المعارك مستعرة بمحيط باخموت
المعارك مستعرة بمحيط باخموت

طالب جنود أوكرانيون يقاتلون لصد هجوم روسي على مدينة باخموت الصغيرة بشرق البلاد بمزيد من الأسلحة من العالم الخارجي في الوقت الذي اجتمع فيه كبار الزعماء الغربيين في ميونيخ، الجمعة، لتقييم الحرب المستمرة منذ عام والتي هزت أوروبا، وفقا لرويترز.

وقال دميترو وهو جندي يقف على الجليد بالقرب من باخموت، مرددا نداء رئيسه في مؤتمر ميونيخ "أعطونا مزيدا من العتاد العسكري والأسلحة، وسنتعامل مع المحتل الروسي، وسندمره".

وبعد ما يقرب من عام على الغزو، تكثف قوات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، هجماتها في الشرق.

وتخطط أوكرانيا لشن هجوم مضاد في الربيع لكنها تريد أسلحة أكثر وأثقل وأبعد مدى من حلفائها الغربيين.

وفي ساحة المعركة شديدة البرودة، عرض جنود أوكرانيون لصحفي زائر فوائد مركبات بوشماستر المدرعة الأسترالية في منطقة تعثر فيها الجنود الروس خلال أشهر من القتال للسيطرة على باخموت التي تهاجمها مجموعة المرتزقة الروسية (فاغنر).

وأضاف دميترو أن المركبات تحمي الجنود من الرصاص وتتيح إجلاء الجرحى وتوفر غطاء للاستطلاع. ومضى يقول "كانت هناك حالات انفجرت فيها ألغام مضادة للدبابات، ولم يصب الجنود إلا برضوض. ولم تقع إصابات خطيرة للجنود".

وقال حاكم لوغانسك، إحدى مقاطعتين فيما يعرف باسم دونباس التي تسيطر عليها روسيا جزئيا وتريد الاستيلاء عليها بالكامل، إن الهجمات البرية والجوية تتزايد.

وقال سيرغي غيداي للتلفزيون المحلي "الوضع اليوم صعب نوعا ما في كل الاتجاهات". وتحدث عن القتال قرب مدينة كريمينا "هناك محاولات مستمرة لاختراق خطوط دفاعنا".

وقالت روسيا، في أحدث إفادة، إن وابلا من الضربات الصاروخية، الخميس، حول أوكرانيا حقق أهدافه في ضرب منشآت تمد جيش الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بالوقود والذخيرة.

ورصدت كييف 36 صاروخا تم إسقاط 16 منها وقالت إن أكبر مصفاة نفط لديها، كريمنشوك، تعرضت للقصف.

من جانبه أكد قائد مجموعة فاغنر الروسية، الجمعة، أن قواته سيطرت على بلدة باراسكوفييفكا الأوكرانية الواقعة شمال باخموت التي تشهد أطول معركة في منطقة دونباس منذ عام.

وقال يفغيني بريغوجين، وفق ما نقل مكتبه الإعلامي "رغم الحؤول دون وصول الذخيرة، ورغم الخسائر الفادحة والمعارك الدامية، سيطر رجالنا على بلدة باراسكوفييفكا بشكل كامل".

ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق من صحة هذه التصريحات من مصدر مستقل.

ومنذ أكثر من ستة أشهر، تحاول مجموعة فاغنر والجيش الروسي السيطرة على باخموت وهي مدينة ذات أهمية استراتيجية محدودة لكنها اكتسبت أهمية رمزية كبيرة بسبب طول مدة المعارك حولها.

وتحاول القوات الروسية في الأسابيع الأخيرة تطويق باخموت ونجحت في قطع العديد من الطرق المؤدية إلى المدينة الحيوية لتزويد القوات الأوكرانية بالإمدادات، وفقا لفرانس برس.

وتقع باراسكوفييفكا عند المدخل الشمالي لباخموت، على الطريق الرئيسية التي تربط المدينة بسيفرسك.

ويبدو أن إشارة بريغوجين، الجمعة، إلى عدم وصول الذخيرة هي انتقاد علني لوزارة الدفاع الروسية التي يتهمها بممارسة "بيروقراطية عسكرية رهيبة" كاشفا علنا خلافاته مع المسؤولين العسكريين الروس.

والإثنين، أعلنت مجموعة فاغنر أنها سيطرت على بلدة كراسنا هورا الصغيرة الواقعة قرب باراسكوفييفكا.

وينصب تركيز روسيا الحالي على باخموت التي أصابها الدمار إلى حد كبير في مقاطعة دونيتسك المتاخمة للوغانسك.

هجوم مكثف

وقالت أوكرانيا إن روسيا قصفتها بعدة ضربات صاروخية، الخميس، مع سعي قواتها للتقدم شرقا، بينما تعهد حلفاء كييف الغربيون بتقديم مساعدات عسكرية إضافية من أجل هجوم أوكراني مضاد مزمع في الربيع.

وذكر سلاح الجو الأوكراني أنه اتساقا مع نمط القصف الجوي المكثف في الوقت الذي تحقق فيه أوكرانيا تقدما في ساحة المعركة أو على الصعيد الدبلوماسي، أطلقت روسيا 32 صاروخا في الساعات الأولى من صباح الخميس.

وقال إنه أسقط نصف عدد الصواريخ، وهو معدل أقل من المعتاد.

وصرح مسؤولون أوكرانيون بأن الدفاعات الجوية في الجنوب أسقطت ثمانية صواريخ من طراز كاليبر أُطلقت من سفينة في البحر الأسود. وضربت صواريخ أخرى شمال وغرب أوكرانيا وكذلك دنيبروبتروفسك وكيروفوهراد في وسط البلاد.

وتشن روسيا عادة أكبر موجات من الضربات الجوية خلال النهار وتضرب منشآت للطاقة، لكن مسؤولين أوكرانيين يشيرون إلى أن موسكو بدأت تطبق استراتيجية شملت استخدام المناطيد الجوية للاستطلاع، وفقا لفرانس برس.

وكتب أندريه يرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني على تطبيق المراسلة تيليغرام "غير الروس تكتيكاتهم إلى حد ما".

ولم تذكر أوكرانيا سبب إسقاطها عددا أقل من الصواريخ عن المعتاد لكنها أبلغت في السابق عن معدلات نجاح أقل عندما تطلق روسيا صواريخ من طراز كيه.أتش-22 التي تعود إلى الحقبة السوفيتية.

وبدعم من عشرات الآلاف من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم في ديسمبر، كثفت موسكو هجماتها في جنوب وشرق أوكرانيا في الأسابيع القليلة الماضية، ومن المتوقع على نطاق واسع أن تشن هجوما كبيرا جديدا مع اقتراب الذكرى الأولى لبدء الغزو في 24 فبراير.

ولم تعلق روسيا على القصف خلال الليل، رغم أنها قالت، الأربعاء، إن أوكرانيا تراجعت في أجزاء من إقليم لوغانسك الشرقي.

المعركة من أجل باخموت

وتشكل منطقتا لوغانسك ودونيتسك معا دونباس، المركز الصناعي لأوكرانيا الذي تحتله روسيا الآن جزئيا وتسعى للسيطرة عليه كاملا. وينصب تركيز موسكو حاليا على تطويق مدينة باخموت الصغيرة في دونيتسك والسيطرة عليها، وفقا لفرانس برس.

وستمنح السيطرة على باخموت روسيا نقطة انطلاق للزحف نحو مدينتين أكبر هما كراماتورسك وسلوفيانسك اللتين تقعان أبعد باتجاه الغرب في دونيتسك، مما سيعيد إليها الزخم قبل الذكرى الأولى للغزو في 24 فبراير. وتقول أوكرانيا وحلفاؤها إن الاستيلاء على باخموت سيكون بمثابة انتصار مكلف نظرا للمدى الزمني الذي استغرقه وما يقولون إنها خسائر بشرية فادحة ناجمة عن موجات من الهجمات الروسية.

وبينما تطلق أوكرانيا ذخائر المدفعية بسرعة وتطالب بقوة قتالية ثقيلة تشمل دبابات وطائرات مقاتلة، تكثف دول حلف شمال الأطلسي إنتاجها من هذه الذخائر وتتعهد بتقديم المزيد من الأسلحة.

وتلقت أوكرانيا مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات، وخاصة من الولايات المتحدة التي تعهدت بأكثر من 27.4 مليار دولار منذ بدء الصراع.

ونصح مسؤولون أميركيون كبار أوكرانيا بتأجيل هجوم مضاد كبير حتى تصلها أحدث دفعة من إمدادات الأسلحة الأميركية ويتم التدريب عليها.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "علينا التأكد من أنه سيكون هناك شعور حقيقي هذا الربيع بأن أوكرانيا تتجه نحو النصر".

وقدم شكره للنرويج التي تعهدت بتقديم سبعة مليارات دولار على مدى خمس سنوات، في أكبر برنامج مساعدات لها على الإطلاق يُقدم لدولة واحدة.

وتصف روسيا الغزو بأنه "عملية عسكرية خاصة" لمواجهة التهديدات الأمنية، وتعتبر شحنات الأسلحة الثقيلة إلى أوكرانيا دليلا على أن الغرب يصعد الحرب.

فيما تصف كييف وحلفاؤها تصرفات روسيا بأنها استيلاء على الأرض.

وأسفر أسوأ صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية عن مقتل عشرات الآلاف وخروج ملايين من ديارهم وتضرر الاقتصاد العالمي وتحول بوتين إلى منبوذ في الغرب، وفقا لرويترز.

وأودى الصراع بحياة عشرات الآلاف من الناس، ودمر مدنا أوكرانية، وزعزع استقرار الاقتصاد العالمي في الوقت الذي كان يتعافى فيه للتو من جائحة كورونا، وفقا لفرانس برس.

وفي إظهار لحجم الكارثة الإنسانية، قالت ألمانيا إن 1.1 مليون شخص وصلوا إليها من أوكرانيا في عام 2022، وهو ما يتجاوز تدفق المهاجرين غير المسبوق في عامي 2015 و2016.

ويقول بوتين إنه يقاتل من أجل أمن روسيا ضد حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يتوسع بقوة، لكن كييف وحلفاءها وصفوا الغزو بأنه اغتصاب أراض استعماري الطابع من أوكرانيا التي كانت في السابق جزءا من الاتحاد السوفيتي الذي هيمنت عليه روسيا.

خسائر فاغنر

وقال البيت الأبيض، الجمعة، إن مجموعة "فاغنر" الروسية تكبدت خسائر تصل لأكثر من 30 ألف قتيل خلال المعارك في أوكرانيا.

وذكر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، إن الولايات المتحدة تقدر أن 90 في المئة من عناصر مجموعة "فاغنر" الذين قتلوا في أوكرانيا منذ ديسمبر الماضي هم من المدانين، وفقا لرويترز.

وتتصدر مجموعة "فاغنر" الخاصة للمرتزقة منذ أشهر الهجوم على عدة مناطق في شرقي أوكرانيا متكبدة خسائر فادحة، وسط تقارير تؤكد أنها جندت مدانين في السجون الروسية لإرسالهم إلى القتال في أوكرانيا.

وحظيت حملة التجنيد في السجون بدعاية جيدة وواسعة النطاق، حيث انخرط فيها حوالي 40 ألف مقاتل لصالح فاغنر، من أصل حوالي 50 ألفا تضمهم المجموعة في أوكرانيا، بحسب تقديرات غربية.

وتظهر الأرقام التي نشرتها دائرة السجون الروسية، أن عدد نزلاء السجون انخفض بمقدار 6 آلاف شخص بين نوفمبر ويناير، مقارنة بانخفاض بلغ 23 ألف نزيل بين شهري سبتمبر وأكتوبر من العام الماضي.

روسيا تزيد من وتيرة إنتاج الأسلحة مع استمرار الحرب في أوكرانيا - صورة تعبيرية.
روسيا تزيد من وتيرة إنتاج الأسلحة مع استمرار الحرب في أوكرانيا - صورة تعبيرية.

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان، الجمعة، أن نائب وزير الخزانة، والي أدييمو، سيناقش مع كبار المسؤولين البريطانيين فرض المزيد من العقوبات على روسيا وتسخير الأصول الروسية المجمدة، وذلك في زيارة إلى لندن في الفترة من 13 إلى 15 أكتوبر.

وأضافت الوزارة أن أدييمو سيلتقي مع مستشار الأمن القومي البريطاني، تيم بارو، ومحافظ بنك إنكلترا، أندرو بيلي، ووزير الدولة، ستيفن دوتي، وفق رويترز

وأشارت الوزارة إلى أن أدييمو سيؤكد خلال زيارته على العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتنسيق البلدين بشأن التحديات الجيوسياسية، بما في ذلك الدعم القوي لأوكرانيا التي تواصل التصدي للغزو الروسي.

وسيناقش أدييمو أيضا العمل المشترك لتحقيق الاستفادة الاقتصادية من نحو 300 مليار دولار من الأصول السيادية الروسية التي جمدها الغرب بعد غزو موسكو لأوكرانيا.

وقالت الوزارة: "في هذه المحادثات، سيناقش نائب الوزير أدييمو تعزيز العقوبات على روسيا بشكل أكبر"، مضيفة أنه سيناقش أيضا سبل قطع التدفقات المالية التي تمكن إيران ووكلاءها من ممارسة أنشطتهم.

وستكون هذه أول زيارة لمسؤول كبير في وزارة الخزانة الأميركية إلى بريطانيا منذ صعود، كير ستارمر، زعيم حزب العمال، إلى السلطة في يوليو الماضي، على الرغم من أن وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، التقت مع نظيرتها البريطانية، ريتشل ريفز، في يوليو على هامش اجتماع مسؤولي مالية مجموعة العشرين في البرازيل.