جنود أوكران بجبهة باخموت/ أرشيف
جنود أوكرانيون بجبهة باخموت "أرشيف"

تواصل القوات الروسية مدعومة بمجموعة "فاغنر" التقدم نحو مدينة باخموت، بعد سيطرتها، الأحد، على بلدة جديدة على مشارف المدينة الاستراتيجية في شرق أوكرانيا، في وقت يتواصل فيه القتال العنيف.

وقالت المجموعة العسكرية "فاغنر"، التي تساعد القوات الروسية في هجومها للسيطرة على باخموت منذ أشهر، إن "وحداتها الهجومية استولت على قرية كراسنا جورا، بالقرب من الجانب الشمالي للمدينة".

وأدلت المجموعة، ببيان صحفي، تضمن مقطع فيديو، يظهر فيه أحد مقاتليها عند مدخل القرية، قائلا: "هذا ما استحوذنا عليه"، وأضاف أنهم سيواصلون إلى القرية التالية. 

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، لم يصدر أي تعليق فوري من وزارة الدفاع الروسية عن الموضوع، كما لا يمكن التحقق من صحة الادعاء ولا اللقطات المنشورة بشكل مستقل.

"مفتاح السيطرة"

وبرزت باخموت كنقطة محورية خلال الحرب الروسية على أوكرانيا، وينظر إليها الكرملين، على أنها مفتاح لهدفه المعلن المتمثل في السيطرة على كامل منطقة شرق أوكرانيا المعروفة باسم دونباس.

وقالت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني، الأحد، إن القوات الروسية مدعومة أحيانا بضربات جوية، قصفت كراسنا غورا و20 مستوطنة أخرى بالقرب من باخموت خلال اليوم الماضي، في استمرار لنمط الهجمات المكثفة الذي اعتمدته موسكو خلال الأيام الأخيرة بالشرق.

وأضافت الهيئة أن القوات الأوكرانية، صدت الهجمات الروسية على باخموت، رغم أن الجنود الأوكرانيين أقروا في الأسابيع الأخيرة بأن سيطرتهم على المدينة تتراجع.

وسيكون الاستيلاء على باخموت، في حال إتمامه، "أول انتصار مهم" لروسيا في ساحة المعركة منذ شهور بعد سلسلة من الانتكاسات في الخريف، بحسب "نيويورك تايمز"، لكن المحللين العسكريين يقولون إنه ليس من الواضح ما إذا كانت السيطرة على المدينة ستمهد الطريق أمام مزيد من التقدم الروسي في شرق أوكرانيا، بعد أن تكبدت قوات الجانبين خسائر فادحة في قتالها على المدينة.

وتحولت باخموت، التي كان عدد سكانها قبل الحرب حوالي 70 ألف نسمة إلى رمز وطني للمقاومة الأوكرانية، غير أنه بعد شهور من القصف الكبير، يبدو الآن أن القوات الروسية ومجموعة فاغنر، قد حاصرت المدينة من ثلاث جهات، ويبقى من غير الواضح ما إذا كانت أوكرانيا ستسعى إلى جلب المزيد من التعزيزات لمواصلة الدفاع عن المدينة أو تقرر تنظيم انسحاب تكتيكي.

وألقت موسكو بالعديد من المجندين عديمي الخبرة والمدانين السابقين الذين جندتهم فاغنر في المعركة، وفقا لمسؤولين أميركيين وأوروبيين، قدروا هذا الشهر أن العدد الإجمالي للجنود الروس الذين قتلوا أو أصيبوا خلال ما يقرب من 12 شهرا من القتال يقترب من 200 ألف.

"أعلى الخسائر"

وقالت وكالة المخابرات الدفاعية البريطانية،الأحد، إنه خلال الأسبوعين الماضيين، "من المحتمل أن تكون روسيا قد عانت من أعلى معدل للخسائر منذ الأسبوع الأول من غزو أوكرانيا". 

وتابعت الوكالة أن التقييم استند إلى تقديرات أوكرانية تفيد بأن أكثر من 800 جندي روسي يصابون أو يقتلون يوميا، وهي أرقام أشارت إلى أنها لم تتمكن من التحقق منها، لكنها تعتقد أنها "دقيقة على الأرجح".

وأبرزت الوكالة البريطانية، أن "من المحتمل أن يكون الارتفاع الطفيف في الخسائر الروسية ناتجا عن مجموعة من العوامل، من بينها نقص الموظفين المدربين والتنسيق والموارد عبر الجبهة". 

وأضافت أن هذا كان واضحا في القتال في باخموت وحول فولدار، وهي بلدة تقع على بعد 96 كلم جنوبا، حيث نشرت روسيا آلاف الجنود في محاولة لحماية خط إمداد حيوي من هجمات المدفعية الأوكرانية.

وتوقف تقدم روسيا في شرق أوكرانيا الصيف الماضي، حيث قامت القوات الأوكرانية، مدعومة بأسلحة جديدة بعيدة المدى من الحلفاء الغربيين، بالحفر في المناطق المحيطة بالمدن الاستراتيجية وتعزيز دفاعاتها.

لكن في الأسابيع الأخيرة، بدأت قوات موسكو التي أطلقت ضربات بأعلى معدل منذ شهور ونشرت حشود كبيرة من الجنود في نقاط مختلفة على خط المواجهة البالغ طوله 225 كلم، في استعادة زمام المبادرة في الشرق، كما يقول محللون للصحيفة الأميركية.

لكن المسؤولين العسكريين والمحللين الأوكرانيين، يقولون إنه ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت روسيا قادرة على تحمل تنفيذ هجوم كبير، بسبب التنافس وغياب التنسيق بين مقاتلي فاغنر والقوات النظامية، والتساؤلات حول مخزونها من الأسلحة، وهو ما يمكن أن يعرض المحاولة الروسية لمخاطر الفشل.

ويقول محللون إن قدرة أوكرانيا على مواجهة ميزة روسيا في أعداد القوات الكبيرة، تعتمد جزئيا على مدى سرعة الدول الغربية في تقديم المساعدات العسكرية الموعودة مثل الدبابات والمركبات المدرعة والأسلحة بعيدة المدى.

وأجرى وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، مكالمة مع نظيره الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف، السبت، وناقشا فيها الحاجة إلى "تسليم أسلحة متطورة إلى ساحة المعركة في أسرع وقت ممكن"، وفقا للبنتاغون. 

ومع احتدام القتال في الشرق، استمرت الضربات الروسية في أماكن أخرى في أوكرانيا، الأحد.

وكشفت السلطات الأوكرانية أن القوات الروسية أطلقت قذائف مدفعية في الجنوب على بلدة نيكوبول المجاورة لمحطة نووية رئيسية تحتلها موسكو، وأودى القصف الذي استهدف منشأة مياه وكلية ومبانٍ أخرى بحياة امرأة وإصابة أخرى.

كما قصفت القوات الروسية مبنى الإدارة الإقليمية في وسط خيرسون، المدينة الجنوبية المدمرة التي استردتها أوكرانيا في الخريف الماضي، بحسب السلطات المحلية. ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات.

زيلنسكي خلال تفقده بوتشا المحررة
زيلنسكي بجولة ميدانية.. أرشيفية

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، الأحد، كوريا الشمالية بتزويد الجيش الروسي جنودا للقتال في أوكرانيا.

وقال زيلنسكي في خطابه اليومي: "نرى تحالفا متناميا بين روسيا وأنظمة مثل كوريا الشمالية. لم يعد الأمر يتعلق فقط بنقل الأسلحة. بل يتعلق بإرسال أشخاص من كوريا الشمالية إلى قوات المحتل المسلحة".

ولم يصدر تعليق فوري من موسكو أو من بيونغ يانغ.

والأحد، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها قصفت بقنابل انزلاقية تجمعا للقوات الأوكرانية بالقرب من حدود منطقة كورسك بغرب روسيا.

وذكرت الوزارة أن الهجوم استهدف "نقطة قوة وتمركز لأفراد من القوات المسلحة الأوكرانية"، مشيرة إلى أن القنابل أطلقت بواسطة طائرة حربية من طراز سو-34.

ولم تتمكن رويترز من التحقق بشكل مستقل من الضربة، ولم يذكر البيان المقتضب لوزارة الدفاع أي تفاصيل عن تأثيرها.

وباغتت أوكرانيا موسكو في السادس من أغسطس بتوغلها في منطقة كورسك الروسية وذلك في أول غزو لأراض روسية منذ الحرب العالمية الثانية.

وتحاول روسيا منذ أكثر من شهرين طرد القوات الأوكرانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية في وقت سابق الأحد إنها تنفذ عمليات هجومية في عشرات المواقع في كورسك.

وقال الرئيس الأوكراني إن قوات بلاده سيطرت منذ أوائل سبتمبر على أكثر من 1300 كيلومتر مربع من كورسك، بما في ذلك 100 منطقة سكنية. 

وقال أمس السبت إن قوات روسية حاولت طرد نظيرتها الأوكرانية من مواقع في كورسك "لكن القوات التابعة لكييف لا تزال تتشبث بمواقعها".

وقالت روسيا إن قواتها استعادت بلدات عدة الأسبوع الماضي.

وقد يكون للقتال في كورسك تأثير كبير على مسار الحرب التي انطلقت شرارتها بغزو روسي شامل لأوكرانيا في فبراير 2022.

لكن قرار كييف إرسال قطاع كبير من قواتها إلى كورسك كبدها ثمنا باهظا في مواقع أخرى من ساحة القتال، إذ تقدمت روسيا في شرق أوكرانيا خلال أغسطس وسبتمبر بأسرع وتيرة منذ عامين.