الغرب يدرس إرسال مقاتلات لأوكرانيا
الغرب يدرس إرسال مقاتلات لأوكرانيا

دخل الموقف الغربي من الحرب في أوكرانيا مرحلة جديدة مع الحديث الدائر في أروقة الساسة في أوروبا، والولايات المتحدة، عن مسألة إرسال طائرات مقاتلة إلى هناك، لكن هذه الخطوة يشوبها مخاوف، وتثير تساؤلات بشأن مدى تأثيرها على مسار الحرب الدائرة، منذ ما يقرب من عام.

وكانت دول غربية قد وافقت، هذا الشهر، على تزويد أوكرانيا بدبابات متطورة تعد الأقوى في جيوش دول حلف "الناتو"، وأعطى هذا الدعم الأمل لكييف بحصولها على طائرات حربية من طراز أف-16، وأخرى غربية لتعزيز قواتها الجوية، خاصة مع توقعات بمواجهة كبيرة مع روسيا في الربيع، لكن القضية لا تزال قيد البحث في الغرب.

ووفق مجلة تايم، تطالب أوكرانيا  بتزويدها بمقاتلات "أف-16" و"أف-35" و"رافال"  و"تورنداو" و"يويروفايتير" و"غربين".

وبينما تستعد أوكرانيا لهجمات جديدة، تكتسب دعوات تعزيز ترسانتها بالطائرات المقاتلة الأميركية "زخما" داخل وزارة الدفاع الأميركية، وفقا لما نقلته "بوليتيكو" عن مسؤولين.

F-16 صورة لطائرات مقاتلة من طراز
"ضغوط في البنتاغون".. تصاعد دعوات لإمداد كييف بالمقاتلات الأميركية
يضغط عدد من المسؤولين العسكريين بهدوء على البنتاغون، للموافقة على إرسال طائرات "إف-16" إلى أوكرانيا لمساعدتها في الدفاع عن نفسها أمام هجمات الصواريخ والمسيرات الروسية، حسبما نقلته صحيفة "بوليتيكو" عن مصادر مطلعة على المناقشات الجارية.

 

وتقول الوكالة إنه ليس هناك ما يشير إلى أن قرارا غربيا بشأن إرسال طائرات حربية إلى أوكرانيا قد يصدر قريبا، أو أن الدول الغربية قد غيرت موقفها السابق بشأن هذه القضية.

المحلل المختص بشأن الروسي والأوكراني، مصطفى فحص، قال لموقع الحرة إن هناك جدلا كبيرا بين قادة الدول الغربية بشأن القضية.

وقد أعرب العديد من القادة الغربيين عن قلقهم من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تصعيد الصراع، وتجرهم إلى ساحة الحرب.

وردا على سؤال، قبل أيام، لصحفيين في البيت الأبيض، عما إذا كان يؤيد إرسال مقاتلات إلى كييف، أجاب الرئيس الأميركي، جو بايدن بـ"كلا".

بينما عبر متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، الثلاثاء الماضي، عن اعتقاد بلاده بأن إرسال طائراتها المقاتلة إلى أوكرانيا ليس عمليا.

وقبلها، قال وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، إنه لا يستبعد إمداد أوكرانيا بطائرات مقاتلة، لكنه اعتبر أنها لن تكون "عصا سحرية" تغير مسار الحرب بسرعة.

المستشار الألماني، أولاف شولتز، استبعد، من جانبه، في تصريحات سابقة اتخاذ مثل هذا الإجراء متحدثا عن "دوافع سياسية محلية" في بعض البلدان.

وقال نائب وزير الدفاع البولندي، فويتشخ سكوركيفيتش، إن بلاده، التي تملك حاليا 48 من مقاتلات "أف-16" الأميركية، لا تجري محادثات لإرسال مقاتلات من هذا النوع لأوكرانيا.

لكن رئيس الوزراء البولندي، ماتيوش مورافيتسكي، أكد، الأربعاء الماضي، جاهزية بلاده لتزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة من طراز أف-16 في حال اتخذ الحلفاء الغربيون بالإجماع قرارا بذلك.

أما الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، فقال إن فرنسا لا تستبعد ذلك، لكنه وضع شروطا متعددة قبل اتخاذ مثل هذه الخطوة المهمة. وتشمل عدم تصعيد التوتر أو استخدام الطائرات لضرب "الأراضي الروسية"، وعدم إضعاف "قدرات الجيش الفرنسي".

ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية عن مصادر إن باريس أبلغت عواصم أوروبية أخرى بأن إمكانية إرسال طائرات مطروحة على الطاولة، لكن من غير المرجح اتخاذ قرار في المستقبل القريب.

وقالت المصادر إن الأولوية تظل لتوفير أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي والدبابات وتدريب الأطقم الأوكرانية على استخدامها.

وتوقع محللون لصحيفة فاينانشال تايمز أن ترسل فرنسا طرازا قديما من طائرات "ميراج"، وهي طائرات تسحبها تدريجيا من الخدمة، لذا فإن منحها لأوكرانيا لن يؤدي إلى إضعاف القدرات العسكرية الفرنسية.

ورغم التردد الغربي، إلا أنه الولايات المتحدة وحلفاءها قد غيروا مواقفهم من قبل بشأن إرسال أسلحة متطورة إلى أوكرانيا، وفق فاينانشال تايمز، مثلما حدث مع قضية إرسال الدبابات.

وكان نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، جون فينر، قد قال لشبكة "أم أس أن بي سي" إن الإدارة "ستناقش هذا الأمر (إرسال مقاتلات) بعناية شديدة".

ونقلت بوليتيكو في تقريرها، المشار إليه سابقا، تصريحا لمسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأميركية قال فيه: "لا أعتقد أننا نعارض (إرسال مقاتلات)"، وأشارت الصحيفة إلى أن هناك دعما من بعض دول أوروبا الشرقية لإرسال مقاتلات.

وفضلا عن ذلك، صرح رئيس العمليات في شركة لوكهيد مارتن (التي تصنع أف-16)، فرانك سانت جون، لفيانانشال تايمز، بأن هناك مناقشات تدور بشأن نقل طرف ثالث لطائرات أف -16 إلى أوكرانيا.

محاذير

وتثير مسألة توسيع رقعة الصراع في أوكرانيا نقاشا مستمرا بين دول "الناتو" منذ بدء الغزو الروسي.

وكانت هناك نقاشات بشأن إرسال طائرات مقاتلة من طراز MiG-29 سوفيتية الصنع التي يعرفها الطيارون الأوكرانيون جيدا. ورفض البنتاغون مقترحا من بولندا بنقلها إلى كييف من خلال قاعدة أميركية في ألمانيا، مشيرا إلى وجود خطر كبير في إثارة تصعيد مع روسيا.

وأكد المستشار الألماني، في تصريحاته الأخيرة، أن بلاده لن تسمح بتحول الحرب في أوكرانيا إلى صراع بين روسيا والحلف، وقال: "لقد ساهمنا في ضمان عدم حدوث تصعيد للصراع لأن ذلك ستكون له عواقب وخيمة على العالم بأسره".

والأحد، انتقد وزير الدفاع الأوكراني، أوليكسيي ريزنيكوف "تردد" الغربيين في تسليم بلاده طائرات مقاتلة خوفا من تصعيد النزاع مع روسيا، معتبرا أن ذلك  "سيكلف المزيد من الأرواح". 

وتحدث ريزنيكوف خلال مؤتمر صحفي عن "مماطلة وتردد" بشأن تسليم هذه الأسلحة إلى أوكرانيا، مؤكدا  أن كييف ستنتصر بأي حال، ولكن "سيكلفنا ذلك المزيد من الأرواح".

وردا على سؤال بشأن إمدادات الأسلحة الغربية لأوكرانيا، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن الجيش الروسي "سيتخذ جميع الإجراءات اللازمة لعرقلة تنفيذ الخطط الغربية".

المحلل مصطفى فحص قال لموقع الحرة إن من أهم عوامل الجدل الدائر بين متخذي القرار في الغرب بشأن إرسال مقاتلات هو أن روسيا يمكن أن تفسره بأنه "مشاركة فعلية في الحرب"، كما أن هناك مخاوف غربية من سرقة التقنية الغربية في تصنيع هذه الطائرات، "خاصة أن هناك شبهات فساد تدور بشأن الأوكرانيين".

واستبعد المحلل السياسي والعسكري المقيم في موسكو، فيتشيسلاف موتازوف، في تصريحات لموقع الحرة أن يكون "الناتو" على استعداد للصدام مع روسيا.

ما مدى تأثيرها؟

وتؤكد التصريحات الأوكرانية المتكررة الحاجة إلى مقاتلات غربية لتحدي التفوق الجوي لروسيا وضمان نجاح الهجمات المضادة بالدبابات التي وعدت بها الدول الغربية.

وتعد أوكرانيا وروسيا قواتهما في الوقت الحالي من أجل هجوم متوقع خلال الأشهر المقبلة، مع وصول الحرب إلى طريق مسدود إلى حد كبير في ساحة المعركة خلال فصل الشتاء، وفق أسوشيتد برس.

وتعتمد أوكرانيا حاليا على مقاتلات تعود إلى الحقبة السوفيتية، مثل Su-27 و MiG-29 وSu-25، لكن هذه الطائرات لا يمكن أن تضاهي الطائرات الثقيلة الروسية، التي يمكنها إطلاق صواريخ من مدى بعيد دون دخول المجال الجوي الأوكراني.

واستهدفت روسيا القواعد الجوية الأوكرانية وبطاريات الدفاع الجوي في المرحلة الأولى من الصراع، لكن أوكرانيا نقلت طائراتها الحربية وأخفت معدات الدفاع الجوي، مما أدى إلى فشل روسيا في السيطرة الكاملة على الأجواء، وفق أسوشيتد برس.

وبعد تكبده خسائر فادحة في وقت مبكر خلال الصراع، تجنب سلاح الجو الروسي المغامرة في عمق المجال الجوي الأوكراني، وركز في الغالب على مهاجمة فرق الدعم على طول خط المواجهة.

مركز الأبحاث الأوروبي RUSI قال في تحليل إنه منذ أوائل شهر مارس الماضي، فقدت القوات الجوية الروسية القدرة على السيطرة، واضطرت للتحليق على ارتفاعات منخفضة للغاية بسبب عدم قدرتها على التعمل مع أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية.

وفشلت روسيا في استخدام الصواريخ الباليستية باهظة الثمن لتحقيق نصر حاسم واضطرت لمهاجمة البنية التحتية بأسلحة أخف مثل المسيرات.

المحلل فحص قال في تصريحاته لموقع الحرة إن دخول الطائرات الغربية "سيؤدي إلى انقلاب كامل في موازين القوى، وسيسرع الهزيمة الروسية وسيفتح المدى أمام أوكرانيا لاختراق داخل الحدود الفيدرالية وشبه جزيرة القرم".

وأضاف أنه من "الناحية العملية لن تؤدي الطائرات فقط إلى سيطرة الأوكرانيين على الأجواء وتعطيل حركة الطيران الروسي، لأنه حتى الأن، نجح التحالف الدولي في تعطيل جزء كبير من حركة الطيران الروسي".

ويضيف أن الخطوة ستؤدي إلى "نقلة نوعية" في الحرب، حتى أن وزير الاستخبارات العسكرية الأوكرانية أشار إلى احتمال استعادة القرم في الصيف.

ويوضح أن أوكرانيا، بفضل الدعم الغربي "استطاعت شل حركة الاتصالات في الجيش الروسي.. كما أن الدفاعات الأوكرانية بالصواريخ أرص- أرض وأرض- جو نجحت في تعطيل الدبابات، لذلك روسيا تلجأ إلى الصواريخ الاستراتيجية أو الطائرات المسيرة لضرب العمق الأوكراني". 

ويشير إلى أنه مع بناء شبكة دفاعات جوية، "يمكن إلغاء التفوق الذي تمتلكه روسيا في ضرب البنية التحتية، لذلك يبقى عامل واحد هو الطيران".

وقال : "عندما تمتلك الطيران والقدرة الدفاعية الجوية وعندما تحصل على 30 أو 40 طائرة من الغرب أمام أسطول روسي معطل سيعطيك ذلك مؤشرا على أنك قادر على ضرب العمق الروسي".

ومع ذلك يقول: "هذا تحول كبير لكنه لن يحدث بهذه السهولة أو السرعة".

وأضاف: "الأوكرانيون يعولون على تحول استراتيجي في المعارك التكتيكية، من خلال سلاح الطيران أو أسلحة أخرى".

ويقول المركز البحثي الأوروبي: "تحتاج القوات الجوية الأوكرانية إلى المقاتلات والصواريخ الغربية الحديثة بشكل مستدام. كان الطيارون الروس حذرين طوال الحرب، لذلك حتى عدد قليل من المقاتلات الغربية يمكن أن يكون له تأثير رادع كبير".

ويشير إلى القدرة على القيام بـ"عمليات متفرقة باستخدام معدات صيانة متنقلة وفرق دعم صغيرة، والطيران من مدارج وعرة نسبيا، لتجنب تحييدها بالضربات الصاروخية الروسية بعيدة المدى".

جاستن برونك، الباحث في مركز الأبحاث RUSI كتب في تغريدة، أن القوات الجوية الأوكرانية "ستستفيد تماما" من الطائرات المقاتلة الغربية "من حيث القوة المميتة جو- جو وربما جو-أرض"،

لكنه يشير إلى مخاوف من أن هذه الطائرات ستظل معرضة لخطر كبير من صواريخ أرض-جو الروسية وبالتالي ستحتاج إلى الطيران على ارتفاعات منخفضة ضمن "عدة عشرات من الكيلومترات من الخطوط الأمامية".

المحلل الروسي يعتقد من جانبه، حسبما صرح لموقع الحرة، أن الطائرات وحتى الدبابات "لن تغير ميزان القوى في الحرب لصالح أوكرانيا"، مشيرا إلى "حاجة هذه الأسلحة للذخائر والصواريخ حتى تعمل، لأنه يوميا هناك نحو 5 آلاف صاروخا وقذيفة تطلق من الجهة الروسية نحو الجهة الأوكرانية والأمر ذاته مطلوب من أوكرانيا فكيف ستستطيع تأمين هذا العدد؟".

وقال إن القدرة الإنتاجية الأوكرانية معدومة، وكل إمكاناتها مرتبطة بالإمدادات الغربية، لذلك فإن إرسال عدد محدود من الطائرات لن يغير ميزان القوى في الميدان".

ويضيف: "قد تطول المعركة. قد تكون أكثر شراسة لكن روسيا لن تتراجع عن تطبيق خطتها المعلنة".

وتحذر فاينانشال تايمز من أنه حتى لو وافقت الولايات المتحدة على بيع أو نقل طائرات F-16 إلى أوكرانيا، فإن تدريب الطيارين على استخدام الطائرات المتقدمة يستغرق شهورا.

وسيتطلب التحول إلى الطائرات الغربية عموما أن تخضع الأطقم الأوكرانية لتدريب طويل، وستظهر تحديات لوجستية مرتبطة بصيانتها وإصلاحها، وفق أسوشيتد برس.

ويأتي الدعم الغربي المحتمل لأوكرانيا من الطائرات مع معارك طاحنة بين القوات الروسية والأوكرانية في شرق البلاد، حيث صعدت القوات الروسية هجماتها، خصوصا على مدينتي فوغليدار وباخموت.

وسيطرت روسيا، بعد قتال عنيف، على مدينة سوليدار، التي شكلت أول انتصار لها بعد عدة أشهر من الهزائم في ساحة المعركة.

ويتحدث المحلل الروسي في تصريحاته لموقع الحرة عن أن الأحداث الأخيرة في الشرق "هي بداية الهجوم للقوات الروسية الذي تم الحديث عنه.. الآن القوات الروسية تتقدم يوما بعد يوم وبلدة باخموت محاصرة تقريبا".

وبينما يعتقد أن الحرب تسير لصالح روسيا، ما يعني أن القوات الأوكرانية "لن تصمد" مع التعبئة وتغيير الخطط والقادة واللجوء لخبراء مثل "فاغنر"، يقول فحص إن ما يحدث هو مجرد "حركة ميدانية في الشرق" مع محاولة الروس الاستفادة من التفوق الكمي وليس النوعي، أي العدد الكبير من الجنود والعتاد.

"وفي المقابل، القوات الأوكرانية منهكة وتحاول موسكو في هذه المرحلة مواجهتها بالدبابات مع افتقار أوكرانيا للدبابات للتغطية على المساحات التي أعادت السيطرة عليها".

ويضيف: "هناك ثغرات تستغلها روسيا، لكن الجانب الروسي يفتقر القدرة على التوغل داخل الأراضي غربا وسيظل يعمل جنوبا وشرقا ولكن بعمليات محدودة".

الرياض تشعر بالإحباط من فشل الدول المنتجة الأخرى في التنسيق بشأن خفض الإمدادات
الرياض تشعر بالإحباط من فشل الدول المنتجة الأخرى في التنسيق بشأن خفض الإمدادات

تواجه روسيا خطر الحرمان من الأموال اللازمة لتشغيل اقتصادها الحربي في حال نفذت السعودية خططها الرامية لزيادة إنتاجها من النفط وحماية مكانتها باعتبارها أكبر مصدر للخام في العالم، وفقا لصحيفة "بوليتيكو" الأميركية.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت في وقت سابق أن الرياض تشعر بالإحباط من فشل الدول المنتجة الأخرى في التنسيق بشأن خفض الإمدادات لرفع أسعار النفط إلى حوالي 100 دولار للبرميل، مقارنة بالسعر الحالي البالغ 70 دولارا.

ويقول تجار النفط إن السعودية تستعد الآن للرد من خلال استعراض عضلاتها وقلب الطاولة على المنتجين الأصغر، حيث ستصدر المزيد من النفط لانتزاع حصة في السوق وزيادة الأرباح، حتى مع انخفاض الأسعار.

ومن شأن هذه الاستراتيجية أن تؤدي لانهيار أسعار النفط، وهي "أخبار سيئة" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تعتمد بلاده بشكل رئيسي على النفط والغاز في تمويل ميزانيتها.

يقول محلل الطاقة الروسي المقيم في النرويج ميخائيل كروتيخين إن التحرك المحتمل للسعودية يشكل "خطرا هائلا" على ميزانية الدولة الروسية بسبب اعتمادها الكبير على إيرادات النفط، مضيفا "يجب علينا الآن أن ننتظر ونراقب".

وأشار كروتيخين إلى أن السعودية "تدرك تماما أن الشركات الروسية لا تلتزم بمطلب خفض الإنتاج، لذلك تقوم بوضع خططها الخاصة".

وترى الباحثة في مركز كارنيغي ألكسندرا بروكوبينكو أن المخاطر كبيرة بالنسبة للكرملين.

وقالت بروكوبينكو إنه في ظل "الأسعار الحالية، فإن أي انخفاض في أسعار النفط بمقدار 20 دولارا سيؤدي إلى انخفاض في الإيرادات الروسية بمقدار 1.8 تريليون روبل (20 مليار دولار)، وهذا يعادل حوالي 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا".

وأضافت بروكوبينكو: "ستواجه الحكومة خيارا بين تقليص الإنفاق، وهو أمر غير مرجح خلال الحرب، أو مواجهة ضغط حصول تضخم وارتفاع في أسعار الفائدة بشكل خانق".

وكانت صحيفة "فايننشال تايمز" ذكرت الأسبوع الماضي أن السعودية قد تتخلى عن طموحاتها طويلة الأمد لتقييد إمدادات النفط من أجل دفع الأسعار إلى حوالي 100 دولار للبرميل.

ويؤكد خبراء سوق النفط أن السعودية لديها القدرة الهائلة على الإنتاج والتصدير لتغيير استراتيجيتها والسعي إلى الهيمنة على السوق من خلال زيادة حجم الإنتاج بدلا من التركيز على الأسعار.

ويشير مدير تحليلات أسواق النفط في شركة "آي سي آي إس" أجاي بارمار إلى أن "الاقتصاد العالمي بطيء نوعا ما، والطلب على النفط ليس بالقدر الذي تريده السعودية".

ويضيف بارمار أن "بعض المنتجين، بما في ذلك روسيا، يتجاوزون حصصهم باستمرار، والسعوديون يفقدون صبرهم".

ويتابع أن "الرسالة التي تريد السعودية إيصالها مفادها بأن على منتجي النفط أن يعملوا بجد أو سيكسبون إيرادات أقل".

ومع ذلك، حتى إذا اتخذت السعودية هذه الخطوة، فمن غير المرجح أن تتراجع روسيا المنهكة ماليا عن حربها ضد أوكرانيا.

ويقول الخبير الاقتصادي هيلي سيمولا إن "روسيا ستظل قادرة على تمويل الحرب لبعض الوقت.. لن تنتهي الحرب لأن روسيا لا تمتلك المال".

وجرى اتهام روسيا، إلى جانب دول مثل كازاخستان والعراق، بتصدير نفط أكثر مما تم الاتفاق عليه مع أوبك، وفقا لما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال".

كذلك تجاوزت موسكو باستمرار حصتها الطوعية، التي تبلغ حاليا 8.98 مليون برميل يوميا، على الرغم من تعهداتها المتكررة بالالتزام.

وانخفضت الأسعار بنحو 6 في المئة حتى الآن هذا العام وسط زيادة الإمدادات من منتجين آخرين، وخاصة الولايات المتحدة، بالإضافة إلى ضعف نمو الطلب في الصين، بحسب وكالة "رويترز".

وكذّبت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، الأربعاء، ما ورد في تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" ووصفته بأنه غير دقيق ومضلل تماما حيث ورد فيه أن وزير الطاقة السعودي حذر من انخفاض أسعار النفط إلى 50 دولارا للبرميل إذا لم يلتزم أعضاء أوبك+ بقيود الإنتاج المتفق عليها.