القوات الأوكرانية تستخدم أكثر من 90 ألف طلقة من عيار 155 ملم شهريا- صورة تعبيرية
القوات الأوكرانية تستخدم أكثر من 90 ألف طلقة من عيار 155 ملم شهريا- صورة تعبيرية

استخدم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قراءة "ملتوية" للتاريخ كدعاية لتبرير غزو لجارته أوكرانيا، وكانت تلك الإدعاءات غير صحيحة تاريخيا لكنها تقدم تحذيرات لما قد يقدم عليه الكرملين مستقبلا، وفقا لتحليل مطول لصحيفة "فاينينشال تايمز".

وفي 24 فبراير غزت قوات موسكو أوكرانيا، وبرر بوتين الغزو باستخدام نسخة ملتوية من التاريخ، وحاول إقناع شعبه بأن أفعاله ليست ضرورية فحسب، بل مبررة تاريخيا.

وأسفر أسوأ صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية عن مقتل عشرات الآلاف وخروج ملايين من ديارهم وتضرر الاقتصاد العالمي وتحول بوتين إلى منبوذ في الغرب.

مزاعم بوتين

يدعي يوتين أنه يقاتل من أجل أمن روسيا ضد حلف شمال الأطلسي الذي يتوسع بقوة، لكن كييف وحلفاءها وصفوا الغزو بأنه اغتصاب أراض استعماري الطابع من أوكرانيا التي كانت في السابق جزءا من الاتحاد السوفيتي الذي هيمنت عليه روسيا، وفقا لـ"رويترز".

في روايته، يقول بوتين إن القادة الغربيون تمكنوا في عام 1991 من تقسيم الاتحاد السوفيتي، وإنهم يحاولون حاليا فعل الشيء نفسه مع روسيا.

وإلى جانب القمع العنيف، مكنت هذه المزاعم الرئيس الروسي من تجنب الاحتجاجات المناهضة للحرب في الداخل، وبينما يستعد لمرور عام على الصراع تظل فرص وقف إطلاق النار في الحملات العسكرية أو الدعائية لبوتين ضئيلة للغاية.

ويركز بوتين في مزاعمه على عام 1991 عندما اختار الأوكرانيون أنفسهم إجراء استفتاء حول ما إذا كانوا سينفصلون عن الاتحاد السوفيتي.

مع إقبال 84 في المئة بما يعادل حوالي 32 مليون ناخب، اختار أكثر من 90 في المئة منهم الاستقلال، لكن من وجهة نظر بوتين، فإن ذلك يمثل "تخليا لا يغتفر"، تسبب في ظهور مخاطر جديدة على حدود روسيا، حسب "فاينينشال تايمز".

في عام 2014، بدأ حملته  "لتصحيح الخطأ"، بحسب تعبيره، عبر ضم شبه جزيرة القرم وبدء غارات عسكرية أخرى على الأراضي الأوكرانية، بسب غضبه من انفصال كييف.

هوس بوتين بالناتو

تشير "فاينينشال تايمز" إلى هوس بوتين بأربعة أحداث تاريخية متعلقة بحلف الناتو، مستشهدة بتعليقاته وكتاباته و"معاهدات" ديسمبر 2021 التي أرسلها إلى كل من واشنطن والناتو.

واعتبر بوتين تلك المعاهدات "إنذار نهائي"، يطالب في جوهره أن يقوم المستلم بالتوقيع عليه كما هو، وإلا فإنه سيغزو أوكرانيا.

وتحدثت الصحيفة عن الأحداث التاريخية الأربع المهووس بها بوتين، ويعود أولها لعام 1990، فهو يرى أن موسكو سمحت بتوحيد ألمانيا، بالتنازل عن حقوقها، وبعد تلقيها وعدا ملزما بأن الناتو لن يتوسع شرقا

ثانيا، يدعي بوتين أن حلف الأطلسي أعاد تأكيد هذا الوعد من خلال قانون تأسيس الناتو وروسيا الصادر في 27 مايو 1997، وفي إحدى "معاهدات" ديسمبر 2021 ، طالب بوتين على وجه التحديد بعودة قوات الناتو إلى مواقعها اعتبارا من ذلك التاريخ.

ثالثا، يعتقد بوتين أن التحالف أظهر حقيقته عندما قصف صربيا في نزاع كوسوفو عام 1999.

رابعا، يرى بوتين في إعلان قمة بوخارست لعام 2008، الذي ينص على أن "الناتو يرحب بتطلعات أوكرانيا وجورجيا الأوروبية الأطلسية للعضوية" وأن "هذه الدول ستصبح أعضاء في الناتو"، خطرا بالنسبة لروسيا.

لكن تحليل "فاينشنيال تايمز"، يرد على تلك النقاط ويكشف عدم دقتها "تاريخيا"، ويقول إن غزو روسيا أوكرانيا يستند إلى سوء قراءة متعمد للاتفاقيات المبرمة مع الغرب.

نتائج عكسية

تسبب غزو موسكو لكييف في نتائج "عكسية"، بعد طلب دول تقع على روسيا الانضمام لحلف شمال الأطلسي، حيث ستصبح السويد وفنلندا عضوين في الناتو، على الرغم من الاعتراضات التركية، حسب "فاينينشال تايمز".

وستضيف فنلندا وحدها 830 ميلا إضافيا إلى حدود الناتو الروسية، وترسل ألمانيا ودول أوروبية أخرى، جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة ، الدبابات، بينما تزيد أيضا من استقلالها في مجال الطاقة عن روسيا.

وقرر قادة الدول الثلاثين الأعضاء في الحلف دعوة السويد وفنلندا للانضمام إلى صفوفه خلال قمة عقدت في مدريد في يوليو 2022.

وقعت ثلاثون دولة بروتكولات الانضمام وصادقت عليها 28 فقط، ووحدهما تركيا والمجر لم تصادقا بعد.

والجمعة، دعا المستشار الألماني، أولاف شولتس، الدول القادرة على إرسال دبابات قتالية إلى أوكرانيا إلى أن "تفعل ذلك الآن"، في وقت تصل الشحنات التي وعد بها الحلفاء بشكل أبطأ من المتوقع، وفقا لـ"فرانس برس".

وأكد في كلمة ألقاها في مؤتمر ميونيخ للأمن أن الدعم العسكري لأوكرانيا يجب أن يستمر، و"بالتالي على أولئك الذين يمكنهم إرسال مثل هذه الدبابات القتالية أن يفعلوا ذلك الآن".

وفي مطلع فبراير الجاري، أعلن وزراء دفاع ألمانيا وهولندا والدنمارك أنّ أوكرانيا ستتلقى أيضًا "في الأشهر المقبلة" ما لا يقل عن 100 دبابة ليوبارد 1 إيه-5، وهي مدرعّات مستعملة تم تجديدها.

وكانت المملكة المتحدة أعلنت أن دبابات بريطانية من طراز تشالنجر 2 سترسل إلى أوكرانيا في مارس فيما قالت ألمانيا إنها سترسل مجموعة من دبابات ليوبارد 2 إلى كييف بحلول أبريل.

بدورها، تعهدت الولايات المتحدة إرسال 31 من دباباتها إم1 أبرامز لكن يتوقّع أن يستغرق وصولها إلى أوكرانيا وقتا أطول، حسب "فرانس برس".

وتطلب أوكرانيا حلفائها من دول الغرب بمدها بالمزيد من الطائرات المقاتلة والدبابات الحربية المتقدمة قبل هجوم روسي متوقع في الربيع.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، "من الواضح أن أوكرانيا لن تكون محطته (بوتين) الأخيرة، سيواصل تحركه بطول الطريق... بما يشمل جميع الدول الأخرى التي كانت يوما ما جزءا من التكتل السوفيتي".

وتشير "فاينينشال تايمز" إلي أن الغزو الروسي يقدم تحذيرات مستقبلية، ولذلك سيعين على جيل جديد من صانعي السياسة الغربيين تعلم قسوة المنافسة العسكرية بين القوى العظمى في أوروباو كذلك سبل تفكيك "تفسيرات التاريخ الملتوية".

روسيا تزيد من وتيرة إنتاج الأسلحة مع استمرار الحرب في أوكرانيا - صورة تعبيرية.
روسيا تزيد من وتيرة إنتاج الأسلحة مع استمرار الحرب في أوكرانيا - صورة تعبيرية.

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان، الجمعة، أن نائب وزير الخزانة، والي أدييمو، سيناقش مع كبار المسؤولين البريطانيين فرض المزيد من العقوبات على روسيا وتسخير الأصول الروسية المجمدة، وذلك في زيارة إلى لندن في الفترة من 13 إلى 15 أكتوبر.

وأضافت الوزارة أن أدييمو سيلتقي مع مستشار الأمن القومي البريطاني، تيم بارو، ومحافظ بنك إنكلترا، أندرو بيلي، ووزير الدولة، ستيفن دوتي، وفق رويترز

وأشارت الوزارة إلى أن أدييمو سيؤكد خلال زيارته على العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتنسيق البلدين بشأن التحديات الجيوسياسية، بما في ذلك الدعم القوي لأوكرانيا التي تواصل التصدي للغزو الروسي.

وسيناقش أدييمو أيضا العمل المشترك لتحقيق الاستفادة الاقتصادية من نحو 300 مليار دولار من الأصول السيادية الروسية التي جمدها الغرب بعد غزو موسكو لأوكرانيا.

وقالت الوزارة: "في هذه المحادثات، سيناقش نائب الوزير أدييمو تعزيز العقوبات على روسيا بشكل أكبر"، مضيفة أنه سيناقش أيضا سبل قطع التدفقات المالية التي تمكن إيران ووكلاءها من ممارسة أنشطتهم.

وستكون هذه أول زيارة لمسؤول كبير في وزارة الخزانة الأميركية إلى بريطانيا منذ صعود، كير ستارمر، زعيم حزب العمال، إلى السلطة في يوليو الماضي، على الرغم من أن وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، التقت مع نظيرتها البريطانية، ريتشل ريفز، في يوليو على هامش اجتماع مسؤولي مالية مجموعة العشرين في البرازيل.