الحصيلة من المرجح أن تستمر في الارتفاع مع استعداد الكرملين لهجوم جديد
الحصيلة من المرجح أن تستمر في الارتفاع مع استعداد الكرملين لهجوم جديد

بلغت حصيلة خسائر روسيا البشرية في حربها على أوكرانيا ما يقرب من 200 ألف جندي وفقا لتقديرات، نقلها تقرير لصحيفة وال ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين.

ويقول تقرير وول ستريت جورنال إن هذه الحصيلة من المرجح أن تستمر في الارتفاع مع استعداد الكرملين لهجوم جديد في الأسابيع المقبلة.

ونقل التقرير عن مسؤول دفاعي أميركي إن الجيش الأميركي يقدر عدد الجرحى والقتلى بنحو 180 ألفا، على الرغم من أن المسؤولين أكدوا أن هذه الأرقام ليست دقيقة.

وتتطابق هذه الحصيلة مع تقديرات وزير الدفاع النرويجي الجنرال إيريك كريستوفرسن الذي قال الأسبوع الماضي إن عدد الجنود الروس الذين قتلوا أو أصيبوا يقترب من 180 ألفا.

وقدر كريستوفرسن أن 100 ألف جندي أوكراني قتلوا أو جرحوا، بما يتماشى مع تقدير وضعه مسؤولو البنتاغون في نوفمبر الماضي.

ويأتي الكشف عن هذه الحصيلة في وقت تشن فيه قوات موسكو هجوما في الشرق في محاولة لاستغلال الأفضلية في ساحة المعركة قبل أن تبدأ الدبابات التي تعهد حلفاء كييف بالوصول إلى أوكرانيا.

ولم يرد الكرملين ووزارة الدفاع على الفور على طلب صحيفة وال ستريت للتعليق على تقييمات الضحايا الغربية.

وفي سبتمبر الماضي، قال وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، إن 5937 عسكريا روسيا قتلوا في الصراع في أوكرانيا.

وكانت هذه هي المرة الثانية فقط التي تنشر فيها السلطات الروسية أي إحصاء رسمي للضحايا. لكن لم يتم تحديث هذا الرقم منذ ذلك الحين.

يحظر قانون في روسيا نشر أي بيانات عن الوفيات العسكرية لم يتم نشرها رسميا من قبل المسؤولين الروس، بما في ذلك سرد أسماء الجنود القتلى. وبالتالي تعتبر سرا من أسرار الدولة.

واستخدم التشريع في يونيو الماضي لإجبار موقع إلكتروني في مدينة بسكوف بغرب روسيا على إزالة قائمة نشرها لتكريم الجنود الذين قتلوا في أوكرانيا. 

ووفر حشد الرئيس فلاديمير بوتين لنحو 300 ألف من جنود الاحتياط في الخريف الماضي للجيش الروسي إمدادات جديدة من المقاتلين الذين ساعدوا في سد الثغرات على طول خط الجبهة وإبطاء تقدم أوكرانيا.

في ديسمبر الماضي، وافق زعيم الكرملين على زيادة عدد أفراد الخدمة الروسية من حوالي مليون إلى 1.5 مليون.  

ويسعى بوتين إلى حشد الروس من خلال تصوير حملة موسكو في أوكرانيا على أنها معركة وجودية ضد الغرب.

ومنذ بدأت قواته غزو أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، لا ينفك بوتين ينعت السلطات في كييف بـ"النازيين الجدد" الذي يرتكبون "إبادة" ضد السكان الناطقين بالروسية في شرق البلاد.

وفي أعقاب سلسلة من النكسات الميدانية المهينة في الخريف، حشدت القوات الروسية مئات الآلاف من جنود الاحتياط وصعدت من وتيرة هجماتها البرية، ولا سيما في شرق أوكرانيا.

وتلقى الجيش الروسي تعزيزات في الأشهر الأخيرة من المئات من عناصر الاحتياط المدنيين إضافة إلى مدانين، لمحاولة السيطرة على سائر أراضي منطقة دونباس الأوكرانية.

ويكيبيديا
النسخة الروسية من ويكيبيديا أصبحت محل بجدل بسبب نشرها لدعاية الكرملين

منذ نشأتها في عام 2001، عايشت موسوعة "ويكيبيديا" سلسلة من القضايا الجدلية حول تفاصيل ثقافية وتاريخية متنوعة، قبل أن تتجه نحو مواضيع أكثر حساسية وخطورة، مثل الانتخابات، الاحتجاجات، والحروب.      

ومن أبرز الأمثلة الحديثة، الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تحولت ويكيبيديا إلى ساحة معركة للروايات المتنافسة والمتغيرة باستمرار، وفق تقرير جديد لمجلة "فورين بوليسي" بعنوان "كيف غزت روسيا ويكيبيديا". 

تُعتبر النسخة الروسية من ويكيبيديا واحدة من أكبر ستة مواقع ويكيبيديا في العالم، وكانت حتى وقت قريب مصدرا رئيسيا للمعلومات في روسيا.

ولكن، خلال العقدين الماضيين، أصبحت تلك النسخة محاطة بالجدل بسبب تورطها في نشر الدعاية الموجهة من قبل الكرملين الذي استغل المنصة للترويج لرواياته السياسية.

تعتمد العديد من المقالات في النسخة الروسية من ويكيبيديا على المصادر الحكومية ويتم تحريرها بواسطة محررين روس يتبنون الروايات الرسمية للكرملين، وفق المجلة. 

وتشير "فورين بوليسي" إلى أن هذا التحيز برز بشكل واضح في تغطية النسخة الروسية للحرب على أوكرانيا.

على سبيل المثال، بينما تؤكد النسخة الإنكليزية من ويكيبيديا على الطبيعة غير القانونية لضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، تشير المقالات الروسية إلى هذا الحدث بشكلٍ يبرّر التدخل الروسي.

كما تقلل النسخة الروسية من دور الجيش الروسي في الصراع وتصور منطقة دونيتسك كجمهورية منفصلة عن أوكرانيا.

في قضية أخرى مثيرة للجدل، تتباين النسختان الإنكليزية والروسية حول حادثة إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية MH17 عام 2014، فبينما تُقر النسخة الإنكليزية بأن الطائرة أُسقطت بواسطة صاروخ أطلقه الجيش الروسي، تُشير النسخة الروسية إلى الحادثة بأنها "كارثة" دون الإشارة إلى المسؤولية الروسية، مما يعكس التأثير الكبير للروايات الحكومية الروسية على المحتوى، وفق تعبير المجلة.

وكانت رحلة الخطوط الجوية الماليزية "إم إتش17" في طريقها من أمستردام إلى كوالالمبور عندما كانت تحلق يوم 17 يوليو 2014 فوق المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون شرق أوكرانيا، حيث تعرضت لصاروخ أرض جو روسي الصنع انطلق من قاعدة عسكرية روسية يديرها المتمردون المدعومون من موسكو، وفق فريق تحقيق دولي.

تحديات قانونية

واجهت مؤسسة "ويكيميديا"، التي تدير ويكيبيديا، تحديات قانونية في روسيا، حيث تم تغريمها عدة مرات بسبب المحتوى المتعلق بالحرب على أوكرانيا.

وتشير تقارير إلى أن مجموعات من الحسابات المنسقة، تُعرف بـ"حسابات دمى الجوارب" (Sock puppet) قامت بتنسيق جهود لتحرير الصفحات المتعلقة بالعلاقات الروسية الأوكرانية لصالح الرواية الرسمية الروسية.

هذه المجموعات تعمل على تقويض المصادر الأوكرانية والغربية، وتدعم بدلاً من ذلك الروايات المدعومة من وسائل الإعلام الحكومية الروسية.

وفي خطوة أخرى لتعزيز السيطرة على الفضاء الرقمي، أطلقت روسيا في وقت سابق هذا العام منصة بديلة لويكيبيديا تُسمى "روويكي" (Ruwiki)، بقيادة فلاديمير ميدييكو، المدير السابق لمؤسسة ويكيميديا الروسية.

بدأت هذه المنصة كنسخة طبق الأصل من النسخة الروسية من ويكيبيديا، مستفيدة من طبيعة اتفاقية المصادر المفتوحة لويكيبيديا.

تحتوي "روويكي" الآن على ما يصل إلى مليوني مقال باللغة الروسية، بالإضافة إلى 12 لغة إقليمية أخرى تُستخدم في روسيا، وهي تعمل خارج نطاق سيطرة مؤسسة ويكيميديا.

منصة بديلة

تختلف "روويكي" عن نموذج ويكيبيديا الأصلي الذي يسمح لأي مستخدم بإنشاء وتحرير المقالات، حيث يخضع  المحتوى المضاف لمراجعة مجموعة ضيقة من الخبراء المعتمدين من قبل الحكومة.

هذه الآلية تسمح للحكومة الروسية بفرض رقابة صارمة على المحتوى المقدم وضمان توافقه مع الروايات الرسمية، خصوصا في القضايا المعقدة مثل الغزو الروسي لأوكرانيا.

أدى إنشاء "روويكي" إلى خلق نسخة رقمية منعزلة تعكس رؤية الكرملين للأحداث. ففي هذه النسخة، يتم إنكار أحداث تاريخية كبرى مثل مجاعة "هولودومور" التي أودت بحياة ملايين الأوكرانيين في عهد الرئيس السوفييتي جوزيف ستالين، ويتم الترويج لفكرة أن حلف "الناتو" هو المسؤول عن استفزاز روسيا لشن غزوها لأوكرانيا.

وهذه المحاولات لعزل الفضاء الرقمي الروسي عن بقية العالم تندرج ضمن مفهوم "تجزئة الإنترنت" أو "السبلينترنت"، وفق "فورين بوليسي" وهي ظاهرة تتجسد في قيام الدول بتقييد وصول مواطنيها إلى الإنترنت العالمي وتوجيههم نحو منصات رقمية محلية تخضع لرقابة الدولة، مما يحد من حريتهم في الوصول إلى معلومات غير محكومة بالروايات الرسمية.