شهدت الأحياء الشمالية لمدينة باخموت، الجبهة الساخنة في شرق أوكرانيا، "معارك ضارية" الأحد، في الوقت الذي تشدّد فيه كييف على ضرورة الحصول على طائرات مقاتلة من الغربيين في مواجهة الوضع العسكري الذي يزداد صعوبة.
وانتقد وزير الدفاع الأوكراني أوليكسيي ريزنيكوف "تردّد" الغربيين في تسليم مثل هذه الأجهزة إلى بلاده، الأمر الذي "سيكلّف المزيد من أرواح" الأوكرانيين.
في الوقت ذاته، أكد أنّ الأسلحة البعيدة المدى التي وعدت الدول الغربية بتسليمها إلى أوكرانيا لن تُستخدم لاستهداف الأراضي الروسية، بل المناطق المحتلة فقط. ويأتي ذلك فيما أعرب عدد من الدول الغربية عن قلق من مخاطر تصعيد القتال الذي بدأ قبل حوالى عام.
وتحاول القوات الروسية مدعومة من مرتزقة مجموعة فاغنر منذ الصيف السيطرة على المدينة الواقعة في شرق أوكرانيا، وقد سجّل فيها دمار هائل وخسائر عسكرية فادحة.
وحققت القوات الروسية مكاسب صغيرة ميدانياً في الأسابيع الأخيرة بعدما استولت على مدينة سوليدار في شمال البلاد، ومن ثم على بلدة بلاغوداتني مؤخراً.
وقال رئيس مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوجين الذي يحارب عناصره في الصفوف الأمامية على الجبهة، الأحد: "دارت معارك ضارية في الأحياء الشمالية (لباخموت)، للسيطرة على كل شارع وكل منزل وكل درج".
ونقل عنه مكتبه الإعلامي على تلغرام، قوله، إن "القوات المسلحة الأوكرانية لا تتراجع. إنها تقاتل حتى آخر رجل".
وردّاً على سؤال بشأن انسحاب محتمل من باخموت، أكد ريزنيكوف أنّها كانت دائماً "حصناً، رمزاً"، ولكنّه أشار إلى أنّ القرار يعود في نهاية الأمر إلى هيئة الأركان العامّة للجيش الأوكراني.
"الحياة قصيرة"
وشارك مراسلون من وكالة فرانس برس، الأحد، بقداس أقيم في قبو كنيسة في باخموت بحضور نحو عشرين شخصًا بينهم جنديان أوكرانيان.
وأنشدت ثلاث نساء ترانيم وسط دوي قذائف الهاون. وأُضيئت الغرفة بحوالي عشرين شمعة فقط ومصباح محمول استخدمه الكاهنان لقراءة آيات من الكتاب المقدس.
وقال سيرافيم تشيرنيشوف (20 عاماً) بعد خروجه من الكنيسة "صليت اليوم من أجل أن تكون أحوالي أفضل بعد موتي"، بينما كانت تُسمع أصوات إطلاق النار وقصف القذائف من المواقع الروسية وعليها.
وأضاف "سقط صاروخ في حديقة منزلي الليلة الماضية واستقرت رصاصة داخل المنزل، وكان من الممكن أن تصيبني. لذلك علينا أن نفهم أن الحياة قصيرة، يمكنني أن أموت الآن أو بعد 30 عامًا". وتابع "إذا قُتلت، فستكون مشيئة الله".
وأكد ليوبوف أفرامينكو (84 عاماً) من جهته أنه صلّى "من أجل الحرية". وقال "نجلس في قبو بلا ماء وبلا غاز وبلا كهرباء".
وقالت سفيتلانا بويكو (51 عامًا) "صليت من أجل بلدي، من أجل أوكرانيا، من أجل عائلتي. أنا واثقة من أن ما يحدث سينتهي قريبًا".
وأقرّ الرئيس فولوديمير زيلينسكي، مساء السبت، بأنّ الوضع "يتعقّد" على الجبهة وخصوصاً في باخموت التي تعهد في وقت سابق بعدم التخلي عنها، مؤكداً أن الجيش "سيدافع ما استطاع" عن هذه المدينة.
وأشار إلى أنّ الوضع صعب جدًّا أيضاً في فوغليدار حيث تشنّ القوات الروسية هجوماً، وفي ليمان (في الشرق) التي استعادتها القوات الأوكرانية بهجوم مضاد في 2022.
وأضاف "يحشد المحتلّ المزيد والمزيد من قوّاته لكسر دفاعنا".
أسلحة غربية
وأصيب خمسة أشخاص بجروح الأحد في خاركيف في شمال شرق أوكرانيا، جراء ضربتين روسيتين استهدفتا وسط ثاني أكبر مدن البلاد، وألحقتا أضراراً بمبانٍ سكنية وبمؤسسة للتعليم العالي، بحسب ما قال رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية في خاركيف أوليغ سينيغوبوف.
وقال وزير الدفاع الأوكراني إنه يتوقع هجوماً روسياً كبيراً في فبراير.
واعتبر أنه "لن يكون هناك وقت (كافٍ) لوصول كلّ الأسلحة الغربية قبل ذلك"، لكنّه أضاف "لدينا الموارد والاحتياطيات" للمقاومة.
وأشار إلى أنّ الروس نقلوا مراكز قيادتهم ومستودعات الذخيرة، بطريقة تجعل من الصعب على الضربات الأوكرانية كسر خطوط الإمداد الخاصة بهم.
ولمواجهة ذلك، تعهّد الأميركيون بتقديم صواريخ يمكن أن تضاعِف مدى النيران الأوكرانية.
وتعهّدت عدة دول غربية أخرى بتزويد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة بينها فرنسا وأيضاً ألمانيا بعدما تردّدت بشأن إرسال دبابات ليوبارد الألمانية الصنع.
وأرسلت كندا السبت أول دبابة من دبابات ليوبارد 2 الموعودة إلى أوكرانيا.
وفي السياق، أعلن ريزنيكوف أنّ التدريب على دبابات ليوبارد سيبدأ الاثنين.
كذلك، أشار إلى أنّ "عمليات تدقيق" داخلية تجري في وزارة الدفاع التي طالتها في الأسابيع الأخيرة فضيحة فساد مرتبطة بإمدادات الجيش.
وتعتبر شحنات الأسلحة الغربية حاسمة بالنسبة لكييف، في حين تثير حفيظة موسكو التي حذرت من تصعيد الصراع الذي بدأ في فبراير 2022.
ويبدأ الأحد تطبيق حظر أوروبي على المنتجات النفطية الروسية المصدرة بحراً إلى الخارج، فيما ندد الكرملين الجمعة بتدابير "سلبية" ستزعزع استقرار الأسواق بشكل أوسع.