحلفاء لن يضطروا إلى توفير الدبابات والمدرعات والذخائر المتطورة فقط، بل إلى توسيع برنامج التدريب المخصص للجيش الأوكراني بحيث تتمكن من استخدام هذه المعدات الحديثة في ساحة المعركة.
والأربعاء، وافقت واشنطن على إرسال دبابات ثقيلة من نوع "أبرامز" إلى أوكرانيا. وجاء ذلك متزامنا مع إعلان ألمانيا تزويد كييف بدبابات "ليوبارد 2" الثقيلة.
وقال مسؤول أميركي تحدث لصحيفة "نيويورك تايمز" شريطة عدم الكشف عن هويته، إن توفير الولايات المتحدة للدبابات "سيحفز الألمان ويليهم البولنديون" لإظهار وحدة الناتو.
وتعهدت بولندا وفنلندا بإرسال بعض الدبابات بمجرد موافقة برلين. أما بريطانيا فقد عرضت مجموعة من 14 دبابة تشالنجر المناظرة لها، كما تدرس فرنسا إمكانية إرسال دبابات لوكلير.
وقالت إسبانيا وهولندا إن بإمكانهما إرسال دبابات "ليوبارد" أيضا، وأفادت تقارير بأن النرويج تدرس الأمر كذلك.
وتعتبر القرارات المتعلقة بالمساعدات العسكرية الجديدة لأوكرانيا بمثابة توازن دقيق للبيت الأبيض وحلف الناتو، إذ تود واشنطن وحلفاؤها تزويد كييف بقدرات جديدة قادرة على كسر الجمود في ساحة المعركة، إلا أنهم أيضا لا يريدون استفزاز الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مما قد يصعد القتال إلى حرب أوسع.
ونما الدعم ببطء ليشمل مدافع "هاوتزر" وأنظمة المدفعية الصاروخية "هيمارس" ثم الدفاعات الجوية "باتريوت". ومؤخرا، المركبات القتالية المدرعة، بما في ذلك "سترايكر" المستخدمة من قبل الجيش الأميركي قبل الإعلان عن الدبابات الثقيلة.
نتيجة لذلك، أدى توفير الدبابات الغربية إلى إحداث قدر كبير من الضغط، ولكن حتى الآن تم ردع موسكو عن توسيع الحرب ويمثل إنشاء وحدات أوكرانية أحدث وأقوى أفضل فرصة لتجنب الجمود في الصراع.
في حديث أمام مجلس الشيوخ، الخميس، قالت المسؤولة البارزة في وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند: "نريد أن نمنحهم أفضل وضع ممكن سواء انتهت الحرب على الأرض أو بالدبلوماسية أو بأي توليفة أخرى، فإنهم يجلسون على خريطة أكثر فائدة لمستقبلهم على المدى الطويل وأن يشعر بوتين بالفشل الاستراتيجي".
على الرغم من أن الدبابات كانت محور الاهتمام، إلا أن المحللين العسكريين يقولون إن جزءا مهما من التبرعات الغربية الأخيرة قد يكون 109 مركبات "برادلي" القتالية التي سترسلها الولايات المتحدة والأعداد الكبيرة من المدفعية التي منحها الحلفاء الأوروبيون.
ومن المحتمل أن يتم دمج هذه المعدات مع دبابات "ليوبارد 2" الألمانية للمساعدة في إنشاء وحدات مدرعة أوكرانية جديدة.
وقال مدير الدراسات الروسية في معهد أبحاث "سي أن إيه" في أرلينغتون بولاية فيرجينيا الأميركية، مايكل كوفمان، إن "أهم أجزاء الحزمة هي المركبات القتالية المدرعة والمدفعية والذخائر الموجهة بدقة".
وتابع: "الأعداد الصغيرة من الدبابات الموعودة (لأوكرانيا) هي الجزء الأقل أهمية من هذه (الحزمة)".
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أعلنت واشنطن تقديم حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا، بما في ذلك مركبات قتالية خفيفة من نوع "برادلي" فضلا عن 90 ناقلة جند مصفحة من طراز سترايكر "ستوفر لأوكرانيا لواءين مدرعين"، حسبما قال البنتاغون في بيان.
لضمان قدرة الجيش الأوكراني على إجراء مثل هذه المناورات، سيتطلب زيادة التدريب الأميركي والأوروبي للقوات الأوكرانية التي أثبتت نفسها مرارا وتكرارا على أنها قادرة تقنيا على تعلّم كيفية استخدام المعدات الجديدة.
وقال الأستاذ في جامعة كولومبيا، ستيفن بيدل، للصحيفة الأميركية: "الأوكرانيون لديهم مجموعة عسكرية محترفة تقاتل الروس لسنوات وتلقوا تدريبات غربية حتى عام 2022". وأضاف: "إنهم لا يبدؤون من الصفر".
وعندما تصل الحزمة الكاملة من المعدات الغربية، يمكن أن تنشئ أوكرانيا ما يصل إلى ثلاثة ألوية إضافية.
من جانبها، قالت أندريا كيندال تيلور، مسؤولة المخابرات الأميركية السابقة التي تعمل الآن مع مركز الأمن الأميركي الجديد، لنيويورك تايمز إن الدبابات الثقيلة ترسل إشارة لروسيا وأوكرانيا بشأن استمرار الدعم العسكري.
وأضافت "بالنسبة لروسيا، تظهر الدبابات أن تدفق الأسلحة من الغرب يتزايد ولا يتضاءل. وبالنسبة لأوكرانيا فإن ذلك يمثل زيادة كبيرة في المعنويات".
وقالت: "إنه تصويت على الثقة في أن الناس ما زالوا يستثمرون في استعادة أوكرانيا لأراضيها بدلا من دفع أوكرانيا للتفاوض".