تغييرات عديدة طرأت على سوق النفط والغاز. أرشيفية
تغييرات عديدة طرأت على سوق النفط والغاز. أرشيفية

مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثاني، كان قطاع الطاقة العالمي من الأكثر تأثرا وتقلبا، حيث شهد عددا من التغييرات في صناعة الطاقة على المستوى العالمي.

وتعتبر روسيا لاعبا أساسيا في أسواق الطاقة العالمية، وهي واحدة من أكبر ثلاثة منتجين للنفط في العالم، وتتنافس على الصدارة مع السعودية والولايات المتحدة بحسب وكالة الطاقة الدولية.

كما تعتبر روسيا ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي بعد الولايات المتحدة، ولديها أكبر احتياطي للغاز في العالم، وتعتبر أكبر مصدر في العالم، إذ أنتجت في عام 2021 حوالي 762 مليار مكعب من الغاز، وصدرت 210 مليارات متر مكعب عبر خط الأنابيب.

وتعتمد روسيا بشكل كبير على عائدات الغاز والنفط، والتي تشكل 45 في المئة من الميزانية الفيدرالية لروسيا.

وبحسب وكالة الطاقة، منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا تأثرت أسواق الطاقة العالمية، وقامت الدول بخطوات استثنائية لمواجهة ذلك، إذ لجأت بعض الدول إلى مخزونها الاستراتيجي لتقليل الضغوط على الأسواق، وإرسال رسالة بأنه لن يكون هناك نقص في الإمدادات.

"الطاقة كسلاح"

ووفق تحليل نشره تقرير "ميونيخ الأمني لعام 2023"، لقد أدى استخدام موسكو "للطاقة كسلاح" إلى كسر صورة أن روسيا شريك موثوق به في قطاع الطاقة، ووجدت الدول الأوروبية نفسها أمام حقيقة أنها "تعتمد بشكل مفرط على الوقود الإحفوري الروسي".

ولأنه من غير المرجح أن تبقى روسيا شريكا لأوروبا في قطاع الطاقة، فإن تدفقات الوقود الإحفوري ستشهد تغييرا كبيرا، وهو ما يعكس تصدعات جيوسياسية.

وستكون دول الشرق الأوسط من المصدرين الأساسيين للنفط لكل من أوروبا وآسيا، وستستمر شحنات الغاز الطبيعي المسال من أستراليا والولايات المتحدة للصين وأوروبا.

ارتفاع الأسعار

وربما من أبرز التغييرات التي شهدها سوق الطاقة بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، كان ارتفاع أسعار الطاقة، إذ تقول وكالة الطاقة الدولية إن تكاليف الوقود تشكل 90 في المئة من ارتفاع تكاليف توليد الكهرباء في جميع أنحاء العالم، بحسب تحليل نشره المنتدى الاقتصادي العالمي.

وإلى جانب تأثير جائحة كورونا، فقد جعلت أزمة الطاقة حوالي 70 مليون شخصا حول العالم غير قادرين على تحمل تكاليف الكهرباء، وفق التحليل.

ويرجح أن حاجة الدول إلى "أمن الطاقة" سيدفعهم إلى مزيد من الاستثمار في مشاريع الوقود الإحفوري.

نقص المعروض

وخلال الأشهر الماضية، خفضت روسيا تدفقات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي بنحو 80 في المئة، تاركة الدول الأوربية أمام خيارات صعبة لإيجاد بدائل للطاقة.

ورغم إحجام العديد من الدول عن استيراد النفط الروسي، إلا أنه روسيا أعادت توجيه صادراتها إلى دول مثل الصين والهند وتركيا.

ويتوقع بأن يسجل الطلب العالمي على النفط مستويات قياسية عام 2023 مع تخلي الصين التي تعد أكبر مستهلك عن قيود كوفيد وتعافي السفر جوا من تداعيات الوباء، بحسب ما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس. 

ويتوقع بأن يصل الطلب إلى 102 مليون برميل يوميا عام 2023، في زيادة بمليوني برميل يوميا عن العام الماضي، بحسب ما جاء في تقرر الوكالة الشهري عن سوق النفط.

أمن الطاقة 

ويشير تحليل المنتدى الاقتصادي إلى أن العديد من الدول المتضررة من أزمة الطاقة بدأت في استحداث سياسات طاقة جديدة، بحيث لا تعطي الأولوية لأمن الطاقة على المدى الطويل فقط، بل تلبي أيضا الطلب على الطاقة على المدى القصير.

وتعمل الحكومة على تطوير هذه السياسات وبما يتوافق مع التزاماتها الدولية للحد من الانبعاثات لتصل إلى نسبة الصفر بحلول عام 2050.

أزمة الطاقة في أوروبا تعيد توجيه الأنظار لدول إفريقية منتجة للغاز
"أبرز المستفيدين".. التهديدات الروسية تعيد رسم خارطة سوق الطاقة العالمية
في ظل التهديدات الروسية بقطع الغاز عن دول أوروبية في حال عدم الدفع بالروبل، تسارع بعض الدول للبحث عن بدائل لاستبدال الواردات الروسية، في خطوة قد تعيد رسم خارطة سوق الطاقة العالمية، وفق تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست.

الطاقة المتجددة"

ويتوقع تقرير ميونخ الأمني أن العالم سيشهد تحولا أكبر تجاه الطاقة المتجددة، ولكن هذا يأتي وسط منافسة أميركية-صينية ترتبط بسلاسل الإمداد.

ويرجح تحليل المنتدى الاقتصادي أن أزمة الطاقة "ستوجد مزيجا قويا متنوعا من مصادر الطاقة" مع التحول "إلى أنواع وقود أكثر استدامة"، بحسب وكالة الطاقة الدولية.

ويؤكد التحليل أن السياسات التي ستتخذها الدول في ضوء أزمة الطاقة العالمية ستكون "بعضها مؤقتة"، ولكن بعضها دائم، وهذه القرارات "ستعيد تشكيل قطاع الطاقة إلى الأبد".

بوتين.. قرار جديد بشأن عدد أفراد الجيش
نشاطات بوتين ازدادت شراسة

تلخص شهادة العميل الروسي المزدوج، سيرغي سكريبال، الاثنين، الخطر الذي تشكله النشاطات الروسية لنشر التخريب حول العالم، التي زادت ضراوتها بعد غزو أوكرانيا.

وجاءت حرب روسيا في أوكرانيا مصحوبة بتصعيد من العدوان والتخريب والتدخل في أماكن أخرى حول العالم، وهو ما دفع رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية MI6، إلى القول إن أجهزة الاستخبارات الروسية باتت "وحشية".

وبدأ أمس تحقيق عام في قضية دون ستورجيس، التي توفيت عام 2018 في إنكلترا في عملية تسميم سكريبال بمادة نوفيتشوك، التي تسببت بأزمة دبلوماسية كبرى بين لندن وموسكو.

والتحقيق العام الذي يهدف إلى توضيح ملابسات وفاة ستورجيس يبدأ فيما العلاقات بين الدول الغربية وموسكو مجمدة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.

وعثر على سكريبال، الذي باع أسرارا روسية لبريطانيا، وابنته يوليا فاقدي الوعي على مقعد عام في مدينة سالزبري بجنوب إنكلترا، في مارس 2018، بعد أن تم دهن المقبض الأمامي لباب منزله بغاز نوفيتشوك.

وبعد أربعة أشهر من واقعة سكريبال، توفيت امرأة تدعى داون ستورجس بسبب استنشاقها للغاز السام، بعد أن عثر شريكها على زجاجة عطر، ليست أصلية، تعتقد الشرطة البريطانية أن عملاء الاستخبارات الروسية استخدموها لتهريب السم إلى البلاد.

ولم يتحدث سكريبال علنا منذ الهجوم لكنه أدلى ببيان بخصوص التحقيق يقول:"أعتقد أن بوتين يتخذ جميع القرارات المهمة بنفسه. لذلك أعتقد أنه على الأقل أعطى الأذن بالهجوم عليّ وعلى يوليا... قرأت أن بوتين مهتم شخصيا جدا بالسم ويحب قراءة كتب عنه".

وتسببت الواقعة في أكبر عملية طرد دبلوماسي بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة، وتدهورت العلاقات بين لندن وموسكو، منذ ذلك الحين، بشكل أكبر في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا.

وأدت حرب روسيا في أوكرانيا إلى زيادة في عمليات التخريب خاصة في أوروبا.

وقالت مجلة إيكونوميست في تقرير لها بهذا الشأن: "جواسيس فلاديمير بوتن يخططون لفوضى عالمية. روسيا تنفذ خطة ثورية للتخريب والحرق والاغتيال".

وفي الذكرى الثانية لغزو أوكرانيا، في فبراير الماضي، قال مسؤولون أميركيون إن غزو روسيا وحربها العدوانية غير المبررة ضد أوكرانيا اليوم "ليس مجرد اعتداء على الحرية الأوكرانية فحسب، بل يشكل أيضا تهديدا للنظام العالمي"، وفق ما جاء على الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع الأميركية.

وقال الجنرال كريستوفر كافولي، قائد القيادة الأميركية في أوروبا إن روسيا تشكل "تهديدا مزمنا" للعالم وإن تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا لصد الغزو الروسي لتلك الدولة أمر بالغ الأهمية.

وأضاف كافولي أنه بعد أكثر من عامين من الغزو، لا يظهِر الرئيس الروسي أي علامة على التوقف. وقال: "لا تنوي روسيا التوقف عند أوكرانيا... روسيا تمثل تهديدًا مزمنًا".

وقال الجنرال إن القيادة الأوروبية زادت من نشاطات الردع من خلال تعزيزز الجناح الشرقي بقوات وتحديث البنية التحتية.

وبالاستعانة بقوة تجسس روسية ناشئة وجيش جديد من المجندين المحليين في البلدان المستهدفة، فتح الرئيس الروسي فصلا جديدا في عمليات المنطقة الرمادية الروسية في الغرب، وفق تقرير لمجلة فورين بوليسي.

وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، هاجمت روسيا البنية التحتية الغربية، خاصة وسائل النقل والأنشطة الصناعية، ومواطنين غربيين.

وتشير المجلة إلى محاولة اغتيال مواطن ألماني على أرض ألمانية على يد عملاء روس، وهي ما تشكل "انحرافا دراماتيكيا عن التكتيكات الروسية السابقة في الخارج، وحتى تلك التي تبناها الاتحاد السوفييتي".

وقالت إن الكرملين يسعى من خلال هذه الحملة إلى التصعيد قدر الإمكان، دون إثارة رد عسكري.

وتهدد هذه الأنشطة بنشر الفوضى وعدم الاستقرار في أوروبا والولايات المتحدة والعالم. 

وهذا العام وحده، خرجت تقارير استخباراتية غربية عدة تعكس مدى كثافة هذه المحاولات.

وأشارت تقارير أجهزة الاستخبارات إلى عمليات تخريب وحرق متعمد في العديد من دول أوروبا، مرتبطة بجهاز الاستخبارات الروسي، مثل التشيك وإستونيا ولاتفيا وألمانيا وبولندا والسويد والمملكة المتحدة.

وفي مارس 2024، ألقت الشرطة البريطانية القبض على 4 أشخاص على صلة بموسكو بتهم شملت التخطيط لهجوم حرق متعمد.

والشهر التالي، تعرضت منشأة في جنوب ويلز، تابعة لشركة الدفاع والأمن والفضاء البريطانية BAE لانفجار واشتعلت فيها النيران. ورغم عدم تأكيد الجهة المتورطة فيه، فإنه يتبع نمط الهجمات الروسية.

وفي أبريل، ألقت السلطات الألمانية القبض على رجلين يحملان الجنسية الألمانية والروسية المزدوجة للاشتباه في التخطيط لهجمات تخريبية على قاعدة عسكرية في بافاريا، واتهمت أحد المشتبه بهم بالاتصال بالمخابرات الروسية.

وفي السادس والعشرين من يوليو ، في يوم افتتاح الألعاب الأوليمبية في باريس، نفذ مهاجمون مجهولون عملية تخريب منسقة على السكك الحديدية الوطنية الفرنسية، مما أدى إلى تقطع السبل بملايين الركاب. 

ولم يعلن أحد في البداية مسؤوليته عن الهجوم، الذي لايزال قيد التحقيق، لكن ثمة شكوك في مسؤولية عملاء روس، خاصة أن الحكومة الروسية مستاءة من منع اللجنة الأولمبية الدولية الرياضيين الروس من المنافسة في الألعاب.

وأفادت شبكة "سي أن أن" في يوليو بأن الاستخبارات الأميركية والألمانية نجحت في إحباط مؤامرة خطط لها عملاء روس لاغتيال أرمين بابرغر، رئيس شركة راينميتال الألمانية الرائدة في صناعة الأسلحة، التي كانت المورد الرئيسي لقذائف المدفعية إلى أوكرانيا.

وفي سبتمبر 2022، كشف باحثون في "غوغل" أدلة متزايدة على أن قراصنة الإنترنت الموالين لروسيا، يعملون مع وكالة الاستخبارات العسكرية في البلاد، حسبما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال".

وضخ دعاة الكرملين معلومات مضللة في مختلف أنحاء العالم

وفي أغسطس الماضي، في أعقاب أسبوع من الاحتجاجات العنيفة في بريطانيا، وجه ناشطون ومراقبون وسياسيون أصابع الاتهام إلى روسيا بتدبير حملة تضليل واسعة كانت وراء إطلاق معلومة مغلوطة على موقع إلكتروني غامض، مما أدى إلى أعمال شغب واسعة النطاق.

خبر زائف و"موقع غامض".. ما دور روسيا بإشعال الاحتجاجات العارمة في بريطانيا؟
في أعقاب أسبوع من الاحتجاجات العنيفة في بريطانيا، وجه ناشطون ومراقبون وسياسيون أصابع الاتهام لروسيا بتدبير حملة تضليل واسعة كانت وراء إطلاق شائعة على موقع إلكتروني غامض، ما أدى إلى أعمال شغب واسعة النطاق.

وفي الثامن من أكتوبر، قال كين مكالوم، رئيس جهاز الأمن الداخلي في بريطانيا: "لقد شهدنا حرقا وتخريبا وأكثر من ذلك. هناك أعمال خطيرة تتم بتهور متزايد".

وأضاف: "جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي على وجه الخصوص في مهمة مستمرة لخلق الفوضى في الشوارع البريطانية والأوروبية".

وقال نيلز أندرياس ستينسونيس، رئيس جهاز الاستخبارات النرويجي، في سبتمبر: "لقد تغير مستوى الخطر. ونحن نرى أعمال تخريب تحدث في أوروبا الآن".

وعبر ريتشارد مور، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني MI6، عن الأمر بصراحة أكبر: "لقد أصبحت أجهزة الاستخبارات الروسية وحشية".

وتقول فورين بوليسي  إن بوتين استخدم سلاح التخريب بعد غزو شبه جزيرة القرم عام 2014، وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022.

وعام 2022، أدى غزو موسكو الفاشل لأوكرانيا إلى تعرض أنشطة الاستخبارات الروسية للفوضى، لكن هذا الأمر كان مؤقتا، ومع تطور الحرب في أوكرانيا بسرعة إلى حرب تجسس على الغرب، أعادت أجهزة الاستخبارات والأمن الروسية تجميع صفوفها بسرعة.

وظهرت مجموعة من العملاء الذين قاموا بأنشطة تخريبية بهدف تعطيل وصول المساعدات الغربية لأوكرانيا.

ولهذا الغرض، شرعت موسكو في تجنيد عملاء في فروع محلية بالدول الأوروبية، ومنذ بداية عام 2024، تكثفت الهجمات في جميع أنحاء أوروبا. 

ومن بين أكثر هذه الخطط جرأة محاولة اغتيال بابرغر، مسؤول الأسلحة في ألمانيا.

وتقول فورين بوليسي إن روسيا ربما كانت تحاول تقييم رد الفعل الألماني وإمكانية أن تؤدي عمليات مثل هذه إلى تغيير الرأي العام الألماني والأوروبي، بشكل عام، بشأن دعم أوكرانيا.

وتقول المجلة إن حملة الحرق والتخريب الروسية أثارت قلق المسؤولين الأميركيين ومسؤولي حلف شمال الأطلسي، الذين بدأوا في دق ناقوس الخطر.

وفيما يشير إلى أهمية جهود التخريب بالنسبة لبوتين، قالت المجلة إن الرئيس الروسي كان مهتما شخصيا بصفقة تبادل سجناء في أغسطس شملت الإفراج عن عملاء استخبارات روس مقابل إطلاق سراح صحفيين وناشطين. 

وشملت الصفقة القاتل المدان، فاديم كراسيكوف، وهو من المقربين من بوتين وتورط بشكل مباشر في عمليات تخريب في الغرب.

"ومن المؤكد أن ذهاب بوتين إلى المطار لاستقبال القتلة والجواسيس شخصيا أن يعزز من معنويات أجهزة الاستخبارات وعدوانيتها"، بحسب الصحيفة.