الطفلة عاشت في قبو منزل جديها لشهور طويلة
الطفلة عاشت في قبو منزل جديها لشهور طويلة | Source: Social Media

أثارت  وفاة طفلة أوكرانية صغيرة لم تتجاوز السادسة من عمرها  موجة الحزن والتعاطف، خاصة وأنها مكثت شهورا بقبو منزل جديها في بلدة تتعرض للقصف الروسي المستمر، وفقا لما ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية.

وكانت الطفلة، إيليا فيدورنكا، قد انتقلت للعيش مع جديها في بلدة شرقي أوكرانيا تقع على خطوط جبهات القتال الأمامية، وذلك عقب وفاة أبيها ورحيل أمها إلى المناطق الخاضعة للاحتلال الروسي في إقليم دونباس.

وبحسب عامل الإغاثة، فلاديسلاف ماخوفسكي، الذي كان يحرص على زيارة الطفلة وتقديم الهدايا لها، فإن الصغيرة كانت تمكث في قبو المنزل الذي عاشت فيه مع جديها لتفادي الموت في حال تعرض البيت لأي قصف.

وأكد ماخوفسكي أن بلدة أفدييفكا، حيث كانت تقطن إيليا، تتعرض للقصف اليومي أكثر من مدينة باخموت الاستراتيجية التي تكافح قوات الكرملين للسيطرة عليها.

ولفت إلى أن الصغيرة كانت  "قد أمضت فصل الصيف وما مضى من الشتاء في القبو دون أن تحصل على رعاية طبية أو نفسية اجتماعية".

وتابع: "كانت خائفة حتى الموت وهي محقة في ذلك".

وكان قد جرى تشخيص موت الطفلة بأنها أصيب بنوبة قلبية جراء خوفها من تعرض بيت جديها للقصف من قبل القوات الغازية.

وفي المقابل، برر الجدان (في الخمسينات من العمر) عدم مغادرتهما البلدة لإنقاذ حفيدتهما من الهلع والرعب، بأنهما لم يكونا قادرين على فعل ذلك بسبب حاجة آبائهم المسنين إلى رعايتهما المستمرة.

لكن ماخسوفكي رفض تلك المبررات وزعم أن الجد والجدة كانا ينتظران دخول القوات الروسية إلى بلدتهما، مضيفا: "رفضا طلبات الشرطة المتكررة بإخلاء المنزل، وكأن متلازمة ستوكهولم (تعاطف الضحية مع الجلاد) قد تجذرت لديهما".

وفي المقابل ترى، أخصائية علم نفس الأطفال، أناستاسيا شاجالينا، "أنه من الأهمية بمكان أن نعلم أن أولياء أمور الأطفال قد يتعرضون هم أيضا لصدمات نفسية وعاطفية شديدة" بسبب أهوال الحرب.

وفي سياق متصل، يقول الأطباء النفسيون الذين يعالجون  الأطفال الصغار في مناطق الجبهات الأمامية والمناطق المحررة حديثا إن هؤلاء الصغار يعانون من مجموعة واسعة من الاضطرابات السلوكية التي تتراوح من التبول في الفراش إلى الأمراض النفسية الجسدية.

تجدر الإشارة إلى أن أكثر من 450 طفلا صغيرا قد لقوا حتفهم في أوكرانيا عقب انطلاقة عمليات الغزو الروسي قبل نحو عام، وذلك وفقا لإحصائيات رسمية.

ويكيبيديا
النسخة الروسية من ويكيبيديا أصبحت محل بجدل بسبب نشرها لدعاية الكرملين

منذ نشأتها في عام 2001، عايشت موسوعة "ويكيبيديا" سلسلة من القضايا الجدلية حول تفاصيل ثقافية وتاريخية متنوعة، قبل أن تتجه نحو مواضيع أكثر حساسية وخطورة، مثل الانتخابات، الاحتجاجات، والحروب.      

ومن أبرز الأمثلة الحديثة، الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تحولت ويكيبيديا إلى ساحة معركة للروايات المتنافسة والمتغيرة باستمرار، وفق تقرير جديد لمجلة "فورين بوليسي" بعنوان "كيف غزت روسيا ويكيبيديا". 

تُعتبر النسخة الروسية من ويكيبيديا واحدة من أكبر ستة مواقع ويكيبيديا في العالم، وكانت حتى وقت قريب مصدرا رئيسيا للمعلومات في روسيا.

ولكن، خلال العقدين الماضيين، أصبحت تلك النسخة محاطة بالجدل بسبب تورطها في نشر الدعاية الموجهة من قبل الكرملين الذي استغل المنصة للترويج لرواياته السياسية.

تعتمد العديد من المقالات في النسخة الروسية من ويكيبيديا على المصادر الحكومية ويتم تحريرها بواسطة محررين روس يتبنون الروايات الرسمية للكرملين، وفق المجلة. 

وتشير "فورين بوليسي" إلى أن هذا التحيز برز بشكل واضح في تغطية النسخة الروسية للحرب على أوكرانيا.

على سبيل المثال، بينما تؤكد النسخة الإنكليزية من ويكيبيديا على الطبيعة غير القانونية لضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، تشير المقالات الروسية إلى هذا الحدث بشكلٍ يبرّر التدخل الروسي.

كما تقلل النسخة الروسية من دور الجيش الروسي في الصراع وتصور منطقة دونيتسك كجمهورية منفصلة عن أوكرانيا.

في قضية أخرى مثيرة للجدل، تتباين النسختان الإنكليزية والروسية حول حادثة إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية MH17 عام 2014، فبينما تُقر النسخة الإنكليزية بأن الطائرة أُسقطت بواسطة صاروخ أطلقه الجيش الروسي، تُشير النسخة الروسية إلى الحادثة بأنها "كارثة" دون الإشارة إلى المسؤولية الروسية، مما يعكس التأثير الكبير للروايات الحكومية الروسية على المحتوى، وفق تعبير المجلة.

وكانت رحلة الخطوط الجوية الماليزية "إم إتش17" في طريقها من أمستردام إلى كوالالمبور عندما كانت تحلق يوم 17 يوليو 2014 فوق المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون شرق أوكرانيا، حيث تعرضت لصاروخ أرض جو روسي الصنع انطلق من قاعدة عسكرية روسية يديرها المتمردون المدعومون من موسكو، وفق فريق تحقيق دولي.

تحديات قانونية

واجهت مؤسسة "ويكيميديا"، التي تدير ويكيبيديا، تحديات قانونية في روسيا، حيث تم تغريمها عدة مرات بسبب المحتوى المتعلق بالحرب على أوكرانيا.

وتشير تقارير إلى أن مجموعات من الحسابات المنسقة، تُعرف بـ"حسابات دمى الجوارب" (Sock puppet) قامت بتنسيق جهود لتحرير الصفحات المتعلقة بالعلاقات الروسية الأوكرانية لصالح الرواية الرسمية الروسية.

هذه المجموعات تعمل على تقويض المصادر الأوكرانية والغربية، وتدعم بدلاً من ذلك الروايات المدعومة من وسائل الإعلام الحكومية الروسية.

وفي خطوة أخرى لتعزيز السيطرة على الفضاء الرقمي، أطلقت روسيا في وقت سابق هذا العام منصة بديلة لويكيبيديا تُسمى "روويكي" (Ruwiki)، بقيادة فلاديمير ميدييكو، المدير السابق لمؤسسة ويكيميديا الروسية.

بدأت هذه المنصة كنسخة طبق الأصل من النسخة الروسية من ويكيبيديا، مستفيدة من طبيعة اتفاقية المصادر المفتوحة لويكيبيديا.

تحتوي "روويكي" الآن على ما يصل إلى مليوني مقال باللغة الروسية، بالإضافة إلى 12 لغة إقليمية أخرى تُستخدم في روسيا، وهي تعمل خارج نطاق سيطرة مؤسسة ويكيميديا.

منصة بديلة

تختلف "روويكي" عن نموذج ويكيبيديا الأصلي الذي يسمح لأي مستخدم بإنشاء وتحرير المقالات، حيث يخضع  المحتوى المضاف لمراجعة مجموعة ضيقة من الخبراء المعتمدين من قبل الحكومة.

هذه الآلية تسمح للحكومة الروسية بفرض رقابة صارمة على المحتوى المقدم وضمان توافقه مع الروايات الرسمية، خصوصا في القضايا المعقدة مثل الغزو الروسي لأوكرانيا.

أدى إنشاء "روويكي" إلى خلق نسخة رقمية منعزلة تعكس رؤية الكرملين للأحداث. ففي هذه النسخة، يتم إنكار أحداث تاريخية كبرى مثل مجاعة "هولودومور" التي أودت بحياة ملايين الأوكرانيين في عهد الرئيس السوفييتي جوزيف ستالين، ويتم الترويج لفكرة أن حلف "الناتو" هو المسؤول عن استفزاز روسيا لشن غزوها لأوكرانيا.

وهذه المحاولات لعزل الفضاء الرقمي الروسي عن بقية العالم تندرج ضمن مفهوم "تجزئة الإنترنت" أو "السبلينترنت"، وفق "فورين بوليسي" وهي ظاهرة تتجسد في قيام الدول بتقييد وصول مواطنيها إلى الإنترنت العالمي وتوجيههم نحو منصات رقمية محلية تخضع لرقابة الدولة، مما يحد من حريتهم في الوصول إلى معلومات غير محكومة بالروايات الرسمية.